أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - لنطفئ شمس بيروت -1















المزيد.....

لنطفئ شمس بيروت -1


رحاب ضاهر

الحوار المتمدن-العدد: 996 - 2004 / 10 / 24 - 12:33
المحور: الادب والفن
    


" ضويت ورد الليل عا كتابي
برج الحمام مسور وعالي
هج الحمام وبقيت لحالي ..
يا زمان . .
. . .
لازال صوت فيروز يتبعني يصل الي خفيفا . . بعيدا . . الاغنية لم تنتهي
وغيابي لازال يبحر رويدا . . رويدا وخيط الذكريات ينساب من صدري
اتذكر احبتي اولا
اتذكر من لهم نفس روحي . . اتذكر من سحبتهم بيروت بعيدا عنها .



بيروت اجمل مدينة في الدنيا!!
كانت ترددها صديقتي المتبقية هنا " لنا " وهي تنظر لبيروت من طاقة البحر . . .
تمشي بتمايل سنبلة قمح وخفة نسمة تحمل قلبها دفاتر عشق ملونة تكتب عليها بيروت وبحرها. . . مكتباتها . . . دور النشر التي تعرفها وتحفظ اسماء اصدارتها . .
تحمل قلمها وتكتب احلامنا
تكتب كلامنا الذي قلناه
وتكتب كلاما لم نقوله احيانا لكنه يتطابق مع ما نقوله
تحاول ان تشطب احزاننا و تلون لنا البحر . . الطرقات . . . الايام السوداء
" بيروت اجمل مدنية في الدنيا !"
لا اوافقها الراي لكني استرخي لصوتها الطفولي ، لعينيها المفتوحتين على بيروت :
- كل المدن التي سافرت اليها كانت تأخذني لبيروت ، لم اسافرالى مكان الاوكانت بيروت قبلتي .
اتصلت قبل غيابي بيوم وقالت لي سأسافر غدا
- لنودع بيروت بكأسين من البيرة الوطني اذا !.
لم اسالها الى اين ؟ كنت اعرف انها لاتعرف وانها لن تعود لانها لم تعد تجد مكانها في مدينتها فالوداع يلوح في عينيها :
- لنطفئ شمس بيروت بكأسين من البيرة الوطني !
في المقهى المتواضع في شارع الحمرا جلسنا لنطفئ شمس بيروت :
- في صحة بيروت !
- في موت بيروت !
هل كانت تطفئ شمس بيروت في كاس البيرة ام في عينيها التي كانت تشبه لون البيرة تماما ، حدقت بهما طويلا وكان لونهما منسجم مع ثوبها الاصفر مع كاسها الذهبي مع دموع الشمس التي تحاول ان تبتلعها . كانت تتابع اسراب السواح من المقهى المطل على شارع الحمرا ( شارعنا ) :
- لماذا بيروت قاسية معنا ورحيمة عليهم؟!
- هل تصدقين انها لازالت بيروت ؟!
- التهمتها الحرب
- حين استفاقت من غيبوبتها استحمت ببئر نفط ثم دهنت جلدها بزيت الدولار وصبغت شعرها الفاحم بالاشقر الفاقع واخفت عينيها الحقيقتين بالعدسات الملونة
يقطع هذيانات الشمس دخول احد السواح العرب ينظر للمقهى باستغراب كان يظن انه "ستار بكس " لانه يقع قربيا منه ينظر الينا باندهاش فلم يروق له تواضع المكان وزهده وصوت فيروز يزين الجدران يتركنا لنكمل اطفاء الشمس ويستدير حاملا اكياسا ممتلئة بالملابس والمشتروات . . تخيلت بيروت مكومة معه في اكياسه كبضاعة زهيدة هكذا تبدو لهم بيروت تسوق ومطاعم وصحن مشاوي يحملون بيروت معهم في اكياس ويعرضوها هناك امام الاصدقاء ، ونحن الذين نحمل بيروت كحلا في عيوننا ، وشما على القلب ، نحملها جبلا جليدا في ترحالنا كيف تنهشنا في وجوهنا ؟! ولماذا تمسح باناملها على جلودهم القاسية المختزنة عبق النفط وجلافة الصحراء. . . .
" يا قمر مشغرة وبدر وادي التيم "
تطلب " لنا" من النادل كاسين اخرين من البيرة الوطني وان يرفع صوت الراديو قليلا
- فيروز جزء من تكويني . . من ثقافتي . . من ذاكرتي البيروتية
ريم هل تسمعين ؟
اسمعها واهز راسي دون كلام فكلامها الاجمل و تكسر الشمس على عتبات فمها اجمل. . اصدق فلتتكلم . .
اسمعها واسمع وقع الاقدام التي تزاحامنا على مدينتا . . . وتدوس على انوف احلامنا دون احساس . . .
اسمعها واحاول ان اوازن بين وقع كلماتها ووقع خطوات المارة الغرباء عن احلامنا المتواضعة ، عن وجعنا اليومي الذي لايعنيهم ولايعرفون عنه شيء ، عن صراعنا لاجل لقمة عيش بائسة وهم الذين ياتوا ليستمتعوا بمدينة تحرق ابنائها تنفيهم واحدا تلو الاخر بلا رحمة . . هم الذين يعرفون بيروت اكثر منا . . . ونحن وجع الليل . . برد الشتاء لنا . .
اسمعها فأنا مرصودة لوداع احبتي ، اسمعها وافكرماذا حل ب"عمر" هناك في تلك البلاد الغربية وقد حمل معه بيروت حسرة ، حرقة ،واغنية لفيروز . . بعدما حاصرته بالشح والفقر.
اسمعها تتكلم بصوتي . . تنطق بحروفي . . بكلمات كل من رحلوا واستودعني غصاتهم .. . حسراتهم . . .
- ساخبرك شيء نصحني صديقي الرسام ان استمع لبيتهوفن وباخ استمعت لهم وكانت موسيقى رائعة لكني لم احبها ولم اجد نفسي فيها
وفضلت فيروز . . فيروز انا ، فيروز طفولتي في باب ادريس ، في شارع الحمرا القديم التي تدوسه الان اقدام لاتعرف خطواتها، هل يحبون بيروت كما احببنها ؟
- يحبون "فينيسيا" . . "دون تاون" اوكما يحلو لهم ان يسموها " سوليدير" .
- هل ستبقى" اغاني فيروز" لنا ام تحتلها ابار النفط وتصير مثل بيروت؟!
استمع اليها واذكر" عبد الرحمن" هذا العراقي الضليل الذي لم يعرف سوى بيروت ارضا . . سماء. خرج من التقاء اب عراقيا منفيا مشردا بام لبنانية فاستوطنها واستولد "عبد الرحمن " وجعا لغربتين ،ابنا لمدينتين ، مدينة لم يراها لكنه يحبها بالفطرة " بغداد " ومن حنين الاب " للريل وبوحمد" حّمله "عراقه " غابة وردا وبركة دماء واطعمته بيروت شوكا بريا حارق المذاق .
يتردد صوته في جسدي كطلقات نار : احب بيروت . . احب بيروت يقولها وهو يفتح ذراعيه لها اشتاقك يا بيروت وانا هنا فكيف حين ارحل عنك ؟ تراه لازال الشوق ياكل جبهته حنينا لبيروت . . لارصفتها. . لمسرح المدينة الذي اقفل . . هل لازال يكتب مسرحا . . شعر ا . . . ام يكتب وجعا ؟! هل لازالت يكتب لبغداد التي لايعرفها لكنه كانت تعبر قلبه بشعرها السومري وكلام الاب الذي مات منفيا كعادة الشرفاء دائما.!!
كيف غدرت بيروت بقصائده ورمت به خارج قلبهالانه لايملك اقامة .. هل يحتاج حب بيروت لاقامة ؟ وهؤلاء القادمين من الصحراء هل احبوا بيروت مثله ؟ هل يعرفون زواريبها وموعد صحوها وساعة غفوها ؟!
هل يجمعون ماء العين لاجل ان تغسل بيروت وجهها به ؟ !!

كنت استمع اليها واراقب شمس بيروت تنطفئ في عينيها تدريجيا وكاس ربما سابع ياتي به النادل الشاحب ، يبتسم بسره ربما ظن اننا شاذتين لكثرة ما امسكت بيدها احثها على الكلام وربما على البكاء او لتقول كلاما ارغب انا بقوله .
كيف اجتمعنا ؟ كيف التقينا ؟ كيف فرقتنا بيروت ؟ كيف خانت الخبز والملح والشعر وكعك السمسم والزعتر ؟ ورمت بنا لموانئ الترحال ؟ اهي الكلمات التي صدقناها ام نحن المزيفين ؟
جمعتنا كلية الاداب في مقهى " ابو نعمة" حين كنا نجتمع بعد انتهاء المحاضرات لتبادل الشعر والمزاح والسخرية. . كنا نفيض حياة . . . فكيف استطاع الموت ان يرسم وجوهنا في مفكرته بهذه السرعة . . ؟! كيف واجهتنا الهزيمة دون ان نستعد لها . . . ؟!!!
كيف تخرجنا من الجامعة بليسانس اداب ودخلنا للحياة بشهادة وفاة . . ؟!
كيف لم يكن لنا مكان في مدينتنا التي اعطتنا الحب . . الشعر . . البحر
وسرقت منا احلامنا . . . طموحاتنا . . . هل بيروت فقط هي التي تتسلى بحرق عشاقها ام كل المدن التي تشبهها ان كانت توجد مدينة تشبهها . . ؟!!
ماذا فعلت بوجه" لنا " و"ربيع" الذي قدم حياته فداء للوطن ؟
اهو الايمان ؟!
ام عنفوان البطولة؟ ام كرامة الوطن؟!
هل كان يستحق الوطن ان يعطره ربيع بدمه ؟
هل تذكرك بيروت ايها الشهيد الجميل ؟ هل توضع لك صورة منسية في "دون تاون "ام هي فقط للترفيه عن القادمين من ظلام الكبت ؟
هؤلاء المارة . . .
العابرون . . .

هل سمعوا بشهداء الوطن ؟ ام فقط بفنانات السيليكون التي يصدرها الوطن بكل فخر واعتزاز . . ؟
اواصل استمعي او صمتي دون ان اسالها عن روايتها وهي لم تخبرني لكني اعلم ان دور النشر رفضت نشرها لانها ليست مغموسة بزيت النفط . . لايسبقها ورق الدولار الذي يمتص رحيق ارواحنا . . ينبذ كلماتنا المعطرة بصبر الامهات وحنين الاوطان لتحل مكانها كلمات كتبت على حرير الرفاهية ووسائد الفراغ والسفر من مدنية لمدنية للترفيه والاستجمام . . لاقلام مرصعة بريش النعام حبرها ماء الذهب

" بعدو الحبابيب
بيعدوا بيعدوا
عا جبل عالي بيعدو
والقلب ذايب "
هل كانت تخاف ان اقول لها ارمي رواياتك للبحر فالكتابات العظيمة ينشرها البحر والكتابات التافهة اصبحت تنشرها بيروت. . ؟!!
كانت البيرة الوطنية قد اخذت تسلل الى دماء" لنا" فيشرق وجهها وشمس بيروت كانت قد غطست تماما في سكرنا الخفيف تضحك " لنا" بمرح وتغني لفيروز :
"وسئلت باب الدار وين الناس واهل الدار . .
اطلب منها التوقف عن الشرب حتىلا تفقد نورها فأنا اكاد اشبهها انطفاء ولا استطيع ان اسندها
قالت بضحكة طفولية :
- لاتخافي فقط امسكي يدي ودعينا ننزل الدرج بدلا من الاسانسير . .
كانت ضحكتها اجمل شيء احمله معي من بيروت حين اغيب لذلك لم اودعها فقط استدرنا ومشت هي لسفرها وانا جهزت لغيابي. . !
. . . يتبع



#رحاب_ضاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن
- الساعة السادسة
- زهرة الشمس - قصة قصيرة
- كوليسترول ثقافي
- مقابلة مع الكاتب اليمني وجدي الاهدل
- هل تنشب أزمة بين ليبيا وفلسطين في سوبر ستار؟


المزيد.....




- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - لنطفئ شمس بيروت -1