أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحق بنعبدالله - الشخص الذي مات هذا الصباح..














المزيد.....

الشخص الذي مات هذا الصباح..


عبد الحق بنعبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3246 - 2011 / 1 / 14 - 15:22
المحور: الادب والفن
    


مات موتة هادئة على كرسي حلاق.
اليوم جمعة، و قبل أن يتوجه إلى صلاة الظهر التي دأب على حضورها في الشهور اﻷخيرة - و هو في أواخر العقد الستين من عمره- ﻗرر أن يزور الحلاق القريب من المسجد.
سأله هذا اﻷخير:
-الشعر أم اللحية؟
-اللحية.
- إنها خفيفة يا حاج..
- أحلقها مع ذالك.
لم يكن حاجا و لم يفكر يوما بجدية أن يصبح حاجا .و ليست للمسألة علاقة بمبادئ ما، فقط كان يحب الحياة الدنيا أكثر من اﻵخرة.
عندما فتش الغاسل جيوب عباءته البيضاء ساعات بعد ذالك، وجد مفكرة صغيرة جدا عليها أرقام هواتف أفراد عائلته و معارفه القلائل، ثم هاتفه النقال، إضافة إلى قارورة عطر صغيرة يبدو إنها لم تكن تفارقه إﻻ نادرا.
علق بعضهم:
- مات يوم جمعة، وفي طريقه لبيت ﷲ، و فوق ذالك حليق، يا للحظ.
- لن يلتقي بجبريل، ولن يذوق عذاب القبر. مباشرة لمصيره، الجنة إن شاء ﷲ، له ولكافة المسلمين.
فكرت:
- ولم ﻻ جهنم؟

يبدو أني ﻻ أحب الشخص الذي مات هذا الصباح كثيرا.

وقد ﻻ أكون الوحيد في ذالك، فبالتأكيد ﻻ تحبه زوجته السابقة أيضا، وﻻ ابنته الصغرى التي طالما رددت انه لم يمنحها حنانا، و أحد أبنائه ينعته باﻷب البيولوجي، و كثير من الذين قدموا إلى المنزل هذا المساء لتقديم التعازي يبدو أنهم فعلوا ذالك من باب الواجب ﻻ غير، أما النساء اللواتي ذرفن دموعا من حين ﻷخر ﻓلم يكن ﺣﻣﺎﺳهن ﻛﺑيرا بحجم جلل المصاب.
شخصان فقط كان تأثرهما واضحا ، رغم اختلافهما في الدوافع :ابنته الكبرى التي كانت تحبه بصدق و كان يبادلها نفس الحب منذ صغرها، و قد سقطت مغمى عليها عند سماع خبر الوفاة، والشيخ الهرم ذو الثلاث و ثمانين سنة، صهره لزوجته الثانية ، والذي كان يشهق تارة بصوت خافت و تارة أخرى جهارا، ولم تتوقف عيناه الصغيرتان المنطفئتان عن ذرف دموع سخية طيلة اليوم، بسبب حزنه الشديد ﻋﻠﻰ مصاب ابنته حسب بعضهم، و بسبب حبه للمرحوم، زوج ابنته، حسب البعض اﻵخر،أما أنا فﻼ أعرف لماذا فضلت فرضية ثالثة:هلعه الشديد من الموت.

لما جاءت زوجتي تعلن لي خبر وفاة الشخص الذي مات هذا الصباح.. استبقت رد فعلي بعناق و بكاء، تعبيرا منها عن سندها لي و تقاسمها حزني ..لكن لحيرتها لم أبك،
لم أحزن حتى..

الشخص الذي مات هذا الصباح يقربني كثيرا.

و قد وددت أن ﻻ اكتب عنه بسوء. تمنيت صادقا لو غمرتني أحاسيس أكثر نبلا، فكتبت مرثية مثلا، أو شعرا، أو فقط خاطرة ساذجة لكن مفعمة محبة و تقديرا.
لكن عوض ذالك تحضرني صورة رجل آخر ﻻ أكن له حبا كبيرا هو اﻷخر، اسمه الحسن الثاني، فيزداد اﻷمر تعقيدا، فهذا اﻷخير يلقي دوما بضلاﻟه القاتمة على روحي، وهي اﻵن تتماهى مع ضلال الشخص الذي مات هذا الصباح، ﻓﻼ أقوى على المصالحة .
معذرة، فرغم غمامة الشجن العابرة إلى مكان ما ﻓﻲ اﻷعماق، ﻓﺎﻧﻲ ﻻ أقوى حقا على المصالحة.

إن الشخص الذي مات هذا الصباح..
كان أبي.



#عبد_الحق_بنعبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحق بنعبدالله - الشخص الذي مات هذا الصباح..