النظام يريد تغيير النظام

ناجي محمد الهتّاش

الحوار المتمدن-العدد: 3315 - 2011 / 3 / 24 - 03:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

جميلة هي الشعارات التي رفعها وما يزال الشباب العربي في مظاهراتهم الخلاّقة ضد أنظمتهم السياسية، الشعب يريد إسقاط النظام، الشعب يريد تغيير النظام، والشعب يريد إصلاح النظام، ولو أن لا إصلاح يرتجى من أنظمة لم تقدم لشعوبها الكثير، الاّ من رحم ربي. ولا أحد يلوم هؤلاء الشباب لأنهم يريدون تغيير واقعهم الجامد غير القابل بالتغيير الطوعي ومسايرة العالم كما هو حال بقية دول العالم، لا نريد هنا طرح الأسباب التي دفعت بالشارع العربي للخروج لكي يعبر عن معاناته من أنظمته، فهي كثيرة ومعروفة للجميع. ولكن المهم أن نعرف لماذا لا ترفع الأنظمة العربية ذات الشعارات، النظام يريد تغيير النظام، وتستبق ما سيحدث لها وتؤمّن لها موقف لربما يشفع لها مستقبلا، لماذا لا يغير النظام نفسه بنفسه وبشكل دستوري، ولا نريد أن نقول النظام يريد إسقاط النظام لان فيها ربما إدانة له، ولكننا سنرضى حتى لو قال النظام بأنه يريد إصلاح النظام، على شرط أن لا يكون إصلاحات الساعة الأخيرة عندها لا تفيده كل الإصلاحات التي سيقدمها لأنه سيكون وقتها في الرمق الأخير ولا ينفعه حتى لو أصبح ديمقراطيا أكثر من الرئيس أوباما.
لماذا هذا الإصرار يا حكامنا على التشبث بكرسي الحكم، إذا كان السبب أنكم جاهدتم الاستعمار وناضلتم في سبيل الاستقلال والتحرر، فإن شيمة النضال والمناضلين تقتضي احترام إرادة الشعوب في تقرير من هو الأصلح لهم، وإذا كانت حجتكم أنكم وصلتم إلى سدة الحكم بشكل شرعي وأنكم منتخبون دستوريا، فالمفروض أن يكون الشعب هو الدستور الشرعي لنفسه، وليس مجرد مواد قانونية ودستورية كتبت في غفلة عن الشعب وتم التلاعب بها مرارا وتكرارا وبما يخدم مصالح أحزابكم ومصالحكم الشخصية، وإذا كنتم تجدون في الكرسي نشوة ولذة الرياسة التي جلبت لكم القوة والنفوذ والثروة، فنقول ألم تمتلئ جيوبكم بعد من أموال الشعب؟، ألم تتعبوا بعد من إدامة سطوتكم؟ ألم يتعبكم متابعتكم لأجهزتكم الأمنية؟ ألم يرد في بالكم ولو للحظة واحدة أن تتعرضوا لمحاولات الانقلاب؟، أو أن تتعرضوا للاغتيال عندها تخسروا الحياة الدنيا والآخرة، هذه مجرد أسئلة من مواطن عربي ملّ كثرة كلامكم ووعودكم، وقلّة أفعالكم. نقول دائما نحن أمة العرب علّمنا العالم الحضارة والعلم والمعرفة، ونحن بالتأكيد كذلك، ولكن للأسف لم يتعلم حكامنا من حكام أحدث الدول كيف يستحي المرء من نفسه وشعبه، يوميا نسمع في الدول الأخرى عن استقالة المسئولين، وحكومات بأكملها لمجرد اكتشاف حالة فساد بسيطة، في حين أنظمتنا غارقة بالفساد من أخمص قدمها إلى شعر رأسها، ويخرج رئيس الحكومة أول الحاكم ليتحفنا بتصريح أنه أوعز بتشكل لجنة تحقيق بالموضوع، والنتيجة، لاعقاب للفاسد ولا نتيجة للتحقيق، وضاع على الشعب( الخيط والعصفور) كما يقول المثل الشعبي العراقي.
اعلموا يا حكامنا أن الشعب العربي ملّ من صوركم التي تملأ شاشات التلفزة، والصحف، وإذا أراد واحد من الشعب العربي قراءة صحيفة رسمية فأن أول ما يفعله هو طي الصفحة الأول من الصحيفة وتعرفون السبب حتما، وكونوا على ثقة أن الغالبية التي تجلس أمام شاشات التلفزة لا تبحث عن نشاطاتكم ومقابلاتكم وخطاباتكم، وإنما تجلس لمشاهدة كرة القدم والمسلسلات التركية.
من هنا أوصي من لم يصله السيل العرم من المظاهرات، والاعتراضات، أن لا يجلس ينتظر متى يصله هذا السيل، وعليكم برفع شعار النظام يريد تغيير النظام، أو النظام يريد إصلاح النظام، وجدوا السير بسرعة لسحب البساط من تحت أقدام شعوبكم، حتى وان استعنتم بالخبرات الأجنبية لتتعلموا كيفية التغيير أو الإصلاح، وثقوا ليس في ذلك انتقاصا من السيادة، فسيادة دولنا محفوظة والحمد لله، ولا أحد يتجرأ التجاوز عليها ما دمتم انتم على رؤوسنا!.
أوصيكم أن لا توصلوا الأمر إلى استخدام القوة ضد شعوبكم، ولا تتخيلوا أن عمتكم أمريكا ستقف إلى جانبكم فمعروف عن العم سام انه يبع حتى أمه عندما تجدُ لحظة الحقيقة، وستجدوا طائراته وصواريخه فوق رؤوسكم شئنا أم أبينا نحن الشعب العربي، والله سيبيعكم بسعر بخس، بل سيهبكم بدون مقابل.
قد يقول أحدكم يا حكام العرب كيف لنا رفع شعار النظام يريد تغيير النظام، هل تريدون منّا أن نتحول إلى مواطنين عاديين؟، وأقول نعم كونوا مواطنين عاديين، فأيهما أحسن لكم أن تغيروا أنفسكم من تلقاء نفسكم، فتخرجوا معززين مكرمين ومحترمين مشهودا لكم بنكران الذات، أم أن تخرجوا بقوة إرادة الشعب، وهو يلعنكم والتأريخ معه، ويضعكم في قفص الاتهام عن الأعمال التي اقترفتموها؟، فسنين حكمكم التي طالت عشرات السنين فيها الكثير والكثير.
نحن بحاجة إلى حاكم عربي يرفع الرأس ويقول أريد أن أغير نفسي أو أصلحها، إذا الشعب لا يريدني فأنا مغادر موقعي، وإذا أراد شعبي الإصلاح فمرحبا بأي إصلاح يريده، حتى وان طال شخصي كحاكم، على قاعدة انصر أخاك ظالما أو مظلوما.
بالله عليكم يا حكامنا لا نريد عراق ثان ولا ليبيا أخرى، فالذي فينا يكفينا، لا نريد أن نزيد من مصائبنا مصائب جديدة.
لا تخافوا هيا تشجعوا وارفعوا شعارا مدويا بوجه شعوبكم النظام يريد تغيير النظام.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل