أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومة - الشرق الأوسط حبلى بمولود جديد. والصراع على الهوية والثقافة.















المزيد.....



الشرق الأوسط حبلى بمولود جديد. والصراع على الهوية والثقافة.


محمد تومة

الحوار المتمدن-العدد: 979 - 2004 / 10 / 7 - 08:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


طريق الحقيقة رقم -14-
شعارها الاستراتيجي الثقافي:
1- لا أحد يملك الحقيقة.
2- أنا أبحث عن الحقيقة.
3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.
أهدافها التكتيكية السياسية: الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي، والحرية للكردي.
أيديولوجيتها: سياسة غصن الزيتون - حقوق الإنسان – الأمن والسلام الاجتماعي.
هدفها الاستراتيجي الاقتصادي: مجتمع الإبداع والرخاء. والعدل.
---------------------------------------------
1- الشرق الأوسط حبلى بمولود جديد. والصراع على الهوية والثقافة.
2- ظاهرة العنف والاختلاف على الهوية والثقافة بين القديم والجديد.
3- آراء المفكرين والسياسيين والمثقفين بين القديم والجديد حول الهوية والثقافة.
4- مشروع طريق الحقيقة للحل والهوية والثقافة للمولود الجديد.
5- دور القضية الكردية في ميلاد المولود الجديد والهوية والثقافة.
6- كلمة ختامية من طريق الحقيقة.
---------------------------------------------
1- الشرق الأوسط حبلى بمولود جديد. والصراع على الهوية والثقافة:
لقد دخلت البشرية الموجودة على سطح كوكب الأرض مع بداية القرن الحادي والعشرين في أزمة خانقة ومميتة. وهذا يعني أن المسيرة البشرية التاريخية بكل عواملها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأيديولوجية والعلمية والقيم والمثل الروحية باتت قديمة لم تعد تستطيع أن تحل التناقضات والمشاكل التي ظهرت ولذا دخلت في مرحلة الأزمة. والأزمة تعني وصول الحالة المعاشة إلى طريق مسدود. وإن الحالة المعاشة استنفذت طاقتها وديناميكية تطورها. فلا بد من ميلاد جديد بهوية وثقافة جديدة.
إن كل الفحوصات المخبرية والتحليل والتصوير الشعاعي للتاريخ البشري يدلنا بأن الهويات القديمة الإقليمية المنعزلة وثقافتها قد ماتت فلا بد من هوية وثقافة كونية جديدة.
إن الممارسة البشرية التاريخية الطويلة بالهويات القديمة وثقافتها قد أدت إلى الحَبَل بمولود جديد. إن الضرورة التاريخية قد أدت إلى ذلك، ولا مهرب من ولادته. وعندما نقول إن الممارسة البشرية التاريخية. نعني أن كل سكان الأرض بقاراتها ساهموا في حدوث هذا الحمل. وهذا يعني أن المولود الجديد لا بد أن يحمل هوية وثقافة كونية كي يستطيع أن يعيش ويتفاعل مع التاريخ الجديد.
إن تسمية هذا المولود بهوية قديمة إقليمية وثقافة إقليمية سواء أكانت قومية أو دينية بتفرعاتها المذهبية لا تستطيع أن تتلاءم وتتفاعل مع الواقع التاريخي الجديد ولا تستطيع مستقبلاً أن تؤدي دورها الكوني.
إن المشكلة الخطيرة التي تجابهنا في الشرق الأوسط بأممه الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية هو حَبَل أمنا "الشرق الأوسط" بالمولود الجديد. وعسر ولادته. وإن كافة الفحوصات المخبرية تدل على أن الولادة بحاجة إلى عملية قيسرية.
إن تثبيت الحمل في البطن حالة غير طبيعية وهذا يعني موت الأم والجنين معاً.
والسؤال الهام من وجهة نظر طريق الحقيقة وهي: من هي تلك البقعة الجغرافية التي حملت هذا الجنين؟
ونحن نقول لقد شاءت الأقدار أن تكون هي العراق. لقد قلنا في دوحة الحرية في المكان الذي تتعرض فيه كرامة الإنسان لأقذر الحقارات منها تولد أعظم الولادات ومنها تنبعث أسمى الرسالات التي تخلص الإنسان من الظلم والقهر وسحق كرامة الإنسان.
مرة أخرى يعود بنا التاريخ في الشرق الأوسط وبعد طول غياب ليلعب الشرق الأوسط دوره الروحي والإنساني بهوية وثقافة جديدة في دفع البشرية إلى الأمام.
لقد لعب الغرب وبكل جدارة دوره المادي وأبدع من المادة ما يفوق كل التاريخ البشري القديم. ولكن تحولت هذه الحضارة المادية إلى صنم للعبادة وبدأ ضررها يفتك بالبشر والطبيعة معاً. إن هذه الحضارة المادية التي أبدعها الغرب يجب أن يكون محل احترام وتقدير ولا يجوز المساس بها، أو إلحاق الأذى بها. بل يجب تقديم الشكر والتقدير لكل العلماء والفيزيائيين والكيميائيين والالكترونيين ...الخ إنهم خلصوا الإنسان من كثير من المتاعب بإبداعاتهم العلمية سواء أكان في مجال الطب أو المواصلات أو الزراعة أو الصناعة. ولكن السياسيين في الغرب الذين تعاقبوا على السلطة استغلوا هذا التكنيك الإبداعي، لغايات استعمارية، وحروب مدمرة، وانتهاكات لحقوق الإنسان، ودعموا هويات قديمة قومية ودينية وثقافتها لفترة طويلة، ضد أماني وأحلام الشعوب المتخلفة عن التطور الحضاري.
لقد استغل كثير من الحكام الطغاة والمستبدين وبدعم من الغرب الرأسمالي المادي هذه الهويات القديمة في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وذلك في فترة الصراع الأيديولوجي بين الشرق الاشتراكي والغرب الرأسمالي فكانت سلطة هؤلاء الحكام المستبدين كارثة على الشعوب ومنها الشرق الأوسط.
وما أن حل القرن الحادي والعشرين وبعد زوال الكتلة الإشتراكية ونتيجة للثورة المعرفية الهائلة وتحول كوكب الأرض إلى قرية صغيرة. واختلطت الشعوب ببعضها البعض بهوياتها وثقافاتها المتعددة. ولم تعد الحدود الجغرافية ولا السياسية ولا الحواجز الجمركية تستطيع أن تمنع ذلك.
والسؤال كيف يمكن لهذا الخلط من البشر أن يعيشوا مع بعضهم البعض؟ ألا يتطلب الأمر من هوية جديدة وثقافة جديدة كي يخلق الأمن والسلام الاجتماعي أولاً لكي يتفرغوا إلى عملية الإنتاج والإبداع.
إن أي بقعة جغرافية من سطح هذا الكوكب لا تستطيع أن تعيش بدون هذه الهوية وثقافتها بعد اليوم. وإن بقيت مصرة على هويتها القديمة وثقافتها سوف لن تستطيع أن تصمد أمام طوفان العولمة وستجني على نفسها الكارثة.
ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان. لا بد أن تكتمل معيشته بالحرية. إن الحرية وحقوق الإنسان باتت مشكلة عالمية ولم تعد إقليمية أو محلية.
وإن الهويات القديمة وثقافتها لم تعد تستطيع أن تؤمن للإنسان لا حريته ولا حقوقه الإنسانية خلال القرن العشرين بكامله.
إن الاستمرار بالهويات القديمة وثقافتها سواء أكانت دينية أو قومية يعني ممارسة المزيد من سحق الحرية وهضم حقوق الإنسان. وهذا يعني ممن يفعلون هذا سيكونون أمام حرب معلنة على التاريخ. وهذا فوق طاقاتهم. إنهم سيجرون الويلات على أنفسهم وعلى أوطانهم وشعوبهم. إن الغرب الرأسمالي يتحمل مسؤولية أخلاقية كبيرة في حدوث الحمل غير الطبيعي لأمنا الشرق الأوسط وحاجتها إلى عملية قيسرية. أما المسؤولية الكبيرة نتحملها نحن أبناء الشرق الأوسط بأممه الأربعة. إن المسؤولية للحالة التي نشأت يتحملها السياسيون والمثقفون فقط وليس الشعوب.
إن أمنا الشرق الأوسط حبلى واقترب موعد ولادة مولودها الجديد. وهي تصرخ منذ فترة طويلة من آلام المخاض وتنادي لمن يساعدها على الولادة.
لقد فشلت الهويات القديمة القومية والدينية في دور الطبيب الجراح لإجراء العملية. وإن كل محاولاتهم كانت عبثاً في عبث. والسبب لأنهم لا يملكون أي علوم عصرية حديثة لإجراء الولادة، وإن أدواتهم قديمة قد عفا عليها الدهر. ولكن كان لا بد من ولادة... وأمام صرخات وآلام الأم الحنون "الشرق الأوسط". دفع ببعض من أبنائها الحريصين على حياة أمهم الحنون " الشرق الأوسط " إلى الذهاب بعيداً للاستعانة بأطباء أجانب مختصين ومجهزين بأحدث التقنيات الحديثة لإجراء العملية القيسرية. وهذا ما تم.
والسؤال: ترى لماذا استجابت أمريكا وبريطانيا ومن معها لطلب العراقيين بإرسال أطبائهم المختصين مع كامل معداتهم الحديثة بالرغم من هذه الكلفة الباهظة الثمن من المال والروح غير مبالين بالمخاطر؟
لقد حاول كثيرون من المفكرين والمحللين على شاشات التلفزة. فمنهم من ربط ذلك بالبترول والمشاريع الاقتصادية ومنهم من ربط ذلك بالصراع الأيديولوجي بين المسيحية والإسلام. ومنهم من ربط ذلك بصراع الحضارات والثقافات و...الخ
وإن طريق الحقيقة كونه يملك جزءاً من الحقيقة يقول رأيه في الموضوع, ويقول: لا هذا ولا ذاك. إن السبب الذي دعا أمريكا وبريطانيا ومن معها إلى تغيير استراتيجيتهم للقرن العشرين ورسم استراتيجية جديدة للقرن الحادي والعشرين والموافقة على طلب المعارضة العراقية وإرسال أطباء مختصين لإجراء العملية القيسرية للمولود الجديد. هو" بائع الخضرة والفجل " من الأدب الشعبي الكردي.
ولكن ما هي قصة ذلك الخضرجي وفجله؟ والتي كانت سبباً في تغيير الاستراتيجيات؟
تقول القصة من الأدب الشعبي الكردي:
لقد كان الريف منذ خمسين سنة معزولاً عن مراكز المدن بسبب عدم وجود المواصلات فكانت الوسيلة الوحيدة بين الريف والمدينة هو الحمار. وفي أيام الشتاء الباردة في الريف كان بائع الخضرة يحمل الخضرة على ظهر حماره ويذهب بها إلى الريف. وفي أحد الأيام بينما كان البائع سائراً في طريقه, ظهر أمامه لصوص من قطاع الطرق. حيث طلب اللصوص من بائع الخضرة النقود. حيث أقسم البائع المسكين ألف يمين بأنه لا يملك أية نقود. ولكن اللصوص لم يصدقوه فانهال اللصوص بالضرب على البائع.وذلك بربطات السلق من الخضرة التي كانت على ظهر حماره. ربطة وراء ربطة وأصبح الخضرجي في حالة مزرية. ولكن المشكلة وبالرغم من حالة الخضرجي وهو يتلقى الضرب من ربطات السلق كان يضحك! واحتار اللصوص في أمر هذا البائع وبدؤوا يتعجبون من ضحكه الغريب.
فقال اللصوص للبائع: إننا لن نتركك إذا لم تقل لنا لماذا تضحك. ولن نطالبك بالنقود. فأجابهم البائع بكل صراحة:
" إنني لم أضحك على حالي المزري من ضرب السلق. بل إنني أفكر فيما بعد السلق. والمشكلة أنني أحمل على ظهر حماري تحت السلق حزم الفجل. ترى ماذا سيحصل لحالي لو انتهت ربطات السلق وجاء دور الضرب بالفجل على رأسي."
إن ما حدث في 11 أيلول 2001مـ في نيويورك وواشنطن لم تكن سوى ضرب السلق أما ضرب الفجل فلم يبدأ بعد.
ولهذا لم تنتظر أمريكا ليبدأ الضرب بالفجل. فغيرت استراتيجيتها من احتواء الفجل إلى الهجوم والقضاء على الفجل والبذرة قبل أن تُزرع في الأرض. لأن القضية لم تعد مصالح اقتصادية ومصالح شركات وبترول وأسواق تجارية ومواقع جيوبولوتكية. بل تحولت القضية إلى حياة أو موت.
وبناءاً على هذا الوضع اجتمعت أهداف المعارضة العراقية والسياسة الأمريكية والبريطانية والتقت مصالح الطرفين تخوفاً من الضرب بالفجل. فالمعارضة العراقية كان هدفها الحفاظ على حياة أمها الحنون العراق والجنين في بطنها والتي بحاجة إلى العملية القيسرية.
وأمريكا وبريطانيا كان هدفهما الحفاظ على حياة شعوبها وحضارتها من ضرب الفجل. وجاءت الأحداث لتؤكد صحة هذه الرؤية.
والدليل هو اكتشاف المخابرات الأردنية للخلية التي كانت على وشك تفجير قنبلتها الكيماوية وكما أعلن على الملأ بأنها كانت ستؤدي بحياة ثمانين ألف إنسانٍ بريء خلال دقائق معدودة. لا بد أنها لو تمت كانت ستضيف إلى كوارث الشرق الأوسط كارثة أخرى إلى جانب كارثة حلبجة تلك المدينة الكردية في العراق. وبدأ مسلسل الأحداث لإجراء العملية القيسرية. إذ بدأ الهجوم في شهر آذار وانتهى في 9 نيسان 2003مـ .
إن تاريخ 9 نيسان ستذكره الأجيال المقبلة في الشرق الأوسط والعالم كثيراً. لأنها يوم ميلاد جديد لهوية وثقافة جديدة. هناك الكثير من المحللين والمفكرين ذوي الهوية القديمة يطلقون على هذا التاريخ بتاريخ سقوط بغداد. ومن وجهة نظر طريق الحقيقة. إن بغداد لم تسقط ولن تسقط وستظل.
إن الذي سقط هو الهوية القومية المستمدة ثقافتها من العشائرية والقبلية التي غابت من أنحاء كثيرة من العالم الحديث منذ زمن بعيد وبقيت مستمرة في الشرق الأوسط حتى الآن.
بغداد المريضة والضعيفة قد سقطت لتولد بغداد سليمة البنية وقوية.
بغداد الظلم والقهر والاستبداد والقبور الجماعية التي تصدر العاطلين عن العمل والعقول المبدعة. لتولد بغداد الحرية والعدل والمساواة وخلق فرص العمل للعاطلين عن العمل وموطن العقول المبدعة.
ثم أتت الخطوة التالية بظهور مجلس الحكم، الذي يضم كافة القوميات والمذاهب والأيديولوجيات والأطياف العراقية على قدم المساواة في إخاء وتفانٍ في خدمة العراق كوطن للجميع والحوار كمنهج لم يسبق له مثيل في الشرق الأوسط منذ ألف وأربعمائة سنة.
لقد خلق هذا المجلس الذي سمي بمجلس الحكم، ظاهرة ثقافية لم يشهد تاريخ الشرق الأوسط لها مثيلاً منذ ثلاثة آلاف عام.
لقد اجتمع العربي والكردي والتركماني والآشوري والسرياني كمواطنين عراقيين متساويين في الحقوق والواجبات في وطن عراقي موحد. ومن الناحية الدينية والمذهبية لقد اجتمع المسلم والمسيحي والسني والشيعي مع بعضهم البعض على قدم المساواة وعلى قاسم مشترك بالرغم من الإختلاف على خدمة وسلامة العراق.
و من الناحية الأيديولوجية لقد اجتمع الشيوعي والليبرالي والقومي والديني بصورة متساوية في الحقوق والواجبات على قاسم مشترك وهو خدمة العراق.
إن هذا الجمع القومي والديني والمذهبي والأيديولوجي هي معجزة من معجزات الشعب العراقي في الشرق الأوسط. إن هذه المعجزة التي ولدت في العراق ثورة بكل معنى الكلمة. هذه الثورة قد قضت على أشياء قديمة كثيرة وولدت أشياء جديدة سيكون لها آثارها البعيدة على المنطقة والعالم.
لقد قضت هذه المعجزة وهذه الثورة على مفاهيم كثيرة ومن أهمها:
1- قضت على مفهوم سيد وعبد.
2- قضت على مفهوم الانفصال.
3- قضت على مفهوم سلطة الفرد الواحد.
4- قضت على مفهوم التناحر بين القوميات والأديان والمذاهب. وبرهنت على أن الجميع المختلفين تمكنوا أن يعيشوا مع بعضهم البعض على قاسم مشترك وهو ثقافة حب الوطن.
5- قضت على كل الثقافات الأيديولوجية وذوبتها في الثقافة الوطنية.
6- قضت على حق المواطن على أساس القومية أو المذهب أو الدين أو الطبقة واستبدلتها بحق المواطن الإنساني.
7- قضت على ثقافة أن يكون الكردي أو التركماني أو الآشوري أو السرياني عميلاً أو مواطناً من الدرجة الثانية. بل ظهرت ثقافة جديدة تقول يمكن للكردي والتركماني والآشوري والسرياني أن يحافظوا على قوميتهم ويستلموا أية سلطة في خدمة العراق وليس الانفصال.
8- قضت على ثقافة الحروب الأهلية القومية – المذهبية – والطبقية وحلت محلها ثقافة الأخوة الإنسانية.
ولهذا إن هذا المجلس أو هذه المعجزة التي ظهرت في الشرق الأوسط منذ ألف وأربعمائة سنة كانت مهيأة لتقوم بدور الطبيب الجراح لخلاص المولود الجديد بعملية قيسرية.
والخطوة الثالثة كانت العملية القيسرية للمولود الجديد وسط أزير الرصاص وتفجير القنابل وقتل الألوف من الأبرياء وتحطيم البناء التحتي للاقتصاد العراقي احتجاجاً من القديم على ولادة هذا المولود الجديد الذي سمي بهوية جديدة وثقافة جديدة. (( جمهوري - ديمقراطي – فيدرالي وثقافتها )).
والخطوة الرابعة أدخل المولود الجديد في غرفة الإنعاش وانتهت مهمة مجلس الحكم حيث سلم رعاية المولود الجديد للحكومة العراقية الجديدة الانتقالية حتى إجراء الانتخابات وينتهي دور هذه الحكومة أيضاً لتسلم رعاية المولود الجديد إلى الحكومة الدائمة حسب ما هو مقرر. وهكذا ولدت هوية جديدة وثقافة جديدة في العراق والشرق الأوسط فهل سيعيش هذا المولود أم سيموت. هذا ما سيقرره التاريخ؟
2- ظاهرة العنف والاختلاف على الهوية والثقافة بين القديم والجديد:
لقد ولد المولود الجديد وسمي بهوية جديدة (( جمهوري – ديمقراطي – فيدرالي )) وثقافة الحداثة.
ولكن هل انتهى الأمر؟ كلا إن مسلسل العنف قد استمر، فلم يرض القديم القومي والديني بهذه الهوية وهذه الثقافة وجرى تحالف بين القومي العشائري والديني المتزمت على رفض هذه الهوية والثقافة الجديدة.
وانقسم الناس في الشرق الأوسط إلى ثلاث فئات:
1- الفئة المنتفعة من الهوية القومية والدينية القديمة وتبلغ 10 %.
2- الفئة الثانية ذات الجمود العقائدي وتبلغ 10%.
3- الفئة الثالث الجماهير الحيادية الهائلة التي تعيش تحت خط الفقر وتبلغ نسبتها 80%.
الفئة الأولى المنتفعة بدأت تشعر لأول مرة في تاريخ الشرق الأوسط أن نجمها يسير نحو الأفول، وترى في هذه الهوية وثقافتها أنها وضعت أمام خيار صعب بات يهدد قصورها ورساميلها وعقاراتها فلا بد من العنف لإلغاء هذه الهوية والثقافة وقتل المولود.
أما الفئة الثانية المصابة بالجمود العقائدي وبالرغم من أنها غير منتفعة ولكن هذه الهوية ومفردات ثقافتها غير واردة في ثقافتها القديمة. وهو تؤمن بأن أي تغيير في الهوية والثقافة يعني ذلك قيام يوم القيامة وهلاك البشرية ولذلك لا بد من العنف وقتل المولود وذلك رحمة بالبشرية السائرة نحو الهلاك. إن هذه الفئة ليس لديها أي وعي للسياسة وكيف تفعل فعلها عبر التاريخ وكيف استغل السياسيون الهوية القومية والدينية لقرون طويلة من الزمن للمنفعة الشخصية ولفساد الأمة بكاملها عندما لا تكون هناك أية ضوابط حقوقية سوى الطاعة والولاء.
أما الفئة الثالثة التي تبلغ نسبتها ثمانين بالمائة فهي تعيش حياة تعيسة وتريد تغيير حياتها وتحقيق حياة إنسانية كريمة وهذه الفئة هي التي تدفع الثمن الغالي من دمائها للعنف والفوضى الأمنية.
ويوماً بعد يوم تشتد معركة العنف بين القديم الرافض للهوية والثقافة والجديد المتمسك بالهوية الجديدة والثقافة الجديدة. إن هذه المعركة تجري على جبهتين:
1- جبهة السلاح.
2- جبهة القلم.
إن مشاهدة حرب السلاح يراها كل إنسان نتيجة للثورة الإعلامية كل دقيقة بدقيقة.
ولكن ماذا عن معركة القلم في هذا الصراع العنيف؟
وطريق الحقيقة أرادت أن تنقل ما يدور في هذه المعركة إلى القراء بغية معرفة الحقيقة.
لقد انقسم أطراف هذه المعركة إلى قسمين:
1- القديم وما يطرحه من أفكار وما يريده من هوية وثقافة.
2- الجديد وما يطرحه من أفكار وما يريده من هوية وثقافة.
إن طريق الحقيقة تحترم كل الآراء والأفكار والأحلام والمبادئ والعقائد سواء أكانت قديمة أو جديدة وتنظر إلى حرية التعبير كحق إنساني مقدس مهما تكن آراؤه. كل ما نريده أن يحترم الواحد حرية الآخر على أساس البند الأول من شعار طريق الحقيقة من " لا أحد يملك الحقيقة ".
ولنتابع البحث عن الحقيقة من خلال الإطلاع على الحوار الذي يدور بين الكتّاب والمفكرين والسياسيين، القديم منه والجديد حول هوية المولود وثقافته.
3- آراء المفكرين والسياسيين والمثقفين بين القديم والجديد حول الهوية والثقافة:
1- القسم القديم:
1- آن مكي المؤمن الموسوي.
2- حسين قصي عبد الله.
3- منذر الموصلي.
4- مصعب الزرقاوي.
5- الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي.
6- آية الله الخميني قائد الثورة الإيرانية.
7- الخلخالي رئيس المحكمة في إيران.
1- الكاتبة آن مكي المؤمن الموسوي:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر - العدد 170 – التاريخ 22/5/2004مـ - الصفحة 34
مقتطفات من المقال:
عنوان المقال: (( ليس دفاعاً عن الجبوري بل دفاعاً عن العرب والحرية )).
تقول آن مكي في مقالها الآتي:
(( فيا من تعيبين على الأستاذ مشعان معرفته العربية فقط. ماذا تقولين فينا نحن الكثرة من العرب الذين لا نعرف أو لا نحب إلا لغتنا؟ أقول لك يكفي فخراً أن نبي الكون محمد (ص) عربي وأن القرآن نزل بلسان عربي ولغة أهل الجنة العربية. وأننا نكتب تاريخ تحرير بلدنا بإذن الله بالعربية. ويا(مهاوي) أقول لك:
إن عشائر الجبور والدليم هم عرب أقحاح قحطانيون من زبيد وربما لا تفهمين هذه المورثات الأصلية وهذا مؤكد))... (( أما سمعت المثل العراقي لو ضاع أصلك قول جبوري))...(( ولعلمك فإن الجبور والدليم وغيرهم من القبائل العربية هم أهل (( الجوبي )) و (( الصينية )) و (( الربابة )) وليسوا أهل البيانو والتانغو والشاتوبيريان هم أهل (( الجثي )) و (( الكليجة والمثرودة والدلة والقهوة وهم فرسان خيل ورجال ليل ويحافظون على العرض كما تخاف المساجد أن لا يتم الآذان فيها)).
ولكن ماذا أقول بالذين هناك خلف البحار أو من قدم منهم وهو يحمل السندويشات كلهم صاروا بويات وخدم للبسطال الأمريكي وعوافي لك ولهم.
(( وقال الفاروق عمر بن الخطاب (رض) احفظوا أنسابكم وعلموا أولادكم لامية العرب. وهل تدرين أن قمة نتاج الديمقراطية الأمريكية تكمن في تعذيب الأسرى العراقيين والاعتداء على حرائرهم وأموالهم ومداهمة بيوتهم وإرهاب أطفالهم وتدنيس مساجدهم بالأحذية والكلاب )) فهل تريدين أن نتوسل بالأستاذ كي يغير اسمه إلى ( ميشغان أو شمعون أو شوشو أو شم النسيم ) كي تتونسين وإذا وافق هو فكيف ستوافق عائلته أو شيخ عشيرته وأرجو أن تثقي أننا العربان نمارس الديمقراطية بأصولها في المضيف وفي المسجد وفي مجاهدة الأعداء وحتى أثناء الطبخ على (( الجلة )) وليس على المايكرويف ))
يا مها شيطاني تخيلتك سجانة في معتقلات الديمقراطية التي أهداها الأمريكان لنا منذ 9 نيسان الأسود 2003مـ وتمنيت لو كنت رقماً قد حزت رقبته منذ سنوات مع الرؤوس التي سقطت ))
النتيجة ما تطرحه الكاتبة من الهوية والثقافة للمولود الجديد:
1- هوية عربية.
2- ثقافة عشائرية.
3- مأكله الكليجة والمثرودة والدلة والقهوة.
4- طريق الحوار قطع الرقبة.
2- الكاتب حسين قصي عبدالله:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر - العدد 170 – التاريخ 22/5/2004مـ - الصفحة 29
عنوان المقال: رسالة إلى العملاء.
مقتطفات: (( لقد فقدنا الثقة بكم وبرئيس التحرير ((مشعان الجبوري)) عندما قرأنا بعض مقالات لكتاب مرتزقة وخونة أمثال:
1- نبيل شرف الدين -2- سعد صلاح خالص -3- ذلك الذي يسمي نفسه بالمنتبه.
أما الأول ذلك العميل للـ CIA فيصف البطل الشاب مقتدى الصدر بـ (ملاديك) وأبطال الجيش المهدي بقطاع الطرق والصبية والمغامرين ودعوته المشرفة للمقاومة (بالعنترية) حتى أن يقول بأن مقتدى الصدر ليس قائداً للشيعة ثم أني أريد أن أرد على ما نشرته بحق الأكراد بإمكانيتهم الانفصال وإعلام دولة كردية. هل الأكراد الآن جزء من الوطن. ألم يرفعوا علماً خاصاً بهم. ألم يصبحوا كالدروع للأميركان بدخولهم الموصل وكركوك وسرقة سيارات ووحدات الجيش والأمن والشرطة وغيرها. ثم من قتل مراسلي العراقية وعندما طلب منهم المصور المجروح الكف عن ضربه وقال لهم أنتم عراقيون. أجابوه نحن أكراد أميركان هل هؤلاء جزء من العراق؟ وأنا كسني مصلاوي. أفتخر بأن أكون تحت قيادة البطل مقتدى الصدر أما أنت يا أخ مشعان فأقول لك اتق الله ولا تتخل عن أصلك لأنك من أصل العشائر العربية كفاك كوردية. أم أنك تكن لهم الاحترام لأنهم وفروا لكم ولحزبكم المأوى إبان فترة المعارضة. والآن يصل الحال بالأكراد ومجلس المحكومين أن يختاروا علماً..عفواً لوحة تشكيلية للعراق من أنتم حتى تفرضون علينا علماً.. أنتم فرضتم علينا ولن نرضى لا بكم ولا بعلمكم الذليل وأنصحكم بتعليقه على صدوركم لأن الشعب العراقي بل وحتى الشرطة العراقية البطلة لا ترضى بأن يرفع لوحة تشكيلية على مراكزهم ودوائر الدولة.
النتيجة ما يطرحه الكاتب من هوية وثقافة للمولود الجديد:
1- عربية. ثقافة عشائرية.
2- رفض الآخر وهو من أنصار 99.99%.
3- منهج في التعامل مع الآخر قطع الرقية.
3- الكاتب منذر الموصلي:
المصدر: جريدة المحرر - العدد 445 – التاريخ: من1- 7 أيار-2004مـ - الصفحة 25
عنوان المقال: (( قراءة متأنية للوضع الداخلي في سورية العربية وخطوات الإصلاح والأحداث الدموية وتحريض الخارج.))
مقتطفات: يقول الكاتب:
(( لا أرض في سورية غير عربية. في سورية لا توجد قضية كردية لأنه ليس في سورية أرض كردية أو جزء من وطن كردي. وعندنا مواطنون من أصول كردية نزحوا إلى سورية سابقاً وأصبحوا سوريين أصلاء وجزءاً من شعبنا وعلينا أن لا نأخذهم بجريرة أولئك المجرمين الإرهابيين الذين أجرموا بحق وطنهم وبحق أهلهم وستتكشف الحقائق كلها على ضوء التحقيقات الجارية))
(( ولقد كنت وما زلت أنشط في كتاباتي ومؤلفاتي من أجل تعزيز وتعميق الأخوة العربية الكردية مع جيران التاريخ والجغرافيا أخوتنا بالإسلام والمصير المشترك وأعني أكراد العراق وتركيا وإيران تحديداً))
((إن المواطنين السوريين من أصول كردية لم يكونوا يوماً في وارد القيام بحركات استفزازية عدوانية ضد بلدهم لكنهم لم يكونوا يخلون من أفراد ومجرمين ومأجورين ومتعاملين مع القيادات الكردية الكوردستانية في العراق البارزاني والطالباني المتعاملة مع كل عدو لأمتنا العربية وهي قيادات لا تمثل الشعب الكردي المعادي للإمبريالية وله تاريخ مشهود بالتآخي مع أخوته العرب))
(( إني أحيِّ جميع المواطنين السوريين من أصول كردية ))
النتيجة لما يطرحه الكاتب من هوية وثقافة المولود الجديد:
1- هوية عربية ثقافة عشائرية عنصرية شوفينية.
2- لا حياة لأي إنسان غير عربي على أرض عربية.
3- تعامله مع الآخر قطع الرقبة.
تعليق طريق الحقيقة على فتوى الكاتب: بإبادة الإكراد في سوريا كقومية أو كشعب وقبولهم كمواطنين عبيد عليهم واجبات وليس لهم أية حقوق سوى حق العبيد.
يقول الكاتب ( أن الأكراد في سورية ليس لهم أرض أو وطن. وهم نازحون وقوم من النور (القرباط) وبالرغم من أن سورية سمحت لهم نصب خيامهم خانوا الأمانة وقاموا بأعمال استفزازية وإرهابية وتخريب بناء على دوافع خارجية إن الكاتب يقع في جملة من التناقضات:
يقول ( وسيكشف الحقائق كلها على ضوء التحقيقات الجارية )
وتكشفت الحقيقة . وأعلنها سيادة رئيس الجمهورية بشار الأسد في مقابلة مع قناة الجزيرة في برنامج حوار مفتوح: وقال أن لا دوافع خارجية في الأحداث التي وقعت في القامشلي والتناقض الثاني: ينكر وجود شعب أو قومية كردية في سورية ويقول ( وعندنا مواطنون من أصول كردية نزحوا إلى سورية سابقاً)
( لم يؤكد الكاتب متى نزحوا هذا الكم الهائل من البشر. والمعروف أن الأكراد الآن يبلغون حوالي ثلاثة ملايين. لقد حصلت سوريا على الاستقلال عام 1945مـ وحتى تاريخه 2004مـ لم نسمع من أية وسيلة إعلامية أو رسمية أن الأكراد نزحوا بهذا الكم الهائل من البشر إلى سوريا )
ولقد قال سيادة الرئيس بشار الأسد في نفس المقابلة من أن ( الأكراد في سوريا قومية ). فكيف حولهم الكاتب إلى (قرباط) متنقلين بخيامهم من هنا إلى هناك. والتناقض الثالث يقو الكاتب ( ولقد كنت وما زلت أنشط في كتاباتي ومؤلفاتي من أجل تعزيز الأخوة العربية الكردية مع جيران التاريخ والجغرافيا وأخوتنا في الإسلام)
وطريق الحقيقة تسأل: هل يمكن أن تكون هناك أخوة بين السيد والعبد؟
وهل قامت مثل هذه الأخوة عبر التاريخ.
وإنني كإنسان عربي أرفض مثل هذه الأخوة لكنني لم أقرأ عن مثل هذه الأخوة لا في القرآن ولا في الإنجيل ولا في التوراة ولا في الزبور ولا في الكتب الهندوسية المقدسة. لا يمكن أن يكون هناك أخوة إلا بين أناس أحرار متساويين في الحقوق والواجبات.
إن الكاتب يقبل بالكردي بدون وطن وأرض. ولكنه يقبله كماسح أحذية - وخدم مطاعم – وجندي للدفاع عن الوطن وحمل وغسل الأطباق. هذه هي واجباته أما أن يجلس بجانب سيده فهذا لا يوجد في ثقافة العشيرة. إننا ملتزمون في طريق الحقيقة باحترام الرأي الآخر وإننا نحترم رأي الكاتب. وكل ما نطلبه أن يحترم الرأي الآخر وقوله في الحقيقة. لأننا ملتزمون بشعارنا القائل: من أن لا أحد يملك الحقيقة.
إننا نقول إن الأكراد هم فعلاً أخوة لنا العرب منذ ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وحتى الآن وكل الوثائق التاريخ تدل على ذلك هم أحد أقدم شعوب المنطقة ولم يكونوا يوماً ما نازحين وقرباط ينتقلون من هنا إلى هناك. فإذا كانوا أخوة فكيف لأخ يرث وأخ لا يرث؟ أخ سيد وأخ عبد؟ وكيف يمكن للأخ السيد والعبد أن يعيشا معاً.
4- الكاتب مصعب الزرقاوي:
المصدر: الاتجاه الآخر - العدد 170 – التاريخ: 22/5/2004 - الصفحة 29
عنوان المقال: (( لماذا التكفير)) نقلاً عن قول الكاتب نجيب الصيد.
مقتطفات: يقول الكاتب نجيب الصيد: (( في الوقت الذي يتساقط العشرات من المسلمين الشيعة والسنة من أبناء شعبنا العراقي. ويصاب أضعافهم من الجرحى ويزج بالعديد منهم في السجون وتستعر نيران الإشتباكات في مدن العراق ومحافظاته الشـــــــيعية
والسنية على السواء في شمال العراق ووسطه وجنوبه من الرمادي والفلوجة إلى بغداد والبصرة مروراً بالنجف الأشرف والكوفة والديوانية والسماوة والناصرية والعمارة وغيرها مما تتناقله وكالات الأنباء ساعة بساعة. يطلع علينا الإرهابي (( الزرقاوي )) ليقول غير خجل إننا لم نسمع أن شيعياً أو شيعية استاقهم الأميركان أسرى بينما سجونهم مليئة بالأسرى من رجال ونساء أهل السنة. مضيفاً سنستمر في قتل أئمتهم (الشيعة) وحصد رؤوسهم حاملاً في شدة على أئمة الشر من السنة الذين خانوا الأمة. فيما هو يثني على إمام الكفر والزندقة (السيستاني) ويصفه بأنه عالم من علماء المسلمين. لقد استباح الزرقاوي ومن قدم له الدعم اللوجستي والضيافة وأمده بالعدد والعدة دماء المئات من المسلمين الشيعة بعد انتهائهم من صلاة الجمعة خلف إمامهم شهيد الاعتدال ورئيس مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية ليقول هذا الخارجي متبجحاً في رسالته التي تداولتها وكالات الأنباء والصحف: لقد أكرمنا الله في ما مضى بقتل الزعيم الشيعي العراقي (محمد باقر الحكيم) ولم يكتفِ الزرقاوي الغريب عن العراق وأهله بذلك بل عاد وأهدر دماء المئات من المسلمين العراقيين الشيعة في يوم عاشوراء الدامي في المدن المقدسة ( كربلاء – والكاظمية ) ثم ها هو ذا يعود اليوم ويصف مرجعهم الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله بأنه إمام الكفر والزندقة مكفراً إياه والمسلمين الشيعة قاطبة ومحرضاً على قتله وقتلهم محاولاً بذلك إثارة الفتنة والاقتتال بين المسلمين في طول البلاد الإسلامية وعرضها)).
النتيجة لما يطرحه الزرقاوي من هوية وثقافة للمولود الجديد هو:
1- هوية إسلامية مذهبية (سنية) ثقافية روحية ومذهبية.
2- رفض الآخر المختلف من أنصار 99.99%. كل الآخرين المخالفين كفار وخونة.
3- منهج الحوار والتعامل مع الآخر قطع الرقبة.
5- الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر - العدد 159 – التاريخ: 6/3/2004 - الصفحة 15
من مقال للكاتب: عبد الخالق حسين
مقتطف من المقال: (( فتاوي البابا في أوروبا. وفتاوي الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الشرق الأوسط.
فتاوي البابا (( وقد قال البابا عام 1862م لن نسمح للعقل بأن يغزو المجال المخصص للإيمان لكي يزرع فيه الشكوك والقلاقل.. ثم أصدر عام 1864 رسالة بابوية يهاجم فيها بشدة أفكار الحداثة كالعقلانية والليبرالية و حقوق الإنسان التي لا تبالي بحقوق الله, الخ وكان ذلك يعتبر بمثابة رد مباشر على التيار العلماني المتمثل بالمثقفين والفلاسفة وهذا يذكرنا بموقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب)).
فتوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب قال (( الفكر والكفر شيء واحد لأنهما مكونان من نفس الحروف ))
(( ولو أمعنا النظر فيما يجري الآن في البلدان العربية والإسلامية لوجدناه مطابقاً لما حصل في أوروبا خلال عصر النهضة. وبالتالي فكما انتصرت الحداثة والتنوير والعلمانية في أوروبا في نهاية المطاف. فلا بد أنها ستنتصر في الشرق وخاصة في البلاد العربية. إن المعركة بين القديم والحديث والسلفية والحداثة تزداد ضراوة كلما شعر السلفي أن منظومته الفكرية مهددة بالزوال))
النتيجة لما يطرحه الشيخ وهوية وثقافة المولود الجديد:
1- هوية إسلامية مذهبية وهابية ثقافة روحية.
2- الآخر المخالف لمذهبه مرفوض.
3- لا للحداثة ولا للفكر.
4- منهج الحوار والتعامل مع الآخر قطع الرقبة.
6- آية الله الخميني قائد الثورة الإسلامية في إيران:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر - العدد 159 – التاريخ: 6/3/2004 - الصفحة 15
من نفس المقال للكاتب: عبد الخالق حسين
مقتطف من المقال: من التجربة الإسلامية الإيرانية
معالجة الإسلام السياسي لمشاكل الأمة ( يقول المستشرق البريطاني المعروف الأستاذ فريد هاليدي في كتابه ( ساعتان هزتا العالم )؟... (( ليس هدف الحركات الأصولية والمتطرفة التي اجتاحت غربي آسية في السنوات الأخيرة هدفاً دينياً بمعنى إيماني أو ثقافي بمعنى قيمي. وإنما هو هدف سياسي إنه انتزاع السلطة من الذين يسيطرون على الدولة والاحتفاظ بها بعد انتزاعها...))
فمن المعروف في العلوم السياسية أن أهم عامل محرك وراء الثورات والانتفاضات الشعبية المسلحة هي العامل المادي أي الاقتصادي والاجتماعي بعبارة أخرى ( الفقر والظلم ).
(( ولكن ماذا كان موقف الثورة الإسلامية في إيران من هذه الأزمة المعيشية التي عانت منها الجماهير الإيرانية الكادحة التي احتضنت ثورة الخميني منذ ساعاتها الأولى ))...
يقول فريد هاليدي عن هذه الثورة ( لا حاجة للإسهاب عن أصالة هذه الثورة بالمقارنة بالثورات الأخرى في التقليد الذي بدأ في فرنسا عام 1789م فهي لم تكن ثورة صنعتها قيادة دينية تدعو للعودة إلى نموذج حكم مستمد من القرن السابع فحسب بل بدأ من نواح أخرى أيضاً إنها ترفض الفرضيات التي انطلقت منها كل الثورات التي قامت بعد عام 1789م فقد رفضت التطور المادي)
(( وقال الخميني ذات مرة أن الاقتصاد شغل الحمير )).
(( ولذلك اعتمدت قيادة الثورة في معالجة الأمراض الاجتماعية المزمنة الناتجة عن الفقر في إيران عن طريق القمع والإعدامات بعد محاكمات تفتقر إلى الحد الأدنى من أصول المحاكمات القانونية في العصر الحديث))
النتيجة لما يطرحه الخميني من هوية وثقافة للمولود الجديد:
1- هوية إسلامية مذهبية ثقافة روحية.
2- الآخر المختلف مرفوض.
3- ضد التطور المادي بأكملها. لأنه شغل الحمير.
4- منهج الحوار مع الآخر قطع الرقبة.
7- الخلخالي رئيس المحكمة الإيرانية:
من نفس المقال ونفس المصدر تابع
مقتطف:
(( عندما سأل الصحفيون الغربيون الخلخالي عن عدالة هذه المحاكمات وفيما إذا كان مرتاح الضمير بعد إعدام هذا العدد الكبير من الناس فأجابهم: بأن الذين أعدموا إما مجرمون أو أبرياء. فإذا كانوا مجرمين فقد نالوا جزاءهم العادل وهم الآن يحترقون في جهنم وبئس المصير. أما إذا كان أبرياء فتهانينا لذويهم لأنني أرسلتهم إلى الجنة))
ويسأل كاتب المقال (( لا أدري كيف يتفق هذا المنطق مع الآية الكريمة " ومن قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً"))
ثم يضيف الكاتب (( وقد يعترض القارئ الإسلامي فيسأل: ولماذا نؤاخذ الإسلام بأخطاء الحكام المسلمين؟ المشكلة أن الذين يحكمون باسم الإسلام هم بشر مثلنا يخطأون. وفي الإسلام لا يمكن نقد الحكام وتصحيح اعوجاجهم كما حصل خلال ما يقارب 1500 سنة بينما في النظام العلماني الديمقراطي يمكن محاسبة الحكام على أخطائهم وفضحهم))
النتيجة ما يراه الخلخالي من هوية وثقافة للمولود الجديد:
1- هوية إسلامية مذهبية شيعية ثقافة روحية.
2- لقد طرح نفسه إله. وهو يقرر من يذهب إلى الجنة ومن يذهب إلى جهنم.
3- منهج في التعامل مع الآخر قطع الرقبة.
نكتفي بهذا العدد من آراء وأفكار ونظرات القديم للتيار السياسي والفكري القومي والديني بخصوص الهوية والثقافة للمولود الجديد. ولكي يكون هناك عدل. والوصول إلى الحقيقة لا بد من طرح آراء وأفكار ونظرات المفكرين والسياسيين للاتجاه الآخر المخالف الجديد أوالحداثة بخصوص الهوية والثقافة للمولود الجديد.
2- الجديد أو الحداثة:
1- عبد الخالق حسين.
2- الدكتور ليث كبة إسلامي متنور.
3- محمد البدري.
4- نهاد الغادري.
5- المفكر العراقي سيار الجميل.
1- الكاتب عبد الخالق حسين:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر - العدد 159 – التاريخ: 6/3/2004 - الصفحة 15
عنوان المقال: هل العراق مهدد بحكم شمولي إسلامي.
مقتطفات:
(( لحد قريب كانت كلمة (الليبرالية) تعتبر من الكلمات البزيئة في القاموس السياسي العراقي والعربي المؤدلج. فإذا أردت أن تحط من قدر أي شخص ما عليك إلا بأن تقول عنه انه ليبرالي. وبعد انهيار الأيديولوجيات القومية والشيوعية خفت الحملة ضد الليبرالية نوعاً ما، لتوجه ضد (العلمانية) كمصطلح يجب الحذر من ذكره. وهذه الحملة تشنها اليوم القوى الإسلامية ضد العلمانية بغية تشويهها في وعي الجماهير المظلومة التي عانت كثيراً من استبداد الأيديولوجيات الشمولية. وبالنسبة للشعب العراقي فما أن تخلص من استبداد الحكم القومي الشمولي حتى رأى نفسه مهدداً باستبداد حكم شمولي إسلامي. وقد استفادت الأحزاب الإسلامية العراقية من ظلم النظام ))
معنى العلمانية ( هناك سوء فهم حول كلمة العلمانية مشتقة من العالم وليس من العلم كما يحاول البعض. فهي تعني الزمنية، أي الاهتمام بأمور الحياة في هذه الدنيا وليس بأمور الآخرة ( ما بعد الموت))...
((هناك سوء فهم بسوء نية أو بدونها لدى الكثير من الناس حول مفهوم العلمانية فالجهات السلفية المتطرفة والتنظيمات الإسلامية الأصولية تحاول عن عمد تشويه هذا المصطلح والترويج بأنه مرادف لمصطلح الكفر والإلحاد )).
(( فالعلمانية لا تعني الإلحاد وإنما تعني الاهتمام بالمصلحة العامة وإدارة شؤون الناس والعمل على تنظيم حياتهم في هذه الدنيا وفصل الكنيسة والدين عن الدولة ))...
(( أما مسألة إرشاد الناس في أمورهم الدينية فتترك لرجال الدين المتخصصين بالأمر للقيام بواجبهم الديني الأخلاقي في التوجيه والتثقيف والحفاظ على القيم الاجتماعية والأخلاقية والحلال والحرام. والروابط الأسرية وغيرها )).
(( وموقف رجل الدين هنا لا يتعدى توجيه النصح وتقديم الإرشاد للناس وما على الرسول إلا البلاغ المبين ويترك الباقي في العلاقة بين الإنسان وربه إلى يوم الحساب. حيث يكون مسؤولاً عن أعماله الدنيوية أمام الله وحده سبحانه وتعالى وليس أمام إنسان آخر)).
(( يحاول الإسلاميون تضليل الناس لجعل العلمانية مرادفة للكفر والإلحاد، كما حاولوا في الماضي تشويه الديمقراطية وخدع الناس بأنها مرادفة للكفر والإلحاد أيضاً ))...
نبذة تاريخية عن العلمانية (( هناك ثلاث مصطلحات ذات علاقة ببعضها وهي التنوير والحداثة والعلمانية ))
(( مر الفكر البشري عموماً عبر التاريخ بثلاث مراحل وهي المرحلة: 1- اللاعقلانية 2- المرحلة العقلانية (( الفلسفة والأديان السماوية )) 3- المرحلة العلمية أو الحداثة.
وكل مرحلة كانت ثورة على السابقة.
(( يقسم الفلاسفة الأوربيون تاريخ الفكر الأوربي ما بعد اللاعقلانية إلى ثلاثة أحقاب كبيرة:
1- العصور اليونانية – الرومانية القديمة.
2- العصور الوسطى.
3- عصر الحداثة والعلم.
أما في الشرق (( وخاصة في المنطقة العربية فقد مر التطور الفكري في منحى آخر ويمكن القول أن العرب ومعظم الدول الإسلامية يعيشون اليوم مرحلة بداية التنوير))
(( فعصر التنوير الأوروبي كان يقابله عصر مظلم في الشرق. ونحن إذ نركز على الفكر الأوروبي لأن الحضارة الحديثة قد رست أخيراً في هذه المنطقة والشعوب الغربية هي في المقدمة في سلم التطور الفكري والحضاري وبيدها المبادرة والتأثير على الشعوب الأخرى ))
(( بدأ عهد التنوير في الغرب في القرن السادس عشر)) (( ولم يسلم رواد التنوير من الاضطهاد))
((في أواخر القرن السابع عشر نشر الفيلسوف التنويري الإنجليزي جون لوك كتاب (رسالة في التسامح) بدون توقيع اسمه خوفاً من ردود أفعال غاضبة قد تهدد حياته لأنه دعا كتابه إلى القضاء على بنية التفكير الأحادي المطلق. وروح التعصب الديني المغلق وإقامة الدين على العقل وبناء منظومة حقوق تؤسس لمفهوم التسامح تعتمد مبدأ فصل المهام بين دور الكنيسة ودور الدولة ومبداً المساواة في الحقوق بين جميع الطوائف الدينية))
(( فكما إن العلمانية لا تعني الكفر كذلك الحداثة لا تعني التنكر للماضي وما فيه من تراث)) (( فالحياة سلسلة متواصلة في عملية التطور وأية أمة تمتنع عن التطور تنقرض)) (( ولذلك نجد السلفيين يصرون على مواقفهم في إعادة شعوبهم إلى عصر السلف وبعملهم هذا يرتكبون خطيئة بحق هذه الشعوب ويعملون على إعادتها إلى الوراء وبذلك فهم يقومون بعملية انتحارية لأنفسهم ولأبناء جلدتهم ولا غرابة أن نراهم يدفعون الشباب المغرر بهم إلى تفجير أنفسهم في عمليات انتحارية يسمونها خطأ بـ (( عمليات استشهادية )) فيقتلون أنفسهم والأبرياء من الناس ))
(( وكما حصل في أوروبا حيث كان النصر حليفاً للحداثة والعلمانية، وكذلك الحال في الشرق إلى إن المخاض عسير))
مشكلة العراق والفكر السلفي:
(( إن مشكلة الحكم في العراق أكثر تعقيداً من أي بلد آخر فهذا الفسيفساء المتعدد الألوان لمكونات الشعب العراقي، الإثنية والدينية والمذهبية من المستحيل أن يسمح بالنجاح لأي نظام ديني أو مذهبي أو عنصري فإذا تم تبني نظام إسلامي فعليه أن يكون وفق مذهب معين من مذاهب الإسلام. وفي هذه الحالة هناك تقسيم المواطنين إلى درجات كما في إيران والسودان والسعودية وغيرها من الأنظمة الدينية مسلمين من المذهب الحاكم يعاملون كمواطنين من الدرجة الأولى، ومسلمين من المذاهب الأخرى وغير مسلمين من أهل الذمة وهكذا)).
ويسأل الكاتب (( هل سيسكت أبناء المذاهب والأديان الأخرى وتقبلون بأن يعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم متساوون في الواجبات وغير متساوين في الحقوق؟ فهل يعقل تطبيق مثل هذا النظام في القرن الحادي والعشرين؟ قرن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل هناك جمعيات تطالب بحقوق الحيوان والنبات والحيتان في البحار وحماية البيئة))
(( هل يعقل معاملة المسيحيين في هذا العصر كأهل الذمة وعليهم أن يدفعوا الجزية؟ هل يمكن إرغام المرأة بأن يقرن في بيوتهن وهن يشكلن اليوم نسبة 60% من الشعب العراقي؟))
(( وفي هذه الحالة فسيواجه هكذا نظام مقاومة من أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى وعندها لا بد أن تلجأ الحكومة الإسلامية إلى سياسة القمع للحفاظ على السلطة. وكما يخبرنا التاريخ إن أي سلطة تعتمد على القمع في البقاء فلا بد وأن يتسع القمع وسيطال في نهاية المطاف أقرب الناس إلى النظام الحاكم نفسه ))
(( فأيهما أفضل نظام إسلامي قمعي ضد قطاع واسع من أبناء الشعب يقاوم التقدم الحضاري. أم نظام علماني ديمقراطي يسمح لجميع الأديان والمذاهب بممارسة شعائرها بحرية ودون أي اضطهاد؟))
النتيجة لما يطرحه الكاتب من هوية وثقافة للمولود الجديد:
1- هوية حداثة – علماني ديمقراطي – ثقافة مادية.
2- الاعتراف بالآخر وكافة حقوقه الإنسانية.
3- منهج التعامل مع الآخر الحوار والقناعة.
4- لا للعنف وقطع الرقبة.
2- الدكتور ليث كبة إسلامي متنور:
المصدر: نفس المقال السابق
مقتطفات:
يقول الكاتب ليث كبة: (( والنتيجة التي نصل إليها هي ضرورة فتح الحوار والبحث عن المشاكل السياسية والاجتماعية والدينية التي تحيط بشيعة العراق... والعمل على ما هو ممكن لرفع الظلم السياسي عنهم ضمن إطار الوطن والمجتمع المدني المتحضر الذي يسمح بحرية الرأي والعقيدة والذي يكفل الحقوق المدنية والسياسية ويقيم مفهومه على أساس المواطنة والدستور))
(( إنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية إلا في ظل نظام علماني كما لا يمكن قيام نظام ديمقراطي في ظل حكومة تعتنق أية أيديولوجية شمولية. سواء أكانت أيديولوجية إسلامية. قومية أم شيوعية))
لقد أثبتت تجارب القرن العشرين فشل الأيديولوجيات القومية والشيوعية، واعتقد الإسلاميون أن جاء دورهم لملء الفراغ وتجربة أيديولوجيتهم فرفعوا شعارهم المعروف: (( لا حل إلا في الإسلام ولا دستور إلا القرآن )).
(( ولكننا نعرف أن القرآن الكريم حمال أوجه كما قال عنه الإمام علي (ع) وكل مفسر يفسره بشكل مختلف، لذلك هناك 73 فرقة في الإسلام وكل فرقة تعتقد أنها هي وحدها الناجية والفرق الأخرى مصيرها النار ))
لقد تمت تجربة النظام الإسلامي في أفغانستان متمثلاً في حكم طالبان وبن لادن وانتهت بكارثة، كذلك النظام الإسلامي في السودان لا يحسدهم عليه أحد أما في إيران فإنهم في مأزق يبحثون عن مخرج منه.
فإذا كانت هذه هي نتائج الأمة الإسلامية السابقة والراهنة فهل نحتاج إلى مزيد من الأدلة لنقول أنها هي الأخرى فاشلة. ونرجو الإسلاميين العراقيين أن يوفروا على هذا الشعب المزيد من الويلات التي نزلت عليه بسبب الأيديولوجيات الأخرى؟ وفي الختام وهكذا نتوصل إلى أنه ليس هناك حل أفضل من النظام العلماني الديمقراطي يتمتع فيه الجميع بالمساواة في الحقوق والواجبات.
النتيجة لما يطرحه الكاتب من هوية وثقافة للمولود الجديد:
1- هوية حداثة علمانية – ثقافة مادية.
2- الاعتراف بالآخر المختلف.
3- منهج التعامل مع الآخر الحوار والقناعة.
4- لا للعنف وقطع الرقبة.
3- الكاتب محمد البدري:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر - العدد 165 – التاريخ: 17/4/2004 - الصفحة 10
عنوان المقال: فلنسأل العراقيين أيهما هو الحل: الإسلام، أم بريمير؟
مقتطفات:
(( ظهرت أصوات من داخل الأوطان تقول بطرح بديل ومغاير ومتميز وأدرك آخرون المأزق الذي لم يخطر على بالهم عندما كانوا يطبخون الحامض من الفكر والقومية، وفزعوا عندما سمعوا أن أبناء الوطن الواحد لهم رؤى مغايرة للهوية مسلمون وغير مسلمين, عرب ومصريون وأكراد وموارنة وأمازيغ في مناطق أخرى من شرقنا الأوسطي، سنة وشيعة, مسيحيون ويهود، وثنيون وكفرة. العربية الفصحى التي ينطقون بها هي لغة مدرسية ومن لم يدخل المدرسة فلن يسمع عن شعر المتنبي أو أبو العلاء أهم وأكبر شاعرين في الثقافة العربية، ولهذا تضطهدهما تلك الثقافة وتعاديهما. اللهجات المختلفة كان يمكن أن تتحول إلى لغات وطنية لولا القمع الفصيح. الثقافات الشعبية من الممكن أن تكتب وتدرس فتصبح ثقافات رسمية. كل هذه المعطيات حجبتها أيديولوجياً الثورة العربية ومنعت تداولها والتفكير فيها. الهزائم التي تزكم الأنوف ويسخر بها العالم منا ترعاها العروبة وقوميتها العرجاء. وعندما يتم إسكات قضايا حيوية وهامة لمدة طويلة بالعنف والقهر والاستبداد. فإن استعادة النقاش تكون عسيرة وتفتح المجال للهذيان. هكذا يعيش بيننا من هم في قمة الخلط والاضطراب.))
(( فما هي تلك الأمة التي يغار عليها أهل القومية؟ هذا سؤال قديم لا تريد الأمة إن وجدت أن تعطي جواباً شافياً حاسماً. أعتقد أنه لا يوجد تعريف محدد وواضح لتلك الأمة. فكل جماعة تحتل أرضاً قدمت تعريفاً من تجربتها التاريخية الخاصة بها تتناسب وطموحها للمستقبل. عوالم كثيرة مثلنا قدمت نفس التجربة. ففي الماضي قدم اليابانيون أنفسهم كأمة شرقية الهوى.. اليوم لا يجادل أحد في انتماء اليابان إلى الغرب والحداثة. بل فتئت تبعث بجنود إلى مواقع التخلف فيما يسمى قوات التحالف في العراق ليعلموهم شيئاً ما. قبل زمن القرنين الماضيين خاضت أوروبا حروباً طاحنة بين كل قومياتها كاستمرار للتعديلات المعرفية وإعادة الهيكلة الاجتماعية للصناعة البازغة بعد أن أدركت أن الحروب والصراعات الدينية لا فائدة منها. ثم خاضت حروباً لصياغة مجتمعات الصناعة في أنماط مبتكرة وتحليله للواقع التاريخي الاجتماعي. الآن أصبحت الهوية الأوروبية حقيقة تتدافع لبلوغها مناطق كثيرة في العالم))
(( في أمريكا قاموا بالثورة على ماما بريطانيا لأنه لا جزية ( أقصد الضرائب) بدون تمثيل ولأنهم على أرض أمريكا قاموا وحاربوا الأم وطرودها ووضعوا دستورهم بأنفسهم))
(( روسيا والصين حاولتا المنافسة مع الغرب الحداثي الاستعماري الصناعي الرأسمالي باسم الأممية الاشتراكية، والآن تواصلان نفس الهدف من خلال استعادة مفهوم الأمة والاعتراف بأن ما كان ليس ولادة بل سقط في العقود الأخيرة للحمل غير الشرعي))
(( فهل نحن في الشرق الأوسط أمة عربية أو إسلامية؟ السؤال مزعج لمن لم يبلغ الحلم أو من أولي الأربة. إن كان المقصود أننا متجانسون تماماً فإن الجواب إيجاباً بناء على مشتركاتنا لمشاريع الاستبداد في الماضي والحاضر وبإذنه تعالى في المستقبل))
(( المسجون الذي أفرج عنه بعد طول إقامة رفض الحرية، فلماذا يزعج نفسه بما لا يعرف وما تغير خارج جدران زنزانته؟ بالفطرة هو عدو لما لا يعرف. فلماذا الزيادة في عدد الأعداء؟))
(( الاختلافات الثقافية لا تقتصر على العراق أو الدين أو المذهب بل إننا نختلف لأننا كأفراد لنا طرائقنا الخاصة في التفكير فالاختلاف لا يمنع التوحد شرط أن يقوم التوحد على احترام الاختلاف. هكذا توحدت أمريكا وكندا وماما بريطانيا وأوربا الغربية بعد سقوط حائط برلين))
(( الآن يتوحد المختلفون بعد إنجاب ناجح وصحي بناء على الاعتراف بالاختلاف من نظم الاستبداد القديم والأمميات الاشتراكية. وإذا مضينا أكثر في كشف الاختلاف والتمايز أصبح كل منا أمة في ذاته. أما إذا شططنا في غينا وجهلنا في طمس الاختلاف أصبحت الأمة ديكتاتوراً ضخماً ونحن رعايا مساجين ومهزومون كشأننا طوال التاريخ. فالسؤال الذي لم يجب عنه أحد: هل أمته المزعومة هي أمة تعدد أم أمة إقصاء أمة مفروضة بضغط من الماضي أم مختارة بمقتضى تعاقد حر من أجل المستقبل؟))
(( فهل من قرأ تاريخ الحكم العربي لمصر يمكنه إثبات أن الشورى مورست علينا نحن المصريين يوماً ما طوال التاريخ الإسلامي؟ أم أن المندوب السامي العربي والمملوكي كان يعتبرنا سبايا ورعايا؟ ناهيك عن الديموقراطية التي لم تدخل قاموسنا الفكري بعد. أمة العرب تولول من أجل التحرر ولا تعرف صراحة تتحرر من ماذا؟ كل أوطانها متحررة عدا بعض من أرض فلسطين التي بقيت من فضلات معارك الأمة الخائبة. فلماذا وكيف خربت ثلاث دول لا حدود بينها وبين إســـــرائيل ومــن أبـعـد الدول عنها جغرافـية.
وأقصد العراق والسودان والجزائر تحت رايات عربية وإسلامية هل نفعتها العروبة أو الإسلام صحيحاً كان أم فاسداً وبدون مواجهة مباشر مع ربيبة الاستعمار؟! ))
(( إذا كان الإنسان هو الكائن الوحيد الموكل إليه الاختيار؟ فلماذا تنفي عنه إنسانيته ( أقصد خياراته) والتعبير عنها في ظل الأممية الاشتراكية العربية والأممية العربية الإسلامية. الإنسان مدني بالفطرة فلماذا تصادر حقوقه المدنية في ظل الأمة العربية المزعومة؟ ))
(( الحداثة: هي محاولة تحقيق أكبر قدر من الحرية مع إشباع أكبر قدر من الحاجات فلماذا تقف الأمة العربية في وجه الحداثة؟ ))
(( الابتكار مغر للشجعان لكنه عسير على العاجزين ولأنه يتطلب بذل جهد في العقل تفكيراً وتصوراً ثم تنفيذاً بل يستدعي أيضاً بذل مجهود أكبر في إقناع الآخرين(هابرماس) فيلسوف السياسة المعاصر يقول أن أي مشروع للحداثة رهن بدعم مساحات الحوار في المجتمع والعالم. وهنا يقع المأزق العربي والأصولي فيلتحف كل منهم بالآخر حيث لا عاصم اليوم من طوفان العولمة)).
(( المفارقة في مساحات الاختلاف تستدعي الحوار فهل حاورت السلطة يوماً رعيتها أم ساومتها على الطاعة سراً بمكاسب وشراء ذمم أو علنا بالقمع))
(( مجتمعات الحداثة تسعى إلى التخلص من مفهوم الأمة لمزيد من الحريات فالمستفيد هو الفرد صاحب الابتكار والمبادرة ممن حازوا شهادة نهائية لصفة المواطنة ويرغبون في شيء آخر أكثر حرية من المواطنة ذاتها ))
(( أما مجتمعات ما قبل الحداثة أو ما قبل الزراعة والحديثة العهد بالنعمة فهي تسعى إلى التخلص من مفهوم الأمة لهدف خبيث هو العودة إلى الأشكال البدائية للتنظيم الاجتماعي أي الارتباطات الأكثر غرائزية مثل القبيلة والعشيرة والطائفة أو الدين، يحقق هذا الشكل نوعاً من التحرر تلغى فيه الدولة لكنه لا يحقق المواطنة ولا يمنح الحرية للفرد ))
(( فهل نحن حقاً أمة؟ )) (( ومن منا لا يريد رجمها إذا كانت مواصفاتها تتلخص فيما يدور فيها حالياً. الأمة هذه لها دلالة دينية ولها دلالة قومية ولها دلالة وطنية. فضعف فكرة الفصل بين الدين والدولة يدفع إلى المأزق الذي يحاول السيد مهدي عاكف السطو عليه كمنافس على الشرعية يتمثل في اللهو بين حدود الأمة الدينية وحدود الأمة القومية أي بين الكيانات الغرائزية تاريخياً. كلاهما كابوس طويل وكلاهما تعذر تحققه طوال التاريخ لأن الانتفاضات والرفض والثورة على هذين الشكلين لازما الشرق الأوسط طويلاً. أما ضعف فكرة التحديث فله سبب كامن في بقايا تلك الأشكال السياسية القديمة ))
(( الوطن الذي هو موضع الحداثة ومجالها الفاعل تقف القومية والدينية في وجهه وتعيد تسليمه إلى سجون الفكر والعقل ))
(( والسؤال الملح منذ زمن هو لماذا لا تنشر الحداثة في مجتمع قومي تجسده الأمة المتوهمة؟ ولماذا لا تتوحد لمواجهة المخاطر؟ آخذين في الاعتبار السكوت عنه والمضمر بين طيات الثقافة. إن الأمة لا تجتمع على خطأ بينما الواقع يقول أنها ارتكبت كل الأخطاء التي تستحق عليها الرجم واختارت الطريق الثاني. فكانت نتيجته الوضع الحالي. لا حداثة ولا وحدة ولا رد لمخاطر وتنتظر مصائب لم يحط بها أحد علماً. فقد تبين أن أحزاب الوحدة أو أحزاب أولي الأمر وأهل الحل والعقد ليسوا سوى أقليات فئوية أو عسكريات انقلابية أو إرهابيين يقول بلا إله إلا الله لاغتصاب السلطة. ويقولها المحكومون أيضاً كشكوى من ظلم الحاكم. وهو ما يجعلنا نشك في شرعية كل من الأمتين ))
وأخيراً يقول الكاتب فأين الحل إذاً؟
(( يقول الأخوان المسلمين الذين يستمدون شرعيتهم من خارج الأوطان إن الإسلام هو الحل. بينما ماما إنجلترا ومعها ابنتها أمريكا يقولان أن بريمير هو الحل ))
(( سوءة تاريخنا أننا واحد ولسنا مختلفين الديموقراطية والحداثة تجمع مواطنين مختلفين وأحرار وليست موزاييك دينية وعرقية. فلا ديموقراطية دون مواطنة ولا مواطنة دون مشروع من الدولة. ولا دولة دون حد أدنى من القيم المشتركة ))
((وهو بالفعل حال الشرق الأوسط طوال زمن الكوابيس العربية والدينية خوفي أن يستيقظ أهل الكهف من سباتهم فيجدون ورقهم هذا بلا قيمة لا يشتري طعاماً ولا حتى برميل نفط فارغ))
النتيجة لما لما يطرحه الكاتب من هوية وثقافة للمولود الجديد:
1- هوية حداثة علمانية – ثقافة مادية.
2- الاعتراف بالآخر المختلف.
3- منهج التعامل مع الآخر الحوار والقناعة.
4- لا للعنف وثقافتها وقطع الرقبة.
4- نهاد الغادري:
المصدر: جريدة المحرر - العدد 449 – التاريخ: 29 أيار 2004 - الصفحة الأولى
عنوان المقال: أسئلة الإصلاح الأمريكية وأسئلة التحديث والتطوير العربية
مقتطفات:
(( ثمة جدل في عواصم العرب، شعوباً وأنظمة، حول الإصلاح المطلوب لمواجهة المستقبلين: 1- مستقبل علاقات الشعوب بالأنظمة. 2- ومستقبل علاقات الأنظمة بالخارج الأمريكي أو الغربي صاحب القوة ويريد أن يفرض مشروعه للإصلاح.))
(( ولقد أصبح الموضوع ضاغطاً من وجهتي نظر الخارج والداخل لا بسبب الحاجة للإصلاح وهي التسمية الأمريكية له أو بسبب الحاجة للتطور والتحديث وهي التسمية العربية، بل بوصفه مدخلاً أمريكياً ومخرجاًَ عربياً في وقت معاً ))
1- (( فهو مدخل أمريكي لإعادة تشكيل المنطقة: ثقافة وسياسة وعلاقات وحدوداً فأنظمة..))
2- (( وهو مخرج عربي من أزمة المرحلة وضغوطها وتفاعلاتها )) وبالرغم من التداخل ما بين عناصر المدخل الأمريكي والمخرج العربي بوصفهما حالتي سلطة خارجية أو داخلية، فإن لموضوع الإصلاح أو التحديث والتطوير في صيغته العربية وحاجاتها يصطدم بالواقع والموروث ))
(( يصطدم بالواقع الذي ساهمت في صنعه السياسات الغربية بشكل عام في أعقاب تقسيم المنطقة وتقاسمها ))
(( ويصطدم بالموروث التاريخي لشعوب شتى عربية اللغة من نحو، إسلامية العقيدة بثقافتها أو بإيمانها أو بهما معاً من نحو آخر.))
(( ونعني بالثقافة والإيمان هنا موروثها الديني الممتد والمتراكم منذ قيام الدولة العربية في أشكالها المتعددة ومراحلها المختلفة قبل ألف وأربعمئة عام وحتى عصرنا الحاضر))
(( لقد طرحت أحداث سبتمبر الملتبسة والمدانة بمرتكبيها جميعاً موضوع الإصلاح من زاوية صلته بأحد أشكال الثقافة الإسلامية الممثلة في الوهابية السعودية. وما لبث الموضوع أن اتسع وتشعب ليصبح مدخلاً لتعديل برامج التعليم وآليات السلطة وأشكالها، أي مدخلاً لتحديث عميق صار مطلوباً ويعني أولاً إلغاء ثقافة الجهاد الإسلامية ))
(( ولأن مفهوم الجهاد متداخل سياسياً ويمكن التوسع به، دعوة ورفضاً، فقد أصبح الإصلاح المطلوب مدخلاً لإلغاء الصلة ما بين الدولة بما هي مؤسسة والمجتمع بما هو شكل تاريخي محدد، وبين الدين بما هو عقيدة وهوية, والموروث الديني بما هو سياسة وأنظمة. بمعنى آخر فصل الدين عن الدولة وبنيتيها السياسية والاجتماعية. وربما شكل هذا الفصل بأسبابه وعناصره ونتائجه ثورة سياسية مماثلة للثورة الأوروبية التي تم فيها فصل الكنيسة عن الدولة، على أنه هنا يتجاوز الشكل الأوروبي فهو يمهد ليس لتطوير الدولة والمجتمع بل لاقتلاع جذوره وإلغاء هويتيه: العربية والإسلامية. إنه يتم بإرادة خارجية ضاغطة ولحسابها، لا بإرادة داخلية حرة )) (( على أن الموضوع يظل أشد تعقيداً بحكم أن الإسلام ليس مجرد إيمان ولكنه يمثل بحقائقه على الأرض قوانين ونظماً وقواعد تفرض نفسها على المجتمع والدولة في وقت معاً ويصعب فصلهما ما لم يجد المجتمع عبر الصراع السياسي، الصراع لا الفرض، صيغة وسطاً بين الدين والدولة يحتفظ فيها الدين بدوره القيمي أي دور الرافعة الأخلاقية وتتحرر الدولة بحاجاتها المستجدة من سطوة فريق من رجال الدين ومن فهمهم المتخلف لدور الدين ورسالته))
والمشكلة هنا في سؤال الكاتب وهو (( هل تحتمل الثقافة العربية أو الموروث العربي بحقائق الواقع على الأرض مصطلحات الإصلاح الأولى وتعبيراته: الحرية، والديموقراطية، وتداول السلطة...؟ ))
((هذا السؤال يسبق بمشتقاته التي تفرضها عناوينه الثلاثة أي حديث عن الإصلاح أو التطوير والتحديث سواء بالمفردات الأمريكية ومشروعها، أم بالمفردات العربية التي يتحدث عنها البعض خجلاً ويود لو يهرب منها ))
(( سبق وأشرت في مقال سابق إلى أن الدولة العربية – الإسلامية لم تعرف خلال ألف وأربعمئة عام وفي كل مراحلها أي شكل من أشكال الديموقراطية أو الحرية أو التداول السلمي للسلطة. فالدولة العربية هي دولة دينية أولاً، ووراثية ثانياً, ومطلقة ثالثاً. وتتضافر هذه العناصر لفرض حالة من الاستعباد الثقافي والسياسي تتغطى عناصرها جميعاً بالدين ويلتبس باطلها بحقه ولا أخلاقيتها بأخلاقيته ))
(( فعلى امتداد التاريخ العربي، سواء في دولته المركزية الواحدة، أم في دويلاته المنفصلة، لم يعرف العرب من شكل الدولة غير التوريث أو تداول السلطة بالعنف، أو سلطة الحاكم المطلقة. ولقد شكل الدين مرجعية دائمة للسلطة السياسية قام فيها معظم رجال الدين بتطويعه وتوظيفه في خدمة الحاكم مغتصب السلطة أو وارثها، والمطاع بأمر إلهي..؟!))
(( إذن فنحن هنا، وفي مواجهة عناوين الحرية والديموقراطية وتداول السلطة، أما مفترق الثورة لا مفترق الإصلاح. ولكي يتحقق قدر من فصل الدين عن الدولة لا بد من مشروع تفرضه القوة الداخلية، لا مشروع يفرضه الخارج سواء بالاحتلال أم بالإذاعة والتلفزيون ))
(( إنها مشكلة العلاقة بين الديني والمدني. بين الحداثة والتاريخ. بين الماضي والمستقبل. وبغير مشروع تسوية – وهي ممكنة – بين هذه العناصر، ينفتح فيها الأصولي المنغلق على ثورة العلم وقد تجاوزت مفرداته الخشبية ))
(( وأخيراً وللذين يبحثون عن الطريق صادقين وجادين، نقول: إن طريق التحديث والتطوير، وهو طريق غاص بالمتاعب والمعاطب يمر عبر آليتين: 1- حرية النشر والتعبير التي تقيم رقابتها على العجز والفساد.
3- والتعليم: برامج وأهدافاً ووسائل، الذي ينقل المجتمع من حالة التخلف والتبعية والغيبية إلى حقائق
العلم وآفاق المستقبل.))
النتيجة لما لما يطرحه الكاتب من هوية وثقافة للمولود الجديد:
1- هوية حداثة – ثقافة وسط بين روحي ومادي بشرط من الداخل.
2- قبول الآخر المختلف.
3- منهج التعامل مع الآخر الحوار – التعبير – والتعليم.
رأي طريق الحقيقة في أفكار الكاتب:
إن طريق الحقيقة متفقة مع آراء الكاتب. وتقول أن حلاقتنا طالت ولا بد من حلاقة عصرية. وقد حلمنا في طريق الحقيقة أيضاً وتنبأنا بظهور ديغول عربي وفارسي وتركي من داخلنا ليحلق لنا. وكنا دائماً وأبداً ندعو في مسلسل طريق الحقيقة بظهور حلاقين من داخلنا ليحلقوا لنا حتى قبل أن تفكر أمريكا وبريطانيا ومن معها للمجيء إلينا ليحلقوا لنا ولكن حلمنا لم يتحقق. ولم يبق أمام شعوبنا إلا الإلتجاء إلى حلاقين من الخارج.
ونتمنى من صميم أعماقنا أن يتحقق حلم الكاتب في خلق الحداثة من الداخل وأن لا يموت حلمه في ذلك مثلما مات حلمنا في ظهور ديغول شرق أوسطي. لم يعد يهم شعوب المنطقة قومية الحلاق ودينه ومذهبه ولونه المهم أنه بحاجة إلى حلاقة لأن شكلنا تحول إلى شكل أهل الكهف والعالم كله بدأ يخاف من شكلنا الغريب وبدأ يهرب منا ولم يعد الأسرة البشرية تقبلنا كبشر. لقد وصل إنساننا في الشرق الأوسط إلى درجة بات يكفر بكل شيء وفقد الثقة حتى بنفسه وفقد الأمل ودخل في حالة إحباط مميت. وهو محروم من لقمة الخبز الحلال الكريم. ونسمة الحرية. وتحول إلى إرهابي يقتل نفسه والآخرين معه: ومع ذلك لا زلنا نحلم بالتغير والتقدم من وسط هذا التراكم من الموروث. فهل يحقق حلمنا أم نتابع مسيرتنا وراء أيديولوجيات وشعارات عاطفية حتى فنائنا؟
4- المفكر العراقي سيّار الجميل:
المصدر: جريدة الاتجاه الآخر – العدد 159 – التاريخ: 6/3/2004م - الصفحة 18
عنوان المقال: مشروع استعادة العراق ووضعه على سلم التاريخ بحاجة إلى مثقفين حقيقيين وليس إلى رجال دين.
مقتطفات:
(( يواصل المفكر العراقي سيّار الجميل القول فيؤكد ( أن السكوت عن إعلان الحقيقة والخوف من ممارسة النقد ومعالجة ما حدث من أخطاء وخطايا في تاريخنا هو الذي يجعل الأجيال تعيش وهماً مزدوجاً وثنائيات غبية! لا يمكن أبداً أن نبقى أسرى العناوين الخلابة والمعلومات العامة المزيفة من دون معرفة ما يكمن في الأعماق من خطايا حصلت وأنتجت وأثمرت بحكم ترسبات التاريخ ليس من الحكمة أن نسكت على تواريخنا الكسيحة ونصبغها بصبغات ملونة مضيئة ونزيف تاريخنا ونربي أولادنا على الزيف والبهتان... ليس من المنطق أن نمزج تاريخنا الحضاري وهذا العالم المضيء من حضاراتنا وثقافتنا ورقينا عبر التاريخ بما صنعه تاريخنا السياسي المقيت بكل ما حفل به من السيئات ومشروعات القتل والسحل والخنوع والعبودية والظلم والاستبداد...
لا بد أن يخرج أيضاً أولئك المتشرنقون بمرجعيات ومنطلقات طائفية ومذهبية وعرقية وقومية شوفينية وسلطوية وقبلية من أثيابهم ليكونوا حياديين وموضوعيين في معالجة التاريخ واتخاذ المواقف... وأخيراً لا بد للعرب أن يتخلصوا من الأنوية والشخصنة والمحليات والجهويات وأيضاً ما ولد في القرن العشرين من القطريات المقيتة بحيث هذا يرى أمجاده مصرية فرعونية والآخر يرى عراقيته فوق الجميع وهذا يتفاخر بأردنيته البدوية أو لبنانيته الجبلية أو ليبيته العظمى أو تونسيته الخضراوية أو خصوصيته المغربية أو جزائريته الثورية أو فلسطينيته لا تمس...الخ لا بد من الاعتراف بأن هناك في تاريخنا مركزيات ومحاور وأطراف... هناك أعمار وأزمان وأجيال وآجال... هناك مدن حضرية وهناك أرياف زراعية وهناك بواد وصحراوات وجبال... هناك سواحل ودواخل... هناك حضارات نهرية قديمة وهناك آثار وكنوز في خارطة تاريخية متغيرة لم تكن هكذا أبداً عبر الزمن كالتي نراها في القرن العشرين. وآخر ما يمكنني قوله أن تاريخنا الإسلامي بالذات يتجاوز عمره 1400 سنة لا يمكن أن نقف فقط على أربعين سنة منه ونترك 1360 سنة منه... لا يمكن أن نتجاهل ما حدث حتى في هذه الأربعين سنة من حكم الخلفاء الراشدين من أخطاء وفتن ومشكلات إلى جنب المنجزات! لا يمكن لمن يعتز بالأمويين وتاريخهم أن ينكر ما حدث من مآس وظلم في عهودهم! لا يمكن لمن يعتز بالعباسيين وتاريخهم أن ينكر ما حدث من خطايا قاتلة وثورات مميتة وانقسامات مريعة في عهودهم! لا يمكن لمن يعتز بالفاطميين وتاريخهم أن ينكر ما فعلوه ويتغاضى عن ذلك! لا يمكن لمن يعتز بالأندلسيين أن ينكر حجم الانقسامات والتشرذمات ومملكات العصبيات والطوائف... لا يمكن لمن يعتز بالصفويين والعثمانيين وتواريخهم أن ينكر ما حدث عند الطرفين من مشكلات سياسية وفتن وظلم وحروب داخلية وصراعات طاحنة! ليأتي الجهلة ويقولون والله نحن نمتلك تاريخاً عظيماً وإن مشكلتنا فقط هي مع الاستعمار والصهيونية!! )))
(( المسألة الثقافية في الواقع العربي بقيت حبيسة الإندراج المباشر في الأدلجة والمذاهب والتيارات حتى بات من العسير الخروج من المعطف الجاهز، الذي لا تفتأ المزيد من التيارات من التلويح به، ترغيباً وترهيباً أين تكمن مساحة المثقف والحرية؟))
(( أعتقد أن المسألة الثقافية هي نتاج واقعين اثنين أولهما اجتماعي وثانيهما سياسي... وكل منهما يشكلان سلطة من نوع ما على أي مثقف عربي نبت في خضمهما ولكن المشكلة تكمن في سؤال حيوي: من هو المثقف؟
(( هل هو هذا النموذج الذي نراه اليوم في محيطنا؟ أم هو غيره؟ وإذا كان غيره؟ فأين هو؟ المثقف عملة صعبة في حياتنا ما دام كل من واقعينا الاجتماعي والسياسي هما هذا الذي تفرزه لنا حياتنا العربي عند مطلع القرن الواحد والعشرين))
(( فلقد بدأت كل من السلطات والأيديولوجيات والأحزاب الراديكالية والشوفينية خصوصاً تفرض أجندتها على المثقف وتحاصره وتقمعه وتأسره وتكبل حرياته وخلق طوائف من تابعي السلطة أو أولئك الذين أسموهم بـ ( مثقفي سلطة ) وكان هناك سباق على كسب من يسمونهم بالمثقفين المبدعين ليس لكسب ولائهم بل للسسيطرة على إبداعاتهم وإمكاناتهم وتوظيفها لمصالح أنظمة وأيديولوجيات وأفكار وسياسات واتجاهات معينة! واستمرت المسألة الثقافية العربية تنتقل من أزمة معقدة إلى أخرى أكثر تعقيداً عندما وصل الأمر إلى اغتيال مثقفين وتغييب آخرين وانتحار بعض آخر وهجرة نخب بعينها... أما الجيل الذي جاء متبلوراً بعد العام 1979م فلقد دخلت المسألة الثقافية والمثقفون العرب نفقاً مظلماً وخصوصاً بعد ارتخاء الأيديولوجيات السياسية والراديكالية والشوفينية والقومية على حساب التحزبات الدينية والطائفية والمذهبية والتقليدية التي تشكل ضحالتها السياسية والإعلامية حصاراً رهيباً لا تكمن سلطاته في الدولة الدينية أو الحزب الديني بل تنزع سلطاته في التسيد الاجتماعي بحيث وقع المثقف الحقيقي رهن الأسر وكبلت حريته كاملةً بل ودفع البعض حياتهم ثمناً للحرية))
النتيجة لما لما يطرحه الكاتب من هوية وثقافة للمولود الجديد:
1- هوية حداثة - ثقافة مادية – قراءة نقدية تاريخية.
2- الاعتراف بالآخر المختلف.
3- منهج في التعامل مع الآخر الحوار والقناعة.
4- أهمية الرسالة التاريخية للمثقف.
4- مشروع طريق الحقيقة للحل والهوية والثقافة للمولود الجديد:
المقدمة: أخي العربي والفارسي والتركي والكردي. الواقع الجغرافي والتاريخي والثقافي يفرض علينا الحياة المشتركة على أساس المساواة في الحقوق والواجبات وحقوق المواطنة على مبدأ لا سيد ولا عبد.
إن شعوبنا تتكاثر وتكثر معها متطلباتها الحيوية من المأكل والملبس والمسكن والحاجيات العصرية. إن البحث عن تلك المتطلبات والحاجيات خارج هذه الجغرافية أمر خطير. سنخسر جغرافيتنا وإرادتنا الوطنية معاً.
إن التاريخ البشري العالمي يتجه نحو التكتلات الاقتصادية الجغرافية الكبيرة. إن العيش ضمن دول صغيرة بات أمراً مستحيلاً.
فمع بداية القرن الحادي والعشرين تحول التاريخ البشري إلى بحر هائج الأمواج وارتفعت أمواجها إلى آلاف الأمتار وبإمكانها أن تُغرق آلاف الجزر الصغيرة. إن الدول الصغيرة وشعوبها لا يمكن أن تحمي نفسها من الغرق ما لم توسع مساحتها الجغرافية والاقتصادية.
إن مشكلتنا في الشرق الأوسط لا تكمن في الجغرافية وفي التاريخ والثقافة. وهي مكملة لبعضها البعض منذ قرون. ولكن المشكلة تكمن في الهوية وثقافتها وفي الرؤية الاستراتيجية وفي طرح المشاريع البعيدة المدى.
ولكننا لا زلنا نعيش مع هويات وثقافات واستراتيجيات ومشاريع قديمة تجاوزها التاريخ. مجتمعاتنا متناحرة. لقد انقسم إنساننا إلى قسمين: 1- قسم يريد تثبيت الهويات القديمة وثقافتها.
2- وقسم يريد هوية جديدة وثقافة الحداثة.
ولكن المشكلة تكمن في منهج الحوار. القديم يريد منهج العنف وقطع الرقبة والحديث يريد حوار القناعة وبين المنهجين ضاعت شعوبنا وبدأ الضغط الداخلي والخارجي يشتد يوماً بعد يوم. لقد توقفت كافة مشاريع النمو والتطور. وبات مستقبلنا محفوفاً بالمخاطر إذ لم يعد شيء يشغل شعوبنا سوى هاجس الأمن. لقد سيطر الخوف على كل إنسان في الشرق الأوسط وبات يسأل هل بخروجه من داره في الصباح سيعود إليه سالماً في المساء؟
إن شعوبنا الأربعة في الشرق الأوسط تعيش حياة مأساوية حقيقية مع بداية القرن الحادي والعشرين فلا هو مؤمن على متطلباته الحيوية من المأكل والملبس والمسكن والحاجيات. ولا على حريته ولا على حياته. وبات الكل يسأل ما هو الحل؟
ونحن بدورنا نطرح أفكارنا في طريق الحقيقة لنؤدي واجبنا التاريخي نحو أمنا الشرق أوسطية علها تكون الحقيقة لتوصلنا إلى بر الأمان.
أخي العربي والفارسي والتركي والكردي:
إن التاريخ وحركة التطور والتقدم غير ثابتة. كل شيء يتحرك ويتغير فيجب أن نتغير معه.
فللهوية أيضاً تاريخٌ ونصيبٌ في هذه الحركة.
لقد عاش الإنسان منذ أن ظهر على سطح الأرض بهويات وفق المراحل التالية:
من هوية المشاعيات البدائية إلى هوية الأسرة إلى هوية القبيلة إلى هوية العشيرة إلى هوية الأمة إلى هوية الشعب والقومية إلى هوية الطبقة وأخيراً وها نحن ندخل إلى تاريخ هوية الجغرافية والتكتلات الاقتصادية. ولكل هوية ثقافتها.
هناك مثل شعبي يقول: (( لكل زمان دولة ورجال )) (( والإنسان ابن زمانه )).
لقد حاولت كل هوية قديمة أن توقف ظهور الهوية الجديدة التي انبثقت منها بالعنف وأن تقضي على ثقافتها فلم تستطع ذلك.
لماذا لم تستطع؟ لأن الحركة غير ثابتة وهي تسير دائماً إلى الأمام من البسيط إلى المركب والمعقد.
إن كل مرحلة تاريخية لها مشاكلها وتناقضها وحاجياتها لا يمكن حلها إلا وفق هوية وثقافة المرحلة التاريخية التي حلتْ.
إن حل تلك المشاكل والتناقضات وتأمين الحاجيات والمتطلبات الحيوية للإنسان بهوية وثقافة قديمة أمر مستحيل.
إن محاولة عدم ظهور الهوية الجديدة وثقافتها بالعنف وقطع الرقبة أمر خطير. إن العنف يزيد من المشاكل والتناقضات مما قد يسبب بانقراض الأمة أو الشعب بأكمله.
لذلك وبناءاً على قراءتنا للتاريخ العالمي والإقليمي نطرح الهوية التالية للمولود الجديد وثقافته:
(( هوية الشرق أوسطي )) وثقافته فلسفة حقوق الإنسان وغصن الزيتون.
هذه الهوية تجمع أممنا الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية على أساس الحقوق المتساوية في جغرافيا شرق أوسطية سميناها (( دوحة الحرية )).
إن ثقافة وفلسفة حقوق الإنسان تقوم على الآتي: الإنسان هو المنطلق:
1- الإنسان له الحق في المأكل والملبس والمسكن.
2- الإنسان له الحق في ممارسة حريته الشخصية المشروعة.
3- المشروعية هي آراء الأكثرية والأقلية.
4- إن للأكثرية السلطة بقدر نسبتها وللأقلية سلطة بقدر نسبتها.
5- للإنسان حقه في الاختيار.
6- للإنسان حقه في التمثيل.
7- الإنسان له حق المواطنة المتساوية لا سيد ولا عبد.
8- حريته في التنقل والعمل والبيع والشراء والتملك فهوية شرق أوسطي أو (( دوحة الحرية)).
9- لا فيتو على حرية الإنسان في التعبير والتمثيل والاختيار والتأليف والنشر.
10- لا سلطة خارج المشروعية.
11- حرية الإنسان في المعارضة مقدسة لا يجوز المساس بها بل يجب رعاية المعارضة مادياً ومعنوياً لأنها هي الميزان لتصحيح الخطأ والمراقبة.
12- المرأة إنسان لها كل الحق على قدم المساواة مع الرجل في كافة نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والتمثيل.
13- يحتل الإنسان مكانه المناسب وفق مؤهلاته العلمية والإبداعية لا وفق حزبه أو دينه أو مذهبه أو لونه أو قوميته أو عشيرته.
إن هذه اللائحة غير مغلقة. إنها مبادئ أولية يمكن أن تضاف إليها أو تلغي منها. لكل إنسان رأيه التخصصي بذلك.
المهم في مشروعنا للحل هو الهوية وثقافتها.
فإذا قبلنا بهوية الشرق أوسطي وثقافة غصن الزيتون وحقوق الإنسان. بعدها سيأتي دور المفكرين والسياسيين والاقتصاديين والحقوقيين، لكلٍ رأيه يحق له اقتراحه وطرحه بكل حرية.
أخي الإنسان العربي والفارسي والتركي والكردي. لم يعد هناك مجال للسكون والركض وراء القرش الحرام والكسب غير المشروع. لا بد من أن ننتقل إلى الهوية الجديدة والثقافة الجديدة لنعيش مع هذا العالم المندفع إلى الأمام.
وإذا بقينا نراوح مكاننا والركض وراء القرش الحرام سنفقد القرش الحلال والحرام معاً.
5- دور القضية الكردية في ميلاد المولود الجديد والهوية والثقافة:
يبلغ اليوم عدد سكان الشعب الكردي أربعين مليوناً من البشر. قسمهم الغرب خلال امتداده الاستعماري نحو الشرق الأوسط ووزعهم على الأمم الثلاث العربية والفارسية والتركية لغايات استراتيجية بعيدة المدى. والغرب يتحمل نصف المسؤولية عن مأساة هذا الشعب والنصف الثاني يتحملها أبناء الأمم الثلاث. لقد دامت المشكلة الكردية قرابة قرن كامل وهو القرن العشرين بدون حل لا من قبل العربي ولا الفارسي ولا التركي. والسبب كانت الهوية والثقافة.
فلا الهوية القومية وثقافتها العشائرية استطاعت أن تجد حلاً لهذه القضية.
ولا الهوية الدينية وثقافتها المطلقة استطاعت أن تحل القضية. يخطئ العربي والفارسي والتركي إذا اعتقد بأنه يستطيع حل القضية الكردية بالهوية القومية والدينية وثقافتهما خلال القرن الحادي والعشرين.
يخطئ العربي والفارسي والتركي إذا اعتقد بأنه يمكن أن يحقق الديمقراطية أو العلمانية أو الحداثة أو التطور والتقدم أو الأمن والسلام الاجتماعي بدون حل القضية الكردية.
يخطئ العربي والفارسي والتركي أنه يستطيع أن ينشئ أي تكتل اقتصادي شرق أوسطي الذي فيه خلاصه على غرار الإتحاد الأوروبي بدون الإعتراف بوجود الشعب الكردي وحل قضيته الحقوقية على قدم المساواة في الحقوق والواجبات وحقوق المواطنة.
يخطئ الغرب إذا كانوا يعتقدون بأنهم يستطيعون القضاء على الإرهاب وخلق مناخ من الأمن والسلام في الشرق الأوسط بدون حل القضية الكردية والقضية الفلسطينية.
أخي العربي والفارسي والتركي والكردي: لقد فات قطار التاريخ على الهوية الدينية والقومية والشيوعية وبات اليوم السيادة لهوية وثقافة وفلسفة غصن الزيتون وحقوق الإنسان.
إن حقوق الإنسان وسياسة غصن الزيتون باتت شريعة موضوعية واقعية ويوماً بعد يوم يرتفع صوتها ولا يستطيع أحد أن يتجاهلها. إن جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان لا تسمح بأن يذبح أربعون مليوناً من الأكراد بالسكين أو بالبارود أو بالأسلحة الكيميائية. أو إنكار حقوقهم الإنسانية. إن قضية الشعب الكردي ليست مشكلة رز وسكر وشاي أو عملاء للإمبريالية والصهيونية أو إرهابين إنه شعب كأي شعب في الدنيا له تاريخه وثقافته ولغته وله كامل الحق في الحصول عليها.
ترى هل ندرك ذلك قبل فوات الأوان.
إن الشعب الكردي سيعيش مع العربي والفارسي والتركي بقوميته ولغته وثقافته وجغرافيته ضمن هوية شرق أوسطية (( دوحة الحرية)) على قدم المساواة في الحقوق والواجبات وحقوق المواطنة. هذه هي إرادة التاريخ. ولا يستطع أحد أن يوقف إرادة التاريخ. ما كان بالإمكان قيام اتحاد أوروبي ما لم تكن هناك مساواة بين كل الأقوام التي شاركت في هذا الإتحاد فلا الألماني ألغى ثقافة الفرنسي أو الإيطالي ولا الفرنسي ألغى لغة وثقافة الآخرين. لكل شعب من الاتحاد أرضه ولغته وثقافته والذي يجمعهم الآن لا الثقافة ولا اللغة ولا الدين ولا المذهب بل اليورو وراية تزينها نجوم بعدد هذه الشعوب. وها هو اليورو يقف إلى جانب الدولار والين ويتنافس على الساحة العالمية.
ترى هل نحن في الشرق الأوسط نفهم التاريخ ونتعظ منه ونحاول النهوض من جديد أم نحن سائرون نحو الهلاك؟
6- كلمة ختامية من طريق الحقيقة:
أخي العربي والفارسي والتركي والكردي:
لقد أراد حكيم يوناني قديم قبل الميلاد أن يقدم نصيحة لولده بعد أن قضى عمراً طويلاً وهو يفكر بهذه الدنيا.
فصحب ولده معه إلى أعلى القلعة في وسط مدينة أثينا وهي قلعة مشرفة على المدينة فقال لولده: انظر يا بني إلى هذه المدينة لها مركز وممتدة عمرانياً بكل الاتجاهات تربطها بمركز المدينة طرق، وكل الطرق تتجه نحو مركز المدينة. فإذا سلكت أي طريق من طرقها ستؤدي بك إلى مركز المدينة. فإذا سلكت طريقاً ما من الطرق من أية جهة كانت، وجابهتك عراقيل، لا تجلس وتبكي. غير طريقك إلى طريق آخر لأن كل الطرق تؤدي بك إلى مركز المدينة.
ويقابلها في الثقافة العربية الشعبية القول المأثور (( كل الدروب تؤدي إلى الطاحونة )).
إن الإنسان في كل زمان ومكان بحاجة إلى أربعة أشياء طالما هو على قيد الحياة:1- المأكل 2- الملبس 3- المسكن 4- الحاجيات.
إن الهوية والثقافة وسيلة وليست غاية. وسيلة لتأمين المأكل والملبس والمسكن والحاجيات للإنسان. فإذا لم تستطع هويتك وثقافتها أن تؤمن هذه المتطلبات الأربعة ولم تؤمن لك الأمن والسلام الاجتماعي وفق قانون المرحلة في الزمان والمكان، يعني أنك أمام طريق مسدود.
غير هويتك واستبدلها بهوية وثقافة جديدة كي تصل إلى الهدف. إن الإنسان كائن حي يجب أن يأكل ويلبس ويسكن ويستخدم حاجيات. بدون ذلك لا يمكن أن يعيش.
إن المأكل والملبس والمسكن والحاجيات هي من شغل الاقتصاد والاقتصاد هو العمود الفقري للإنسان. فإذا انكسر هذا العمود الفقري أو أصيب بمرض ما ولم يعافَ منه فذلك يعني الموت.
إن الاقتصاد ليس شغل الحمير كما قال زعيم الثورة الإيرانية مع احترامنا الشديد لوجهة نظره.
ولكي يكون هناك اقتصاد يمدنا بطاقة الحياة فلا بد أن يفكر الإنسان, والفكر هذا ما يميز الإنسان عن الحيوان. فإذا ألغى تفكيره ألغيت إنسانيته.
والفكر ليس كفراً كما قال عالمنا الجليل: محمد بن عبد الوهاب مع احترامنا لرأيه.
نأمل بأننا في طريق الحقيقة قد وفقنا في نقل آراء وأفكار المفكرين والسياسيين القدماء منهم والحديث منهم في هذه الحلقة وما طرحناه من وجهة نظرنا في الهوية والثقافة للمولود الجديد.
مع التكرار من أننا لا نملك الحقيقة كاملة، ونحترم كل رأي آخر في قول الحقيقة.
ودمتم...
حلب في ------------------------------------- محمد تومة
20/6/2004مـ -------------------------------- أبو إلياس



#محمد_تومة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريق الحقيقة رقم 15
- طريق الحقيقة رقم 13


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومة - الشرق الأوسط حبلى بمولود جديد. والصراع على الهوية والثقافة.