محمد علي فرحات
الحوار المتمدن-العدد: 3324 - 2011 / 4 / 2 - 23:48
المحور:
الادب والفن
السبت, 02 أبريل 2011
> الأحد 27/3/2011: ضربة شرطي
الدولة العربية الحديثة تكاد تخلو من تراكم تقاليد، أما القانون - معيار حكم الدولة فهو في الأدراج، أو يجرى تبديله بحسب المصالح اليومية للسلطة، أو تحجبه حال الطوارئ. لو لم تكن إسرائيل لأوجدناها لوقف التنمية وإحالة المال العام على تعبئة عسكرية - سرية.
دولة هي ابنة التجارة العابرة، حيث تشترى البضائع وتباع بسرعة رجل يتهيأ لسفر بلا عودة، ويبدو الحاكم أو أعوانه وكلاء إمبراطورية تتركز خلف بحور سبعة.
ماذا تغير فينا بعد حوالى تسعين عاماً من انهيار السلطنة العثمانية المريضة. الأتراك تغيروا بسرعة وأقاموا دولتهم الحديثة بجراحة قيصرية أجراها مصطفى كمال أتاتورك، أما نحن فنعيش في ظل ولاة متعددي المراجع الإقليمية والدولية. وأقمنا دولنا الحــديثة على مقياس الوالي والولاية.
الثقافة المتداولة في عالمنا العربي لم تصدق وجود دولنا الحديثة فبقيت أدبياتها في إطار البحث عن الهوية والخلاف على طبيعة الدولة وحدودها وإحالاتها الحضارية، عروبة وإسلاماً وما قبل الإسلام، أو حدوداً معترفاً بها دولياً يسود سكانها قانون واحد لشعب واحد.
تسونامي الاحتجاجات والثورات فضحنا، وقد يتراجع التسونامي ثم يعود إلينا، نحن العرب ساكني اللحظة ومعتمدي ثقافة العبور لا ثقافة الإقامة.
ومن ثقافة الإقامة الزراعية قول فلاح عجوز: زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون، متحدثاً عن شجرة مثمرة تعمّر أقلّ من مئة سنة. ولا ينفي ذلك وجود فلاح آخر يزرع سندياناً وأرزاً ودلباً من أجل الجمال، تلك أشجار تعمر أكثر من خمسمئة سنة.
انطوى عهد المؤسسة الزراعية وجاء عهد العابرين بلا مؤسسة يقودون شعوباً على درب الآلام والمتاهة، شعوباً يوقظها تسونامي عابر ثم تنام أو يغمى عليها بضربة شرطي.
> الاثنين 28/3/2011: الأمل لا يتقاعد
بلغ الشاعر أدونيس الثمانين من عمره، ولا تنطبق عليه لوائح المتقاعدين. مثله يكتفي بالكتابة عن الماضي فإذا تفاءل عن الحاضر، لكن الرجل ابن الحياة يعتبرها هبة نادرة ولا يفرط في ضوئها وحلمها.
أحدث مشاريع أدونيس مجلة فصلية يتوزع الكتابة فيها شرقيون وغربيون، وتتوزع موضوعاتها، الحية لا التجريدية، مناصفة، على شؤون شرقية وغربية، وقد تتضايف فيلتقي في الموضوع الواحد شرق وغرب.
لا يصح ذكر اسم المجلة الآن، وهي ستكون في متناول قراء العربية بعد أشهر قليلة.
هذا الجهد يبذله أدونيس، شاعر الأمل ومحرك اللغة، من أجل المستقبل لا لتكرار الماضي، كما بذل مع صحب له جهوداً في «شعر» و «مواقف».
شباب متجدد لا يتقاعد، تلك سمة حامل شعلة الرجاء.
> الثلثاء 29/3/2011: الى الآخرة؟
هذا الشرق لا أحد يعرفه جيداً، حيث الأزمنة تجتمع في لحظة واحدة ولكل جذوره، جيران ولغات لا تتجاور، فضاء يبتلع صراخ النهار وتنهيدة المساء، فضاء الطائرات الحارسة أو المنذرة بقصف.
الشرق حيث لا قانون سوى المصادفة. من قانون حمورابي الى دساتير الدول السريعة التعديل، لا قانون في الشرق سوى سرعة العبور الى الآخرة.
قانون الانتحار، أو «الشعب يريد».
> الأربعاء 30/3/2011: نعمة
النسيان نعمتنا. ننسى لنعيش. نبدأ من صفر بعدما حطمتنا الأعداد.
وافضل النسيان أن نضيّع المفتاح. نبقى خارج البيت. في عراء السؤال.
> الخميس 31/3/2011: نميمة
غريب أمر توفيق صايغ (1923 - 1971)، الشاعر المتفرد في الحداثة العربية لم يكتب لقصائده الانتشار لأنه حصرها في دائرتي الأسطورة القديمة للهلال الخصيب والأسطورة الموجودة في العهد القديم. وحتى في قصائد الحب لم يغادر الشاعر حقل الأسطورة الأثير. شاعر غير شعبي لكن لقصائده مذاقاً خاصاً وقراء من النخبة يتناقصون عدداً في سياق حضارة اللحظة التي يعيشها العالم العربي ومثقفوه.
من كهف الأسطورة الى رصيف النميمة ينقل محمود شريح موقع صديقه الراحل توفيق صايغ، بنشره مذكرات كتبها صايغ في فترة استعداده لإصدار مجلة «حوار» (خلال العام 1962).
يضم كتاب «مذكرات توفيق صايغ بخط يده» (عن دار نلسن للنشر في السويد ولبنان) صورة لهذه المذكرات بخط اليد، مع نشرها بحرف الطباعة ومقدمة لمحمود شريح، مما ورد فيها: «هي وصف حي ودقيق للجو الثقافي السائد في بيروت ولصورة المثقفين فيها، والمذكرات خلال ربيع وصيف 1962 وثيقة عن مرحلة بأكملها، وهي لا تحتاج الى تقديم أو شرح: 53 صفحة بخط صايغ بحبر أحمر ناشف، شهادة عن تفاصيل حياته ومجلته بجرأة ووضوح لا نعهدهما في أدبنا الحديث عند أعلامه».
ومن أجواء المذكرات: علاقة متوترة بين ليلى بعلبكي ورياض نجيب الريس. ليلى تحذر صايغ من المنظمة العالمية لحرية الثقافة ممولة «حوار». سيمون جورجي رشح مطاع صفدي وأورخان ميسر لمراسلة «حوار» من سورية واستقر الأمر على ميسر. منح الصلح يروي انه حين يزور المنزل العائلي لآل صايغ يصطحب معه خبراء في الأدب والفلسفة والاقتصاد والتاريخ: كناية طريقة عن الأخوة المثقفين أنيس ويوسف وتوفيق. إحسان عباس أعلن أنه سيكتب مقالاً ضد أدونيس مفضلاً عليه توفيق صايغ - في الشعر.
يوسف غصوب لا يرى أهمية لشعر الأخطل الصغير إلا الغزلي منه، لكن غزله مبتذل يستغل شعور الطبقة الوضيعة وإحساسها. جميل جبر وخليل سركيس اتفقا على اسم المجلة «حوار». غداء مع سلمى الخضراء الجيوسي التي هاجمت خليل حاوي فلا أحد من القوميين العرب يصدق انه شاعر عربي قومي، وتحدثت عن حقده وحسده وغروره وأن شعره انحدر مستواه.
كلام على سحاقية أربع أديبات عربيات من لبنان وفلسطين ومصر وسورية. بدر شاكر السياب أحضر معه من العراق صديقاً اسمه مالك سيف وطلب أن يؤخذ صديقه هذا الى مدير الأمن العام اللبناني لمساعدته في الأبحاث والتحقيقات ضد الشيوعية. وترك بدر المستشفى لأنه يعتقد أن الأطباء يريدون أن يقضوا عليه، وهو الآن في عهدة طبيب مشعوذ ويسير من سيئ الى أسوأ، وأنه عاد الى الأوتيل مصطحباً نيرساً (ممرضة) تعنى به. قال سهيل إدريس إنه دفع مبلغاً من المال الى محيي الدين محمد ليستكتب مصريين لعدد ممتاز من «الآداب» ثم اكتشف أنه استقطع لنفسه معظم المبلغ وترك «الآداب» الى مجلة «أدب» التي يصدرها يوسف الخال الى جانب «شعر». طالع توفيق صايغ أعداد مجلة «الكاتب المصري» التي أصدرها طه حسين بين عامي 1945 و1948 للاستيحاء، وأورد في مذكراته مقطعاً من تصدير طه حسين للعدد الأول: ستكون صلة ثقافية بأدق معاني هذه الكلمة وأرفعها بين الشعوب العربية أولاً وأمم الغرب ثانياً.
عن الحياة اللندنية
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟