أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين يعقوب - حزب البعث من الشوفينية الى الطائفية















المزيد.....

حزب البعث من الشوفينية الى الطائفية


حسين يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 13:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



انطلاقة مشبوهة

يذكر مطاع الصفدي في كتابه حزب البعث: ان الحزب ولد عام 1943، وقد يكون الحزب الوحيد الذي ولد مجزءًا غير كامل الخلقة، وَلدت نصفه الأول فئة متعلمة من مدرسي المدارس الثانوية في العاصمة السورية دمشق، وفي ثانوية محددة كانت تعرف في سنوات الحرب العالمية الثانية ب"ثانوية التجهيز الأولى" ثم سميت بـ "ثانوية جودت الهاشمي" ولا ندري ما أسمها الآن. وكان هناك اتصال وتجاوب بين طلاب هذه الثانوية وطلاب ثانوية دمشقية أخرى هي "ثانوية عنبر".
كان هناك أستاذ ثانوي هو زكي الارسوزي من أبناء لواء الاسكندرون قاد حركة مقاومة طلابية ضد تتريك اللواء المذكور. بعد أن درس الفلسفة في فرنسا. وتخرج فيها، واتصل بما كان الفكر الفرنسي يموج به في تلك المرحلة من أفكار، وقد انطلق بعد عودته إلى لواء "الأسكندرون" يدعو إلى "البعث العربي" الذي اعتبره الحل الوحيد لتحرر "لواء الأسكندرون" من احتلال فرنسا ومن دعاة التتريك في وقت واحد. ولم يلبث الارسوزي إلا قليلاً حتى صار أقرب ما يكون إلى مرتبة الزعامة الثقافية والسياسية في "اللواء السليب" كما كان يطلق عليه في أدبياته. وقد اضطر لمغادرته بعد أن الحق رسمياً بتركيا الجديدة. وغادره معه مجموعة من طلابه من أبناء اللواء المذكور إلى دمشق. وقد قدم الارسوزي نموذجاً من العمل السياسي لا عهد لدمشق به، فمن حيث الفكر كان فكره ثورياً فجرته عمليات الكفاح المتنوع لإبقاء لواءه جزءاً من سوريا لا من تركيا، والمحافظة على هويته العربية، وأكسبت قضية الاسكندرون فكره طابعاً عملياً متحركاً لم يكن متوافراً لمفكري ثانويات دمشق أمثال عفلق والبيطار. وكانت الفواصل في ذهن الارسوزي بين فكر الزعامات التقليدية وفكرة البعث العربي الذي يتخيله ويريده واضحة. فقد عاصر الرجل اليسار الفرنسي وتتلمذ على بعض رموزه وحاول توظيف جوانب من الفكر اليساري الفرنسي في التركيبة البعثية القومية بنجاح أغرى شباب ذلك الجيل ولفت أنظارهم إليه، فقد حول حصيلته الفكرية إلى إيديولوجية مثالية يمكن للمتعلمين الباحثين عن عقيدة للعمل والتنظيم تفصلهم عن مجموعات الشيوعيين والإسلاميين والزعامات التقليدية معاً أن تتبناها فانتشرت مدرسته الفكرية واشتهرت عام (1950) في أوساط الطلاب الذين وجدوا فيه مصدر الإيديولوجيا والزعامة وأساليب العمل القومي المنظم. فاكتشفت الزعامات التقليدية الشامية والمدرسون الذين لم يكونوا قبل الارسوزي يواجهون منافسين لهم وزن مهم بهذا المستوى فبدأت عمليات تحجيمه ومحاصرته من هؤلاء جميعاً. فكل هؤلاء قد رأوا في هذا الغريب الطارئ على البيئة الدمشقية السياسية تهديداً.
أما ميشيل عفلق وصلاح البيطار فقد كان لهما أسلوبهما الخاص في تحجيمه بعد احتواءه ثم استهلاكه فكرياً. فقد دعى الرجلان الارسوزي للتعاون مع النواة التي شكلاها أو كانا يهيئان لتشكيلها "البعث العربي" وهي النواة التي حاولا أن يقنعاه بأنها انعكاس لأفكاره، وتعبير عن فلسفة التوافق معه، لكن الأمر لم ينطل على الارسوزي فبعد لقاءات محدودة معهما خرج ليتهم عفلق والبيطار بالتواطؤ مع المخابرات الفرنسية للإجهاز على حركته الناشئة، ورأى في شخصية عفلق وجهوده تحالفاً مع المخابرات الفرنسية لإجهاض حركة "البعث العربي" باسم "البعث العربي" كما كان له مثل ذلك الرأي في الزعامات التقليدية التي خضعت لمساومات المحتل الفرنسي وقبلت التعاون معه لإجهاض ثورات الشعب! ومحاولاته لتحقيق التحرر الحقيقي، وراح الارسوزي يعقد الحلقات في بيته وفي المقاهي وفي الفصول التي يدرس فيها للتنديد بالزعامات التقليدية وبعفلق والبيطار واتهامهم "جميعاً" بالتواطؤ المكشوف مع قوى الاحتلال الفرنسي لإجهاض ثورات الشعب، وقد كان رد فعل عفلق ضد الارسوزي عجيباً حيث تبنى عفلق أفكار الارسوزي في "البعث العربي" وانتحلها على أنها أفكاره، وصار يعبر عنها بلغته وطريقته، ويعتبرها "الإيديولوجيا القومية" التي ابتعث عفلق للتبشير بها والدعوة إليها.
وهكذا كان عفلق والبيطار قد استوليا على فكر الارسوزي الذي أمد مجموعتهما بالأيديولوجيا وإمكانات الزعامة، وأجندة العمل القومي المنظم بحيث كان يتوقع أو يفترض أن ينطلق الحزب بين الجماهير ويبدأ مرحلة التفاعل مع قضايا الشعب والالتحام به، ولكنه بدل ذلك قد دخل بشكل ملفت للنظر عزلة لم يكن سهلاً عليه مغادرتها والخروج منها لولا أن الحظ السيئ للأمة العربية وافاهما بانتصار آخر، حيث انضم إلى فئتهما المعزولة تجمع آخر إقليمي كان يحمل عنوان "الحزب العربي الاشتراكي" وهو حزب حموي النشأة والانتشار كان يتزعمه أكرم الحوراني. وكان أهم أهداف ذلك الحزب هو مقاومة من سموهم بالإقطاعيين في حماة. والوصول إلى الحكم بأية وسيلة متاحة، ولذلك كان الحوراني يركز على وسيلتين أساسيتين عنده هما: العمل على تحريض الفلاحين ضد ملاك الأراضي، ومحاولة الوصول إلى عناصر عسكرية يمكن التأثير عليها، وتحويلها إلى أدوات في اللعبة السياسية. وباتحاد مجموعة الحوراني مع مجموعة عفلق والبيطار ولد النصف الثاني من الحزب ليصبح "حزب البعث العربي الاشتراكي" يقوده الثلاثي عفلق والبيطار والحوراني بكل ما يحمل ذلك الثلاثي العجيب من عقد ومركبات نقص ومطامع وأهداف وعلاقات مشبوهة وغير مشبوهة.

سذاجة فكرية
في قراءة للدكتور "طه جابر العلواني" عن " حقيقة حزب البعث وتكوينه"، يقول: ان حزب البعث لم يقدم لأعضائه ومناصريه دليل عمل فكري واضح أو غامض. ومع كثرة أحاديث البعثيين عن الثقافة لكن الحزب كان بدون ثقافة. والذين يسمون بـ "مثقفي الحزب" ليسوا أكثر من مجموعة من حملة الشهادات. ومنذ أن ولد الحزب وحتى اليوم لم يستطع الحزب أن يقدم نفسه على أنه صاحب مدرسة فكرية، كما لم يستطع أن يقدم برنامجاً عقائدياً واضحاً. (فالحزب في نظر عفلق مهمته أن يشق الدرب لا أن يعبده لسالكيه، فالمهم أن تعلن أهدافاً تحسن اختيارها وتنادي بها، وتحولها إلى شعارات يسهل على الجماهير حفظها وترديدها والمناداة بها مثل "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" "الطليعة" "البعث" "الأصالة" "قدر الأمة" "الموضوعية" "المرحلة التاريخية" "اللحظة التاريخية" "الوحدة" "الحرية" "الاشتراكية" "المؤامرات الاستعمارية" "العوامل السلبية" "الثورة" "إجهاض الثورة" "العنف الثوري" "الطهر الثوري" العهر الثوري". وتأخذ خطابات وأحاديث عفلق وتلامذته توكيدات على كل ما يطرحه الحزب وكأنها أركان إيمانية متلازمة "فلا بد من الوحدة ولا بد من الحرية ولا بد من الاشتراكية" وكل هذه "اللابدات" غير قابلة للتعليل ولا للتحليل ولا للمناقشة ولا للتقديم ولا للتأخير، فالحديث عن هذه العلاقات محرم، وهناك جيلنا كاملاً عايش اختلافات الحزب مع عبد الناصر على تقديم الحرية على الوحدة أو العكس في الشعارات المطروحة).
ففي مرحلة الاربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي قدم ميشال عفلق للفكرة القومية من منظوره البعثي خليطاً من الفلسفات الغربية الشائعة، بحد تعبير "ليونارد بايندر"في كتابه "الثورة العقائدية في الشرق الأوسط"، فعفلق يأخذ من هيردر مقولته: "أن لكل أمة رسالة خاصة بها، عليها أن تؤديها، وأن في وسع كل أمة أن تسهم عن طريق هذه الرسالة في تحقيق الانسجام العالمي"، ومن ماركس الصراع الطبقي، مع رفضه للحتمية التاريخية، ومن هيجل "الحلقة التاريخية" بدل "الجدل المنطقي"، وأخيراً نجد في كتاباته شيئاً من "المذهب الحيوي" الذي نادى به برجسون وكله حسب تحليل بايندر.
وللمفارقة فان مصادر "حزب البعث" مع ما مثله من سلطة منذ الستينات لغاية الان في المنطقة العربية محدودة جداً، وتختصر ببعض آحاديث وكلمات مرتجلة بدون إعداد مسبق يلقيها عفلق، خلال السنوات الأولى لتأسيس الحزب وهي التي حولها الحزب إلى كتب تحمل عناوين جذابة إضافة إلى اسم المؤلف مصدراً بلقب "القائد المؤسس". بالإضافة الى مجموعة مقالات عفلق والبيطار الافتتاحية السياسية لجريدة الحزب في الفترة التي سبقت انقلاب حسني الزعيم عام 1949، وكانت تلك المقالات مكرسة لتوجيه النقد السياسي الساذج لمظاهر الحكم الوطني الذي أعقب جلاء الفرنسيين عام 1946.
بالإضافة الى مجموعة مقالات مترجمة في الفلسفة والأدب والسياسة لبعض المفكرين الفرنسيين اليمينيين واليساريين. وبعض كتب حررها بعض كتاب الحزب الذين كانوا مرضياً عنهم من عفلق في تلك المرحلة، منها كتابات منيف الرزاز وعبد الله عبد الدايم.

المديني والريفي والطائفي

منذ الفترة الأولى لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي ظهر خلّل في بنية وتركيبة الحزب، فبالإضافة
الى تركيبة القيادة بالشكل الذي وصفنا فإن تركيبة الحزب كلها لا تقل عنها عجباً في إثارة الشكوك والتساؤلات عن تلك القيادة الثلاثية، فقد ضم "حزب البعث" في صفوفه الأولى غالبية من أبناء الأرياف الذين انتقلوا من القرى والأرياف إلى مراكز المحافظات التي تتوافر فيها المدارس الثانوية لمواصلة الدراسة، وكانت الخلايا الأولى للحزب تستقطب أبناء طوائف معينة "فاللوائيون" أو أبناء "لواء الاسكندرون" الذين استطاع عفلق أن يستقطبهم حوله بعد محاصرة الارسوزي وهم من اتباع الارسوزي سابقاً، كانوا ينتمون إلى الطائفة "العلوية" فصار هؤلاء دعاة للحزب بين أبناء طائفتهم من شباب جبال العلويين ليجندوا دعاة آخرين للحزب من أبناء ثانويات اللاذقية والساحل.
وكان لعفلق صلات عائلية بحكم انتمائه إلى عائلة مسيحية تسكن حي "الميدان" في "دمشق" وتتعامل مع الجنوب أي حوران وجبل العرب "الدروز" ولها صداقات مع بعض الأسر الدرزية سرعان ما وظفها للوصول إلى طلاب الثانويات الدروز في دمشق والسويداء مركز محافظة جبل العرب، وقد تحددت بنية الحزب منذ البداية بطبيعة البنى الاجتماعية التي انحدرت منها تلك العناصر الحزبية الأولى: فكانت بنية ريفية من نوعية أنصاف المتعلمين من طلاب بالدرجة الأولى ثم أساتذة وموظفين. ومن جذور طائفية محددة، تأتي بالدرجة الأولى منها الجذور العلوية، ثم الدرزية، فالإسماعيلية، فالمسيحية. وقد ترتب على ذلك أمور كثيرة.
ويقول الدكتور سامي الجندي في هذا الصدد، وهو من مؤسسي الحزب القدماء:" لقد انتشر الحزب في الريف، ولكنه كان ضعيفاً في دمشق وباقي المدن السورية، وصار الحزب كبيراً في جسمه صغيراً في رأسه، حيث أن الأقليات الدينية كانت متواجدة أصلاً في الريف، ومنها العلويون والدروز، وأن المدن كانت أساساً مسلمة سنية، في تكوينها الديمغرافي.
وقد ندر في فرع دمشق الأعضاء الدمشقيون الذين ينحدرون أصلاً من عائلات دمشقية، ففي سنة/1964 تجمد نشاط الحزب فيها، لأن أعضاء الحزب كانوا غرباء عن دمشق، حتى اضطرت القيادة القطرية في الحزب أن تطعم قيادة فرع دمشق وفرع حماة بعناصر جديدة، وخاصة حينما واجه الحزب مشاكل عديدة في المدينتين المذكورتين، باعتبار أن معظم أهلهما من السنة، وفي عام/1964، ثار أهل حماة ضد النظام، فقمعت الثورة بقسوة ووحشية.
لقد تغلغلت الأقليات الدينية في حزب البعث، مما جعل تأثير الحزب في الأوساط الإسلامية ضعيفاً، وصارت سياسته مناوئة لتوجهات أبناء المدن وعقائدهم .
ففي العام 1958 قامت الوحدة بين سورية ومصر ، وقام حزب البعث بحلّ نفسه. وتحققت الجمهوريّة العربيّة المتّحدة، برغبة وطلب من العسكريين السوريين، وبشروط من العسكريين المصريين، واتخذت الدولة العربيّة الوليدة، الفيدراليّة شكلاً لها، وعبدالناصر زعيماً عليها.وبعد ازيداد حملات التمييز والظلم اللاحق بالسوريين عموماً، وبجيشه خصوصاً، من قبل المصريين، قام الضبّاط البعثيون بتشكيل لجنة سريّة سنة 1959. ورويداً، ازداد تذمّر وسخط ونقمة السوريين على ظلم وجور المصريين، ما أجبر العقيد عبدالكريم النحلاوي أن يقوم بانقلاب عسكري على نظام عبد الناصر ودولة الوحدة، وفصل سورية عن مصر. وذلك في 28/9/1961. وقتها، وقّع حزب البعث، بمعيّة بعض الاحزاب الأخرى، على بيان الانفصال. وكان أكرم الحوراني، أكثر المناصرين للانفصال.
ففي الفترة التي أعقبت انقلاب النحلاوي في 8/3/1962م كانت التسريحات (في أوساط المسلمين السنة داخل المؤسسة العسكرية) قوية وعنيفة، واستلم الضباط الأقلويّيون محل الضباط المسرحين، الذين كانوا من دمشق خاصة وعامة أهل المدن الأخرى.
فقام هؤلاء جميعاً بانقلابهم ضد حكومة الانفصال وضباطها وكان عدد من الضباط الأقليات قد عادوا إلى الجيش بعد أن كانوا مفصولين منه، ومنهم: محمد عمران وحافظ الأسد، وصلاح جديد وعبد الكريم الجندي وآخرون.وقد ترأس العميد لؤي الأتاسي المجلس الوطني لقيادة الثورة فترة من الزمن، فيما ترأس صلاح البيطار الوزارة.
وكان اللواء زياد الحريري (رئيس الأركان) هو الذي قاد الانقلاب إلا أن شركاءه البعثين، استغلوا رحلة قام بها إلى الجزائر فجرِّد من وظيفته وعين سفيراً في إسبانيا.

وبعد هذا الانقلاب تم احتكار البعث للسلطة بعد هذه الأحداث، فتمكن الضباط الطائفيون من السيطرة على اللجنة العسكرية المنوط بها الإشراف على التنظيم العسكري البعثي في صفوف الجيش والقوات المسلحة، تأسست هذه اللجنة عام 1959 خلال الوحدة مع مصر كما ذكرنا سابقاً، وكانت في البداية تتكون من خمسة ضباط ثلاثة منهم علويين (محمد عمران، صلاح جديد،حافظ الأسد) واثنان اسماعيليان (عبد الكريم الجندي وأحمد المير)، ثم وسعت اللجنة وصار عدد أعضائها خمسة عشر عضواً كانوا كالتالي: 5 علويين ،2 من الإسماعيلية ، 2 من الدروز سليم حاطوم وحمد عبيد، وستة من السنة منهم "موسى الزعبي، ومصطفى الحاج علي، وأحمد سويداني، وأمين الحافظ، ومحمد رباح الطويل" .
وكان قد ظهر منذ نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن المنصرم صراع بين البعثيين أنفسهم على أسس طائفية "بعثيين علويين وبعثيين من الطوائف الاخرى"، كان الصراع قد فجر الأوضاع في سوريا، وبرز الصراع قوياً داخل الجيش، وكان المجلس الوطني لقيادة الثورة (8/آذار/1963) يتكون من هيئة سرية تتألف من عشرين عضواً، ثمانية من البعثيين العلويين، واثني عشر من البعثيين الذين ينتمون الى طوائف اخرى.
لقد تم تسريح ما لا يقل عن سبعمائة من كبار الضباط السنة، بعد انقلاب 8/3/1963، وتم تعيين مثل هذا العدد لملء الفراغات من أبناء الطائفة العلوية، فصارت قيادة اللجنة العسكرية بين ثلاثة من الضباط العلويين عمران ، وجديد ، والأسد.
وصار صلاح جديد رئيساً للأركان العامة في الجيش (ما بين شهر آب/1963، وشهر أيلول/1965)، وأصبح حافظ الأسد قائداً لسلاح الجو، ومحمد عمران وهو أكبرهم سناً، يتحكم بقيادة القوات الخاصة، أي اللواء المدرع السبعين، وكان دائم الحضور جنوبي دمشق، ويشكل العمود الفقري لجهاز البعث العسكري.
وقد بدأ الثلاثي العلوي (عمران والأسد وجديد) يكرس الطائفية، في أوساط الطائفة العلوية والجيش السوري.
يقول منيف الرزاز في هذا الصدد : "إن رائحة التوجه الطائفي داخل الحزب بدأت تظهر بعد أن كانت همساً... ثم تطورت هذه الأصوات إلى اتهامات لا تفتقر إلى الأدلة الكافية".
لقد كان انقلاب الثامن من آذار، نقطة تحول أساسية في تاريخ سوريا المعاصر، من ناحية بروز الدور السياسي للأقليات الطائفية، وخاصة العلوية.
ولقد ضمر دور أهل المدن، وخاصة في المدن الكبرى، بعد ذلك الانقلاب، فتم انحسار دور أبناء المسلمين في تلك المدن "دمشق، حلب، حمص، حماة".
“فبعد انقلاب آذار/1963، أصبح تمثيل الضباط العلويين في القيادات القطرية يشكل أعلى نسبة حيث وصلت إلى نسبة (37.7%) وبعدهم الدروز (9.4) ثم الإسماعيليون.
ويقول الدكتور سامي الجندي أحد مؤسسي حزب البعث، وكان قد تقلد منصب وزير الإعلام بعد انقلاب آذار: "إنه بعد أن أسندت إليه مسؤولية وزارة الإعلام بثلاثة أيام، زاره "الرفاق" في مكتبه من أبناء طائفته مطالبين بالتخلص من أبناء دمشق وحلب وحماه وتعيين أبناء الطائفة في وظائفهم مكان المسلمين".

انقلاب 23 شباط/1966 والإطاحة بأمين الحافظ

وفي هذا الانقلاب تمت الإطاحة بأمين الحافظ رئيس الدولة، وبمعارضي صلاح جديد، كما تم الإجهاز على القيادة القومية بهذا الانقلاب العسكري الدموي، بقيادة سليم حاطوم وعزت جديد وآخرين.
فقد احتشدت الوحدات المسلحة المتمركزة حول دمشق، والواقعة تحت سيطرة الضباط العلويين والدروز، وجاءت المعارضة الرئيسية للانقلاب من المحافظات البعيدة عن العاصمة، حيث حاول العديد من الضباط "السنة" المساندين للحافظ أن يحولوا الموقف العسكري لصالحهم.
وأسفر الانقلاب الجديد عن تصفية الضباط البارزين، كما تم تسريح بقية أعضاء كتلة محمد عمران، وكانت نسبة كبيرة وملفتة للنظر، من الذين تمت تصفيتهم بهذا الانقلاب من ابناء المدن ، ونتج عن ذلك ازدياد تمثيل الأقليات الدينية مرة أخرى واللعب على المسألة الطائفية.
وعلى الرغم من أن صلاح جديد أصبح أقوى أركان النظام السوري بعد هذا الانقلاب، إلا أنه عين نور الدين الأتاسي رئيساً للجمهورية، ويوسف زعين رئيساً للوزراء من غير أبناء الطائفة العلوية، لإخفاء حقيقة أبعاد الانقلاب العلوي، كما أنه كان يدرك تماماً صعوبة تولي رئاسة الجمهورية لعلوي آنذاك، ولذلك شكل تحالفاً صورياً مع هؤلاء، بحيث يشغل العلويون المراكز الحساسة في الدولة، وعلى سبيل المثال تم تعيين حافظ الأسد وزيراً للدفاع، وإبراهيم ماخوس وزيراً للخارجية.

باحث وكاتب لبناني



#حسين_يعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين يعقوب - حزب البعث من الشوفينية الى الطائفية