أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - منال مسعد - إنقذوا أيتام مصر! (1)















المزيد.....

إنقذوا أيتام مصر! (1)


منال مسعد

الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 22:15
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


في خضم المطالب المزمنة التي ارتفعت الأصوات بها في مطلع السنة الثورية 2011 ما زال الأيتام في مصر ينتظرون نصيبهم في صوت يرتفع بمطالبهم، فالفساد في مصر لم يرفع يديه المتسختين عن براءتهم.
ينتظرون صوت الثورة ليفضح المؤامرة التي تلفهم في غياهب النسيان والتناسي والظلم والاستعباد والتعذيب والإهمال. الماضي القاسي والحاضر المؤلم والمستقبل المجهول.
عاش الأيتام في مصر طيلة العقود الماضية في إجحاف تام تورطت فيه المؤسسات القانونية والتشريعية بنفس القدر الذي تورطت به المؤسسات والوزارت الاجتماعية والأهلية العاملة في مجال الأيتام بشتى الطرق سواءً درت بذلك أم لم تدر، أو لم ترد أن تدري.
وذلك دون أن يسمع أحد عن معاناتهم أو قضاياهم إذ يتم إسباغ قدر من السرية كبير بحيث لا يتحدث الإعلام المشغول بشتى القضايا المشابهة عدا أنها تمس الكبار القادرين على الشكوى والثورة والاحتجاج والصراخ حتى عبر جدران السجن الشيء الذي لا يتوفر للأطفال المحتجزين في دور الرعاية في عزلة تامة عن المجتمع وفي تقييد لا حد له لتعبيرهم عن مشاكلهم وكبت مفروض عليهم بالقوة والجبروت الذين أصبحا صفة يشترك فيها العاملين في دور الرعاية الاجتماعية سواءً الأهلية منها أو الحكومية. والتي تتكتم على أشكال الاستغلال التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال على أيدي القائمين على أمر الدور التي من المفترض أنها تقوم برعايتهم. والتي تصل في شدتها وسعة مجالها إلى حد الاتجار بالأطفال والذي يبدو حتى مكشوفاً خلف قناعه المهتريء لكل ذي قلب فضلاً عن جلاءه أمام أصحاب البصيرة.
مشكلة الأطفال الأيتام الذين يعيشون في دور الرعاية بشقيها العام والخاص في مصر لا يمكن معاملتها باعتبارها قضية مجموعة صغيرة من الأفراد فهم نسبة لا يستهان بها من سكان مصر فهي ليست أقل من 5% من السكان. حيث يتم إلتقاط ما يقرب من 43 الف طفل سنوياً في مختلف بقاع مصر ومحافظاتها، يتوفى ثلثي هذا العدد قبل الوصول إلى دور الرعاية لعدة أسباب أغلبها الحالة الصحية للطفل والتي بالإضافة إلى الجوع والعوامل البيئية من حر وبرد، أو مهاجمة الحيوانات له، أغلبها ينجم عن تباطؤ أقسام الشرطة في القيام بالإجراءات المتبعة والاتصال بالجمعيات المعنية في المنطقة لاستلام الطفل. وكذلك من تقاعس الجمعيات المعنية عن الحضور لاستلام الطفل وذلك قبل عرضه على الطبيب المختص للكشف عليه وتحديد عمره وما إلى ذلك من تسويف يثير الدهشة والاستغراب والاستهجان معاً إذ ان حرص هذه الأطراف على تطبيق الروتين أكبر من حرصهم على سلامة الطفل حديث الولادة الذي لم يفق بعد من صدمة الولادة ليدخل في مجموعة من الصدمات ويعامل كشيء عليه الانتظار حتى انتهاء الاجراءات فلا يستبعد أن يقضي الطفل في تلك الأثناء مؤثراً الانسحاب من معركة الحياة والمغادرة على الانتظار في عالم لا يرحب به.
وبالطبع لا يكون مصير أولئك الذين يصمدون حتى وصولهم إلى دور الرعاية بأفضل من هؤلاء المنسحبون. إذ أن الكثير من الاهمال وسوء المعاملة ينتظرهم على أيدي ما يسمى بـ" الأمهات البديلات" وهي من أسوأ ما تم ابتكاره في هذا العصر في ما يخص السياسات التي تتبعها الدولة في التعامل مع الطفل اللقيط واليتيم، إذ تعرضه وبلا ضمانات لسوء المعاملة من قبل نساء لا يتم اختبارهن مسبقاً حيث يتم وضع الطفل لدى إحداهن مع تخصيص شيء من المال لا يكفي أصلاً لتغطية النفقات الأساسية للطفل الرضيع حديث الولادة، ولا يتم تطبيق أي نوع من الاجراءات التي تضمن جودة الرعاية للطفل أو حمايته من الاستغلال والإهمال. وهذا يحدث بشكل عام ولم يتم تغيير هذه السياسة أو فرض مزيد من الضوابط على تطبيقها حتى بعد إثبات حالات كثيرة لا حصر لها من وقوع الأطفال ضحية للحوادث الناجمة عن الإهمال أو سوء المعاملة والتجويع وسوء التغذية فضلاً عن الاتجار بهم سواء بالبيع أو الإيجار لبعض الفئات التي تستخدمهم في التسول. هذا قبل أن يردوا إلى الجمعية مرة أخرى بعد إكمالهم العامين، وتطبيقاً للقانون يتم حرمان جميعهم حتى أولئك الذين حظوا برعاية معقولة في كنف "امهات بديلات" أحسن حالاً وعملاً من الأم التي عرفوها طيلة فترة الرضاعة التي تعتبر بالنسبة لهم كل العمر، والبيت الذي اعتادوا عليه ليتم أخذهم إلى بيت غريب عنهم وإخوة غرباء وأم جديدة في معظم الأحوال يكون نصيبها من الأمومة اللفظ الذي تنادى به في الدار، حيث تكون قد استنفدت صبرها القليل أصلاً، في التعامل مع العدد الكبير من الأيتام بالمرتب القليل الذي يبرر لها تعمدها العمل بجودة وجهد أقل أقل في تناسب حجم "المرتب" والتعب الناجم عن الوظيفة مع العلم بأن معظم المشرفات المقيمات في دور الأيتام لم يعرفن تجربة الأمومة ويعملن في دور الأيتام لعدم وجود وظيفة أخرى تستوعبهن. فلا يتوفر الدافع الكافي الذي يؤهلها ويشجعها على أداء وظيفتها على وجه معقول على الاقل. هذا عدا تجويعهم بمبرر عدم وصول الميزانية المخصصة للتغذية، وعدم عرضهم الدوري على الأطباء أو الاهتمام بشكواهم وآلامهم. عدم التعامل باهتمام مع مشاكلهم النفسية الحد الذي صار فيه الكثير منهم يفكر جدياً في الانتحار وهنالك ما لا يقل عن مائة محاولة مسجلة للانتحار في بعض دور الرعاية ولا يستبعد وجود محاولات ناجحة أو غير مسجلة في هذه الدور. غير حالات القتل من جانب الممرضات للرضع والنزلاء الصغار بحقنهم بالهواء وغير ذلك من الوسائل التي ذكرها شهود عيان والتي استخدمت لإنهاء حياة بعضهم.
وهنا يبرز السؤال الكبير عن دور الجمعيات والمنظمات الأهلية والطوعية والخيرية التي تعمل في مختلف المجالات التنموية والمجتمعية ومن ضمنها المتخصصة في رعاية الأطفال الأيتام وكفالتهم في تغيير أوضاع الأيتام في هذا البلد علماً بأن عددها يقارب الـثلاثين ألفاً. دون أن يكون هناك من يتحدث علناً عن الأطفال الذين يتم تعذيبهم وتعليقهم في سقف جمعية "الرعاية"، ولا عن الطفل الذي لم يكمل عامه الثاني والذي يعود إلى الدار بعد فترة الرضاعة ببشرة متغيرة اللون بسبب حادث أدى إلى "سلق" جلده! وتفلت الأم البديلة دون عقاب.
هذا فضلاً عن معاناة أخرى يفرضها وجود المراهقين في نفس المبنى والحجرة مع غيرهم من الأيتام الأصغر سناً، مما يجعل المناخ مواتياً لظهور أنواع من الاستغلال الجنسي على الأيتام الأصغر سناً من قبل المراهقين خاصة الذكور، وهذا غير مستبعد في ظل سوء المعاملة الذي تعرضوا له طيلة حياتهم وانعدام أشكال الرعاية الأسرية أو مباديء المعاملة الكريمة ودون وجد أية مثل عليا أو قدوة لهم ليقتفوا أثرها في تعاملهم مع من يصغرهم سناً.
ولا تقتصر المشاكل الجنسية بكل أنواعها بين النزلاء من الأطفال والمراهقين فقط، بل يتعداهم إلى وجود أشكال كثيرة وشائعة من الاستغلال الجنسي من قبل القائمين على الدار أو بتسهيل منهم، وقد تناول الإعلام ولو بشكل محدود قضية إحدى المديرات المشرفات على دار للإيواء والتي كانت تسمح لإبنها الشاب بالدخول إلى الدار ليغتصب من شاء من البنات المراهقات في الدار ليلاً.
يحتاج هؤلاء الأطفال بالإضافة إلى حوجتهم الأساسية والملحة والخطيرة إلى تغيير النظام المتبع في التعامل معهم بأكمله ودون استثناء، يحتاجون إلى رعاية طبية واجتماعية ونفسية مستمرة نظراً لظروفهم الأصلية التي تستدعي ذلك خاصة في ضوء عزلتهم عن المجتمع من حولهم، وعدم انتظام أغلبهم في التعليم الإجباري الذي هو حق كل الأطفال المصريين. يحتاجون وبشكل عاجل إلى دارسة وضع لوائح تنظم التعامل معهم داخل هذه الدور والجمعيات ويجب أن يراعى فيها حمايتهم من كافة سبل الاتجار بهم، واستغلالهم والتسبب في أي نوع من الأذى لهم سواء كان جسدياً أو نفسياً، كذلك تطبيق إجراءات تفصل بينهم في السكن وفق النوع والسن، وتنظيم الأنشطة التي تقام للأطفال بحيث تفي باحتياجاتهم التعليمية والثقافية والترفيهية. كما يجب تفعيل الخط الساخن لنجدة الطفل والذي يشوبه الآخر الكثير من السلبيات والعيوب التي تحول دون إفادة هذه الشريحة منه، أو إسهامه في حمايتهم من الأخطار المحدقة بهم من كل جانب.
في ظل عدم وجود الرقابة الإدارية النزيهة يقع الأطفال نزلاء دور الأيتام والإيواء المختلفة في مصر إلى الكثير والكثير من الانتهاكات الخطيرة لحقوقهم ولإنسانيتهم وكرامتهم وحقهم في الحياة الكريمة. وفي ظل الصمت والجهل والتكتم المفروض على قضايا هذه الفئة ومطالبها التي يصرخ بها لسان حالها المغلوب على أمره، فلا يسعني إلا أن أناشد الضمير المصري والعالمي للالتفات إلى مأساة أطفال مصر المودعين في الدور التي يفترض بها رعايتهم وفقاً للقانون المصري والقوانين والأعراف الإنسانية والدولية.



#منال_مسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - منال مسعد - إنقذوا أيتام مصر! (1)