أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - الياس حريفي - مدخل نظري الى نقد برجوازية الفكر المدرسي : مفهوم الدولة نموذجا















المزيد.....

مدخل نظري الى نقد برجوازية الفكر المدرسي : مفهوم الدولة نموذجا


الياس حريفي

الحوار المتمدن-العدد: 3249 - 2011 / 1 / 17 - 23:32
المحور: الارشيف الماركسي
    


في نقض أن ينتج الفكر ذاته:-
إذا نحن شئنا أن نمنح للفكر المدرسي (فكر المتعلمين والأساتذة أي الفكر التلاميذي في ارتباطه التلازمي بالفكر الأساتذي ) كامل تقييمه، فيما يخص تحليلاته الصاروخية الجاهزة للواقع الاجتماعي، فانه يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذه التحليلات، لا تنبع من الفراغ ولا تنبثق من العدم، إذ أن الفكر المدرسي، ككل فكر، لا ينتج ذاته، وليست ذاته مبدأه، أي أنه ليس جوهرا قائما بذاته، تنبع استخلاصاته المعرفية من ملاحظته الصافية التي ليس بينها وبين الواقع حجاب، بل أن هذه الاستخلاصات، محددة دوما بالبنية الإيديولوجية، المحددة بالبنية الاجتماعية التي تقوم بها ،وهذا متحقق، بالضرورة ،حتى لو كان موضوع المعالجة أقرب العناصر الى العقل المدرسي، والوجود الاجتماعي لمفكره ،أي بالضبط، المواضيع الأكثر عيانية، والأقل تجردا ،والتي نعتقد، عن وهم، أن استنتاجاتها صادرة عن ملاحظة المفكر العيانية لها ،في تجليها ملموسيا بالنسبة اليه، دون أدنى علاقة، بالتحدد بالإيديولوجي، فالظاهرة، مهما ابتعدت في نطاق الوهم الطبقي الإيديولوجي للمفكر المدرسي ،عن الحقل البنيوي للصراع الطبقي (أي المستوى السياسي لتحرك التناقض الرئيسي) تظل ملاحظتها، دائما، غير بريئة، وإنما هي مسومة بطابعها المنظوري أي الموقع الطبقي للفكر والذي منه يمارس صراعه الإيديولوجي.
أما معالجة الفكر المدرسي للقضايا المجردة (وأخص هنا بالذكر الفكر الأستاذي) فهي الشكل الأوضح، الذي به ينكشف به موقعه الإيديولوجي، ذلك بالتحديد، حين يحدد هذا الفكر بعض المفاهيم ماهويا (أي كماهية) في حالة اطلاعه ،أو حتى خلائه المعرفي (المسبق) ، في تعبير عن تمثله الذهني، إذ لا يتم إنتاج هذا التحديد الماهوي، من هذا الخلاء ذاته ،أو عن لا انحياز Non partialitéلطرف من أطراف تعدد المعرفة (وتناقضها) ،بل انطلاقا من الوجود في خط إيديولوجي-طبقي بعينه هو في مثالنا "الفكر المدرسي" هو الخط الخاص بالممارسات الطبقية الإيديولوجية للطبقة المسيطرة، الذي يتم الترويج لتحديداته الجوهرية، ومفاهيمه المركزية، في الأجهزة الإيديولوجية لهاته الطبقات وعبرها ،تعيد إنتاج التبريرات الملائمة لعلاقات الإنتاج المؤسسة لوجودها في موقع السيطرة الطبقية.
وشكل تحليل الموضوع المتبلور بالاختلاف بين العياني والمجرد، هو في هذه التثنية واحد في مبدئه الواحد والذي هو نظريا أعني معرفيا الإجابات الجاهزة للأسئلة الماهوية المتعلقة بالمفاهيم الكبرى خصوصا السياسية منها مثل الدولة والمجتمع والحرية الخ والتي تلقى إجاباتها السريعة ترويجا "بوقيا" متميزا في الوسط الفكري المدرسي من حيث هو (الوسط) المركز الإيديولوجي الرئيس لانصهار تناقضات الوعي الطبقي المتعددة.
- حول نقد وهم تماثل الظاهر بالجوهر :
من هنا نستخلص ضبطا أن "كل الفكر أو الكل الفكري" (أي منطلقات الفكر ومنهجه وبناؤه واستخلاصاته المعرفية والحكمية) يبدأ إنتاجه من بداهات الفكر، أي مقدماته ،من حيث وجودها كمنطلقات بالبداهة، قياسا اليه، سواء كانت صريحة أم ضمنية، والتي منها، يستنبط نتائجه، سواء كانت صريحة أم ضمنية، هذه البداهات، هي، بالذات، التعريفات الجوهرية، للمفاهيم الرنانة ،والتي يشكل نقدها المادي، خطوة الفكر الأولى، نحو كشف توجه الوعي الخاص بالموقع الطبقي للفكر المنقود (المدرسي البرجوازي) هذا النقد، هو، بالضبط، نقد استهلاك المنتوج الجاهز لإيديولوجية الفكر المسيطر، وهذا المنتوج، هو ظاهر الشيء-الموضوع الذي يتماثل، عن وهم،- للفكر الواهم- بالشيء في ذاته، هذا التماثل المتخيل، يمهد الطريق للفكر المدرسي، ويؤهله، (وأخص هنا بالقول الفكر التلاميذي، في عملية إعادة الإنتاج هاته سواء كانت إنتاجا لايدولوجيا مقرراتية مسيطرة، أم نتيجة لسيرورة من العلاقات الاستهلاكية بين التلميذ والأستاذ هي بالضبط،علاقات إنتاج) فحين نتحدث عن نقد جذري للبداهات المفاهيمية للفكر المدرسي، فكأنما نتحدث عن نقد لإنتاج ظاهر الشيء، في محاولة هذا الظاهر المتجددة، للتمثل (بل وانتحال صفة) بوجود الشيء في ذاته، أي وجوده الموضوعي ،من موقع النظر اليه موضوعيا، هذا التمثل هو نتاج طبيعي، لمحاولة للفكر المدرسي البرجوازي، تتكرر هي إياها : تكريس الظاهر، واستغباء المتلقي بإيهامه أن كشف حقيقة الشيء يمر بتكريس ظاهره.
- في نقد التحديد المدرسي العامي لمفهوم الدولة :
فمثلا ،يطرح التعريف المدرسي للدولة (كما هو عامي ومعمم بالخطاب الرسمي المتجسد في المقرر المدرسي لدى هذا الفكر) على أنها مؤسسة لتنظيم المجتمع وتوحيد الشعب وفق ما يقتضيه الصالح العام وما تنص عليه مبادئ القانون والحرية المدنية والحق المدني، ويبدو من الوهلة الأولى، هذا القول مثاليا ،وهو مقبول مدرسيا (بل مقبل عليه) من حيث هو مثالي، غير أن اللافت بخصوصه، هو أن فيه استعادة ميكانيكية لمفهوم الدولة الكلاسيكي، أعني ،بالتحديد، لمفهومها البرجوازي.
وهذا التحديد المفهومي الكلاسيكي (البرجوازي) للدولة رغم ذلك، أو قل أنه بسبب ذلك، بالغ الأهمية بالنسبة للوظيفة الإيديولوجية للمؤسسة التعليمية ،بل ربما يجب القول، ان هذا التحديد هو نواة وظيفتها هذه في وجودها المؤسسي نفسه بالدولة ،هذا الوجود، هو حلقة من سلسلة متكاملة من الأجهزة الإيديولوجية المختلفة للبرجوازية، في إنتاجها لمفاهيم لا تتناقض ،بحكم واحدية موقعها الطبقي، هذه السلسلة بوظائف كل جزء منها تلعب وظيفة شاملة هي تأبيد جهاز الدولة في بنية نظام إنتاجي معين تلعب علاقات إنتاجه التاريخية لصالح طبقة محددة هي المتحكمة بهذا الجهاز بحكم سيطرتها الاقتصادية.
فالدولة، في مرآة الفكر المدرسي، ومرآة شتى أشكال الفكر البرجوازي، هي جهاز، وان كان قمعيا، حيادي فوق الطبقات ولا يتحدد بصراعها ومصالحها المتعارضة، أي، في تعبير آخر، ان جهاز الدولة سياسي لا تحدد له بالاقتصادي ولا تحديد، وإنما شكله إرادي، ذاتي نابع من الرغبة في السيطرة لذاتها لدى الفرد الحاكم (ما يسمى بالطاغية) فيكون قمعه أيضا سياسيا وتشريعه سياسيا وعنفه سياسيا، وإصلاحه سياسيا، وتوحيده سياسيا... الخ، لكن، في فصل قطعي، عن محدده الاقتصادي، أو في ترابط معه عبر علاقة خارجية، غير بنيوية، به "الفصل" تتمفهم الدولة كظاهر (يتجوهر، أو يطمح نحو التجوهر) تمتزج فيه، فلسفة الأنوار البرجوازية ،مع الفكر السياسي لماكس فيبر، بينما هي، في واقع الأمر ومن وجهة نظرنا، أو، قل ،من وجهة نظر الفكر الذي به نفكر (أي الفكر الماركسي اللينيني) لا تعدو كونها جهازا لضمان ديمومة السيطرة الطبقية للطبقة المسيطرة، في ظل نمط إنتاجها التاريخي، والمحدد موضوعيا (وهنا يقوم الاختلاف الحقيقي، بين الفكرين النقيضين، تحديدا، في مسألة الموضوعية والذاتية هاته)و حتى وان بدا هذا الجهاز، في ظاهره، خادما للفرد، فهو في حقيقته، خادم للطبقة، وما خدمته للفرد،إلا لكون هذا الأخير رمزا مؤسسيا لهذه السيطرة في وجود هذا الفرد بالذات في موقع طليعي، في فئة مهيمنة1، من فئات الطبقة المسيطرة، تخوض صراعها الرئيسي، مع الطبقات الكادحة، وصراعها الثانوي (الذي ينتهي بتماسك هيمني لبنية الطبقة المسيطرة) مع باقي الفئات التي تشاركها السيطرة الطبقية.
وفصل حقيقة الدولة السياسية عن حقيقتها الاقتصادية (والتي هي، ان جاز التعبير، الحقيقة الحقيقية) نتاج طبيعي للتضليل العمدي، لمفهوم الطبقة عن خطه الأصلي، أعني العلمي، وحصره في الوجه الاقتصادي البحت ،بينما هو، في هذا الخط العلمي، ليس مفهوما اقتصاديا محضا البتة ،بل هو مفهوم يتداخل فيه الاقتصادي، بمحدده (بفتح الدال) الفوقي، أعني السياسي في حقل الصراع الطبقي وممارساته فتمفهم الطبقة كمفهوم سياسي بقدر تمفهمها كمفهوم اقتصادي هو أساس التنظير الصحيح والعلمي لصراع الطبقات،و في هذا يقول الدكتور الشهيد مهدي عامل في كتابه "في الدولة الطائفية" : "(...)هذا يعني أن للطبقات وجودا اجتماعيا لا ينحصر في وجودها الاقتصادي وان كان وجودها هذا هو القاعدة المادية لوجودها كطبقات".2
- في نقض نقد الدولة بمعزل عن نقد نمط الإنتاج :
والفكر الذي يتبنى، في وقت، ما مفهوم الدولة، على الشكل البرجوازي هذا، يستحيل أن ينتج معرفة إلا على أساسه، والمفهوم هذا، يرافق الفكر، ضمنيا حتى، في رحلته ،الى أبعد مواضيع المعرفة، عنه كمفهوم، أي أنه، انطلاقا من هذا التعريف للدولة، تنبني مجموعة المعارف، التي تشكل الوعي الاجتماعي والسياسي للمفكر المدرسي (التلميذ أو الأستاذ) حتى في نقد الدولة نفسه، والذي يبدو، ظاهريا، نقدا ثوريا ،من حيث هو نقد للدولة، لعدم تأديتها لمهام، يفترض، أن تكون مهامها، فيأتي النقد لها نقدا في ذاتها، إما كوجود شخصي (نقدها الانقلابي) أو كماهية (نقدها الفوضوي) وكلا النقدين فارغ في نظرنا، لأن أيا منهما ،لا ينظر الى علاقتها التاريخية في وجودها المؤسسي كأداة في يد الطبقة المسيطرة3،وهذا النقد هو نفسه نجده لدى العديد من عينات هذا الفكر، بل وحتى لدى مفكرين يعتبرهم الوسط الفكري "عظماء" أو "عباقرة" إذ يأتي النقد هذا، كتعبير عن العجز عن نقد علاقات الإنتاج القائمة، سواء تعلق بالدولة أم بالدين أم بالعلم أم بالفن4... فلا يمكن، بالتالي، أن يكون نقدا ثوريا ،مادام من موقع البرجوازية نفسه، ومن وجهة نظرها الإيديولوجية، فشرط النقد إذن، إذا أراد أن يكون ثوريا، أن يتوجه بالنقد للدولة (أو مفهومها) في ربط بنيوي علمي، بعلاقات الإنتاج السائدة، ومصالح طبقتها المسيطرة.


1. هنا وجب التمييز بين علاقة السيطرة الطبقية وعلاقة الهيمنة الطبقية فعلاقة السيطرة تكون بين الطبقتين النقيضتين أو التحالفين الطبقيين النقيضين واللذان بينهما تناقض تناحري (رئيسي) أما الهيمنة فتكون على مستوى التناقضات غير التناحرية (الثانوية) بين فئات الطبقة الواحدة أو طبقات التحالف الطبقي الواحد فنقول مثلا أن الطغمة المالية (طبقة مسيطرة) هي المهيمنة في التحالف الطبقي البرجوازي المسيطر على طبقات أخرى مثل البرجوازية الصناعية والفلاحية وهذا التحالف تربطه علاقة سيطرة طبقية بتحالف الطبقات الكادحة والذي البروليتاريا فيه طبقة مهيمنة نقيض (على طبقات أخرى مثل الفلاحين والموظفين)
2. مهدي عامل "في الدولة الطائفية" ص، 129 الطبعة الثانية، دار الفارابي بيروت.
3. انظر بهذا الصدد كتاب لينين "الدولة والثورة".
4. لطالما نهى ماركس عن نقد هذه الأشياء بهذا الشكل (أي في ذاتها) ويمكن للقارئ أن يرجع ،ان شاء، الى الانتقادات التي وجهها ماركس لفيورباخ. انظر على سبيل المثال كتاب "النقد الأول للاقتصاد السياسي" ماركس وانجلز.



#الياس_حريفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأسمالية السوق الممتاز : الى أين يتجه الوعي الاستهلاكي ؟
- التفاوت المادي والارتقاء الطبقي


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى
- تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ
- تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - الياس حريفي - مدخل نظري الى نقد برجوازية الفكر المدرسي : مفهوم الدولة نموذجا