أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - نبيل عبد الفتاح - دروس الحالة التونسية:البحث عن سياسة الأمل















المزيد.....

دروس الحالة التونسية:البحث عن سياسة الأمل


نبيل عبد الفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 3259 - 2011 / 1 / 27 - 15:47
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


تعيش المنطقة العربية ومجتمعاتها حالة سوسيو – نفسية وسياسية مترعة بالغليان الاجتماعى والسياسى، خارج إطار محاولة محمومة منذ عقود لاختصارها في فزاعة المعارضة الإسلامية السياسية الراديكالية والمتمردة، والساعية إلى إشاعة الفوضى والعنف في المنطقة، وفرض نمط من الإرهاب الكونى. صور جديدة مدنية واحتجاجية سلمية بدأت تتشكل انطلاقاً من النموذج التونسى للتغيير السياسى على تغاير وخلاف مع صور التمدد السلفى الراديكالى الجهادى – السلفية الجهادية في المغرب والجزائر واليمن والسعودية والأردن -، أو السلفية التقليدية التى هيمنت رمزياً وبنعومة على المجالين العام والخاص في العالم العربى، وتركيزها على الجسد الانثوى مختزلاً في شكلانية نظام الزى الذى اختصر في الحجاب والنقاب، وفى بعض أنماط الاستعراض السلوكى، وفى العلامات الدينية، وفى العمائم واللحى، ومظاهرات ذات محمولات وشعارات طائفية. النموذج التونسى للتغيير السياسى السلمى من خلال نموذج الانتفاضة الجماهيرية الاحتجاجية جاءت لتمزيق صورة اختزال المنطقة في بن لادن والزرقاوى والعولقى، وبعض وعاظ وقادة الفضائيات السلفية / السنية والشيعية وخطاباتهم الدينية السياسية التحريضية، وسعى بعضهم لبناء مكانة وسلطة على أرواح ومصائر المنطقة وشعوبها وثرواتها.
صور يبدو أنها ستتفكك وتتمزق في حالة امتداد هذا النمط الاجتماعى الانتفاضى الحامل لمطالب التغيير السلمى في تركيبة الدولة والنظام وأجهزته.
كشفت الانتفاضة التونسية عن عديد الدروس للأنظمة السياسية التسلطية وطبقاتها الحاكمة في المنطقة العربية يمكن إيجازها فيما يلى:
1- تزايد دور وتأثير الوسائط الإعلامية والمعلوماتية المتعددة في إحداث تغييرات في المجال العام السياسى الفعلى المحاصر في تونس على أيدى نظام بن على القمعى، وفى نظم تسلطية عربية أخرى.
أدى حصار المجال العام السياسى إلى موت السياسة وخنق المعارضات السياسية الشكلية المعترف بها، أو المحجوبة عن الشرعية القانونية والمحظورة رسمياً وأمنياً، بحيث تحولت إلى كيانات هشة ومحدودة العدد والوزن وضعيفة التأثير في النظام السياسى، أو على المستوى الجماهيرى لفقدانها لأواصر اجتماعية مع بعض القوى الاجتماعية الرئيسة أو تحالف اجتماعى يناصرها ويدعم مطالبها السياسية ويكرس حضورها التنظيمى والحركى.
عانت الأجيال الشابة التونسية – والعربية – ولا تزال من ظاهرة موت السياسة، ومن ثم الحرمان من العمل السياسى السلمى، وكذلك من غياب الآمال والفرص الاجتماعية في الخروج من دائرة البطالة أو الحراك الاجتماعى لأعلى، فضلاً عن تزايد قسوة الانتهاكات للكرامة الإنسانية وتحقيرها الممنهج وكذلك حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. الأخطر إحساس هذه الأجيال الشابة ذات التعليم الجيد، أنها تفتقر إلى مدارس سياسية تتعلم وتمارس من خلالها السياسة، وتتمثل في الأحزاب الرسمية والمحظورة. من هنا استطاعت بحكم أعمارها الشابة أن تستخدم عقلية ولغة وأدوات الوسائط الاتصالية والمعلوماتية الجديدة ومواقع التفاعل الاجتماعى – تويتر والفيس بوك – في بناء شبكات اتصالية للمناصرة الإقليمية والكونية، والأهم في التنظيم والتعبئة السياسية على الواقع الافتراضى، وفى توليد القوى الداعمة لهم من الأجيال الشابة. لم يعد عالم الشبكات والتفاعلات الاجتماعية على الواقع الافتراضى محض تضامنات وتفريغ للغضب الاجتماعى والسياسى والجيلى، وإنما باتت واحدة من أبرز مولدات الانتفاضات الشعبية والتغيير السياسى، ناهيك عن دورها في الدفع نحو الإصلاحات الاجتماعية. إن إمكانية سيطرة النظام القمعى للرئيس المخلوع بن على على الآليات الجديدة للمجتمع فشلت تماماً.
2- في ظل تراجع جماهيرية بعض حركات الإسلام السياسى الراديكالية وعلى رأسها القاعدة والسلفية الجهادية واقتصارها على ممارسة العنف والإرهاب لم تستطع عمليات التمدد السلفى الاستعراضية أن تؤثر على مطالب الإصلاح الاجتماعى والسياسى، ومن ثم غلبت الانتفاضة الشعبية السياسى على الدينى وجماعاته وخطاباته. ثمة أيضاً وأيضاً فرض الانتفاضة وطلائعها شعارات توافقية حاملة لأهداف سياسية واجتماعية محددة تمثل موضعاً للتراضى العام. من هنا قد يوجد مكون سياسى إسلامى جزئى داخل الانتفاضة ولكنه لم يكن مسيطراً على الفضاء السياسى للانتفاضة الجماهيرية. في أمثلة أخرى تأكد الدور الرجعى للمؤسسات الدينية التقليدية ووقوفها مع مصالحها المؤيدة للنظام القمعى ودعمها لقادته وضد مطالب الإصلاح السياسى والاجتماعى والدينى.
أبرزت الحالة التونسية أن الشعار الدينى يقسم الأمة والمنتفضين ولا يجمع بين قوى الاحتجاج.
3- أن تماسك المنظومة الأمنية في ظل الأزمات الكبرى، والانتفاضات الشعبية له حدود، وهو ما أبرزته التجربة الإيرانية في ظل حكم الشاه، حيث يؤدى اتساع عمليات وظواهر الاحتجاج واستمراريتها إلى انكسار التماسك البنيوى داخل هذه المنظومة، وذلك على الرغم من أن قادة الأجهزة الأمنية التونسية وكوادرها كانوا يدافعون بشراسة عن النظام، ولكن دون جدوى.
4- أن الدعم الغربى – الأمريكى والأوروبى والإسرائيلى – لبعض الأنظمة الحليفة له حدود، ومن هنا لفظته فرنسا، وأمريكا بلا رحمة، ولم يجد بن على ملاذاً آمناً له لدى حلفاءه السابقين الذى قدم لهم عديد الخدمات.
5- في لحظات انهيار النظم السياسية التسلطية تتسارع عمليات التفكك والتقوض في المنظومات السلطوية، بما يؤدى إلى اضطراب القرارات السياسية والأمنية وتتسارع نتائجها المؤدية للنهايات. ومن الملاحظ أن اختيار بعض العناصر الإصلاحية والوطنية في أوقات غير مناسبة لا يؤدى إلى وقف التدهور، وإنما يدفع نحو نهايات النظام. خذ على سبيل المثال حكومة شاهبور باختيار الوطنية لم توقف انهيار نظام وسلطة الشاه رضا بهلوى.
6- ثمة حدود للقمع المنظم والتعذيب المنهجى القاسى للسياسيين والنشطاء وأن هناك حدود لاستمرارية انتهاك الكرامة الإنسانية للشعب التونسى، وخاصة في ظل نوعية تعليم أرقى من غيرها في المنطقة. وأن اتساع وتطور الطبقة الوسطى التونسية وارتفاع دخولها أكثر من دول عربية أخرى غير نفطية لا يعنى إغفال قيم الكرامة وحقوق الإنسان في التعامل معها ومع غيرها من الطبقات الشعبية، ولعل جسد محمد بوعزيزى شكل مجازاً رمزياً واحتجاجياً على رفض الإهانة من بعض أعوان السلطة. من ناحية أخرى كشفت تونس عن مخاطر ارتكاز أى نظام على طبقة اجتماعية وحيدة وإهمال الفساد العائلى عند قمة السلطة وأعوانها في ظل غياب للمساءلة القانونية والسياسية وسلطة القانون وسيادته.
7- أن موت السياسة يؤدى إلى غياب بدائل منظمة يمكن التفاوض معها في لحظات الأزمات الكبرى، وبناء توافقات معها بين تطلعات قوى الاحتجاج السياسية والاجتماعية واحتواءها وإدخالها في مسارات تفاوضية وسلمية. من هنا لم يجد بن على من يستخدمه للتعامل مع الاحتجاجات الجزئية التى سرعان ما تحولت إلى انتفاضة جماهيرية قادتها الطبقة الوسطى وشرائح أخرى أكثر شعبية.
8- أن ثمة استعارات رمزية لإشكال الاحتجاج يمكن ملاحظتها بين الأجيال الشابة الغاضبة في المنطقة، تنتقل بسرعة وتلاحق من بلد لآخر ويتم تطويرها في كل حالة عربية إلى آفاق أكثر فاعلية، وخاصة في مجال التنظيم، وعمليات التعبئة والتحريك وتبادل المعلومات عبر آليات وأساليب أسرع من أجهزة الدولة وقادتها ولاسيما على المستويين الاتصالى والمعلوماتى والأمنى.
9- تحييد المؤسسات العسكرية الوطنية التونسية من أن تكون طرفاً في عملية دعم الطبقة السياسية الحاكمة، وذلك كجزء من ميراث الدولة البورقيبية بعد الاستقلال، ومن ثم كان انحيازها تعبيراً عن هذا التقليد السياسى التاريخى وبروز توجه عقلانى ووطنى بعدم الانخراط في عمليات قمع للتوجهات والمصالح الجماهيرية واسعة النطاق.
10- أن ظاهرة موت السياسة شملت المعارضات والحزب الحاكم – التجمع الدستورى-، الذى تحول إلى عبء سياسى وبيروقراطى غير قادر على التحرك في الشارع في أثناء اللحظات الحرجة بين تماسك النظام وأجهزته، وبين تفككه. من هنا تحول الحزب الحاكم ومؤسسة البرلمان في تونس إلى أحد مطالب التغيير الشامل من قبل القوى الاحتجاجية المنتفضة.
11- أن الاستعانة بالعناصر الوطنية الإصلاحية، في اللحظات السياسية الملائمة يؤدى إلى فتح الأبواب أمام تغيرات سياسية سلمية تحول دون انفجارات دامية.
12- أن مسألة الجمود الجيلى، وقضايا الشرعية السياسية والأساس الديمقراطى للحكم، والحداثة السياسية هى مداخل جادة للإصلاح السياسى والاجتماعى والدينى، وليست الانقلابات السياسية أو الدستورية، أو الجرى وراء سراب مفاهيم ماضوية تحاول إعادة الدولة الدينية كسيف إرهاب على أرواح ورؤوس "المواطنين".
13- أن الشعوب والأحرى الطبقة الوسطى لا تعيش فقط على المزايا الاجتماعية من التعليم والضمان الصحى والتأمينات والسيارات وامتلاك المساكن ... إلخ، وإنما تحتاج إلى سياسة للأمل في مجال تقرير مصائر السياسة في بلادها، وفى التعبير عن آراءها وتطلعاتها والمشاركة الفعالة في المؤسسات السياسية ... إلخ. أن الطبقات الشعبية التى تعانى من الحرمان والتهميش والقمع، قد تصبر لفترات تاريخية، ولكنها تشارك بقوة في الانتفاضات الجماهيرية الكبرى، لأنها لن تعيش فيما وراء خطوط الحرمان والفقر دونماً آمال في التغيير والإصلاح وحل لمشاكلها الحادة.
أن الحالة التونسية ذات خصوصية، ولكن دروسها السياسية أكبر بكثير من مجرد انتفاضة ورحيل ديكتاتور وعائلة فاسدة.
____________________________________
مدير مركز الاهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية



#نبيل_عبد_الفتاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- منها لقطات لنساء غرينلاند تعرضن للتعقيم.. إليكم الصور الفائز ...
- أصيب بالجنون بعد شعوره بالخوف.. شاهد قط منزل يقفز بحركة مفاج ...
- الدفاع الروسية: أوكرانيا خسرت طائرة حربية و213 مسيرة و1145 ج ...
- بوليتيكو: واشنطن توسلت إسرائيل ألا ترد على الضربات الإيرانية ...
- بيونغ يانغ تختبر سلاحاً جديداً وخبراء يرجحون تصديره لموسكو
- بالفيديو.. إطلاق نار شرق ميانمار وفرار المئات إلى تايلاند هر ...
- مصر.. محاكمة المسؤول والعشيقة في قضية رشوة كبرى
- حفل موسيقي تركي في جمهورية لوغانسك
- قميص أشهر أندية مصر يثير تفاعلا كبيرا خلال الهجوم على حشود إ ...
- صحف عالمية: الرد الإسرائيلي على إيران مصمم بعناية وواشنطن مع ...


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - نبيل عبد الفتاح - دروس الحالة التونسية:البحث عن سياسة الأمل