أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين جمو - تركيا: بين تصاعد إسلامي ويمين أوروبي















المزيد.....

تركيا: بين تصاعد إسلامي ويمين أوروبي


حسين جمو

الحوار المتمدن-العدد: 993 - 2004 / 10 / 21 - 08:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتقد الأتراك بعد إلغاء الخلافة الإسلامية ومحاولة إلغاء الإسلام في المجتمع أن أوروبا ستنسى التاريخ كما نسيه الأتراك وأنقذوا أنفسهم من زعامة الهنود والعرب .لم يكن مصطفى كمال أتاتورك رجلا شرقيا في السياسة ؛لأنه مشروعه التغييري لم يكن يبحث لتركيا عن القيادة بل الاستمرارية لدولته العلمانية الفتية في الوقت الذي أصبح فيه الانقياد للغرب أقل وبالا من القيادة لمواجهة الغرب وهو الذي يقول "أن تكون تركيا في عقب الغرب خير من أن تكون في مقدمة العالم الإسلامي".
ولا أعتقد أن "أتاتورك" سيسوؤه كثيرا إذا ما علم أين وصل سعي تركيا لتصبح أوروبية تماما ‘فهدفه و-هو ما تحقق- كان أن تصبح تركيا موضوعا
لأوروبا أكثر من أن تصبح أوروبية تماما .
صموئيل هنتنغتون يحاول جعل تركيا موضوعا لصدام الحضارات وبرنا رد لويس يعتبره نموذجا لدولة مسلمة يجب أن تنجح ‘وبعضهم يعتبرونها اختبارا لقدرة الحضارات على الحوار .وآخرون يجدون فيها سفيرة العلمانية في الدول الإسلامية الحديثة.
كل هذه المهام المطروحة تجعل تركيا تتجاوز هدف أتاتورك في جعلها موضوعا لأوروبا إلى موضوع للسياسة الدولية.
(حقيقة المشكلة الدينية )
لماذا تم تخط تركيا و لماذا تظهر دائماً في نهاية الطابور؟
تساؤل يطلقه هنتنغتون في كتابه صدام الحضارات وهو يريد أن تكون الإجابة أن الدول الأوروبية لا تريد أن تواجه احتمال فتح حدودها للهجرة من دولة ذات سبعين مليون مسلم ونسبة بطالة عالية في الوقت الذي تعد فيه تركيا جزءا من الشرق الأوسط بأمراضه المرتبطة بالدين والعادات والتقاليد النابعة من الدين كما يقول رو جر أوين .
ويمكن أن يكون ذلك جزءاً كبيراً من الإجابة على عدم تقبل الأوروبيين لتركيا , فعلى عكس ما يحكم السياسة الأوروبية فإن النظرة التاريخية الملطخة بالدين تكاد تكون هي الطاغية عندما يتعلق الأمر بانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي حتى أنه لا يمكن للأوروبيين تحاشي الأدوار التي تلعبها الكنيسة الكاثوليكية , فمعظم التصريحات الصادرة عن الفاتيكان بخصوص توسيع الإتحاد الأوروبي لا بد أن تشير إلى تركيامعالتركيز الرئيسي على حقوق المسيحيين الذين يشكلون أقل من 0,5 %من عدد سكان تركيا . وهم في هذه النقطة يتفقون مع الأتراك بأن معاهدة لوزان عام 1923أشارت إلى أقليات دينية و ليست عرقية , و بالتالي يتم القفز فوق الأخلاق و المعايير الحقوقية بالنسبة للأقليات العرقية بسكون أوروبا إلى الهاجس الديني .
وما يجعلنا نقترب من هذه القناعة أكثر هو الآراء التي يطلقها الأساقفة المسيحيون , فرئيس الأساقفة الإيطاليين " كميلو روينيه " يرى أن التأثير المحتمل على أوروبا يمثل مشكلة حساسة إلى حد كبير بانضمام تركيا لأنه يجب أن تكون هناك حدود جغرافية للاتحاد الأوروبي تراعي تقاسم القيم الأوروبية .
لكنهم بالرغم من ذلك لا ينفون أن انضمام تركيا يمكن أن تكون له إيجابيات و أولها تحسين وضع أقليتها المسيحية .!!
ضغوطاً من هذا النوع يجعل الأتراك سعداء أكثر من طرح موضوع الأكراد , فرئيس الحكومة التركية أردوغان لا يجد صعوبة كبيرة في الإجابة على مثل هذه الضغوط " تركيا ليست دولة إسلامية بل بلد ديمقراطي أكثرية سكانه من المسلمين."
ويعد فاليري جيسكار ديستان رئيس لجنة صياغة الدستور الأوروبي الموحد من المتزعمين للتيار السياسي المعارض لانضمام تركيا, وهو لا يكتفي بالقول أن تركيا ليست بلداً أوروبياً ,فعاصمتها ليست في أوروبا و 95%من سكانها يعيشون خارج أوروبا , بل يتعدى ذلك إلى أن انضمام تركيا ستكون " نهاية أوروبا " بحد ذاتها .
وتعترف "آنا بالاثيو"وزيرة الخارجية الأسبانية السابقة وعضوة لجنة صياغة الدستور أن القوانين الجديدة في الدستور الأوروبي تهدف إلى زيادة العقبات أمام انضمام تركيا‘ وهي تشير بذلك إلى ديستان.ففي لقاءه مع صحيفة (انترناشيونال هير الدتربيون) في أيلول الماضي أقر ديستان أن حقوق التصويت المنصوص عليها في الدستور الجديد للإتحاد الأوروبي تحد بشدة من فرص الانضمام إليه ‘لأنها تمنحها ثقلا كبيرا في أقرار ورفض القرارات اعتمادا على عدد سكانها ‘وهو ما قد يدفع العديد الدول الأوروبية لرفض ذلك الانضمام . والبديل الذي يطرحه ديستان بخلاف العضوية هو التحالف الإستراتيجي أو المشاركة الاقتصادية .
بالمقابل نجد التيار الآخر الذي لا نستطيع أن نعتبره مؤيدا بحماس لتركيا ولكن على الأقل التيار الغير معارض والذي يقلل من المخاوف التي يتصورها المعارضون ‘ ففي تقرير اللجنة المستقلة الخاصة بالشأن التركي الذي وضعه كل من الرئيس الفنلندي السابق "مارتي أهتساري" وألبرت روها ن في أيلول جاء بان حجم الدولة يلعب دورا محدودا فيما يتعلق بعملية أتحاذ القرار
في الإتحاد الأوروبي ‘ لان النفوذ السياسي داخل حدود الاتحاد يعتمد بصورة أكبر على القوة الاقتصادية . وبالنسبة لمخاوف الهجرة يضيف التقرير بان إمكانية انتقال السكان محدودة ‘ ولن يسمح للعمال الأتراك على الأرجح الانتقال بحرية ألا بعد فترة انتقالية طويلة .
ويحذر هذا التيار من عواقب رفض انضمام تركيا الذي قد يؤدي إلى انهيار العملية الإصلاحية وإفساح الطريق أمام التيارات المتطرفة .
وبالرغم من المؤشرات الإيجابية التي تلقنها تركيا خلال زيارة أردوغان الأخيرة إلى بروكسيل إلا أن أوروبا ما زالت في حيرة من أمرها :ففي الوقت الذي يرى البعض إن عدم قبول تركيا ستدفع إلى ظهور تيارات متطرفة إسلامية .يرى البعض ألأخر أن قبول تركيا ستنقل التطرف إلى أوروبا والسبب الذي يقف وراء المؤيدين والمعارضين هو سبب واحد :لا شيء غير الخوف .
لكن إذا كان رفض قبول تركيا يفتح احتمال تقوية التيارات الإسلامية المتطرفة , وهو أمر يتفق عليه الجميع .فإن مجرد هذا الاعتقاد يجعلنا نعتقد أنها يجب أن لا تنضم من الأساس .

(الديمقراطية تهدد مساعي تركيا .)


هذه القراءات والآراء تأتي في ظل تصاعد مخيف لتيارات اليمين الأوروبي التي على ما يبدو ردة فعل الطبقة العاملة على العولمة والتكامل الأوروبي و الهجرة . ولعل أخطر تصاعد لليمين هو في فرنسا و ألمانيا .حيث تتفق برامج كل الأحزاب اليمينية في معاداة الأجانب والدعوة إلى معاداة المهاجرين من العالم الثالث وخاصة المسلمين والانغلاق على الذات .
أنجيلا ميركل زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي اليميني في ألمانيا وجهت رسالة إلى رؤساء الحكومات والأحزاب المحافظة في بلدان الاتحاد الأوروبي تدعوهم فيها إلى "التضامن " لحجب عضوية الإتحاد الأوروبي عن تركيا والاكتفاء بمنحها وضع" الشريك المتميز" للإتحاد.
وتواجه تركيا تصاعدا في نسبة المعارضة الشعبية لقبولها حيث كشف استطلاع للرأي أجراه معهد "امنيد " في أيلول أن 57%من الألمان يعارضون ضم تركيا إلى الإتحاد الأوروبي بينما كانت نسبة المعارضين في نيسان لا تزيد عن 51%.
وأجرى معهد غالوب استطلاعا مشابها في النمسا حيث أبدى 76%معارضتهم فتح مفاوضات مع تركيا .
و بعيداً عن الأرقام و الاستطلاعات فإنه يمكن حصر الخطورة في تصاعد اليمين الأوروبي في عدة نواحي :
أولاً: ان البلدان التي تتجه الى اليمين بلدان غنية ,ان لم يكن الأغنى في العالم .
ثانياً: إن هذه الموجة تهب في وجه التحولات الضخمة التي قطعتها الإنسانية لا سيما في العقد الأخير من حياتها باتجاه العولمة و التكامل .
ثالثاً: إن هذا الصعود يأتي فيما العالم بأمس الحاجة الى النزعتين العقلانية و الإنسانية الأوروبيين . وهي المعول عليها أن تتوسط بين شعوب العالم و قضاياه و بين الولايات المتحدة .
رابعاً : إن هذا الصعود مترافق مع تفشي التطرف الإسلامي الذي سيشكل اليمين الأوروبي بالنسبة لهم عدو يجب القضاء عليه
في ظل هذا اليمين الأوروبي المتصاعد , و التطرف المتفشي في العالم الإسلامي ... اين تقف تركيا ؟ وهل تملك أن تحمي نفسها من الديمقراطية الغربية التي قد تأتي بـ ( الفاشيين الجدد ) الى رأس السلطة .؟

(الولايات المتحدة : هل تحسم القضية ؟ .)

معظم التقارير والدراسات التي تصدر من مراكز أبحاث أمريكية حول الشرق الأوسط لا بد أن تشير إلى الأهمية الإستراتيجية لتركيا . لكن الأرجح ان هذه الأهمية لا تأتي من أهمية تركيا أمريكياً . بل تدخل في إستراتيجية الولايات المتحدة إتجاه أوروبا . فعضوية تركيا تجعل من أوروبة عبارة عن كونفيدراليات غير متناسقة ثقافياً و اقتصادياً , و بالتالي يصبح الأتحاد الأوربي كتلة قابلة للإرتداد الى أوربا ما قبل الأتحاد .
بالإضافة الى أن الأمريكيين سيكسبون بذلك دعم الأوروبيين في الكثير من القضايا و المشكلات على حدود الإتحاد الأوروبي .... و بدا ذلك واضحاً من التعامل الأوربي مع الملف النووي الإيراني .
ان نجاح تركيا في مساعيها هذه, كما يقول (بول وولفويتز ) سيثبت لـ 1.2 مليار مسلم ان بلداً مسلماً يمكنه أن يكون بلداً ديمقراطياً و بالتالي تسعى الولايات المتحدة الى جذب الإتجاهات السياسية في العالم الإسلامي الى الفلك الأمريكي عن طريق تقديم تركيا كنموذج و يحذر زبغينيف بريجنسكي من أن تركيا التي تشعر أنها منبوذة من قبل أوروبة ستصبح أكثر إسلامية و سيكون من المرجح أكثر نقض توسيع الناتو بإستخدام حق الفيتو و الى حد أقل أن تتعاون في سعيه وراء كل من استقرار اسيا الوسطى العلمانية و دمجها في المجتمع الدولي.
الأوروبيين يعرفون جيداً مالذي تريده الولايات المتحدة من ضم تركيا لذا جاء رد فعل المعارضة الأوروبية اتجاه الضغوط الأمريكية في هذا الشأن عنيفاً حيث جاء على لسان باسكال لامي مفوض الشؤن التجارية الفرنسية في الإتحاد الأوروبي حينما قال ( هل يمكن أن تتخيلو رد الفعل الأمريكي اذا طلبنا منهم أن يتوسعوا لضم المكسيك ) .
.............................

البعض وهم الأكثرية يرى أن السبب الذي لا جدال فيه و الذي يحول دون أنضمام تركيا هو الدين و التاريخ وهؤلاء أكثريتهم من مفكري العالم الإسلامي ولابد أن هؤلاء يشعرون بسعادة كبيرة عند توجيه هذا النقد للأوروبيين لأنه ربما بإعتقادهم أنهم يقومون بتصحيح مذهب أوروبا الفكري الخاطئ ! و الأترك يدعمون لجعل هذه النقطة سبباً رئيسياً لأن الدبلوماسية التركية تعتمد على هذه القضية كأقوى نقاط قوتها في سعيها الى النضمام الى الأتحاد الأوروبي و قفزها بذلك على الكثير من المشاكل الملحة جداً و إلا فماذا يعني أن يعلن أشد علماني تركيا اللذين قضوا حياتهم في المؤسسات القضائية و العسكرية في ملاحقة كل ماهو اسلامي أن السبب في رفض أوربا لتركيا هو ( أننا مسلمون ) و أن على الإتحاد الأوروبي أن يقرر ما اذا كان سيبقى مقتصراً على المسيحيين.!!!
المتفائلون غير مستائين من عام 2020 كموعد لإنضمام تركيا على الإطلاق ....ترى هل ستنجح تركيا مرة أخرى في إفشال ما حققته من نجاحات سياسية.؟



#حسين_جمو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا ...أزمة اقتصاد أم أزمة دولة ؟
- القضية الكردية بين تركيا و الاتحاد الأوروبي


المزيد.....




- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين جمو - تركيا: بين تصاعد إسلامي ويمين أوروبي