|
ذرائع
غسان الشهابي
الحوار المتمدن-العدد: 3330 - 2011 / 4 / 8 - 09:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كأني أعود إلى ما مضى أعتقد أن لا بأس من مناقشة تصريح مجلس النواب الأخير الذي أبدى استغرابه من دعوات الجمعيات السبع في بيانها الصادر إلى أهمية الحوار الوطني، وعاد إلى القول بأن “المؤسسة التشريعية بغرفتيها الشورى والنواب هي الإطار الدستوري والقانوني للحوار الوطني”، طالباً الجمعيات بالاعتذار عما بدر منها لما أسماه “مخالفات جسيمة بحق الوطن ونظامه السياسي ومخالفتها للدستور والقوانين المعمول بها في البلاد”. إن مجلس النواب بهذا التصريح يعود بالحوار الوطني إلى 2009، إلى ما قبل الظهور المفاجئ لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، على شاشة تلفزيون البحرين من دون بروتوكولات في 18 فبراير الماضي، وطرح سموه للحوار الوطني الشامل للخروج من هذه الأزمة. كما أنه يعود به إلى ما قبل 27 فبراير 2011 حينما شدد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على الحوار مع المعارضة سبيلاً للتوافق، وأكد خلال زيارة إلى القيادة العامة لقوة الدفاع البحرينية، اعتمادَ “الحوار الوطني سبيلاً للتوافق وتوثيق الوحدة الوطنية، لما فيه خير الجميع” [1]، وكذلك عودة سمو ولي العهد إلى برنامج تلفزيوني مخصص لهذا الغرض في السادس من مارس الماضي عنونت له وكالة أنباء البحرين “الحوار الشامل الذي نسعى إليه يحمل في طياته الأمل لمملكة البحرين” [2]، وكلها تصريحات تشير إلى أن الحوار الوطني الشامل، الذي لم تستثن القيادة السياسية للبلاد أياّ من أطرافه، هو ما يمكن أن يُخرج البحرين من الحالة التي وصلت إليها. لا أحد يختلف على أن هناك الكثير من الإخفاقات التي صاحبت تلبية هذه الدعوات، وهناك أخطاء سياسية ارتكبت، وهناك جرائم أمنية حدثت، وخروقات يصعب هنا تعدادها، وعند الراسخين في العلم طبيعتها وبواعثها، وهناك الكثير من الارتباكات التي واكبت هذه العملية، ودخول الجناح المعارض المتشدد إلى خط الفعل السياسي، واختطافه جزءاً ممن كانوا على الأرض، والتفلّت الذي جرى في الفعل السياسي، وعدم وجود قيادة موحّدة لجموع المحتجين في دوار مجلس التعاون، إلى جانب نشوء قوة جديدة تمثل الأطياف السنية السياسية والاجتماعية، طرحت جملة من مطالبها على دفعتين، وتستعد من جديد لجولة ثالثة بأن لا تزال هناك الكثير من المطالب الأخرى التي تطمح في تحقيقها. إذا، لقد اختلفت الأرضية التي انطلقت منها القوى السياسية البحرينية الشاملة، وإن صاحب بعض الفعل ما يمكن أن يُنتقد ولكن ليس هنا المجال الخاص بنقده، ولكنها لم تعد هي نفسها الساحة والأرضية السياسية التي كانت قبل ما يسمى بالدوّار، وهو أمر – أحببنا أم كرهنا، اتفقنا أم اختلفنا – سيكون له علامة فارقة في التاريخ البحريني المعاصر على كل أصعدته. لقد بسط الأمن سلطانه، واستعاد الشوارع والمنشآت الحكومية، وبدأ في ملاحقة الشخوص والتجمعات التي يتهمها بخلخلة الأمن والنظام، وذلك منذ 16 مارس الماضي. وما بين 14 فبراير و16 مارس واحد وثلاثون يوماً جرت فيها الكثير والعميق من التحولات التي ستحتاج إلى أن يكون لها فصلٌ مهم من فصول التدوين البحريني بكل أمانة وحياد، ولكن المهم حالياً أن هذه التغيرات لا بد وأن تؤخذ في الحسبان للمستقبل المنظور. نعم إن الأمن اليوم يشق طريقه سريعاً نحو الثبات، نعم هناك ما يمكن ملاحظته في كل ما يجري، ولكن أساس المشاكل لا يزال يراوح مكانه، ولا يزال الوطن بحاجة إلى حوار عام وشامل ومتكرر، تطرح فيه جميع الملفات والقضايا على طاولة لا تستثني أحداً، ولا تقصي أحداً، ولا تكون حكراً على أحد دون غيره، فليس من هم في مجلسي الشورى والنواب يمثلون جميع القوى السياسية، ولو كابر البعض، وأطلق أشنع الوصوف على المعارضة. ذلك لأن المشكلة ربما ركلناها اليوم إلى الأمام ونحن في طريقنا سائرون، ولكننا لابد وأن نصل إليها ذات يوم لنجدها ماثلة من جديد، رابضة، ربما تكون أقل ضراوة، ربما تكون أكثر تعقلاً، ولكن ما يدرينا لعلها تكون شرسة وفتاكة وتحمل في طياتها ما هو أخطر مما عايشناه في الأسابيع الماضية، وهي التي قلنا أنه لم يمر على البحرين ما هو أقسى منه! سيكون من المؤلم شطر المجتمع السياسي اليوم ما بين خاسرين ورابحين، ولكن إذا ارتضينا أولياً هذا التقسيم فإن ما يصدر في الكثير من المواقع وغرف الدردشة والمنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي، تشير إلى أن المعارضة والمتعاطفين معها يمرّون اليوم في مرحلة مراجعة الذات، وعدّ الأخطاء التي وقعت، ووضع الأمور في أنصبتها التي يعتقدون بصحتها، وهذه خطوة أعتقد أنها مهمة لأي تيار، سواء عن طريق كوادره أو مستقرئي الساحة. وسيبقى الدور على الرابحين لئلا تأخذهم نشوة الانتصار دون القراءة الواعية لما حدث، وما الذي ارتكبه هذا الفريق من هفوات وكبوات، وكيف يمكن معالجة المسألة إن تراءت في الأفق مرة أخرى. ومهما تكن النتائج هذه الاستقراءات، فإن الحوار الوطني “الشامل” سيبقى ضرورة ملحة، لا بد من إجرائه في أوقات الرخاء، دونما ضغط الجماهير، وبعيداً عن استراق النظر إلى الساعات لمعرفة ما إذا تأخر الوقت أم لا. فهناك الكثير من المبادئ التي يمكن أن يُجتمَع عليها، وإصلاحات أقرّ سمو ولي العهد أنها كانت بطيئة، وهذا وقت تسريع خطاها، ومجتمع بحاجة لحوار يفتح الملفات ليجري تنظيفها أولاً بأول بدلاً من أن تنتفخ وتصعب تالياً قراءتها.
هوامش: [1] الحياة (اللندنية) – 28 فبراير 2011 [2] وكالة أنباء البحرين http://www.bna.bh/portal/news/449187
#غسان_الشهابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|