أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رعد عبود رشيد - المناضلون -الجدد-















المزيد.....

المناضلون -الجدد-


رعد عبود رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3300 - 2011 / 3 / 9 - 16:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اجيال متعاقبة ونحن نعيش حياتنا السياسية على نموذج للتماهي مع زعيم أوحد ضمن سيرورة توكيد لشكل جماعي من الهوية، يحيل الى استبطان الاخر ضمن رؤية مكثفة للخوف ، فالغربي بعد طي ثنيته ، لم تستحضره شعوبنا الا متربصا بالمكاسب المفترضة التي حققتها دولنا القومية .
واذا كان الوجود الانساني يستبطن الغيرية في مساره الزمني ، فان شكل العلاقة المترجمة وقائع وافعالا ، تعكس الى حد بعيد التوترات او التفاهمات التي وسمت هذه الغيرية ، وازعم ان الايدلوجيا ( سواء الشيوعية او القومية او الدينية ) كثفت من ضبابية تمثل الغرب في المخيال الاجتماعي وعمقت من رهاب الخوف منه ، ما انعكس في وعي الافراد على مدى اجيال بوجودٍ متربصٍ يمكث دائما في الفضاء الزمني الذي نتقاسمه معه ، لا يستهدف كل رموزنا الثقافية من لغة ودين وتاريخ فحسب ، بل ، ويستهدف ،ايضا، وجودنا الحاضر والقادم .
ضمن هذا الجو المشحون عدائية انبنى افقنا السياسي ، فلم تعد الوطنية لوحدها معيارا لنجاح المشروع السياسي، بل القدرة على استثارة مشاعر الجمهور والتلاعب بها ، ضمن هيكلة تستمد رمزيتها من تراث الانضواء الجماعي خلف نموذج للمنقذ والحامي والهادي، يستلهم ملامحه من التجربة الاسلامية الاولى التي قادها النبي محمد (ص) ، فمشروع الرسالة النبوية كان عابرا للجغرافيا وللثقافة في الوقت ذاته ، خلافا لما كانت عليه المشاريع التي سبقته او التي تلته ، فقبل النبي (ص) كانت المشروعات في الفضاء العربي مغرقة في محليتها او مناطقيتها هذا ان جاز ان نسمي بعض المحاولات البائسة مشاريعا ، وبعد تحول الدعوة الى مشروع امبراطوري لم ترق اي محاولة لتجاوز الملامح التأسيسية للمشروع الاسلامي ، ما يهمني هو استخلاص ان الدعوة المحمدية توافرت على مشروع عام وهدف سام استُبطن كنموذج ناجح ، حاولت كل المشاريع السياسية في العالم العربي والاسلامي بعد المرحلة الكولونيالية استحضاره انموذجا للتماهي في القائد ضمن هوية جماعية تفتقر الى تدرجات ، تبيح حضورا للمغايرة الثقافية او السياسية ، المنشدّة الى طبقة او عرق او طائفة ، يجد هذا المفهوم تعبيره الامثل في ما قاله صدام حسين " كل العراقيين بعثيون وان لم ينتموا".
عقلنت سيرورة الحضارة اشكال الاندماج الاجتماعي ، من اشكال ثقافية يغلب عليها التماهي، الى اشكال تطويعية يغلب عليها التأكيد على بروز الهوية الفردية ، وتبعا لذلك صارت السياسة في افقها المتحضر تستهدف الفرد كذات واعية قادرة على التفاعل مع اهداف محددة وعملية وقريبة بل وعابرة احيانا ، ازالة مبنى او بناء دار للعجزة او مطالب فئات كالمعلمين والمحامين والطلاب او ضمان حرية التعبير او المطالبة بالعمل ، مع هذه النماذج للعمل السياسي انهار الشكل التقليدي للمناضل الشعبي الذي كانت اسمى مهماته التشجيع على التماهي في مشروعات كبرى للعمل السياسي ،عابرة للمحلية ، او عابرة للوطنية ، جاعلة من تحقيق مسار للعدالة الاجتماعية او التنمية او توفير فرص العمل بالدرجة الثانية من اهدافها ، او انها تأتي ضمنا مع المشاريع الكبرى التي تدعو اليها ، كما الحال لدى القوميين والاسلاميين والشيوعيين.
في عراق ما بعد 2003 كشفت الدورات الانتخابية التي اجريت خطل نموذج المناضل التقليدي في الدعاية التحشيدية الانتخابية لصالح نوعين منها ، برزا بشكل لافت ، الاول ، رجال دين من الصف الثالث ، وهم في الاغلب اقرب الى الملالي ، اخذوا على عاتقهم مهمة الاستثارة الطائفية ، ما ضمن للاحزاب الدينية اليد الطولى في الانتخابات ، اذ لم يستطع الدعاة التقليديين ،الذين تأسسوا في فضاء مغاير تماما يعتمد العقل سبيلا للمحاججة والنقاش ، ان يملأوا الفراغ التنافسي ، فأنتُبذ الملالي للمهمة ، وهو الامر الذي نجد تجلياته فيما بعد في رفع عتلة الطقوسي والشعائري كمرجعية تحشيدية انتخابية ، تمكن من تفسير هذا التحالف الجديد بين الاحزاب الدينية والملالي ، الذين غالبا ما وصموا في تراث هذه الاحزاب بالوعي الشعبي ، فيما بعد تم التزام التجربة والاستغناء عن الدور التقليدي للمناضل الدعوي.
وازعم ان حزب الدعوة ، لن يكون احسن حالا من مثيله في النسخة العلمانية ، الحزب الشيوعي ، على صعيد النتائج الانتخابية ، بعيدا عن الاستقطاب الطائفي المقصود الذي رافق الانتخابات ، طالما ان اللعبة الانتخابية تبرر مثل هذا الاستقطاب ، لا سيما في وسط اجتماعي كما عليه في العراق ، لم تستطع كل مكوناته مغادرة هوياتها العرقية والطائفية لصالح الهوية الوطنية ، واذا كنا نتحدث عن مشروع وطني ، فأجد أننا كمكونات ، لم ننخرط حتى اللحظة في تشكيل ملامحه الاساسية إبتداءا.
النوع الثاني من الدعاية جسده مثال الالوسي واياد جمال الدين الى حد بعيد ، وبدرجة أقل احمد الجلبي وأقل من الاثنين اياد علاوي ، ويمكن مقاربته من خلال التسويق الاعلامي لايدلوجيا ابتعدت عن المسميات الكبرى ، استلهمت محليتها هدفا وابتعدت عن التماسك الفكري الصارم كالذي يفتخر به الشيوعيون ، وبالمناسبة هذا ليس قدحا بالاولين لحساب الثاني ، فالمشاريع العالمية ما عادت فاعلة في عالم اليوم ، وهو ما يبرر اندراج كل الاحزاب الشيوعية في محلية بلدانها على حساب الالتزام الاممي الذي وسم مرحلتها لما قبل سقوط المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفيتي.
اعتمد النوع الثاني على اشكال جديدة من الالتزام والمشاركة متباينة الى حد بعيد مع مهام المناضل التقليدي ، اذ لجأ الى شبكة منظمات المجتمع المدني بدلا من شبكة المنظمات الحزبية ذات الالتزام الصارم في الاحزاب التقليدية ، وكان رهانها يعتمد الى حد بعيد على وسائل الاتصال الحديثة ، الفضائيات والانترنت والربط مع منظمات عالمية ، فضلا على علاقات باصحاب القرار العالمي ما يمكن نقل اللعبة الانتخابية الى خارج فضاءها المحلي .
اعتُمدت الصورة التلفزيونية بديلا عن الاشكال القديمة للتنظيم ، التظاهرات والمنشورات والاشتراكات ، وظهر مع هذا النوع نموذج ، المناضل المحترف، الذي يتقاضى اجرا على مهامه النضالية ، وتنحصر ادواره في التنسيق مع شبكات تنظيمية افقية من مناضلين " جدد" يعتمدون لغة اخرى غير تلك الخشبية التي درج عليها المناضل التقليدي ، المنحصرة في الربط مع هياكل عمودية غير معروفة للاتباع ، صارت البحبوحة والاناقة والوسامة من متطلبات العمل النضالي الجديد ، خلافا لما ميز المناضلين القدماء من فاقة وشظف عيش ولباس يعتمد التخفي اكثر مما يعتمد الظهور .
صارالمستهدف في نشاط المناضلين "الجدد" هويات الافراد ، اكثر من انتماءاتهم الجماعية ، وبات الحديث عن الازدهار يكتسب تاؤيلا ذاتيا ، اذ اصبحت الالتزامات ازاء الجمهور في الادب النضالي الجديد اكثر جزئية وعرضية ، وبدلا عن الوحدة اكتسب الحديث عن التنوع والتعدد بعدا شخصيا ، لم تعد الوعود على مستوى البلاد مقنعة ، وبات الحديث عن تحسين المنظومة الكهربائية في الشرقاط مثلا اكثر مقبولية.
ومع ان الفرصة فوتت الى حد كبير على النوع الثاني في نتائج انتخابية مؤثرة في العراق بسبب من الهيمنة الطاغية للاستقطاب الطائفي الذي يرجح الكفة للاشكال المتماهية في الانتماء ، ما مكن المشتغلين على استحضار رمزية هذا التماهي في العمل السياسي على حصد النتائج ، الا ان هذا الحضور الرمزي لن يضلّ بنفس الفاعلية لا سيما مع التراجع الخطير في الالتزامات التي قُطعت اثناء الانتخابات، والتطورات المتسارعة في الفضاء العربي من سقوط بن علي الى مبارك الى غيرهم ممن ستطالهم غضبة شعوبهم .
التجربة المصرية كانت انموذجا لفاعلية شبكة المناضلين "الجدد" ، الذين لم يشربوا من البئر الناضبة للافكار العريضة ، فهؤلاء استطاعوا ان ينقلوا الديمقراطية الافتراضية لفضاء الانترنت، الى بلد ، ظل على مدى ما يقارب الستين سنة من تاريخه ، يرزح تحت رموز بالية لم تفعل شيئا سوى انها اطالت في عمر مبارك الى الثمانين ، ثم جاء وائل غنيم ابن الثلاثين ليقول له : خسئت ، ارحل .
الشبكة العنكبوتية رجحت الجديد على القديم من الاشكال النضالية ، خصوصا وان مشاريع التغيير سواء في تونس اوفي مصر لم ترتهن الى الايدلوجيا ، وارى انها ستبقى تستبطن هذا المسار ضمن مشروع الدولة المؤسساتية القادمة ، بمعنى ان اعمق ما في المشروع هو التوكيد على اهداف قريبة من تنمية الهوية الفردانية ، اكثر من مشاريع التماهي المستدعية للهوية الثقافية ،السادرة في استحضار اطياف الماضي شخوصا وسرديات وروايات وتواريخ محبكة ايدلوجيا ، المناضل التقليدي المفتون بتوصيف الرفيق وتلاوينه الايدلوجية لم يعد له مكان فاعل على المدى المنظور ، اما وائل غنيم و "زملائه " الجدد فهم عتلة الوعي الجديد ، وعلينا ان نصغي لهذا التأسيس المعرفي المفارق لما الفناه طوال معايشتنا للافكار والايدلوجيات التي استهلكت قرننا المنصرم دون جدوى.



#رعد_عبود_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رعد عبود رشيد - المناضلون -الجدد-