أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - متعب عالي القرني - البدوي والوطن














المزيد.....

البدوي والوطن


متعب عالي القرني

الحوار المتمدن-العدد: 3286 - 2011 / 2 / 23 - 22:51
المحور: المجتمع المدني
    


حتى نفهم علاقة البدوي بالوطن علينا أن ننظر في مقارنة بسيطة بين دولة تقوم على الحضارة والاهتمام بأمر الوطنية وبين دولة تعيش على النظام القبلي تهتم بأمور أخرى بعيدة عن الوطن! أما الدولة الأخيرة (دولة النظام القبلي) فغالب أفرادها لا يعي أهمية الوطن، وذلك لأن الولاء الوطني يضيع مقارنة مع ولائات أخرى يجدها القبليون أكثر أهمية وأجدر بالاهتمام، فولاء القبلي في المرحلة الأولى لنسله ونسبه، بمعنى أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالولاء الإنساني لا الوطني، فتجده في كل مصعد ومنحدر يردد اسم ابوه ومآثر قبيلته ومفاخر عائلته وحروبها وحينما يسأل عن أصوله الأولى، يقول أنا من بني فلان وبني علان، ولا يذكر أصله ومنشأ ولادته، فلا يعيد نفسه لوطنه ومسقط رأسه بل لقبيلته، (لاحظ في الدول الأخرى البعيدة عن القبلية أو الأقل اهتماماً بالقبائل كمصر مثلاً تكون إجابة الفرد الأولى على سؤال ما هي أصولك؟ من مصر أو من الالكسندرية!، بينما الخليجي المهتم بالقبائل كثيراً يبتدر السائل بإجابة كأنا من بني فلان، رغبة في أن يسمع كلمة والنعم!)

فأهم ما يملك هذا القبلي أن يرى شيخه ورئيس قبيلته في سعادة ورغد وأن يرى جميع من حوله في صحة وسلامة وبهذا يكتمل لديه ولائه الإنساني، ورغم أن البعض يلاحظ أن القبلي يحب دياره حباً جماً وعشقاً مفرطا، فنجد على سبيل المثال أن أغلب القبليين ينصرفون عن مقرات أعمالهم في إجازات الإسبوع متجهين إلى ديارهم بدعوى حبهم وتعلقهم بأوطانهم! إلا أن الحقيقة أن ذلك الحب لم يكن وليد المكان والوطن بقدر ما هو نتاج عن حب الإنسان الشاغل لتلك الديار على وجه الخصوص، وقد أشار لذلك الشاعر القبلي المجنون قيس بن الملوح سابقاً في إحد أبياته حين أنشد:

أمرُ على الديار ديار ليلى … أقبلُ ذا الجدارَ وذا الجدار
وما حبُّ الديار شغفن قلبي … ولكن حبّ من سكن الديار

فيتضح من القصيدة أن حب الديار والمنطقة التي يزورها ويمر عليها المجنون ليست الدافع لشغفه بها، إنما الدافع حب من سكن تلك الديار، وهذا حال القبليين اليوم فلو أن الإنسان القبلي يعيش مع أهله واسرته وقبيلته في أرض أخرى غير الأولى، سيرى أن الأرض الأخرى أفضل وأجمل وأروع من الأولى التي تعتبر وطنه الأصلي.

إضف إلى الولاء الإنساني الولاء الحيواني والنباتي، فتجده يهتم بماشيته وإبله ويساوم عليها ويحاذر من بيع أفضلها، بل ويدفع الغالي والرخيص من إجل اقتناء ناقة من سلالة معينة وأسرة عريقة، وداع تمسكها بها هو الاستفادة من ظهورها ولحومها، وحتى يتحقق ولائه الحيواني كاملاً، نجده شديد القرب من الولاء النباتي، فتجده يحافظ على الزراعة والنخيل ويسير مسافات شاسعة بحثاً عن الكلأ والعشب ويوليه كل اهتمام كونه يمثل الغذاء والطعام لأنعامه ومواشيه.أما الولاء الوطني الذي ليس لها علاقة بالولاءات الإنسانية والحيوانية والنباتية فلا يثير له القبلي أدنى إهتمام، فالقبلي سيسكت إن سُلبت دياره متى ما وجد أن ولاءاته الأخرى متوفرة (اسرته وحيواناته ومزارعه).

وبتأمل بسيط في حال البدو والقبائل الرحل منذ القدم سنجد أن السمة الطاغية على حالهم هي الهجرة والتنقل طيلة السنة من منطقة إلى منطقة، فليس لهم وطن يقلهم ويأويهم، فالأرض التي لم يتوفر فيها الطعام يهجروها ويدعوها ولا يسعوا لتوفير بيئتها المناسبة وتهيئتها مرة أخرى حتى ولو كانت تلك الأرض هي مهد وموطن أولادهم وأجدادهم السابقين، فالأهم من كل ذلك الرحيل بحثاً عن أرض أخرى يتوفر فيها الكلأ والعشب بحيث ينصبون خيامهم حولها وينسون كل ما يمت لهم بصلة بالأرض السابقة، وبهذا يكون الوطن لديهم أقله أهمية من كل النواحي الحياتية الأخرى، وبهذا استمر حال البدوي والقبلي على التبجيل الإنساني للشيوخ ورجالات القبيلة والحيواني بمزايين الإبل وبيع الأغنام والنباتي بحب المزارع وحصادها والنخيل وتمورها بعيداً كل البعد عن الولاء الوطني الذي هو أغلى ما ينبغي أن يعتني بها الإنسان.



#متعب_عالي_القرني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تؤثر السياسة على الفن؟
- التظاهرات والبلدان الخليجية
- التحضر والفنون الأدبية
- سمات الخطاب الإسلامي
- الحج والإقتصاد السعودي
- الحداثة في السعودية
- الديمقراطية في الوطن العربي
- فقه المعارضة السياسية
- ملابسات المشاهد السياسية والإقتصادية
- لسان المأمون المقطوع!


المزيد.....




- تقرير أممي مستقل: إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي دليل على ارتبا ...
- الأمم المتحدة تدعو بريطانيا إلى مراجعة قرار ترحيل المهاجرين ...
- إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة
- مراجعات وتوصيات تقرير عمل الأونروا في غزة
- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - متعب عالي القرني - البدوي والوطن