أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لطيف الحبيب - قرأءة التيه والاغتراب في قصص فرات المحسن















المزيد.....

قرأءة التيه والاغتراب في قصص فرات المحسن


لطيف الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3258 - 2011 / 1 / 26 - 22:15
المحور: الادب والفن
    



قرأءة التيه والاغتراب في قصص فرات المحسن
"فيما تبقى"
قصص وصلتني من فرات ,من مدينة الكاظمية من مدينة الحرية المسلوبة ,بدات اتصفحها بسرعة , رحلت حلما يقضا الى مدينتي ,سوف اراه هناك عند اعدادية الكاظمة , قرب مقهى الجامعة ,بين عبد الرسول حمودي وعبد الصاحب فرمان, بالقرب من ثانوية البنات عند مشهد الامامين, اوبالقرب من قبرالقاضي ابو يوسف , هناك طالما رنت نقرات مطرقة عبد الاميرالصفار على صفائحه عاضا على شاربه الايمن , في مسائاتنا في مقهى المثلثة بالقرب من جسر الائمة ,منها اقتادتنا سيارة فولكس فاغن الى مسالخ النظام البشرية .
صدرت مؤخرًا المجموعة القصصية الأولى للقاص والصحفي فرات المحس بعنوان (فيما تبقى) عن دار فيشون ميديا بستوكهولم ضمت بين دفتيها "11" قصة نسجها التيه في أزقة ومدن الوطن وعلى أرصفة الاغتراب هروبا من مخالب وحش امسكه به مرة أحاله إلى حطام, تأبطه معه عبر الحدود من موسكو الى السويد وخبأه بين ضلوعه ,لم يكن مهيأ لعبور الحدود كما اجتازها غيره ,ناء كتفه المثخن بالجراح بكل الحزن العراقي وبعض الفرح المحظور على أبناء جيله ,في مدينتا المقدسة طاردتنا في ليلة القدر مجموعة من البشر الذئاب , على أسنانهم بقية دماء , لم يغتسلوا بماء الفرات , هرعنا إلى دجلة عبر البحية وأم النومي , عند مرفأ سعيد متروك , سمع النهر لهاثنا , غطانا بظله , احتضنا بذراعيه , حملنا موجه إلى شاطئه الأخر, فتحت اكواخ الداهليك ابواب القصب , دلفنا الى بيوت مالوفة ,بعض من الخبز واقداح الشاي كان عشانا , قرات القصص لم تطالعني مشاهد مدينتا وموتنا المؤجل , هل ضمرت ذاكرته البعيدة ولم تعد قادرة على حمل تلك السنين؟ ربما اخفقت ذاكرته في سرد هشيم المجتمع وتمزق بنيته في سنوات االحصار! تحت سيطرة قطيع من البشر المسوخ , لكنه الموت , طغى الموت المباشر الذى واجهه القاص في سنوات الحرب ضد ايران ,موت داهم اللحظة و البيوت في الازقة والشورارع وارصفتها , لا انيس الا وجه فار صحرواي , الفه القاص والف الفار موضع القاص, يقضم فيه كسرة خبز ويحدق طويلا في وجه جندي سيق الى حدود الموت , موت في عمق الصحراء , تذري الريح بقايا عظام جثث نخرها وهج الشمس ,وحملها صوب مقبرة وادي السلام .
النص يواجه الموت خارج حدود زمننا وتيهنا وغربتنا, ورغم عقود ثلاثة خلت مازلنا نهيم فيه , امكنته تتعدد اسماؤها, وامتزجت فضائات اصقاع الارض ببقاينا , الكاتب كان في لجة تاريخ العراق, الضاج دوما في القتيل والمقتول , والسابح في فيضان دم نهرانه ,نص ادانة لفجاجة الحرب وبشاعتها ,ادانة لمن اشعلها وساهم فيها
ذاكرة تسجل وتسرد وقائع الوجع والخراب المسفوح على هسيس رمل الصحراء لمديات زمن الحرب, رافقته في احلامه ,جثمت على صدره حتى في غربته ,افضت به الى رعب الموت الساكن في دواخله المؤخذة بصفير القنابل وعتمة اصطدامها في الرمال , حين يزف الموت يعالجه باسقاط الذكرة , ليدخل نفقها ويستانس بشريط سينمائي من حياته المالوفة " فالذاكرة للانسان عمر ثان " . التفكير بانقطاع سلسلة الحياة ومواجهة العقل والوعي لحقيقية الموت المفجعة, يهرم الانسان ,ويبان الشعر الابيض , لقد كف اسلافنا عن البحث في موضع عشبة الخلود لذلك يطاردنا الموت حتى في صحراء قفر . نص تشم فيه رائحة الرمل مفعمة بدخان القنابل و وسماء تمطر ماء وبارود, فتمتلأ اخاديد الارض غرين احمر , ملايين من العراقيين اخرجوا من احضان امهاتهم وجداتهم ونسائهم الدافئة ,وسيقوا الى تخوم الموت في اتون حرب امتدت حممها في سهول ايران شرقا وصحراء البدواة المتاخمة لحضارة وادي الرافدين , رقدوا في غفوتهم الاخيرة يملئ عيونهم الرمل والخوف من وطاءة خفاف الجمال . (لاتخف ياصاحبي فنحن في حفر الباطن . هذه الكثبان ليس لغير البدو وقطعان الابل . سوف ياتي يوم قريب تطأ الابل بخفافها قبورنا جمعيا , وتتبرز ثم تدفع بولها فوق الرمل, دون ان تدري ان تحت هذه الكثبان يرقد ركام اجسادنا بكل ذلك الجلال من العاهات النفسية والجسدية . أطمئن فالابل لن تكشف خوفك ص 24 يوم اخر في حفر الباطن). كان ياتي اليه حمام "الامير" حين يشتد به العطش واليباس . تستمر الذاكرة في نزف ايام خلت , لكن من خلال القراءة المتفحصة و البحث والتدقيق بين سطور القصص , نجد ان الكاتب طوعها والجمها, فلم تتسرب كالعطر من راحة يده, وتسقط في حومة السياسة والانتماء والحزب , الزمها باستدعاء الانسان العراقي ابن الناصرية والكاظمية ومدينة الحرية , وحياته البسيطة بين حذاء مثقوب وكتاب مستعار وكسرة خبز , يضج بشوارع وازقة المدن العتيقة ليقص علينا عشقه وعذابته , اغلق باب الذاكرة على ذلك الانسان المتحزب اترعها بزعيق التراتيل وايات الشهادة والصمود . في الغربة وبعد ان غادر الوطن الى بلاد الثلج , صار الوطن كابوسا حاول الخلاص منه حتى بالهروب الى تخوم الموت,تاتيه امه في كل احلامه (عند امتداد الغابة , حيث ينفرج من وسط الاشجار الكثيفة طريق ترابي ضيق كانت امي واقفة هناك عند بدايته تنظر نحوي بعينين جاحظتين وتمسك بيدها طفلا صغيرا.... ناديت عليها ولكنها سحبت الطفل وولجت بين الاشجار صرخت باعلى صوتي, لوحت بيدي ...... لكنها اختفت. ص79ورقة يانصيب ) . تعود به ذاكرته الى الجذور ويستعيد تاريخ مدينته وحاضرها, بقدومهم الى مدينة الناصرية ليسقط "شخصية محيسن " على حاضر المدينة المبتلى باعلان وفاته عبر مساجد وحسينيات المدينة, بينما تجوول في المدينة قطعان الجيش الشعبي لسوق شباب المدينة الى الحرب ( ذلك اليوم يخلد في الذاكرة حيث كان من اكثر ايام مدينة الناصرية تهيبا وخوفا وايلاما فمع شروق الشمس وزخات المطر المبكرة , بدات اوسع حملة لجمع الرجال في اضحم قاطع من قواطع الجيش الشعبي ..... عاشت المدينة منذالصباح ساعات الترقب والحذر, وخيم على اجواها خوف ظاهر . ص 119الوقوف عند الزمن الاخر ) . في اغلب القصص تاخذ الحرب مدياتها القصوى في حالات حلم ابدي والموت تعتاده الاجساد الضالة في الصحراء . ( الحرب برمتها كانت تعني جهنم بجوفها المفتوح .... لكنه انتهى اخيرا بيقين ان الموت لايمكن ان يختصر بغياب الجسد ,ومن ثم طمره في لحد من تراب قرب ضريح احد اولياء الله ..للموت معنى اخر . ان يكون الخوف مسلطا فوق راسك كل ثانية , ان تذل مثل العبيد , وعليك لعق جراحك بصمت دون شكوى او تذمر .ص 140 صوتك حلو) . استمرت الحرب واحالت الانسان الى متوحش عادت به الى زمن الغزو والنهب الى زمن البربرية الاولى, نزعت جلده المسالم , الغت كل التسلكات الحميده للانسان العراقي واخضعته الى سلوكها واشتراطاتها ومنها الاسر, ففي استهلال قصة"سيرة ليست للسرد " يود الكتاب اعلامنا عن وضعه النفسي , الذي يقنن سرد الرواي ويكبح جماح الذاكرة (الاسر , حاولت دائما ان اجد له تعريفا دقيقا , ولكن كل مرة اجدني عاجزا ...... فألم التذكر له خصوصية غريبة , يكون العقل فيها اما منفلت مشوش او يمتلك ما يمكنه من ضبط ايقاع جميع المشاهد وجعلها طوع الحديث ) كما يقول الكاتب في الصفحة 150 . والحرب اينما كانت تمطى الموت وفتح ذراعيه . يحمل الكاتب غربته على جروحه ويرحل في متاهات غربة اخري ,مأخوذا بالهلع من حرب تدور رحاها في مخيلته .

الكاتب فرات المحسن في سطور
مواليد عام 1949 قلعة سكر / ذي قار
انهى دراسنه الابتدائية حتى الكلية في بغداد
تخرج من جامعة بغداد قسم اللغات الاوربية /اللغة الروسية
نشر العديد من المقالات والقصص في المجلات والصحف والمواقع الالكترونية
يمارس العمل الصحفي رئيسا لتحرير مجلة المنار
سكرتير تحرير مجلة تواصل الشهرية ومجلة ايوان الفصلية الصادرتين عن
اتحاد الجمعيات العراقية في السويد

24.1.2011



#لطيف_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاج الطفل المعوق والفنون التشكيلية
- في اربعينية الراحل الفنان منذر حلمي
- حفنة من تراب 3 حينما أسمع ثقافة أتلمس عمامتي
- حفنة من تراب 2 حرائق وادي الرافدين
- حفنة من تراب 1
- لمناسبة ذكرى رحيله الرابعة حوار مع عوني كرومي
- برامج اعادة تاهيل وتربية الاطفال التوحديين
- تاهيل المعوقين.. مدخل الى الاعاقة العقلية
- اضطرابات السلوك عند التلميذ التوحدي
- 3- التاهيل المهني للمعوقين اليافعين .. اليافع التوحدي نموذجا
- 2- التأهيل المدرسي للأطفال المعوقين الطفل ألتوحدي Autistic C ...
- مدخل إلى مفهوم التأهيل المبكر للأطفال المعوقين الطفل التوحدي ...


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لطيف الحبيب - قرأءة التيه والاغتراب في قصص فرات المحسن