أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مطلب الهوني - خطاب مفتوح إلى السيد سيف الإسلام معمّر القذّافي














المزيد.....

خطاب مفتوح إلى السيد سيف الإسلام معمّر القذّافي


محمد مطلب الهوني

الحوار المتمدن-العدد: 3303 - 2011 / 3 / 12 - 20:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحيّة للملايين التي أفاقت من سباتها ودلفت إلى معارجها تعبّدها بالدّم والألم والدّموع...
أكتب إليك هذه الرّسالة المفتوحة لأنّه أصبح من المتعذّر أن أخاطبك وجها لوجه، لأنّنا نقف على ضفّتين متقابلتين، ولأنّ يديّ لم تعودا قادرتين على مصافحتك. نقف على ضفّتين متقابلتين لنهر الدّماء المتدفّق من جسم الوطن.
إنّ أسوأ ما في الدّول الشّموليّة عندما يعصف بها جنون الاحتضار ألاّ تترك أيّ هامش إنسانيّ : فإمّا أن تكون مع الوطن وإمّا أن تكون مع أعدائه، وهذا هو الخيار القاسي، وهذه هي النّهايات المروّعة.
لقد كنت معك وإلى جانبك أكثر من عشر سنوات، وكنت معتزّا بذلك، لأنّك كنت نظيف اليد من دماء اللّيبيّين وأموالهم وأعراضهم. كنت حالما ككلّ شباب ليبيا بالازدهار وحقوق الإنسان والحرّيّة، كنت تقاتل كلّ يوم من أجل رفع المظالم عن النّاس، وإطلاق مساجين الرّأي، وقد أطلقت مئات منهم. وأنا خير من يعلم بما كنت تعانيه من صلف النّظام وغطرسته، وأراجيف الأجهزة الأمنيّة وتصلّبها. وكنت تتألّم وأتألّم معك، وكنت دوما أشدّ أزرك وأشجّعك على المضيّ إلى الأمام، عسانا نوفّر للوطن محنة كالتي نعيشها الآن...
وفي لحظة رهيبة، جاء ذلك الخطاب في تلك اللّيلة المشؤومة، الخطاب الذي هدّدت فيه الشّعب اللّيبيّ بالحرب الأهليّة وبتدمير النّفط والاحتكام للسّلاح، واخترت موقعا من الصّراع لا يقبل اللّبس ولا المواربة. فأنت أخيرا قد اخترت الباطل بعد جولات لك في نصرة الحقّ. وفوجئت، كما فوجئ كلّ من يعرفك في الدّاخل والخارج، وكنّا في ذهول من هذه الصّدمة العنيفة، لا نعرف من نصدّق : سيف الأمس أم سيف اليوم.
نعم، لقد كنت نظيفا خارج هذا النّظام بالأمس القريب، وها أنت اليوم تلبس جلباب أبيك المتّسخ بفعل أربعة عقود من العمل في مذابح ومسالخ الدّكتاتوريّة وورش القمع والعسف الذي كنت تنتقده... يا لخيبة المسعى !
لقد حدّدت مصيرك وها نحن على مفترق الطّرق في هذه الأيّام العصيبة من تاريخ ليبيا تتحدّد مصائرنا وترمي بنا الأقدار كلاّ في سبيله.
كان أحد الأصدقاء يقول لي دوما إنّك أجمل من أن تكون ابنا لهذا الإله المكفهرّ، وكنت أردّ بأنّ صلة قرابتك بالوطن أقوى من أواصر الدم ووشائج الجينات. غير أنّني أعترف بأنّني خسرت الرّهان بعد أن ابتلعتك دوّامة العصبيّة إلى غياهب البؤس والعدميّة.
كنّا نعاني معا شطط الشّمولّيّة وظلم الاضطهاد، وكنت لنا مشكاة نخاف عليها من الانطفاء وكنّا نحميها من أعاصير الحقد وعواصف الاستكبار، وكنّا نتقاسم الخبز والخيبات حتّى قرّرت أن تترحّل عنّا وتنضمّ إلى خندق العناد والمكابرة. أمّا نحن، فليس لنا مكان غير معسكر المستضعفين...
إنّ هؤلاء الشّباب الذين يقتلون في طول البلاد وعرضها ليس لهم من ذنب سوى أنّهم طالبوا بكرامتهم وحرّيّتهم التي كنت تطالب بها أنت نفسك وعلى رؤوس الأشهاد، وعندما هزمت وهزمنا معك في تلك المعركة، هبّ هؤلاء الشّباب الجبابرة ليحقّقوا أحلامهم بالدّم لا بالاستجداء.
لا أعتقد أنّك صدّقت تلك الفرية الكبرى بأنّ هؤلاء الشّباب الذين يتهافتون على الموت مدفوعون بفعل حبوب الهلوسة كما قال أبوك. لماذا لا تقتصدوا على الأقلّ في هذه الكلمات التي تغتال الشّباب للمرّة الثّانية بعد تقتيلهم بالرّصاص؟ ألا يكفي موت واحد؟ لماذا هذا الإمعان في فنون الإفناء؟
كلّ من حولك الآن يتكلّمون عن الانتصار. الانتصار على من؟ على شعبك؟ على الشّباب من جيلك؟ لكي يتحقّق ماذا؟ هل تريدون أن تصنعوا عرشا من الجماجم وصولجانا من الأشلاء؟
بئس الانتصار وبئس الحكم العضوض المبنيّ على قرّة الشّوكة في الألفيّة الثّالثة للميلاد. إلاّ إذا صدّقت أخيرا التّقويم السّنويّ اللّيبيّ الذي وضع على جوازات سفرنا وأوراقنا الثّبوتيّة بأّنا ما زلنا نعيش في القرن الخامس عشر !
إنّ الشّعب قد رزح تحت أربعة عقود من غياب الدّيمقراطيّة، وبقدر تحمّله لهذه الفترة الطّويلة فلن تكون له قدرة على تحمّل كلّ الأهوال لتحقيق مطالبه المشروعة...
سوف ينتصر الشّعب، وكنت أتمنّى لو كنت في صفوفه تحتفل بانعتاقه وتكحّل عينيك بشمس حرّيّته، ولم تكن في الصّفّ الآخر الذي يحلم بالرّقص على أشلاء الوطن في وهم انتصار مستحيل.

د. محمد مطلب الهوني
المستشار المقرّب من سيف الإسلام






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- ضغوط أمريكية ودعوات ألمانية وأممية للالتزام باتفاق وقف إطلاق ...
- ترامب يختار رجل أعمال رائد في زراعة القنّب مبعوثا خاصا إلى ا ...
- زيلينسكي مستعد للانضمام إلى قمة ترمب وبوتين حال دعوته
- ترمب يتوعد بـ-القضاء- على -حماس- في حال لم تحترم اتفاق وقف ا ...
- السماح لموظفين أمميين محتجزين في صنعاء بحرية التحرك
- انحراف طائرة عن مدرج هونغ كونغ ومقتل موظفين بالمطار
- ترمب وألبانيزي يوقعان اتفاقا في شأن المعادن الأرضية النادرة ...
- الكويت تراجع أكثر من 10 قوانين اجتماعية وأسرية لتحديثها
- هدوء على حدود باكستان وأفغانستان بعد وقف إطلاق النار
- إيران وفرنسا لديهما الإرادة اللازمة لحل قضية السجناء


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مطلب الهوني - خطاب مفتوح إلى السيد سيف الإسلام معمّر القذّافي