أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عماد الحاج ساسي - تونس : انتفاضة أم ثورة














المزيد.....

تونس : انتفاضة أم ثورة


عماد الحاج ساسي

الحوار المتمدن-العدد: 3249 - 2011 / 1 / 17 - 19:07
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


إذا انطلقنا من فرضيّة أنّ الانتفاضة تنطلق شرارتها في شكل لهيب لا ينطفئ حتى تبلغ غايتها فإنّنا يمكن أن نعتبر أن ما جرى في تونس هو انتفاضة فعلا. لكنّنا إذا انطلقنا من أنّ ما جرى في تونس هو ثورة بأتمّ معنى الكلمة فإنّ الغاية ينبغي أن تكون أكبر من رحيل الديكتاتور. إنّها غاية جذريّة وهي تثوير كلّ البنى الثقافيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والنفسيّة . ودون السقوط في التحليلات الأيديولوجية التي تقدّم عاملا على آخر أو ترتّب العوامل جميعها ضمن هرميّة ما كتقديم الاقتصادي أو العامل الثقافي على غيره، نستطيع أن نقول إنّ القوّة المحركة للتاريخ والمجتمعات هي قوّة نابعة من التخطّي كلّ أشكال التخطّي : تخطّي الأفراد لخوفهم وتقمّصهم دور الشجاع وهو دور منحوت في الجسد الإنسانيّ ويمكن اعتباره جينة يولد بها الإنسان، لكنّها تظلّ نائمة لمدّة من الزمن ، تظل قائمة في صميميّة الكيان الإنسانيّ، والفرق بين الجلاد والضحيّة يتمثّل في أنّ الجلاد ينسى مع الوقت دور البطولة لأنّه يكون قد فقد الجينة الطبيعيّة وأمسى متعاليًا عن ذاته وعن التاريخ وعن البشر أمثاله. وهذا الوهم - الذي يظلّ يراهن على تجسيمه واقعا فعليّا في اعتقاده ويساعده على ذلك الضحيّة إذ يظلّ يمعن في خضوعه ويتمادى الجلاد في إذلاله إلى حدّ سحقه أحيانًا- هو الذي يصطدم بانتفاضة الضحيّة فيرتجّ إلى حين ثمّ يعود إلى التماسك بأكثر قوّة ، وعندها تبدأ لعبة الضحيّة، إنّها لعبة الثورة المنتشرة في الزوايا ومنحنيات الرّوح وشرايين الكتمان وتجاويف الكيان ، وهذا الانحناء إلى حدّ العجز التّام في الظاهر وبصورة مؤقتة يلتقي بيقظة الجينة الطبيعيّة النائمة فيفركها ويقرحها حتّى تتحوّل إلى دمّلة أو جرح مفغور يلفظ دماءه وعندها يستوي الموت بالحياة وتلتقي قوى الضذّ: قوى الحياة التي ترفع التحدّي إلى أعلى درجاته وتجعل الموت بوّابة العبور إلى المدى المجهول. هنا نكون أمام لحظة ثالثة أقصاها المنطق التقليدي وهي لحظة استواء المتناقضات وهو ما يتجسّد في أشكال رمزية متفاوتة الدلالة (حرق النفس، المواجهة لقوى الجلاّد دون الخشية من الموت، الصمود عند التعذيب..) لكن المعنى واحد (استقبال التخطّي كلحظة عبور من الموت تحت ضربات الجلاّد إلى الحياة الرمزيّة التي تصنعها تلك الجينة الطبيعيّة وهي تخطّي الخوف وتقمّص دور الشجاع ) .ولعلّ هذا النصّ الشعري في مدح رحيل محمّد البوعزيزي كرمز للثورة التونسيّة خير تعبير عن المحاميل الرمزيّة لها:
احتراق الفينق
محمّد يعلو لمثواه الأخير برعشة تعلو على الصّخب البشريّ
هل كانت إرادته تصدّقه حين كان يحترق ؟
هل كان وهج الموت أقوى من طلوع الشمس مرّة أخرى عليه؟
أنا لا أصدّق أنّ ثورته على الدنيا بحجم ثورته على المطلق؟
هو المطلق المتسامي إلى نار الحقيقة
هو يومنا المستعاد بغصّته
هو وجهنا الذي أفقدوه سحنته
هو جسمنا الذي فقد الجاذبيّة..
هو أرضيّ تماما وسماويّ تماما..
محمّد صخب العالم كلّه
صخب الأشياء
ضجّة الماء
محمّد هزّة المعنى وبَوْصلة حقيقيّة
يَفْقد الكون معناه
ويُسْلب محتواه
ويرتدّ سطحا بلا عمق
بياضًا يدوّن فيه محمد بداية أبجديّة..
يتبع



#عماد_الحاج_ساسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عماد الحاج ساسي - تونس : انتفاضة أم ثورة