أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - لماذا لا يكون منصب رئيس الوزراء في سوريا دورياً؟















المزيد.....

لماذا لا يكون منصب رئيس الوزراء في سوريا دورياً؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3324 - 2011 / 4 / 2 - 14:02
المحور: كتابات ساخرة
    


من المفارقات الأكثر إيلاماً ووجعاً أن العطري كان يصدر قرارات الصرف من الخدمة بحق موظفين سوريين، لما كان يقال عن أسباب النزاهة، أي يداوي الناس وهو عليل، ولكن أخيراً، وأن تأتي أخيراً، خير من ألا تأتي أبداً، جاء القرار المنتظر بصرف ناجي العطري، نفسه، من رئاسة الوزراء تح لأسباب أكثر من تلك التي كان يصرف بها موظفيه، وهي محاولته وسعيه الحثيث التسبب في كارثة وطنية وإنسانية ومجتمعية كبرى لسوريا.

هذا، وبالكاد عرف السوريون وخلال الأربعين سنة الماضية خمسة أو ستة رؤساء وزارة، نستذكر منهم في هذه العجالة عبد الرحمن خليفاوي، ومحمود الأيوبي، وعبد الرؤوف الكسم، و"يا ويلاه، والشر بره وبعيد" ومحمود الزعبي، ومصطفي ميرو، "ما غيرو"، وختامها مسك بالسيد ناجي العطري الذي جثم، ويا عليني عليه واسم اله حوله وحواليه، ثماني سنوات عجاف على صدور ورقاب السوريين وكان رصيده صفراً على الشمال، على كافة المستويات، وانحدر مستوى معيشة المواطن السوري إلى الأسوأ والأدنى في عمر الدولة السورية. وكان يخرج كل واحد من هؤلاء بفضيحة مدوية ومجلجلة، وقد شكلت هذه الأسماء فيما بعد، وفي العقل الباطن والوجدان الشعبي الجمعي السوري العام ، وسواساً قهرباً وعصاباً مزمناً، وألحقت عاهات نفسية وروحية مستديمة وعجز نسبي في وجدان كل مواطن سوري، وحالما كان يذكر أي اسم من أسمائهم المرعبة التي استباحت هناء السوريين وكدرت معيشتهم، كان السوري المسكين المعثر، يحوقل، ويتعوذ، ويبسمل ويترحم على أرواح أمواته ويتمنى أن يجمعه الله وإياهم في مستقر رحمته في أقرب وقت ممكن، وذلك بسبب الحالة الطافحة من البحبوحة، ورغد العيش، والرفاهية والازدهار التي وفرها أولئك للشعب السوري، وجعلت سكان ميانمار، والصومال، ومملكة النيبال، ودول الساحل والصحراء، تحسد السوريين، على معيشتهم وحالهم "السعيد". وكان الواحد من هؤلاء يدخل الوزارة السورية، ويفرد جناحيه، و"يدندل" رجليه، وينام في عسل الشعارات والخطابات الثورية والقومية ويبيع الناس الوهم والهواء والكلام الفارغ ليجد الناس أنفسهم في نهاية ولايته بأسوأ مما كانوا عليه من سابقه. وكثيراً ما كانت الحكومة ووزراؤها الأشاوس يرفضون الحضور، أو الخضوع لاستجوابات من مجلس الشعب أو المثول أمامه وحضور جلساته لمساءلة، لأنهم كانوا يعتبرون أنفسهم أعلى وأقدس وأسمى من السلطة التشريعية، وهذا مخالفة صريحة للقانون، واستخفاف به، وانتهاك لكل عرف ديمقراطي.

فلم تكن الحكومات السورية المتعاقبة، القادمة بشرعيات حزبية، والحاملة للواء القومية والعروبة وتحرير فلسطين وغيره مما يفتح شهية المرء لنطح الجدار بالرأس، نقول لم تكن تخضع لأية آليات رقابية أو محاسبة ومراجعة، أو إجراءات تقييم وضبط وتصويب لأدائها وعملها، وكانت تطلق يدها بلا حساب في مفاصل الأرض السورية ومصائر شعبها الطيب الأبي، لتصدر القرار تلو القرار، من دون دراسة لمنعكساته وآثاره المدمرة، ولم تعرف أي نمط من المراجعة أو كشف الحساب المطلوب ولم يكن وجودها يرتبط بجدول زمني معروف ومحدد، وبقاؤها وزوالها يعتمد على الأقدار وحدها، والله وحده كان يعلم إلام كان سيبقى العطري لولا التطورات الأخيرة على الساحة السورية.

والآن، ومع زوال كابوس وزارة العطري وفريقها الاقتصادي التجويعي الإفقاري المشؤوم والمرعب، والمكروه من كل سوري، تقريباً، عن كل السوريين، لا بد من إعادة النظر في طريقة تعيين، وحتى "طرد" رئيس الوزراء، وأن يكون ذلك عبر آلية ديمقراطية بحتة، وبالانتخاب والاقتراع الحر المباشر، ولمدة أربعة سنوات، يكون رئيس الوزراء هو المسؤول الأول المباشر عن الحياة المعيشية للسوريين وتسيير شؤون الدولة وتحميله وزر أي إخفاق، وإثابته وشكره على أي نجاح. وعلى أن يقدم في نهاية ولايته كشف حساب عن معدلات النمو، والبطالة، ونسب الاستثمار، وكافة المشاريع التي نفذتها حكومته، وعليه يقوم الشعب وعبر صندوق الاقتراع بالتجديد له، أم لا، لا أن يجثم على رقاب الناس إلى ما شاء الله، يتصرف بلا حسيب ولا رقيب ويصدر القرارات القراقوشية التي تصيب المرء بالذهول والدهشة والغثيان وتراكم لديه كل عوامل السخط والغضب والاحتقان. وإليكم مثالاً. فقد أصدرت حكومة العطري، ولا أدري الجهة بالضبط ربما وزارة العدل أو المالية، قرارات أكثر من قراقوشية بزيادة الرسوم القضائية بنسب هائلة بلغت إحداها، على ما أعتقد وأنا لست ضليعاً بالحساب والإحصاء، نسبة 5000%، قريباً، وذلك حين رفعت سعر أحد الطوابع القضائية من ليرتين إلى مائة ليرة سورية دفعة واحدة، بما يشبه عملية انهيار اقتصادي، ومن دون الرجوع لمجلس الشعب كما هو مفترض، إذ لا يحدث هكذا ارتفاع والفرض الجنوني المسعور للضرائب إلا في حال وجود كارثة وطنية، ولا سمح الله. وقد أدى هذا القرار القراقوشي بفرض ضرائب ورسوم باهظة وغير مسبوقة في تاريخ القضاء، لا بل في تاريخ سوريا، إلى جلوس الآلاف من المحامين بلا عمل، وخسارة عشرات الآلاف من المواطنين لدعاويهم القضائية والتخلي عنها، بسبب عدم القدرة على تسديد تلك الرسوم القضائية الفظيعة الهائلة، ناهيك عن تدمير وخربان بيوت شرائح غير محددة من الناس، دون أن تجد من يعترض على ذلك أو توفر آلية قانونية رادعة لمنع تفاقم الوضع واستشرائه في مراكمة عوامل غضب واحتقان لا تصب بالنهاية في صالح أمن وحياة المجتمع السوري، بشكل عام، إذا ما اجتمعت مع عوامل أخرى على صعد مختلفة. وإننا ننتهزها ها هنا، مناسبة، طيبة، وبنية صافية ومخلصة، لإعادة النظر في هذه الرسوم القراقوشية الجائرة ومحاسبة من فرضها بتهمة وهن نفسية الأمة، وتهديد الأمن القومي والوطني السوري، وتجويع وإلحاق الضرر والأذي المباشر بالمواطنين السوريين، وعلى مختلف مستوياتهم واهتماماتهم.

أعيش في مدينة تبعد عن الحدود التركية حوالي الستين كيلومتراً. ومن حدود هذه المدينة، وحتى الحدود التركية، لم يتغير شيئاً في هذه المنطقة، وخلال فترة خمسة عقود من عمري البائس الحزين المجروح هذا، فأين أموال الدولة وأين مشاريعها؟ إذ لا يوجد فيها، مثلاً، أي فندق خمسة نجوم رغم أنها واحدة من أجمل مناطق العالم قاطبة، التي تشتهر بجبالها الخضراء، وغاباتها، وأنهارها، وبحيراتها العذبة التي تتوسد تلك الجبال الخضراء، وغناها بكل أنواع المنتجات الحيوانية والخضروات والفواكه التي يصدر قسم كبير منها لأوروبا والخليج، ولا يوجد أيضاً مستشفي كبير في عموم هذه المنطقة، وما عدا ذلك "الأوتوستراد" الدولي الذي يربطنا بتركيا، فليس هناك مشروع حكومي، وأشدد على حكومي، عليه القيمة، والعين، وقس على ذلك في كل المناطق والبلدات والمدن السورية الأخرى، فما الذي تفعله هذه الحكومات؟ وأين أموالها واستثماراتها غير الكلام الفارغ وخطط خمسية خلبية ووهمية؟ وما الذي قامت به من إنجازات، وها هي واحدة من أجمل مناطق العالم الأكثر جذباً وتأهيلاً وإمكانية لتحقيق ربح ونجاح أي مشروع، ها هي تشكو الترهل والفراغ والعدم، وتفتقر لأي استثمار أو توظيف أموال سياحي أو خدمي، أو عصري "مولات، أسواق، حدائق وساحات عامة، مدن ترفيهية، مصانع تحويلية للمنتجات الزراعية التي تباع برخص التراب وترمى أحياناً من دون الاستفادة منها، تليفريك، نواد، إنترنت سريع، مطاعم، مسارح، كازينوهات...إلخ"، تشغـّل الناس وتجذب السياح وتخلق فرص عمل لعشرات الآلاف من الجامعيين الذين يتخرجون من الجامعات ليجدوا أنفسهم في الشوارع والمقاهي يستمعون للتنظير الثوري الفارغ والثرثرة واجترار الكلام الذي لا يطعم الناس لا الخبز، ولا يجلب لهم السعادة والاستقرار.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درب تسد ما ترد: العطري الرجل الذي كاد يطيح بنظام البعث السور ...
- امنعوا العربان من دخول سوريا
- لماذا لا يعلن القرضاوي الحرب على إسرائيل؟
- لماذا لا تطالب سوريا بتسليمها القرضاوي؟
- القرضاوي ثائراً وعاشقاً للحرية!!!
- شاهد عيان من اللاذقية
- هالنيروز...ما أحلاه
- ما أقواها صرخة الجياع؟
- قومنة الثورات
- آخر أيام القذافي
- مذابح البحرين: آخر حروب ومغامرات آل سعود
- لا للقرصنة والاتجار بأسماء الناس
- دريد لحام: بطولات الوقت الضائع
- انهيار الإيديولوجيات السلفية والقومية
- لماذا لا تغلق القنوات التلفزيونية الرسمية العربية؟
- طغاة أم جُباة؟
- لماذا لا يتشبه لصوص العرب الكبار بالكفار؟
- جنرالات الأمن العرب في قفص الاتهام؟
- بيان عاجل من الشبكة العربية لحقوق الطغاة، وهيئة كبار السفهاء
- جنرالات الإعلام العربي: الجزيرة والعربية أنموذجاً


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - لماذا لا يكون منصب رئيس الوزراء في سوريا دورياً؟