أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحميد عبّود - الثورة ... وجهة نظر راديكالية















المزيد.....

الثورة ... وجهة نظر راديكالية


عبد الحميد عبّود

الحوار المتمدن-العدد: 3294 - 2011 / 3 / 3 - 14:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هذا زمننا ، الزمن العربي ، الآن يحلو لنا أن نردد مع هيغل "ما يجعل زمننا عظيما هو أننا أصبحنا نمتلك فيه الفكر والحرية " نحن نأتي متأخرين دائما بقرنين عن البشرية ولكننا نأتي في النهاية ، فمن صنع جزئا من التاريخ لا يمكنه أن يستمر على هامشه أوخارجه
أعترف بدايةً بأن وضعيتي الخاصة كلاجئ فلسطيني ممنوع من الصرف تركت فيَّ حالة راديكالية ومن منظورها أنْظُر وأنظِّر للثورة ، ما حدث في تونس ومصر وما سيحدث بعدها في ليبيا والبحرين واليمن ، حدثٌ فريد وفرادته تكمن في أنه حدث من تحت بمشاركة الشعب وليس ثورة بلاط يخون بها الكبار بعضهم البعض بدسائس وموآمرات ، لكن ما حصل هو على أي حال ، أقل بكثير من ثورة وأكثر بقليل من هبّة جماهيرية ، نصف إنجاز ، بعض انتصار ، شقفة حرية ، كل شيء إلا ثورة ، وإن سميناه بغير اسمه فلأننا نكنّي عن صندوق البريد بقفص عصافير ، وفي ترديد ببغائي لكلمة "ثورة "يفقدها معناها ومبناها وحتى منطقها ، وقد علمتنا "هوجة أحمد عرابي" ان للثورة مفهوم فضفاض فهي إن نجحت عبقرية الشعب وإن فشلت تصير أنثى الثور ، يعتمد الأمر على زاوية النظر وعلى عيون الناظر أهو من باشوات الشركسية أم من عامة الشعب ورعاعه ، من جهتي سأضع كلمة "الثورة " بين قوسين لأنني لا أعرف تعريفها ولا مدى ثوريتها ولا طريقة تشغيلها ، لكنني أظن أن "الثورات" الجديرة باسمها هي ثلاثة ، ثورة 1789الفرنسية التي ألغت الارستقراطية ومعها الامتيازات ، بالإرعاب والمقصلة . وثورة 1917 البروليتارية التي أرادت إلغاء الطبقات ومعها الأفكار السائدة بوصفها أفكار الطبقة السائدة ، ثم تتوجت بغولاغ سيبيري قضى على الملايين ومن ضمنهم البولشفيين أنفسهم . وأخيرا ثورة 1979الإسلامية التي أعدمت رموز وأنصار الشاه واغتالتهم حتى في منفاهم ، ثمة كذلك ثورات في تاريخ البشرية ليست جماهيرية ولكنها عنيفة وفارقة بالقدر نفسه مثل اكتشاف الآلة البخارية التي ثوَّرَت الصناعة واكتشاف الطباعة التي ثوَّرت الفكرَ ، ووصولا إلى الفايسبوك الذي ثوّر الشعوب الميتة
غير أن هناك فارقا كبيرا بين الهتاف في الميدان وتحقيق الثورة ، ثورتنا" العربية تفتقر إلى القاسم المشترك بين الثورات الكبرى وهو العنف العنيف ، الثورة عادةً ما تحدث طفرة مفاجئة وعنيفة في بنية النظام الإجتماعي والأخلاقي والإقتصادي ، وهذا ما لم يحدث عندنا ، تم التخلص من الدكتاتور لا من الديكتاتورية ، العهد البائد لم يُباد ، الحرس القديم تمكيج بمكياج حرس جديد ، والزبانية قلبوا الجاكيتة التي كانوا يلبسونها على الوجه ولبسوها على القفا ، أفعى "الهيدرا" لم تسحق رؤوسها السبعة بل غيّرت وكرها كما غيّرت جلدها والدكتاتور لا زال في المحروسة محروسا معززا ومكرما في قصره ومن استلم السلطة هو نائبه، وخلف كل قيصر يموتُ قيصرٌ جديد ، كان ينبغي إحراق رموز العهد (البائد السائد ) بدئاً من جريدة الأهرام إلى وزارة الداخلية مرورا بمقر الحزب الحاكم وقصور الأفندية ، واقتلاع ذرية الطاغية وأنسابه وقبيلته عن بكرة أبيها ، ولا يهم ان بينهم أبرياء ، فالله من فوق سماواته سيميِّز القاصر من العاقل والمجرم من البريء ، الثورة من حقها لا بل من واجبها ألا تكون مبصرة ، ألا تعمل بمنطق المسيح بل بمنطق الثورة نفسه "من ضربك على خدك الأيمن أضربه على الخدين ، فالدكتاتوريون الأذاقونا الويل لم يفكروا بأطفالنا ، حافظ أسد حين دمر مدينة حماة بالطائرات وقتل عشرين ألفا من الضحايا دون أن يميز بين الأطفال والإخوان المسلمين ، فهل على الشعب السوري الذي نتمنى ألا تطول غفوته أن يميز بين أبناء الجلاد وأحفاده ؟ ردة الفعل يجب ان تكون عاتية كالفعل .. وأعتى ، لتجعل الطغاة القائمين عبرة للطغاة القادمين ، أن نكون ثوريين لا يعفينا من أن نكون دمويين ، كيف لا نكون كذلك وحكامنا بقائهم على الكرسي يُؤَرّخ بكربون 14 ، بعضهم يحكمنا من أربعين عام وبعضهم يحكمنا من قبره
للثورة منطق واحد هو منطق الثورة الذي يشط عن المنطق ويبرَّر كل الشطط ، لها دائما قوة الإفلات من السيطرة في نزوع ميتافيزيقي للمجهول ، وإن لطَّختها قسوةٌ بشرية فهي ناجمة عن قسوة الشرط البشري نفسه ، وحين تشتعل تلتهم كل أحد حتى مشعليها ، تحيل الأخشاب القديمة إلى نيران جديدة ، وتنبت كلمات حرة على شفاه جديدة ، تنجز قطيعة جذرية مع الماضي ، تفتح أفقاًً لحياة أرحب ، لا تعترف بأنصاف حلول ولا تقف في منتصف الطريق ، وهي كالقرصان عليه من وقت لآخر أن يقتل عشوائيا أحد رجاله حتى لا ينسوا أنه مرعب ، هي مجموع ما هو بشريّ وإلهي وحيواني فينا، هذه هي الثورة الوحيدة الذي أعترف بها ،خوزقة مخوزقينا وسحق ساحقينا ، أن نتغذى بهم قبل ان يتعشوا بنا ، فالعفو في موضع الانتقام نقيصة ، القمامة لا يمكن النقاش معها يجب تكنيسها ، بغير هذا الرد لا يفهم آل سعود ومكتوم وصباح وقابوس وفانوس وقاطع الرؤوس ، لو أحْرِقتْ سلالة مبارك الفرعونية وبنعلي وطرابلسي فإن كل من علي عبد الله صالح وأسد والبشير وقذافي سيحزم نسائه الأربع وأولياء عهده الكثر وأحفاده الكثيرين في طائرة خاصة ويحجز جناحا خاصة في " جدة "، موئل الدكتاتوريين
بعيدا عن الخطابة أقول أن من يقرأ تاريخنا يعرف أن الثائرين هم من غير العرب كثورة الزنج في البصرة ، أو من المتمردين على المؤسسة السنية القائمة كثورة القرامطة في شرق الجزيرة العربية ، أو في حالات نادرة هم من العرب والفرس كالخوارج المنادين بالثورة الدائمة ضد جور ولي الأمر وتوريث منصبه ، ثم انتهى الأمر بهؤلاء أن أقاموا في صحراء الجزائر إمارة رستمية وراثية حل فيها أفلح بن رستم محل رستم بن أفلح ، باختصار فإن خصلة الثورة غير متأصلة عندنا ، السبب أن الفقه الإسلامي (كالفقه الكونفوشيوسي )يرسخ في النفس روح الخضوع لأولي الأمر (حتى لو كان ظالما )، كلنا يعرف فتاوى فقهاء الأزهر وبني سعود في دحض الثورة بذريعة تجنب الفتنة وحقن دماء المسلمين ، لكن من يقرأ تاريخ الثورات الحقة يعلم ان وراءها صوتا قويا ، الشعب في وعيه ولاوعيه وشهوته للخراب ، فالثورة قدره الخاص مصنوعاً من وذاكرته وجوعه وروحه الغضبانة الدافعة نحو الحد الأقصى ، منها ينبثق جلال الدمار والموت والحيوية والفوضى الخلاّقة والفن والحضارة، والإنسانية الأكمل ، انها خسارة في سبيل الربح ، وهدمٌ لأجل البناء ، وهي حسب بول فاليري "تصنع في يومين ثم تضيِّع في عامين ما صنعته أثناء قرنين "، ختاما أقول أن الحضارة صراع نحو الأفضل ، والأفضل ينتج أحيانا من الأسوأ ، فالغولاغات والمَقاتل والثورات الثقافية على طريقة ماو والخمير الحمر ، كل هذه الإجراءات الحدية لم تكن همجية إلا لأننا ننظر اليها نظرةً غيرية وبَعدِيَّة وبعيون إنسانية وساذجة ، أما في حينها فهي ضرورات ضارة وضرورية لشعوب تنوي لحاق قاطرة التاريخ حتى ولو داست على مئة مليون جثة منها
أليس أخير لنا أن نكون 200 مليون عربي برؤوس مرفوعة بدل أن نكون 300 إعرابي مليون برؤوس مطأطئة !
عبد الحميد عبّود روائي فلسطيني



#عبد_الحميد_عبّود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحميد عبّود - الثورة ... وجهة نظر راديكالية