أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الفيتوري - وصفة الأمس لأحداث اليوم















المزيد.....

وصفة الأمس لأحداث اليوم


مصطفى الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 3270 - 2011 / 2 / 7 - 14:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في تونس انتفض الناس ؛ من الجوع أولاً و الظلم ثانيا وكان الشعار ـ ويا للمفارقة ـ رغيف خبز ، لا طرد بن على ، ولا حكومته ، وتدفقت الجموع هاتفة بمنطقها البسيط تقول : نريد الخبز فلماذا افتقدوا الخبز حتى زحفوا إلي الشوارع؟!.
في مصر ؛ الذين احتلوا ميدان التحرير و الذين هبوا في السويس و الإسكندرية و العريش كانوا يطلبون الخبز قبل إقالة الرئيس وقبل رفض حكومته الجديدة وقبل أن يبرز التجار الذين أرادوا سرقة تضحيات الجياع والمحرومين والسؤال هو نفسه لمادا افتقدوا الخبز؟ الجواب بسيط: إنها "الوصفة" إياها.
في الحالتين كان للهم الأول لمن انتفضوا أمران أساسيان: عيشهم والجور الذي وقع عليهم.
الوهم هو في الاعتقاد أن ما جرى في تونس و ما يجري في مصر هو نتيجة لسياسات محلية مستقلة تحركها إرادة محلية وتفرضها ضرورات وطنية تخدم المواطن البسيط وتلبي مطلبا قوميا يدرك بأن حل مشاكل قطر واحد لا يمكن أن يتأتى بمعزل عن بقية الأقطار العربية المشتتة ، الحقيقة هي أن ما جرى ويجري لا محلي فيه ولا قومي له علاقة به لا في تونس ولا في مصر وإنما هو انعكاس محلي لسياسات تديرها أنظمة محلية قمعية لمصلحة آخرين ، وإليكم أصل الحكاية:
لإدراك أبعاد الصورة علينا أن نراها على مستوى قومي لا رؤية قطرية في زمن تآكلت فيه القطرية وثبت عجزها ، منذ أكثر من ثلاثة عقود قاد السادات تيارا في المنطقة عرف باسم الانفتاح ، وأحد أسباب دلك هو أمران: الأول اتفاقية السلام مع الإسرائيليين والثاني الاعتقاد أن حل مشاكل مصر يكمن بالتحديد في التزامها بتلك الاتفاقية و العمل على تشجيع بقية العرب على فعل الشيء ذاته وتلك إحدى مكونات "الوصفة". وبعد ثلاثة عقود نرى اليوم النتائج وأهمها التحول الرهيب في الاقتصاد المصري و السياسة المصرية وحتى في نسيج المجتمع المصري منتجا اليوم مسخا من كل شيء (مسخ اقتصادي وآخر سياسي ومسخ اجتماعي تركيبة المجتمعات العربية نفسها ــ وفي مقدمتها مصرــ ومسخ تنموي لا تنمية فيه) وفي الختام أدى ذلك التيار إلى حتف قائده نفسه الراحل السادات ، علاوة على ذلك فإن مشاكل مصر مند ثلاثة عقود ربما كانت تعادل حمولة بضع شاحنات (بالمقطورة) أصبحت اليوم تعادل حمولة ملايين الشاحنات بملايين المقطورات والأكثر مرارة أن تلك المشاكل تعقدت لدرجة أن حلولها تتجاوز قدرات مصر وقدرات من أعطاها "الوصفة" ، والنكتة أن "السلام" الذي صوره الانفتاح كقاطرة للحلول تحول إلى مقطورة عاطلة تحتاج لقاطرة!.
وبعد ثلاثين سنة أنتج ذلك التيار جزءاً من المشهد الذي يتوالى فصولا اليوم ؛ أنتج الإصلاح بمفهومه الممسوخ و الانفتاح الاقتصادي الأعمى والتطور الديمقراطي تحت عباءة الإقطاع الفضفاضة التي نقلت عبودية الجماهير من يد الإقطاعي بالوراثة إلى الإقطاعي الذي نصبته الأنظمة في مصر وخارجها وتحول مع مرور الزمن إلى واقع متجذر مقبول وعكاز للأنظمة ومفروض على البسطاء المطحونين بين خبز جاف وماء ملوث ومرض مستشر و دواء بسعر الذهب.
المشكلة أن رؤية الأنظمة للصورة وبعد ثلاثة عقود ظلت رؤية عمياء لا بصر فيها ولا بصيرة وبدل أن تصحح مسلكها أمعنت في توهم أن الصورة حقيقية وأبعادها متناسبة المقاسات وأنها معالجة ناجعة للواقع طالما التزمت بالـ"وصفة". وما يؤكد أن الرؤية عمياء فعلا هو خلفية الصورة حيث أخذ عدد الجياع في التضاعف فيما انتقل عدد الفقراء من خانة الآلاف إلى خانة الملايين وعدد الأميين أصبح فلكيا فيما عجز الموازنات العامة يتضاعف والديون الخارجية تتراكم لدرجة أن أجيالا كاملة مديونة حتى قبل أن تولد والأنكى من دلك تفاقم هوة المفاهيم بين الشعوب و الحكام، جعلت من الصعب رؤية أية حلول حقيقة ولجأت الأنظمة إلى المسكنات متغاضية عن حقيقة أن مضاعفة جرعة المسكنات تنتج أمراضا متوطنة ولا تعالج أمراضا أضحت مزمنة.
ما تشهده مصر وما شهدته قبلها تونس لن يتوقف عند حدودهما وإنما سيمتد إلى كافة الأنظمة المشابهة بما فيها تلك التي لم تبلع "وصفة" البنك الدولي ولكنها بلعت نظيرها السياسي وهو تبني الأجندة الأمريكية التي حولت العراق إلى "ديمقراطية" طائفية بغيضة وجعلت العربي يحس بالخجل من انتمائه وقلصت فلسطين المتفاوض عليها إلى جدار أسمنتي وأنفاق للتهريب ومشردين في كافة أصقاع الأرض.
في خلفية المشهد هذا وتحت رماد الواقع اليومي كان تيارا آخر يتشكل ؛ قوامه المقموعون لأنهم رفضوا أن يشاركهم البنك الدولي خبزهم والذين أدركوا أن سياسات من يحكمهم لا تخدمهم وأولئك الذين رأوا أن قضايا الأمة القومية صارت في أدنى مستويات اهتمام الأنظمة ، الذين شهدوا على حصار غزة بأياد عربية، وممن رأوا العراق يٌستباح بمعونة عربية ، هدا التيار لم يعش الانفتاح مند ثلاثة عقود إلا أنه يرى نتائجه اليوم ولم ير نكسون ولا كارتر في القاهرة ولا بيجين في الإسكندرية ولكنه وجد آثارهم ولم يتعاط بشؤون البنك الدولي إلا أنه أدرك وجوده من مذاق الرغيف المر من "الوصفة" إياها.
هدا التيار هو الشباب الذي أكتسب من العولمة مفاهيم جديدة عن الحياة و الثروة و الحرية و السياسات الوطنية وشكل قناعاته وكون لنفسه مفاهيم تفرق بين التنمية والنمو ، تيار يشهد بأن القطاع العام لم يفشل إلا لأن التجار والفاسدين تولوا أمره وإن المساواة ليست مفهوماً فلسفياً في الهواء إلا لأن الإقطاعيين الجدد سرقوا الأرض من تحته وأن الخبز ليس غاية صعبة الإدراك ولكنه مر المذاق في ظل الفقر وتراكم الديون وإن الفقر ليس نقمة إلهية ولكنه لعنة قدرية بسبب من سرقوا الثروة وراكموها ، أكان في حساباتهم أو في مشاريع فاشلة قبل أن تبدأ!.
إن الأنظمة والتنظيمات التي عليها أن تعلن فوزها في مباراة الإرادات هي تلك التي رفضت "الوصفة" بشقيها ووقفت تواجه أمريكا وعانت شعوبها من أجل كرامتها ورفضت أن تصبح غزة سجن مسور وقالت لا لاحتلال بغداد ولا لبلقنة الصومال ولا للسلام الذي يجعل من أرض فلسطين قصاصة ورق يمررها مفاوض فلسطيني عاجز إلى مفاوض إسرائيلي متعجرف وينتهي أمرها على صفحات ويكيليكس لتعزز موقف من قالوا لا وتؤكد رؤية من وقفوا يقاومون لأنهم اكتشفوا الزيف مبكراً.
في المقابل على الأنظمة التي أبتلعت "الوصفة" سياسيا واقتصاديا أن تعترف بأنها خسرت أمسها قبل أن تخسر غدها الذي ترسم ملامحه أجيالا جديدة لا تعترف إلا بوطنية ليست الكوكاكولا أحد مكوناتها و قومية ليس الخجل من الانتماء أحد قوائمها وتنمية للجميع وبالجميع يستفيد منها من عز عليه الرغيف أولا لا نمو يراكم الثروة في يد حفنة مستعدة للفرار في أية لحظة كفرار من فروا ومن يحاولون الآن الفرار.
[1] مصطفى الفيتوري ، رئيس قسم إدارة الأعمال في أكاديمية الدراسات العليا وفائز بجائزة سمير قصير لحرية الصحافة للعام 2010


Mustafa M Fetouri

MBA PROGRAM DIRECTOR
AGS, JANZOOR, LIBYA
Landline: +218 21 487 0459



#مصطفى_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- منها لقطات لنساء غرينلاند تعرضن للتعقيم.. إليكم الصور الفائز ...
- أصيب بالجنون بعد شعوره بالخوف.. شاهد قط منزل يقفز بحركة مفاج ...
- الدفاع الروسية: أوكرانيا خسرت طائرة حربية و213 مسيرة و1145 ج ...
- بوليتيكو: واشنطن توسلت إسرائيل ألا ترد على الضربات الإيرانية ...
- بيونغ يانغ تختبر سلاحاً جديداً وخبراء يرجحون تصديره لموسكو
- بالفيديو.. إطلاق نار شرق ميانمار وفرار المئات إلى تايلاند هر ...
- مصر.. محاكمة المسؤول والعشيقة في قضية رشوة كبرى
- حفل موسيقي تركي في جمهورية لوغانسك
- قميص أشهر أندية مصر يثير تفاعلا كبيرا خلال الهجوم على حشود إ ...
- صحف عالمية: الرد الإسرائيلي على إيران مصمم بعناية وواشنطن مع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الفيتوري - وصفة الأمس لأحداث اليوم