أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد مُعِز - لماذا لا ..















المزيد.....


لماذا لا ..


أحمد مُعِز

الحوار المتمدن-العدد: 3309 - 2011 / 3 / 18 - 08:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل ترضى أن توقّع –كمواطن- على عقد قانوني بدون أن توافق على كل ما جاء به؟ هل ترضى في حياتك العادية أن تحتاج إلى صياغة عقد قانوني –لشقة أو لسيارة أو لأي غرض آخر- و توقّع على عقد ممتلئ بالتناقضات و الأخطاء القانونية؟ إن كنت لا ترضى هذا لنفسك ؛ فهل ترضاه لدستور بلدك؟



دستور 1971 تم تعديله أكثر من مرة –خمس مرات، آخرها 2007- ليتواءم مع رغبات الحاكم - الديكتاتور، سواء كان الرئيس السادات أو الرئيس مبارك (للأسف سنضطر لأن نسميهما بألقابهما ، فكل منهما كان الرئيس المعترف به لفترة من الزمن).

عندما قدم الرئيس مبارك تنازلاته واحدة تلو الأخرى (بداية من إقالة الحكومة ، مرورا بتعيين نائبا له ، السيد عمر سليمان، و حتى إعلانه عدم الترشح لفترة سادسة ثم تخليه عن سلطاته) لم نكن في السياق الذي يسمح لنا بقبول تنازلات على صيغة التفاوض أو "الفصال"، كانت ثورة، و كنا ثوارا نرغب بصدق و باستماتة في تغيير الواقع السياسي الفاسد بأكمله، الذي جعلنا يوما نفكر: و هل هناك حقا بديل للنظام الحالي؟



الرئيس مبارك اقترح في الأول من فبراير ، قبل تخليه عن السلطة بعشرة أيام، أن يغير بعض المواد الدستورية التي تسمح بالتنافس

الحر على السلطة في انتخابات سبتمبر 2011 كما كان مقررا، و للأسف مازال هذا الطرح مستمرا حتى هذه اللحظة رغم أن سقوط النظام كان من المفترض أن يثبت أن الكلمة الأولى في العهد الجديد هي للمصريين و ليس للنظام .. و كلمة المصريين كانت أنهم

يريدون دستورا جديدا للبلاد، دستور يرسّخ الحريات العامة و يضع ضوابط للسلطة منعا لتغوّلها كما حدث في النظام القديم.



الآن نحن أمام مرحلة "انتقالية"، بمعنى أنها تنتقل بنا من نظام قديم إلى نظام جديد، لم نتفق بعد على شروطه أو شكله، نظام

يريده الشعب ممثلا لكل أطيافه لا وجود فيه للفساد المنظّم أو توحش البوليس السياسي - جهاز أمن الدولة أو أيا كانت تسميته. النظام الجديد –الذي لم نتفق على ملامحه أو اسمه بعد- ما زال في طور التكوين، و منطقيا أن تكون الرغبة المخلصة فيه هي من أجل إنشاء دولة مصرية تشمل كل من يحمل جنسية هذا البلد، بلا تمييز ضد فئة أو إجراءات استثنائية في صالح فئة أخرى. الدولة المصرية الجديدة لا بد أن يكون فيها المواطنون متساوون "كأسنان المشط" من ناحية الحقوق و الواجبات، و تكون فيه حرية العمل السياسي و المجتمعي مكفولة للجميع بدون أي وصاية من هذه الفئة أو تلك ضد أي أقلية.



نحن أمام مرحلة "انتقالية" بين نظامين، مرحلة استلزم وجودها أن نلفظ النظام السابق و نؤسس لنظام جديد. المرحلة الانتقالية لن تحمل ملامح النظام الجديد بالكامل، و لكنها مرحلة "الحمل" التي تتشكل فيها ملامح و أعضاء جنين النظام القادم الذي يجب أن نشمله بالرعاية ليأتي خاليا من التشوهات أو العيوب الخلقية. الأم هنا هي الشعب المصري كله، و الجنين هو النظام الجديد، و بيدنا نحن الحفاظ على هذا الجنين من التشوه.



المرحلة "الانتقالية" هي مثل مرحلة تصنيع آلة: النظام الجديد. لا يصح إدخال مكونات صدأة من الآلة القديمة، من النظام القديم، أو استخدام بعض مكوناته المعيوبة لتكون نواة صنع آلة جديدة نريد لها السلامة و البقاء!! هل من المنطقي استخدام حديد صدئ لتركيب أساسات مبنى جديد؟



مصر في مرحلة ثورية. مصر في مرحلة بناء نظام جديد لأننا –المصريين- أسقطنا النظام القديم. سقط النظام القديم بدستوره برموزه بمؤسساته القمعية، لأننا قررنا أن يسقط النظام .. "الشعب يريد إسقاط النظام" هكذا هتفنا، و هو ما تحصّلنا عليه بعد عناء و تعب و دماء. الغير مفهوم الآن أن البعض يساوم على سقوط النظام بقوله "سقط النظام و لم يسقط الدستور بالتبعية"، و هو كلام غير منطقي لأن الدستور هو هيكل النظام، الرسم التخطيطي له، و إعادة استخدام الرسم التخطيطي لن تنجم سوى عن نفس البناء الذي انتفضنا لهدمه. إذا أردنا لهذه المرحلة أن تكون "انتقالية" بمعنى بناء نظام جديد فلا يجوز أن نبدأها بالرسم التخطيطي للنظام الذي أسقطناه منذ أسابيع و إلا فنحن نعيد إحياء نفس الهيكل مع تغيير بسيط في الأسامي و الأدوار.



إنني قد أشبه الدستور –في أي نظام حكم- أنه كالحمض النووي (دي إن إيه) للكائن الحي، و على أساسه يتشكل النظام، و إذا بقى الدستور كما هو سيتم استنساخ أنظمة متطابقة مع اختلاف الأسماء و تغيير المواقع ..

بعد هذه المقدمة الطويلة، اسمحوا لي أن أعرض رأيي في التعديلات الدستورية في عدد من النقاط الرئيسية:



أولا: الانتخابات البرلمانية:

ينص الدستور –حتى في حالة اقرار التعديلات- على أن انتخابات مجلس الشعب تكون بنظام القائمة الفردية بمعنى أن الدولة تقسم إلى دوائر انتخابية، تقوم كل دائرة باختيار اثنين من ممثليها أحدهما على الأقل من العمال أو الفلاحين ، كما تقسم الدولة إلى 64 دائرة أخرى لكوتة المرأة يختار المواطن مرشحة ثالثة على هذا المقعد، فيكون صوتك مؤثرا في دائرتك الانتخابية فقط و ليس في اختيار جميع أعضاء مجلس الشعب، أي أن لك القرار في اختيار ثلاثة أعضاء من إجمالي حوالي 518 مقعد في مجلس الشعب و أنت مقيد في اختيارهم: امرأة من المرشحات على مقعد الكوتة و مقعد على الأقل لعامل أو فلاح.



نحن هنا أمام عدد من المشاكل:

1- أن صفة العامل أو الفلاح يتم التحايل عليها بشكل علني فاضح، خصوصا و أن الإثبات لصفة الفلاح هو امتلاكك لأراض زراعية في دائرتك، و الإثبات لصفة العامل يأتي من ورقة أو شهادة من أحد الجهات الحكومية، و بالتالي بالإمكان تواجد ضابط شرطة بصفته فلاح أو مدير إداري بصفة عامل!



2-إن العمال و الفلاحين لهم كل الاحترام و التقدير، و لكن مجلس هو مجلس تشريعي بالمقام الأول و لو كان لا بد من تحديد كوتة لأي جهة فهي للقانونيين و الحقوقيين و ليس للعمال و الفلاحين، فالبرلمان ليس مكانا للابتزاز الاجتماعي بالتمسك بنسبة 50% للعمال و الفلاحين.



3-الانتخابات الفردية تكرّس فكرة انتخاب من لديه أموال أكثر لصرفها على الدعاية و نشر اسمه في القرى و النجوع و النواحي الملحقة بدائرته الانتخابية، و هي تنصف القادر على إحداث أكبر قدر من الضجة و الزعيق الانتخابي بغض النظر عن المحتوى السياسي، و هي كذلك تنتصر للقبلية ، فالسائد أن في أغلب الدوائر الانتخابية في مصر يتم تداول المقعد بين عائلات ذوي النفوذ و العئلات القادرة على شحن أكبر عدد من الأنصار للتصويت في الانتخابات بصرف النظر عن الكفاءة.



4-إن المصريين يتكون من جماعات و أحزاب مختلفة –و لنقل أنها أحزاب سياسية- و لكن تظل نسب تواجدها شبه ثابتة من مكان لآخر، و لنعط مثالا: لو أن المجتمع المصري يتكون من:

51 % للجماعة "س"

و30% للجماعة "ص"

و 7% للجماعة "ع"

و5.5% للجماعة "ل"

و 4 % للجماعة "م"

و2.5% للجماعة "ن".

النظام الانتخابي الحالي بالقائمة الفردية سيسمح للجماعة "س" التي تسيطر على الأغلبية في جميع الدوائر تقريبا أن تحصد الأغلبية الساحقة لمقاعد البرلمان بسبب إمكانيتها حصد الأغلبية في كل دائرة على حدة مع تواجد ضعيف للجماعة "ص" و انعدام الفرص للجماعات الأخرى، و هو ما معناه تمثيل غير صحيح للجماعات أو الأحزاب السياسية للمجتمع ، في حين أن أنظمة انتخابية أخرى –مثل الانتخاب بالقائمة النسبية- ستسمح لكل هذه الجماعات بالتمثيل داخل البرلمان بنسب تواجدها في الشارع المصري، و هو الأمر الذي نرغب فيه جميعا: تمثيل كافة أطياف الشعب المصري و ليس استبدال أغلبية بأغلبية أخرى مع سحق باقي الأقليات السياسية، لا نريد تغيير أسماء بل تغيير هيكلة.

ان الديمقراطية الحقيقية تقتضي أن تتمثل الأحزاب و الجماعات السياسية و المجتمعية المختلفة في البرلمان بنفس نسبة تواجدها في الشارع، و هو ما لا يسمح به النظام الفردي الذي ينص عليه دستور 1971.



5-إن برلمانا لا يتمثل فيه كافة أطياف الشعب، و لا يستطيع فيه المواطن اختيار سوى 3 من أعضائه، و يمكن التلاعب في الصفة الترشيحية (عمال و فلاحين) لأعضائه و ينجح فيه من لديه أموال أكثر للدعاية الانتخابية لهو برلمان مشوه و يتطابق في صفاته مع برلمانات النظام القديم مع تغيير أسماء من كانوا أغلبية الأمس و من سيصيروا أغلبية اليوم، و لكن التشوه ما زال كامنا. برلمان كهذا هو أبعد ما يكون عن التصور الذي نريده لـ "حياة ديمقراطية سليمة و تمثيل كافة أطياف الشعب المصري في البرلمان و مشاركتها جميعا في صياغة دستور النظام الجديد". إن مثل هذا البرلمان لن يخلق سوى دستور يكرّس سيطرة جماعة سياسية جديدة على الحياة السياسية بدلا من استغلال الفرصة لترسيخ مبدأ التعددية السياسية و الاجتماعية.



إن الموقف الذي نراه حاليا من تأييد بعض التيارات السياسية للتعديلات الدستورية لا يخلو من مخاوف حول مدى جدية هذه التيارات في الإصلاح السياسي الحقيقي و السعي في حرية مواطني هذا البلد، و يدفع للتساؤل عما إذا كانت هذه التيارات تهدف فقط للوصول إلى الحكم بأي طريقة أم أنها تدعو حقا إلى الوطنية و الديمقراطية و الحرية و العدالة السياسية؟؟



ثانيا: حول "فنيات" التعديلات الدستورية:

يظهر السيد محمد سليم العوا في قنوات التلفزيون التابعة لتيارات الإسلام السياسي "قناة اقرأ" و في برنامج السيد مصطفى حسني ليقول للناس ان الاختلاف الحالي على التعديلات الدستورية ليست سوى اختلافات فنية و حول أي مادة تأتي أولا و ترتيب مواد الدستور .. الخ، و أن المحتوى متفق عليه بين الجميع!! إما أن السيد العوا لا يعرف ، و إن كان لا يعرف فخير له أن يسكت، أو أنه يكذب!



محتوى التعديلات الدستورية كان هو أحد أسباب الرفض الرئيسية للتعديلات الدستورية، و لكن هذا لا يمنع من أن "الفنيات" التي تحدث عنها السيد العوا لها أيضا دور في رفض جزء كبير من الشعب المصري للتعديلات:



1- الدستور سقط بالفعل مع سقوط نظامه.

2-الدستور سقط مرة أخرى مع تولي الجيش لمقاليد الأمور. لا توجد مادة واحدة في الدستور القديم تفوض رئيس الجمهورية بالتخلي عن سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة تحت أي ظرف كان، بل ان المخوّل له تسلم السلطات هو نائب الرئيس أو رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية و تحت ظروف مختلفة. استلام الجيش للسلطة كان برضى الشعب المصري، صاحب الشرعية الوحيدة حاليا، و ضد كل إجراءات دستور 1971. إن دعوة الجيش –الذي تولى السلطة مخالفا للدستور- إلى تعديل الدستور الذي يخالفه لهو من قبيل اللهو و العبث الدستوري، فإن تمت إعادة إحياء الدستور بالموافقة على التعديلات الدستورية فهذا يعني أن وجود المجلس العسكري غير دستوري و بالتالي فكل قراراته غير دستورية و عليه ينبغي أن تلغى كل القرارات المتخذة من خلاله! ان التصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية يعني –دستوريا- إلغاء هذه التعديلات في النهاية. باختصار:القوات المسلحة ليس لها صفة دستورية لتسلم الحكم و بمجرد تسلمها فإنها أسقطت الدستور بالفعل. (مادة 82: إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر نيابته عنه، ولا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشوري أو إقالة الوزارة. )(مادة 84: في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولي الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب، وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا، وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة، مع التقيد بالحظر المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة82.)

ان الدستور القديم يمنع القوات المسلحة من تولي السلطة و يمنع من تولى السلطة خلفا لرئيس الدولة من تغيير الحكومة أو حل المجالس النيابية، و هو ما يعني أننا قطعنا شوطا بعيدا في تعارض تام مع الدستور القديم و أننا أبعد ما نكون عنه الآن.



3-الدستور في حالة الموافقة على تعديله سيكون ممتلئا بالتناقضات المذهلة:

-المادة 190 تنص على: تنتهى مدة رئيس الجمهورية الحالى بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيسا للجمهورية. ، بينما ستنص المادة 77 على أن مدة الرئاسة 4 سنوات فقط!

-المادة 96 تنص على: لا يجوز اسقاط عضوية أحد أعضاء المجلس إلا أذا فقد الثقة والاعتبار أو فقد أحد شروط العضوية أو صفة العامل أو الفلاح التى انتخب على اساسها أو أخل بواجبات عضويته ويجب أن يصدر قرار اسقاط العضوية من المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه. و بالتالي تتعارض مع المادة الجديدة رقم 93 التي تقول: "تختص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب و تقدم الطعون إلى المحكمة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب و تفصل المحكمة في الطعن خلال تسعين يوما من تاريخ وروده إليها تعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ مجلس الشعب بقرار المحكمة." و التي أعطت المحكمة حق إلغاء العضوية، و هو ما يعد تضاربا دستوريا.

للإطلاع على الدستور القديم: http://www.egypt.gov.eg/arabic/laws/constitution/default.aspx



4-الاستفتاء يحرم نحو 4 مليون مصري في الخارج ممن لهم حق التصويت من المشاركة في الاستفتاء الذي يُنتظر أن يغير من الخريطة السياسية للبلاد، في استمرار لمسلسل الانغلاق على الداخل و تخوين الآخر المختلف.



5-الاستفتاء سيتم دفعة واحدة على التعديلات جميعا، و بصرف النظر عن شرعية هذا الاستفتاء فإن اتباع نفس السياسة القديمة "كل شئ أو لا شئ" لا يبشر برغبة حقيقية في الإصلاح.

هذه هي الفنيات التي تحدث عنها السيد العوا قائلا أنها غير مهمة!



ثالثا: محتوى التعديلات الدستورية:

-المادة 75 بعد التعديل: يشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين و أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية وألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى وألا يكون متزوجاً من غير مصري و ألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية.



التعليق: أولا شرط السن هو شرط مجحف و غير مبرر، خصوصا أن هناك الآلاف من الشباب دون الأربعين يصلحون لقيادة مصر لو أتيحت لهم الفرصة، و لاننسى أن الزعيم مصطفى كامل توفي عن 34 عاما أي أنه وفقا لهذا الدستور لا يصلح للترشح للرئاسة، كذلك أحمد عرابي لم يكمل الأربعين عندما قاد ثورة المصريين ضد الملك.

ثانيا: شرط عدم حصول المرء يوما ما أو أي من والديه على الجنسية الأجنبية لهو شرط غير مفهوم و يثير الشبهات؛فالمرء مسئول عن نفسه و لا يمكنه التحكم بوالديه، كما أن بعض الدول تمنح الجنسية لكل من ولد على أرضها بشكل تلقائي مثل أمريكا و انجلترا (حتى وقت قريب)، و بالتالي فإن مولد المواطن على أرض أجنبية لظروف عمل أي من والديه قد يمنعه من الترشح للرئاسة !! أي عبث؟! أفهم أن يُمنع رئيس الجمهورية من حمل جنسية أجنبية و لكن أن يُمنع من الترشح لأنه اكتسب بطريقة أو بأخرى جنسية أجنبية يوما ما؟ ألا يعتبر ذلك نوع من التمييز ضد فئة و أقلية من المواطنين لم ترتكب جرما بل اتبعت نص الدستور رقم 6: الجنسية المصرية ينظمها القانون، القانون الذي منح المواطنين حق التجنس بجنسيات أخرى بعد موافقة الدولة؟

ثم ألا يعتبر ذلك نوع من الوصاية على اختيارات الشعب المصري؟ و هل ذلك يفترض عدم الولاء في كل من تجنس يوما –أو أي من والديه- بجنسية أجنبية؟ و إذا كنا نقول أن هذا لنغلق باب الشبهات، فكيف يقيد الدستور إرادة المواطنين المصريين في نظام نريد له استيعاب الجميع و ليس لفظ فئات من المجتمع؟ و إذا كان هذا دستور مؤقت لفترة بسيطة كما يشاع، فبأي حق يتم تقييد الحريات بهذا الشكل و ضد أي الشخصيات بالتحديد لا يراد لها دخول المعركة الانتخابية القادمة؟

و هل هناك عاقل يقول ان المرء يقل ولاؤه لوطنه لأنه تزوج من سيدة غير مصرية؟ ان كل هذه الشروط تدفعك للسؤال: هل هذه بدايات نازية جديدة أو تكشف عن ميول اقصائية لدى أعضاء لجنة تعديل الدستور؟



-المادة 76 بعد التعديل تفترض انتخابا قبل العملية الانتخابية! لماذا يفترض 30 ألف صوت من نصف محافظات مصر؟ ماذا نبقي إذا للعملية الانتخابية؟ إن ضمان الجدية من المرشح يمكن تسجيله بأقل من ثلث هذا العدد ، أما العدد الحالي فهو رغبة في إجراء انتخابات استباقية.



-المادة 88: يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب و يبين أحكام الانتخاب و الاستفتاء و تتولى لجنة عليا ذات تشكيل قضائي كامل الإشراف على الانتخاب و الاستفتاء بدءا من القيد بجداول الانتخاب و حتى إعلان النتيجة و ذلك كله على النحو الذي بينه القانون و يجري الاقتراع و الفرز تحت إشراف أعضاء من هيئات قضائية ترشحهم جالسها العليا و يصدر باختيارهم قرار من اللجنة العليا.

القيد بجداول الانتخاب؟ هل نعود مرة أخرى لنظام البطاقة الانتخابية المجحف؟ لماذا لم يتم تغيير هذا الشرط أثناء تعديل المادة، أم أن هناك نية مبيتة لتكون الانتخابات المقبلة بالبطاقة الانتخابية؟



-المادة 139 التي تلزم رئيس الجمهورية باختيار نائب له ، لم تحدد شروطا لهذا النائب! فرغم التشدد الكبير جدا و التفاصيل المهينة و المشككة في ولاء قطاع كبير من المصريين لبلدهم في المادة 75، تأتي المادة 139 مطلقةً صفة نائب الرئيس للجميع! ربما يكون ابن الرئيس، أو أحد أقاربه، أو شخص متجنس بجنسية أخرى –لو أنها معيار عدم الولاء- أو أو أو .. الخ.



المادة 189: أضافت حق رئيس الجمهورية في طلب إصدار دستور جديد، و لكنها لم تلزمه، تقول المادة بعد التعديل



"لكل من رئيس الجمهورية و مجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور و يجب أن يذكر في طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها و الأسباب الداعية إلى هذه التعديل فإذا كان الطلب صادرا من مجلس الشعب وجب أن يكون موقعا من ثلث أعضاء المجلس على الأقل و في جميع الأحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل و يصدر قراره في شأنه بأغلبية أعضائه فإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضي سنة على هذا الرفض و إذا وافق مجلس الشعب على مبدأ التعديل يناقش بعد شهرين من تاريخ الموافقة المواد المطلوب تعديلها فإذا وافق على التعديل ثلث أعضاء المجلس عرض على الشعب لاستفتائه في شأنه فإذا ووفق على التعديل اعتبر نافذا من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء.

و لكل من رئيس الجمهورية و بعد موافقة مجلس الوزراء و انصف أعضاء مجلسي الشعب و الشورى طلب إصدار دستور جديد و تتولى جمعية تأسيسية من مائة عضو ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين غير المعينين في اجتماع مشترك إعداد مشروع الدستور في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها و يعرض رئيس الجمهورية المشروع خلال خمس عشرة يوما من إعداده على الشعب لاستفتائه في شانه و يعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء."



الصياغة الدستورية تعني: "لرئيس الجمهورية حق طلب إصدار دستور جديد" و لم تقل "يطلب رئيس الجمهورية إصدار دستور جديد" و بالتالي فالصياغة غير ملزمة للرئيس لتشكيل دستور جديد و هو ما يعني أنه حتى في حالة قبول دستور النظام القديم حكما فإنه من المرجح –إذا أتى رئيس يستسيغ الدستور الحالي بما فيه من صلاحيات واسعة لمنصبه- أن يبقى الدستور جاثما على صدورنا لمدة غير معلومة طالما أن المادة غير ملزمة.

البعض يقول أن الملحق بالمادة يلزم إصدار دستور جديد. ماذا يقول هذا الملحق؟ يقول: يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب و شورى تاليين لإعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة اشهر من انتخابهم و ذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 189.



و ذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 189.

و ذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 189.

و ذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 189.



أي أنه يعيدنا إلى المادة التي تعطي الرئيس الحق و لا تلزمه!! أي أن هذا الملحق يحدد ماذا يحدث "إذا" و فقط "إذا" قرر الرئيس إصدار الدستور الجديد، أما إن لم يقرر إصدار دستور جديد فهذا الملحق معلّق / مجمّد / معطّل حتى تأتي الرغبة لرئيس الجمهورية ....

أي أن القرار سيتوقف على رغبة الرئيس. أي أن كل ما طالب به المصريون و مات من أجله المئات سيكون رهن إشارة شخص واحد: رئيس الجمهورية، و هو غير ملزم بذلك على أية حال!!!





رابعا: الاستقرار المزعوم:



-يزعم مؤيدي التعديلات الدستورية أن التصويت بـ "نعم" سوف يدفع بحالة من الاستقرار السياسي في البلاد. و يبدو هذا الزعم ضعيفا أمام المسؤليات المترتبة على إعادة تفعيل دستور 1971:

أولا: انتخاب مجلسي شعب و شورى.

ثانيا: انتخاب رئيس للجمهورية.

ثالثا: تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد (في حالة ما وافق الرئيس على اصدار دستور جديد الآن، و من الجائز أن يقول أن البلد في حاجة لاستقرار سياسي فيقرر إرجاء الدستور الجديد إلى أجل غير مسمى).

رابعا: الاستفتاء على الدستور الجديد.

خامسا: إعادة انتخاب مجالس نيابية.

سادسا: انتخابات المحليات.

هذا هو الاستقرار السياسي المزعوم في حالة الموافقة على التعديلات الدستورية!!

و لكن ما البديل؟؟

البديل موجود عند التصويت بـ "لا" ضد التعديلات الدستورية: إعلان دستوري مؤقت يضمن الحريات العامة و يحدد أولويات العمل الوطني في خطوط عريضة لا يختلف عليها أحد، و يتم انتخاب مجلس رئاسي من أجل تسيير أمور البلاد لفترة محددة –عامين على أقصى تقدير- تتم فيها إطلاق الحريات العامة و منح الوقت للحركات و الأحزاب السياسية للنمو، و للناس لكي يتعرفوا على الأسماء التي رُدِمَت تحت التراب من النظام السابق فيتم استكشاف الإمكانيات المتاحة لهذا البلد من أجل النمو السياسي، و يتم وضع خطة زمنية تضمن انتخابات نزيهة للبرلمان يليها إصدار دستور جديد يليق باسم مصر.



إن الضامن الوحيد لعدم الارتداد للديكتاتورية هو قوانين و دستور يحفظ حق البلاد في الحرية إذا ابتليت بحاكم ظالم أو فئة ظالمة يوما ما، أما الموافقة على قوانين تكرّس الحكم المؤبد للشعب بضمانة فقط الالتزام الأدبي فهو أمر لم يعد مطروحا للنقاش أمام شعب قدم التضحيات من أجل ضمانات و قواعد مع الحرية و ضد الاستبداد



#أحمد_مُعِز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد مُعِز - لماذا لا ..