دكتانورية الاغلبية ومخاوف التقسيم ؟

صحيفة التيار الديمقراطي

الحوار المتمدن-العدد: 3269 - 2011 / 2 / 6 - 09:42
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

دكتاتورية الأغلبية ومخاوف التقسيم !

رئيس التحرير

قد يتوهم البعض بأن فرض إرادة الأغلبية وانفرادها باتخاذ القرارات المصيرية يعني الديمقراطية في أحد صورها وهذا لعمري ما يتنافى مع روح الديمقراطية الليبرالية التي ننشدها في عراق ما بعد 2003 . إنها دكتاتورية الأغلبية الأشد وطأة من الدكتاتوريات التي سبقتها .

دكتاتورية الأغلبية تهدد وحدة الأوطان والسلم الأهلي القائم على التفاهمات بين مكونات الشعب الواحد والذي يعني وجود حماية دستورية لحقوق الأفراد والأقليات من تسلط الأغلبية . وإلا قد ُتجبر الأقليات على اتخاذ قرارات تقلب الطاولة على رأس الأغلبية وتفتح الباب على مصراعيه لتدخلات أجنبية إقليمية أو دولية غير محمودة العواقب . الأمثلة على ذلك كثيرة . والنتائج قاسية . وعلى جميع قادة الكتل السياسية في العراق الاتعاظ واستخلاص العبر.

إن قرار انفصال جنوب السودان عن شماله لم يتخذه أبناء الجنوب اليوم عبر الاستفتاء الشعبي , بل اتخذته القيادات الشمالية يوم قررت تطبيق الشريعة الإسلامية . ومن جانب واحد دون اعتبار لأهل الجنوب . بل إن الظلم والتهميش الذي تعرض له الجنوبيين على يد إخوانهم من أبناء الشمال طوال عقود من الزمن زاد الأمر تعقيدا وخلق مناخا مواتيا لشعب الجنوب في استعمال حقه المشروع في إقامة دولته وفق القرارات الدولية في حق الشعوب في تقرير مصيرها .
التباكي على وحدة السودان ليس له ما يبرره . فشعب جنوب السودان ليس لعبة بأيدي أطفال شماله , يعلو صراخهم عندما يفقدونها . والتطرف الديني والعنصري آفة مجتمعاتنا الإسلامية والعربية . والذي يخلق مناخا ملائم لتقسيم أوطان وتجزئتها عرفت من قبل بحرصها على وحدتها .

إن مجتمعاتنا اليوم تعيش على جماجم من مثل هذه المظالم وكلها قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت . تنبئ بحروب أهلية لها أول وليس لها آخر كتلك التي عاشتها أوربا في القرن السابع عشر وذهب ضحيتها ملايين الأبرياء . السودان ليس البلد الأول والوحيد الذي فقد ثلث أرضه وشعبه . بل هنالك الكثير من الدول تنبئ بمثل تلك التشرذمات . السعودية والعراق والجزائر واليمن ولبنان وغيرها الكثير إذا لم تحسن قياداتها السياسة إشراك كل مكوناتها في إدارة بلدانهم وتحترم حرية الناس ومعتقداتهم فستكون النتائج وبال على الجميع .
لقد تمادى البعض في احتكار السلطة وفرض إرادته على الآخرين تحت وهم إرادة الأغلبية , وبدأ يفسق الآخرين ويتهمهم بالمروق الديني ليلغي ثقافة شعب بأكمله ويحطم الذوق الرفيع الذي تميزت به بعض الشعوب ويحقر من فنونهم ويضخ الأحقاد والهوس الديني ما يشجع الإرهاب والحروب الطائفية ويهدد السلم الأهلي ويقسم المجتمع الواحد إلى مقهورين وجبابرة . تحت شعار إرادة الأغلبية . إن الديمقراطية الحقيقية هي حكم الشعب وليس فرض إرادة الأغلبية !

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل