أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بخالد الحلو - انتفاضة المارد العربي














المزيد.....

انتفاضة المارد العربي


بخالد الحلو

الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 00:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما أعتقد الكثيرون مفكرون وسياسيون وأناس عاديون بأن الجسد العربي المفتت والمجزأ والمثقل بالتخلف والفقر والجهل والمرض والرازح تحت أعتى صنوف الظلم والقمع الممارس من قبل أنظمة الطغيان العربية أن حالة من الموات قد حلت بالعرب من المحيط إلى الخليج، وأن العرب قد خرجوا من التاريخ بعد أن فقدوا الفعل ورد الفعل أمام قوى عالمية قائمة وأخرى صاعدة، لقد نسي أولئك قول الله سبحانه وتعالى في هذه الأمة أنها "خير أمة أخرجت للناس" وأنها صاحبة التكليف الإلهي بحمل رسالته الخاتمة إلى يوم القيامة، وأن هذا القول والتكليف لا يتسق مع الاعتقاد بموت هذه الأمة أو مع الادعاء بخروجها من التاريخ.

لقد ساد هذا الاعتقاد الساذج أحياناً والمرجف أحياناً أخرى عند الكثيرين حتى التهمت النيران التي التّفت حول جسد محمد بوعزيزي أوصال وشائج الخوف من قلوب شباب تونس، وأطلقت صرخاته المدوية هدير الكرامة على ألسنة وحناجر شعب تونس الذي خرج إلى الشوارع والميادين مقتفياً كرامته وحريته، فهرب الجبان وسقط الطغيان ووصل الصدى سريعاً إلى أرض الكنانة التي كان شبابها وشاباتها يتواصلون ويصنعون ذاتاً جمعياً عبر عالم افتراضي "عبر الفيسبوك والتوتير" بعد أن مزقهم واقع القمع والإرهاب البوليسي والاضطهاد السياسي والاجتماعي وضعف وهشاشة الأحزاب ونمو الأنا الفردية واقتصاد العولمة أو الحرمنة الذي قاده الزعماء وأبناء الزعماء، فنجحوا بعد أن ألهمتهم ثورة تونس في نقل اجتماعهم من العالم الافتراضي إلى ميدان التحرير وكل شارع وزقاق من أزقة مدن وأرياف مصر الصبورة، واندفعت ملايين الحناجر والجموع بهتاف واحد الشعب يريد إسقاط النظام، فانتفض الطاغية وأبى إلاّ أن يقلّد سلفه الفرعون وهو يعبر البحر المنشق وراء موسى عليه السلام وقومه متجاهلاً هدير الملايين التي كانت تطبق حوله وحول نظامه كما أطبق الطودين العظيمين من الماء حول فرعون وجنده ليكون كسلفه آية.

وبانتصار ثورة مصر باتت رياح التغيير التي تحمل بذور الثورة تجتاح أفئدة وعقول الشباب العربي الذي أصبح حالماً بتحقيق ما حققه أقرانه في بلدان عربية أخرى، بل وأصبح يتسابق كي تكون الثورة التالية فوق ربوع ميادينه وشوارعه وأزقته، مثبتاً وحدة الواقع والهدف والمصير لهذه الأمة، هذه التحولات الكبرى التي باتت تجتاح العالم العربي تعلن إيذان خروج المارد العربي من قمقمه الذي رافقه في بيات شتوي طالت سنينه وأيامه، وهذا يعني أن لا شيء بإمكانه أن يوقف هذا الزحف المقدس نحو الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية، قد يبطئ زحفه بسبب ظروف داخلية أو خارجية ولكنه لن يتوقف حتى يصل في نهاية المطاف الى مبتغاة.

لكن علينا أن لا نتجاهل أنه رغم انتصار الثورة فإن الثورة المضادة لم تهزم كلياً بعد، فبقايا النظام التونسي والنظام المصري لم تستسلم بعد، والراعي في كلا البلدين لنصف نصر للشعب ونصف هزيمة للأنظمة هم الجيش، نعم ليست الولايات المتحدة من صنعت الثورة كما يدعي بعض المرجفين والمشككين، لكنها وبما لا يدع مجالاً للشك تعمل ليل نهار على اختزال نتائج هذه الثورات الشعبية كي لا يتحقق من أهدافها أكثر مما ترضى به، وتعمل على ممارسة عملية احتواء مزدوج لطموح الجماهير الثائرة ولانهيار سيطرة الأنظمة الفاسدة كي تتسق النتائج والأهداف مع ما تطمح هي لتحقيقه وهو شرق أوسط مستقر أي موالي للولايات المتحدة ويدور في فلكها وفلك ربيبتها إسرائيل، فبينما كانت تساند وتدعم أنظمة الطغيان العربية في الماضي فهي توّد اليوم دعم ومساندة فكرة الديمقراطية محدودة الصلاحيات بعد أن صدمت بثورة الجماهير العربية، وبعد أن توصلت الى قناعة مؤداها أن استمرار الأنظمة العربية الفاسدة والدكتاتورية يعمل ضد مصالحها لما يتسبب به من تنام لأيدلوجيات التطرف ضد الولايات المتحدة ومصالحها وربيبتها إسرائيل، أما الجيش الذي يشكل ضمان نصف النصر ونصف الهزيمة حتى الآن في كل من مصر وتونس فإن موقفه النهائي سيحدده مدى تصاعد وتماسك إدارة الثورة وتراجع واستمرار انهيار أداء السلطات البائدة والفاسدة، وهذا بدوره سيعزز عودة الجيش الى أحضان المشروع الوطني والقومي وسيسرع في انحيازهم الى الجماهير، وإذا ما تراجعت جذوة الثورة أو توانت طلائعها فإن الجيش سينحاز مع حالة نصف النصر للثورة ونصف الهزيمة للسلطة وهذا ما تريده الولايات المتحدة المصدومة كغيرها من الإعصار السياسي والاجتماعي الذي بات يعصف بالعالم العربي، نعم لا شئ سيعود الى الوراء ولكن حجم التغيير سيقرره مدى استلهام الطلائع الثورية لأهمية هذه اللحظة التاريخية وقدرتهم على توظيف كل الجهود من أجل إحداث أكبر قدر من التغيير سيقرر قصر الزمن المتبقي لاكتمال انهيار كامل لأركان الأنظمة البائدة ولتدمير ما تبقى من أوكارها.

هذه هي حقيقة جدلية الثورة والتغيير، دروب سالكة بفعل قوّة وحركة الجماهير ومحطات إعاقة واستيقاف واحتواء تدفع باتجاهها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ومنتسبي الثورة المضادة كلّما استطاعوا، وأينما غابت أعين طلائع الجماهير عنهم، فالشرائح الاجتماعية الطفيلية التي نشأت في أحضان حقبة تحالف السلطة مع الثروة والذين باتوا يدركون حتمية انتقالهم من الصفوف الأولى الى الصفوف الأخيرة في عملية تغير المشاهد هذه سيقاومون ويرجفون ويتآمرون ويشككون على أمل إعاقة تغير المشاهد وبالتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل، من هنا فإن على جيل الثورة وطلائعها أن يدركوا أنهم الأقوى بدوام تلاحمهم مع الجماهير وبدوام انتباههم وتطوير أشكال إبداعهم وأدائهم في ميادين السياسة حيناً وفي ميادين العواصم والمدن حيناً آخر، نعم إن وحدة أهداف وأماني وطموح الشباب عبر العالم الافتراضي نجح في نقلهم الى وحدة الواقع والموضوع، فإذا ما وحدتهم الثورة في الميادين والشوارع، فإن المطلوب بعد ذلك إنتقال هذه الوحدة من عالم الميادين والشوارع الى عالم السياسة وممارسة السيادة.



#بخالد_الحلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بخالد الحلو - انتفاضة المارد العربي