أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين جمو - تركيا ...أزمة اقتصاد أم أزمة دولة ؟















المزيد.....

تركيا ...أزمة اقتصاد أم أزمة دولة ؟


حسين جمو

الحوار المتمدن-العدد: 979 - 2004 / 10 / 7 - 09:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أكثر من أربعين عاماً تقدمت تركيا بطلب الالتحاق بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية كعضو مشارك . و بالتصديق على اتفاقية الشراكة في عام 1963نشأت علاقة خاصة توجت باتفاقية الإتحاد الجمركي في عام 1996, و أصبحت تركيا بحلول العام 1999 عضواً كاملاً في اتفاقية الإتحاد الجمركي ,وتم قبول ترشيحها للعضوية في الإتحاد الأوروبي في قمة هلسنكي 1999.وكانت قد قامت بإجراءات إصلاحية مهمة في عام 1980نحو الاقتصاد المفتوح , و انتقلت من رأسمالية الدولة و تدخلها إلى السير على طريق المبادرة و التصدير .
بلغ الدخل القومي التركي عام 2002(168) مليار دولار(1) و متوسط دخل الفرد 2530(البنك الدولي 2001). وعلى مدى 30عاماً لم تقل نسبة النمو عن 5 % (2).إلا أنه في 19 شباط 2001 انفجرت أخطر أزمة اقتصادية في تاريخ تركيا ,أفقدت المواطن التركي بين ليلة و ضحاها ثلثي قيمة عملته التي انخفضت بصورة دراماتيكية أمام الدولار من 50 ألف ليرة إلى مليون و 500 ألف ليرة , و أغلقت أكثر من 400 مؤسسة صغيرة أبوابها , و ارتفع عدد العاطلين عن العمل من مليون ونصف إلى ثلاثة ملايين عاطل عن العمل ,و كذلك ارتفع مجموع الدين العام إلى 220 مليار دولار (3).
انخفاض معدلات الدخل و انخفاض قيمة الليرة هو ما أفقد الأتراك نصف مدخراتهم , و أدى إلى زيادة تفاقم ظاهرة الفقر بشكل كبير , و هذا ما أكدته دراسة لأكبر اتحاد للعمال في تركيا , جاء فيها :" إن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا تسبب في زيادة عدد الأتراك تحت خط الفقر إلى 35 مليوناً , وهو ما يشكل أكثر من 50% من عدد السكان ". و أشارت الدراسة إلى ارتفاع تكلفة تلبية احتياجات المأكل الخاص بأسرة صغيرة إلى 192 دولاراً شهرياً , علماً بأن الحد الأدنى للأجور يصل إلى حوالي 160 دولاراً , تقل بعد خصم الضرائب إلى 120 دولاراً فقط(4).
هذه الأرقام تأتي في ظل الفشل التركي في تحقيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة , و فشلها في تطبيق البرامج الاقتصادية التي وضعها صندوق النقد الدولي (IMF) حيث تم إقراض تركيا 31 مليار دولار بين عامي 2002- 2003.
وفي تفسير للأزمات الاقتصادية التركية يقول عبد الله أوجلان :" لقد استفاد أتاتورك من القوية الغربية ولو بشكل محدود عندما كانت تقدمية , ولكن بعد الحرب العالمية الثانية لم تستوعب الأنظمة التركية جوهر التطور الحضاري ,أو لم تؤمن به لأنها تتناقص مع مصالحها , وهذا هو السبب الذي يكمن وراء الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها تركيا , فقد ظلت بعيدة عن التحول الديمقراطي(5).
فالأزمات جاءت بعد توقف الحرب عام 1999 , وتم بذلك إنقاذ تركيا من الالتزام بالاقتصاد الحربي لتقوم بتوجيه مصادرها نحو الإنتاج من جديد .
ويمكن تفسير الوضع الاقتصادي الأسوأ منذ عام 1999 إلى عدم استفادة تركيا من الإمكانيات التي وفرتها أجواء السلام , و إلى المقاومة التي أبدتها المؤسسة العسكرية في مواجهة الكثير من الإصلاحات التي طالب بها (IMF).
فمنذ النصف الثاني من عام 1990 ازدادت الفوائد التي تدفعها البنوك في تركيا لمودعيها بدرجة كبيرة . وفي هذه الظروف كانت المصارف العمومية (خاصة المصرف الزراعي و المصرف الشعبي )تقدم قروضاً متدنية الفوائد للمزارعين و القطاع الزراعي و المصانع الصغيرة من الأموال التي جمعتها بفوائد عالية جداً , و بذلك تتعرض للخسائر باستمرار ,ولكن نظراً للمهمة التي تقوم بها كان يجب تلافي هذه الخسائر من خزينة الدولة .ولكن تبني الخزينة لخسائر هذه البنوك التي بلغت 30 مليار دولار ستزيد من تراكم الديون الداخلية إلى درجة كبيرة , وبذلك سيزداد حجم الديون الداخلية التي يجب على الخزينة دفعها حسب طلب (IMF), وبذلك ستقلص المصاريف العسكرية رغماً عنها , وهذا هو السبب الذي يكمن وراء المقاومة التي حدثت في مواجهة الإصلاحات البنكية و التي ساهمت في حدوث أزمتي تشرين الثاني عام 2000 و شباط 2001.
وظهرت مثل هذه المقاومة صد إلغاء الصناديق الداخلية و الخارجية في الميزانية , حيث أن الصناديق الخارجة عن الميزانية لا تدخل ضمن رقابة البرلمان , و ميزة هذه الصناديق هو أنه يمكن نقل المصادر المتراكمة من إحداها إلى أخرى , حيث كانت تتم تلبية المصاريف العسكرية بهذه الآلية التي تبعد الشفافية عن الدخل و المصاريف بشكل كامل (6).
هذا الوضع الاقتصادي لا بد أن يجد انعكاسه في الوضع الاجتماعي , فارتفاع عدد سكان تركيا إلى أكثر من 71 مليون نسمة في ظل النمو السكاني المتزايد الذي بلغ 1,24% عام 2001 قد يكون عائقاً أمام انضمامها إلى الإتحاد الأوروبي , وهو ما حذر منه بولنت أجاويد .
و بحلول عام 2020يتوقع أن يصل عدد سكان تركيا إلى 85 مليون نسمة , فيما يتوقع أن ينخفض عدد سكان ألمانيا البالغ 82 مليوناً وفقاً لتوقعات الأمم المتحدة .
ويمكن أن نجد إجابة على الخوف الأوروبي من مسألة انضمام تركيا في استطلاع أجراه معهد الدراسات الاجتماعية بإزمير في تموز 2002 و الذي عبر فيه 54% من المشاركين أنهم لن يترددوا في الهجرة من تركيا و العيش في أي دولة أوروبية (7) .في هذه الحالة لا بد أن تكون مسألة تحسين الوضع الاقتصادي من أكثر المشاكل الملحة التي يطالب الإتحاد الأوروبي بها تركيا .
هذا بالإضافة إلى التفاوت الاقتصادي الكبير بين مناطق جنوب شرق تركيا و بقية المناطق الأخرى و الذي جعل من تركيا أشبه بدولة مركبة , فالدخل الفردي للمنطقة الكردية لا تتجاوز ال900 دولاراً سنوياً . و حسب تقارير غرفة التجارة في استانبول "فإن دخل الفرد السنوي في باطمان الكردية 415 دولاراً بينما في كوجالي التركية 3211 دولارً , و حسب تقرير معهد البحث (BIAR) فإن الدولة التركية قد أعطت من مجموع ميزانيتها 2,8% لمنطقة كردستان مقابل 97,2 لبقية المناطق (8).و ما يشير إلى ذلك بوضوح هو أن الفاصل الاقتصادي بين الأقاليم الأقل تطوراً و بقية المناطق التركية يتفق بصورة عامة مع الفاصل العرقي .و الغالبية الكردية نتيجة سوء توزيع الثروات الوطنية بالإضافة إلى الحرب التي استغرقت 14عاماً لم تعد تقيم في مناطقها بل هاجرت إلى المدن الكبرى ( أنقرة و استانبول). و يعرب أحد الدبلوماسيين الأجانب عن ذلك بقوله :" إن نزوح الأكراد من المناطق الريفية إلى المدن بسبب الفقر شبيه بهجرة السود الكثيفة من الجنوب إلى الشمال الصناعي في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية "(9)
عرض كل هذه المشاكل لا بد أن يقودنا إلى القول أن قبول تركيا في الإتحاد الأوروبي يعني قبولها خلق دولة من العالم الثالث في بنيتها الحضارية المتقدمة .هذا فضلاً عن أن القطاع الزراعي في الإتحاد الأوروبي يشكل نسبة 8-12% من عدد السكان بينما لا يزال 40% من سكان تركيا يعمل في القطاع الزراعي (10).
و يقول فرانتس فيشلر المفوض الزراعي بالإتحاد الأوروبي و أحد المساهمين الأساسيين في وضع تقرير المفوضية الأوروبية بشأن تركيا في رسالة إلى زملائه بالمفوضية في أيلول 2004:" إن عضوية تركيا قد تكلف الإتحاد 11,3 مليار جنيه إسترليني في صورة دعم زراعي سنوياً (11).
إن هذه المشاكل الكبيرة بالنسبة للوضع الاقتصادي و الاجتماعي في تركيا و سعيها الكبير في الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي في نفس الوقت يجعل من تركيا " أغنى الدول الفقيرة و أكثرها طموحاً" .
وحتى لو نجحت تركيا في الإيفاء بالمعايير الأوربية وبرامج(IMF) , فهل يستطيع الإتحاد الأوروبي أن يتجاهل حقيقة كونه سيصبح – بانضمام تركيا – متاخماً بحدود برية للمنطقة الأكثر إنتاجاً للأفكار الراديكالية و الأكثر قابلية للانفجار في العالم و خاصةً بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ؟.


مراجع:

1-نبيل خليفة : الحياة الأسبوعية(الوسط )- تركيا و أميركا . العدد 580- آذار 2003
2آلان ماكوفسكي : صحيفة المحرر العربي العدد 230.
3-محمد نور الدين : مجل المستقبل العربي – تركيا .إلى أين –العدد 287 شباط 2003.
4- عبد الكريم حمودي : تركيا اقتصاد مرهون بيد الخارج – موقع إسلام أون لاين – 10-4-2002
5-عبد الله اوجلان : من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية –منشورات صوت كردستان – الطبعة الولى 2002-ص458.
6-تايلان دوغان – مجلة الأوسط الديمقراطي – العدد الأول _ شباط 22002
7- رصد رصد للقسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية -8-7-2002
8-فيصل داغلي – مجلة الأوسط الديمقراطي ...مرجع سابق.
9- فيليب روبنس – تركيا و الشرق الأوسط – ترجمة ميخائيل خوري – دار قرطبة 1993 قبرص-ص45
10- سيفي طاشهان – مجلة شؤون الأوسط – العدد 108 خريف 2002
11- موقع إسلام أون لاين على الإنترنت : حقوق التصويت تعرقل انضمام تركيا -13-9-2004



#حسين_جمو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الكردية بين تركيا و الاتحاد الأوروبي


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين جمو - تركيا ...أزمة اقتصاد أم أزمة دولة ؟