أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منير درويش - حول العلمانية و الدولة المدنية















المزيد.....

حول العلمانية و الدولة المدنية


منير درويش

الحوار المتمدن-العدد: 3260 - 2011 / 1 / 28 - 16:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



"هل سورية دولة علمانية أم دينية ؟ " سؤال طرحته الحلقة النقاشية التي قدمها وأدارها بجدارة ، الأستاذ أيمن عبد النور على قناة أورينت الفضائية يوم 23 / 1 / 2011 ، وقد أثار إشكاليات عدة يمكن التوقف عندها نظراً لأهمية هذا السؤال الذي وإن خصص لسورية لكنه يشمل أغلب الدول العربية والإسلامية ودول أخرى ، لأنه يضعك أمام أحد خيارين إما الأبيض أو الأسود .
ومهما كانت الإجابة عن هذا السؤال فلا بد من إبداء بعض الملاحظات المتعلقة بالشكل والتي لها علاقة غير مباشرة على الأقل بالموضوع .
1 – إن الباحثين الذين شاركوا في الإجابة على السؤال ، إما من المؤيدين للعلمانية ، أو من غير المعارضين لها ، بينما غاب عن المشاركة عناصر من التيارات المعارضة لها بشدة ، وبالتالي لم تتاح لهم فرصة طرح وجهات نظرهم حولها وسماع المشاهدين لأرائهم .
2 – كان يمكن للسؤال أن يكون " ما هي حدود العلمانية أو المدنية أو الدينية في الدولة السورية " ؟ .
3 – اقتصر تعريف العلمانية وهو المهم على المسلمة الدارجة ، وهي " فصل الدين عن الدولة " والذي يفسر أحياناً بأنه نوع من الإلحاد ، علماً أن شعوب الدول التي تطبق فيها القوانين العلمانية لا تقل تمسكاً بدينها خارج إطار هذه القوانين عن الشعوب الأخرى . ونحن نعلم أن للعلمانية تعريفات وتفسيرات متنوعة ومختلفة أحياناً ، كونها إطاراً نظرياً عاماً ، يؤسس لبعض التطبيقات العملية التي تختلف من مجتمع لآخر . وإن كان المطران يوحنا إبراهيم أحد المشاركين في الحوار قد أعطاها تعريفاً واقعياً ناجحاً من وجهة نظرنا ، وهي " فصل سلطة الدين عن سلطة الدولة " . لكن العلمانية تعرف أيضاً بأنها " فصل الدين عن التربية والعلوم "، والذي يؤسس لوضع كتاب عن الأخلاق يدرس بدلاً من كتب الديانة كما كان قد اقترح أحد الباحثين ولم يعترض عليه المشاركون ، وتعرف العلمانية أيضاً بأنها " التمييز بين حقل المعرفة الذي يتناول العقل ، وحقل الدين القائم على المطلقات " ، أو النظرية التي تميز بين الدولة المدنية التي تعمل لمصلحة المواطن ، والدولة الدينية التي تعمل لمصلحة المؤمن " . أو الوسيلة التي تلغي التوسط بين الفرد والدولة مهما كان شكل هذا التوسط " ، وهذا ما يؤسس إلى علاقة واضحة مع العقلانية التي تطلق حرية العقل ، في التفكير والتعبير والاجتهاد ، والميول الكامنة في المجتمع وحركته ، وحرية هذه الحركة .
إن العلاقة بين الفرد والدولة العلمانية السائدة في بعض المجتمعات تتضمن حقوق هذا الفرد وواجباته إزاء المجتمع والدولة ، وتحول الدين من وسيط بين الفرد والدولة إلى وسيط بين الفرد والله . وبالتالي فهي لا تفصل بين الفرد ودينه وعقيدته ، ولا تلغي علاقته بالدولة والمجتمع ، لكنها تفصل بين هيمنة هذه العقيدة على المجتمع والدولة ، وهي بقوانينها تحد من تحول هذه العقيدة إلى عصبية خاصة في المجتمعات التي فيها تكوينات متعددة .
على كل حال فالعلمانية لا تعني نزع الدين عن عقول البشر ، وهو ما حاولت أن تفرضه السلطات في الكتلة الاشتراكية السابقة عندما حرًمت على مواطنيها ممارسة شعائرهم ومعتقداتهم الدينية ، وأغلقت الكنائس والجوامع ودور العبادة استناداً إلى مقولة ماركس " الدين أفيون الشعوب " مأخوذة معزولة عما قبلها أو بعدها .وهي تطابق قول السيد المسيح " أعطي ما لله ، لله وما لقيصر ، لقيصر والتي فسرت في بعض جوانبها بأنها فصل الدين عن السياسة ، أو في قول الشيخ محمد عبده " الخليفة هو حاكم مدني من جميع الوجوه " والتي تعطي صفة المدنية للحاكم دون أية صفة أخرى ، هذه الأقوال هامة جداً لكنها يجب أن توضع في سياقها التاريخي .
إن من الخطأ أن نرجع معارضة العلمانية إلى المسلمين أو للتيارات الإسلامية فقط . بل أن كل الديانات لها مواقف تتراوح بين المعارضة الشديدة أو التوجس أو الحذر . وهي تختلف بدرجات متفاوتة عند معارضة السلطة الدينية وقوانينها. كما أنها تختلف ضمن الدين الواحد حسب طوائفه ومكوناته والتيارات الفكرية والسياسية السائدة فيه . ففي المسيحية تبدو الطائفة الكاثوليكية أقل معارضة وتشدداً تجاه العلمانية فهي تغض الطرف أو تساند الزواج المدني ، وتسمح بالطلاق إلى حد كبير ولا يقتصر هذا الأمر على الطائفة في الدول التي تطبق القوانين العلمانية بل في الدول الأخرى كدول أمريكا اللاتينية حيث التواجد الكبير لها . أما الكنائس الشرقية فهي أكثر معارضة وتشدداً تجاه العلمانية . لذلك فالقول بقبولها على نحو مطلق من بعض أفراد هذه الطوائف هو رأي شخصي ليس أكثر ، فهي لا تقبل بالزواج خارج الكنيسة كما لا تقبل بالطلاق إلا في الحالات التي تم النص عليها ، أو بحرية الفرد بتغيير دينه ولا تقبل بالقوانين المدنية إذا تعارضت مع قانون الكنيسة ، وقد تستخدم جميع السلطات الممنوحة لها لمنع مثل تلك الممارسات . ولدينا مثلاً واضحاً وهو موقف الكنيسة القبطية من طلاق وليم رستم زوج الفنانة هالة صدقي ومحاولته الزواج مرة ثانية إذ رفضت الكنيسة منحه وثيقة ( مطلق حال ) اللازمة للسماح له بالزواج ، لأنها لم تعترف بالطلاق أصلاً ، وعندما أقر له القضاء المدني في مصر حق الزواج الثاني وفق نصوص الدستور رفضت الكنيسة تطبيق قرار القضاء لأنه مخالف للنصوص الكنسية . التي تحرم الطلاق .
وتختلف التيارات الإسلامية والطوائف الإسلامية أيضاً حول العلمانية وفق المذاهب والواقع الاجتماعي السائد، وكذلك الدول التي لا تلتزم بالديانات السماوية كالصين والهند مثلاً لكن جميع هذه الدول لا تطبق من الشرائع الدينية إلا ما يخدم الدولة والمجتمع.اللهم إلا النموذج التركي الذي أسس له جمال أتاتورك والذي فصل السلطة الحاكمة عن المواطنين قبل وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة . وهو ما سبق لي أن سميته ( بالعسلامية ) ، أي " علمانية الدولة وإسلامية المجتمع " ولا يقتصر الأمر هنا فقط . بل أن بعض الدول العلمانية لا تخلو من بعض الممارسات في مجال الالتفاف عليها عندما تسمح بقيام أحزاب ذات تسمية دينية كالحزب الديمقراطي المسيحي الذي يصل إلى السلطة أحياناً وإن كان لا يخالف قوانين الدولة .
إذن وفي هذا السياق . فإن سورية واحدة من هذه الدول التي يمكن أن تطبق فيها جميع النماذج ، دينية كانت أم علمانية أو مدنية . إذ أننا لا ننكر أن الأغلبية الساحقة من القوانين هي قوانين مدنية سواء طبقت بحذافيرها أم لم تطبق ، فالدستور لا يحدد في نصوصه دين الدولة , واقتصر التحديد على دين رئيس الجمهورية . كما نص على أن الفقه الإسلامي هو ( مصدر رئيسي للتشريع ) ( وليس المصدر الرئيسي ) . والقوانين القضائية المتعلقة بالعقوبات والجرائم والسرقات والزنا والاغتصاب هي قوانين مدنية .ولا يطبق في أي منها حدود الشريعة . وكذلك انتشار البنوك والمصارف الخاصة والعامة التي تتعامل بالفوائد على الإيداعات والقروض .
لكن ذلك لا يمنع من ووجود بعض القوانين التي قد تتعارض في بعض جوانبها مع القوانين المدنية، سنحصرها في التالي:
1 - يمنح العاملون في الدولة من المسيحيين ساعتين من الدوام الرسمي صباح كل يوم أحد لأداء الصلاة ، وهذا يخالف النهج المدني والعلماني ، خاصة ما يتعلق بالمساواة بين المواطنين التي كفلها الدستور ، وإذا جمعنا عدد الساعات على مدار العام فتشكل عطلة 12 يوماً متقطعة أي 5 % تقريباً من عدد أيام الدوام الفعلية ، علما أن بعض من هؤلاء العاملين لا يستثمرون هذه الساعات للصلاة ، وبعضهم استطاع أن يحولها من ساعات صباحية إلى ساعات تسبق الانصراف وهو وقت لا يوجد فيه صلاة . وقد أقر هذا القانون بشكل ثابت لا يحتاج إلى أي تأكيد أيام الوحدة بين مصر وسورية على ما أعتقد .
2 – يتم اقتطاع ساعتين من الدوام الرسمي خلال شهر رمضان من كل عام بحيث تصبح خمس ساعات ونصف بدلاً من سبع ساعات ونصف وهو يطبق على جميع العاملين 0في الوظائف التي يشملها ، وذلك بقرار غير ثابت من رئاسة مجلس الوزراء يصدر كل عام كما هي الحال في الأعياد والمناسبات الرسمية الأخرى .
3 – رغم النص في جميع الدساتير السورية على المساواة بين المواطنين ، لكنه لم يحصل في تاريخ سورية أن شغلت إمرأة منصباً سيادياً من مرتبة الوزير وما فوق ، باستثناء من تمت تسميتهم في المجلس الوطني لقيادة الثورة عام 1965 حيث عينت 10 نساء من أصل 95 عضواً ، وعام 1966 عينت في نفس المجلس 11 إمرأة من أصل 134 عضواً ، بينما شغلت السيدة نجاح العطار أول منصب وزاري تشغله إمرأة في الوزارة السورية في آذار 1978 وهي تشغل الآن منصب نائب رئيس الجمهورية وقد زيد فيما بعد عدد النساء في الوزارة إلى إمرأتين أو أكثر أحياناً لكن المرأة في سورية وفي كثير من الدول العربية تحتل مناصب إدارية هامة في المستويات الأدنى ، لكنها في الدول الإسلامية الكبرى ، إندونيسيا ، والباكستان وبنغلادش شغلت المرأة المناصب الرئاسية السيادية حتى رئاسة الجمهورية .
4 – لا تستطيع المرأة السورية أن تمنح جنسيتها لأبنائها ويطبق عليها في الإرث نصوص الشريعة ولها أيضاً نصف الشهادة في المحاكم .
وقد صدر في سورية مؤخراً مرسوماً تشريعياً يساوي بين المرأة والرجل في الإرث بالنسبة للطوائف المسيحية وهو إجراء حسن لكنه أضاف فصلاً آخراً من عدم المساواة بين المرأة المسلمة التي تحصل في بعض أنواع الإرث على نصف حصة الرجل ، وبين المرأة المسيحية التي تساوت معه .
هذه القوانين في عموميتها قد تنحو منحاً دينياً لكنها في نفس الوقت مقبولة على الصعيد الشعبي ولا تجد لها معارضة إن لم تجد لها موافقة.
على هذه الخلفية لا يمكن أن نطرح مثل هذا السؤال بصيغته المجردة لأن تطبيق القوانين العلمانية أو المدنية أو الدينية يختلف من حيث القضايا التي تعالجها كل منها على حدة وقد تختلف من دولة لأخرى .

دمشق 28 / 1 / 2011 منير درويش



#منير_درويش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة السورية وتحديات المعارضة !!.


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منير درويش - حول العلمانية و الدولة المدنية