أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المعموري - الشهيدان














المزيد.....

الشهيدان


جاسم المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 979 - 2004 / 10 / 7 - 08:07
المحور: الادب والفن
    


سيدتي البصراوية السمراء.. ياقريتي .. اليك حبي وحياتي.. وهذه لقطات سريعة لقصة
حقيقية وقعت في احدى قرى البصرة الحبيبة اثناء ثورة الشعب الشريف ضد الطغاة عام 1991

قـُبيل هبوط الليل على القرية الكئيبة, وبعد نهار ٍمن الخوف والجوع والألم, تحولت كلابُ النهار وفئرانه وأرانبه
إلى ثعالب وحيات وعقارب, تراقبُ الانسان وتتابعُ حركاته وكل ما يحيطُ به .. المستضعفون يأكلون الحجارة
ويجلسون على الجمر.. الخيلُ في مرابضها.. والبنادقُ مدفونة تحت الارض منذ ثلاثين عاما مضت , ولم يحن
الوقت للبيارق لترفرف فوق رؤوس الثوار بعد.. في غرب القرية فتية متحمسون قرروا أن يصرخوا بوجوه الآباء .. الثورة الثورة .. قال محمود لأبيه الذي بلغ الخامسة والستين , ولكنه مازال يبدو كصقر مهيب ..
+ أبتي .. الشيعة يقولون انهم سيخرجون ضد الطغاة غدا وسيزحفون على مراكز المجرمين ..
- لاتذبحنا ياولدي ..
+ ياابتي إنهم في كل الأحوال يذبحوننا كل يوم, فلم لا نـُذبحُ في سبيل الله ..؟
- اسمع يامحمود .. الشيعة لن تقوم لهم قائمة حتى يظهرُ صاحبهم, وان الـ ..
+ ياأبتي .. ان الشعب يثور ..
في الجهة الاخرى من القرية , حيث تشرقُ الشمسُ دائما ً رُفعت البيارق المنكسة وأ ُخرجتُ البنادقُ من
مدافنها .. قال الشيخ علي سنجتمع في مركز القرية , فإذا سمعتم الرصاصات تثورُ من مسدسي , ثوروا معها
واهتـفوا ( أبداً والله لن ننسى حسيناه ) .
شبابُ القرية انقى من خلافات آبائهم المذهبية.. الحقُ كالشمس, قال حسن, وهو الحكيم , فلتعمى عينٌ
لا ترى الشمس .. اي والله ياحسن , قال محمود, ولكن ربما لن يتفق آباؤنا , فالخلافُ بينهم منذ اجتمع قومٌ
تحت سقيفةٍ ما قبل أربعة عشر قرنا ً مضت , وقرروا ان يغتالوا الله ..فقال حسن , ليس لنا شأن بخلافاتهم
سيوحدنا الحسين.. اتمنى ان انال الشهادة قال محمود, فلاحت بشائر الشهادة على وجه حسن
في الساعة العاشرة صباحا لملمت القرية ُ جراحها , وفي الساحة المقابلة لمضيف الشيخ علي تجمهر
المستضعفون .. أهلُ الجهة الغربية من القرية ينظرون الى المشهد .. هز محمودَ الأملُ بالشهادة .. نظرَ
إلى أبيه الذي نظر بدوره إلى الشيخ اسماعيل الذي فهم مغزى النظرات , فاستـندَ على عصاه.. حركها قليلا
قـَلــّبَ الترابَ الذي تحتها.. تذكرَ أباهُ الشيخ داوود حين عاد شهيدا من إحدى المعارك ضد الانجليز..عاد الى
الوراء ثلاثين عاماً, وهو يحاول ان يتذكر يوما واحدا, رأى فيه شيئا واحدا يعتز به قد انجزته السلطة الطائفية
فلم يجد.. رفع عصاه الى الأعلى واشار بها الى جهة المضيف وقال : فليجتمع قومي هناك .
الدقائق ُ تمرّ ُ ببطءٍ وحذر .. هدوءٌ لم يسبق له من مثيل يخيمُ على القرية .. الوجوهُ قلقة .. القهرُ والتعبُ
والضعفُ يبدو عليها جليا ً.. وحين صارت الشمسُ فوق الرؤوس أذ ّنَ أحد ٌ ما من بين الجموع ,حيثُ لم
تكن القرية ُتعرفُ الاذان منذ ُ سنين طويلة , وعندما قال : حي على الصلاة , قال الشيخ علي : بل حي على
خير العمل ..حي على الجهاد .. حي على الثورة والفلاح, وانطلقت رصاصات مسدسه العتيق , وهتف
المستضعفون : أبدا والله لن ننسى حسيناه ..
نظر الشيخ اسماعيل الى قومه مستفهما : ونحنُ .. بماذا سنهتف ..؟ مرت لحظاتٌ حرجة ٌ جداً على أهل
الجهة الغربية من القرية, حتى صرخ محمود من أعماقه , مازجا صرخته مع دوي بندقيته, وصرخ الاخرون معه : ابدا والله لن ننسىحسيناه , فانتصرت القرية السمراء بشعار واحد وراية واحدة , فيما كان سيد الشهداء الحسين في الطليعة ليأخذ بيد كل ٍ من محمود وحسن, و يمضي بهما الى عليين دار الشهداء .
جاسم المعموري



#جاسم_المعموري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعواد ثقاب
- قبليني


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المعموري - الشهيدان