أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغفار شكر - الأحزاب العربية وثقافة حقوق الإنسان















المزيد.....



الأحزاب العربية وثقافة حقوق الإنسان


عبد الغفار شكر

الحوار المتمدن-العدد: 971 - 2004 / 9 / 29 - 09:58
المحور: حقوق الانسان
    


تمر الأقطار العربية بمرحلة انتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، ورغم أن هذه العملية شغلت القرن العشرين بأكمله الا أنها لم تحقق أهدافها كاملة حتى الآن، وما يزال التحول الديموقراطى فى الوطن العربى متعثراً لأسباب متعددة لا تعود كلها إلى موقف الحكام السلبى من الديمقراطية، بل هناك أيضاً أوضاعاً مجتمعية تعوق هذا التحول مثل افتقاد ثقافة سياسية عربية ديموقراطية، وغياب احترام حقوق الإنسان، وعجز القوى الديمقراطية عن المواجهة الفعالة لهذه الأوضاع حتى الآن، وعن القيام بدور فعال فى التمكين لثقافة سياسية ديموقراطية عربية تحتل ثقافة حقوق الإنسان موقعاً أساسياً منها. ولما كانت التعددية السياسية والحزبية أحد أهم ركائز التحول الديمقراطى فى الوطن العربى، فإن دراسة دور الأحزاب السياسية العربية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان كجزء من مسئوليتها فى نشر ثقافة سياسية ديمقراطية عربية يكتسب أهمية خاصة للتغلب على معوقات التحول الديمقراطى فى الوطن. ورغم أن الأقطار العربية ليست فى مستوى متماثل من التطور الديمقراطى ورغم التباين فى مسار كل منها على طريق الديمقراطية إلا أنها تواجه مشاكل مشتركة فى هذا المجال سوف يساعد التعرف عليها وفهمها على التغلب على معوقات التطور الديمقراطى فى الوطن العربى ككل.
تضع أحزاب المعارضة العربية النضال من أجل الديموقراطية فى مقدمة أهدافها بما فى ذلك العمل من أجل أعادة بناء الدولة على أسس جديدة تشمل تعميم مبدأ سيادة القانون وقيام دولة المؤسسات واحترام التعددية وحقوق الإنسان والحريات العامة والمساواة فى الحقوق والواجبات، وتداول السلطة من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة إعمالاً لمبدأ المشاركة الشعبية.. الخ.
ويتطلب بناء الديموقراطية فى أى مجتمع إقامة المؤسسات التى تمارس من خلالها سيادة الشعب واعتماد الآليات التى تكفل تحقيق المقومات والأسس الرئيسية للديمقراطية وترسيخ القيم التى تحكم نظرة الناس وسلوكهم تجاه الآخرين وتجاه المجتمع. ومن بين هذه المكونات الثلاثة (المؤسسات والآليات والقيم) تكتسب القيم وضعاً خاصا لأنه بدون سيادة قيم المساواة والحرية والحوار مع الآخر ونبذ التعصب وغيرها لا يمكن للمؤسسات والآليات أن تحقق الأهداف المرجوة منها. والقيم التى تقوم عليها الديمقراطية هى نفسها القيم التى تشكل جوهر ثقافة حقوق الإنسان، من هنا فإن نضال الأحزاب العربية من أجل استكمال التحول الديمقراطى فى الوطن العربى يتطلب اعطاء أولوية للنضال من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان وترسيخ قيمها فى الواقع العربى. فما هو دور الأحزاب العربية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان؟ للإجابة على هذا السؤال يتعين – أن نتناول أولاً المقصود بثقافة حقوق الإنسان بقدر أكبر من التفصيل مع التركيز على علاقتها بالثقافة السياسية السائدة ثم نستعرض خريطة الأحزاب السياسية فى الوطن العربى ومن ثم يصبح بالإمكان الحديث عن دور الاحزاب العربية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان.

-1-
الثقافة السائدة وثقافة حقوق الإنسان

الثقافة مركب معقد تختلف مستوياته فى العمق والأداء ودرجة التشابك والتفاعل ومن ثم فهى على قدر كبير من التنوع والتعددية تضم جوانب مسايرة للتطور وأخرى معوقة له. ينطبق ذلك على الثقافة العربية كما ينطبق على أى ثقافة أخرى، وليس صحيحاً ما يذهب اليه البعض من أن الثقافة العربية والموروث الثقافى العربى يحول دون تعمق الديمقراطية فى بنية المجتمعات العربية، فهناك فى تراثنا الثقافى قيما ورؤى ومعارف تخصن على المساواة والإيجابية والمشاركة والحرية كما توجد إلى جانبها قيم ورؤى ومعارف معاكسة مما يدعو إلى البحث عن مداخل قوية وأصيلة للتعامل مع هذه القيم والمعارف المعوقة بحيث يتم تطوير ثقافة عربية إنسانية ديمقراطية يتشكل وعى الإنسان العربى بموجبها تجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان فلا تكون فى نظره نتاج ثقافة أجنبية بل نابعة من قيمنا وخبراتنا التاريخية. وفى هذا الإطار يمكن النظر إلى الثقافة السياسية العربية باعتبارها "منظومة من المعارف والقيم والرؤى والأفكار والاتجاهات الأساسية التى تتصل بالنظام السياسى، وتؤثر فعليا فى توجيه سلوك أفراد المجتمع حكاما ومحكومين". حيث نلاحظ أن الثقافة السياسية العربية السائدة حاليا تعلى من شأن قيم معاكسة للتطور الديمقراطى مثل قيم الطاعة والانضباط والولاء والتوحد مما يؤدى إلى غياب الإنسان الديمقراطى الذى هو طرف أساسى فى معادلة الديمقراطية فى أى مجتمع، والذى يتطلب تكوينه قيما أخرى مثل المشاركة، المساواة، التسامح المتبادل، روح المبادرة، استقلالية الرأى والموقف، لا شخصانية السلطة... الخ. وفى هذا الصدد تبرز أهمية القيم التى تقوم عيها ثقافة حقوق الإنسان وضرورة العمل على اشتقاقها من الثقافة العربية السائدة، خاصة وأنها، بالفعل ثمرة تفاعل الثقافات والحضارات الكبرى عبر التاريخ بما فى ذلك الثقافة العربية الإسلامية، وبالتالى فليس هناك تعارض بين عالمية حقوق الإنسان باعتبارها قيم ومثل عليا راقية مقبولة من جميع الضمائر الحية، وبين خصوصيتها متمثلة فى اشتقاقها من الثقافة العربية والابداع فى مداخل ووسائل تطبيقها وأولوياته فى مجتمعاتنا العربية.
ثقافة حقوق الإنسان التى تتأسس على المواثيق الدولية التى وقعت عليها معظم الحكومات العربية وأصبحت ملزمة لها تتضمن عشر حريات أساسية هى:
الحق فى الحياة، الحق فى الحرية، الحق فى الكرامة والحرية الشخصية، حرية الرأى والدين والتعبير، الحق فى التجمع السلمى، الحق فى التقاضى أمام محاكم مؤهلة ومستقلة ونزيهة، الحق فى المساواة وحظر كل صور التمييز، الحق فى الملكية والعمل، الحق فى التعليم والثقافة، حق كل شخص فى المشاركة فى إدارة شئون بلاده. وحول هذه الحقوق والحريات يدور نضال الأحزاب السياسية العربية ويأتى من خلاله دورها فى نشر ثقافة حقوق الإنسان، وسوف نلاحظ هنا أن القضية المركزية فى نشاط الأحزاب العربية حول ثقافة حقوق الإنسان هى قضية الحق فى المشاركة الذى نصت عليه المادة (21) من الاعلان العالى لحقوق الإنسان والتى تنص على أن ممارسة هذا الحق تتم من خلال:
1-الحق فى الاشتراك فى إدارة الشئون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً.
2-لكل شخص نفس الحق الذى لغيره فى تقلد الوظائف العامة فى البلاد.
3-إن إرادة الشعب هى مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجرى على أساس الاختراع السرى وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أى إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.
ومن البديهى أن تمتع المواطنين بحق المشاركة فى إدارة الشئون العامة للبلاد بهذا المفهوم لا يمكن أن يتوفر ما لم تتوافر باقى الحريات العشر المشار إليها. وسوف نلاحظ هنا أنه بقدر تفهم المواطنين لهذه الحقوق والحريات، وبقدر اقتناعهم بأهميتها لتحقيق مصالحهم وتوفير ظروف أفضل لحياتهم، فإنهم سينخرطون فى النضال من اجل تحقيقها وضمان احترام جميع الأطراف حكاما ومحكومين لها. وتؤكد هذه الحقيقة أن توافر حقوق الإنسان واستقرار التطور الديمقراطى ليس رهنا فقط بإرادة الحكام بل هى مسئولية المجتمع كله وبدون اجتذاب المواطن العادى للمشاركة فى النضال من أجلها وبدون تمثله قيمها فى وعيه وسلوكه اليومى فإنها لن تتحقق بالقدر الكافى لإنهاء هذه المرحلة من تطور مجتمعاتنا العربية التى طالت أكثر مما ينبغى، مرحلة الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية. وبالتالى فإن كل ما تبذله الأحزاب العربية من جهد فى التعريف بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وثقافة حقوق الإنسان له أهميته فى الانتقال بمجتمعاتنا إلى ديمقراطية حقيقة. خاصة وأن مستقبل هذه الأحزاب نفسها متوقف على مدى قدرتها على تعبئة أوسع قوى جماهيرية ممكنة فى مواجهة القيود المفروضة على حقوقها السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والانتهاكات التى تمارس ضد حرياتها الاساسية. فما هى قدرة الأحزاب العربية فعلا على نشر ثقافة حقوق الإنسان لتحقق هذه الأهداف؟ وما مدى انتشارها فى مختلف الأقطار العربية وما تحوزه من قدرة لتحقيق ذلك؟

-2-
خريطة الأحزاب العربية

تتفاوت الأوضاع الحزبية فى الأقطار العربة بين الحظر الكامل للتعددية والحزبية والتقييد الصارم والتعددية المشروطة المقيدة، ويؤثر هذا التفاوت على خريطة الأحزاب العربية من حيث الانتشار والحجم والفاعلية والقدرة على التأثير فهناك حظر مطلق على التعددية الحزبية فى دول الخليج الستة وفى ليبيا كما شهد السودان هذا الحظر طوال فترة التسعينات رغم تمتعه قبل ذلك بتعددية حزبية ناضجة، كما أدى تفكك الدولة فى الصومال وسيطرة أمراء الحرب على مختلف أجزائه إلى الحيلولة دون قيام أحزاب سياسية حقيقية وغلبة الصراع القبلى والعشائرى على الحياة السياسية هناك، وتعانى الحياة الحزبية فى العراق وسوريا من التقييد الصارم الذى يحول دون ممارستها نشاطاً حقيقياً فى المجتمع، وهو ما أدى فى حالة العراق إلى هجرة معظم القيادات والكوادر الحزبية المعارضة إلى الخارج. كما أدى فى حالة سوريا إلى قبول الأحزاب المعترف بها قانونا الدور القيادى لحزب البعث العربى الاشتراكى واحتكاره الحكم والاكتفاء ببعض الأنشطة الإعلامية والثقافية المحدودة فى غيبة نشاط سياسى جماهيرى مما يحرمها من إمكانيات التأثير الفعال أو القدرة على النمو والاتساع وهكذا يمكن القول أن التعددية الحزبية مصادرة أو شبه مصادرة فى أحد عشر قطراً عربياً، وأن أحزاب المعارضة السودانية والعراقية والصومالية موجودة بالفعل خارج بلادها. وهكذا فإن نصف الأقطار العربية تقريبا تمنع إنشاء الاحزاب أو تصادر نشاطها فعلياً. أما النصف الآخر والذى يشمل مصر والأردن ولبنان واليمن وفلسطين وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا فإنه يشهد نوعا من التعددية الحزبية المقيدة تتسم بثلاث سمات هى:
-هيمنة السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى ومجمل الحياة السياسية.
-التدرجية فى الانتقال إلى التعددية بقرار من السلطة التنفيذية.
-الانتقائية فى الأنشطة المسموح بها للأحزاب والقوى التى يسمح لها بتأسيس أحزاب معترف بها.
وفى ظل هذا الوضع من التعددية المقيدة والانتقائية يمارس أكثر من مائة حزب سياسى النشاط فى هذه الأقطار التسعة بدرجات متفاوتة من الحرية والفاعلية وتتوزع هذه الأحزاب بين تيارات أربعة أساسية هى التيار الليبرالى والتيار الإسلامى والتيار القومى والتيار الاشتراكى والماركسى، ولا يخلو قطر من هذه الأقطار التسعة من أحزاب تمثل هذه التيارات الأربعة. ورغم أن الانتقال إلى التعددية الحزبية بدأ فى بعض هذه الأقطار منذ السبعينات إلا أنها لم تحقق حتى الآن تقدما ملموسا نحو تعددية حزبية حقيقية وما زالت هذه الأقطار جميعاً تعانى من احتكار حزب بعينه وفئات محددة للحكم ما عدا المغرب التى شهدت نوعا من تداول السلطة محكوم أيضاً بالهيمنة الملكية. وما تزال التعددية مقيدة وانتقائية حيث تحرم قوى من تأسيس أحزابها الشرعية كالإخوان المسلمين والشيوعيين ويلعب دوراً أساسيا فى استمرار احتكار الحكم نظم انتخابية لا توفر ضمانات حقيقية لحرية الانتخابات تكفل تعبيرها عن إرادة الناخبين وتجعل إرادة الشعب مصدر سلطة الحكومة بالفعل وما يزال العمل السياسى الجماهيرى مقيداً ومحاصرا وما تزال مؤسسات المجتمع المدنى والنقابات والجمعيات الأهلية خاضعة لسيطرة إدارية، وما تزال حقوق الإنسان والحريات العامة تعانى من التضييق والمصادرة. وفى ظل هذه الأوضاع ورغم التضحيات التى قدمتها كثير من القوى والأحزاب العربية فإنها ما تزال غير قادرة على النمو والاتساع والتحول إلى قوى جماهيرية مؤثرة. وقد حددت هذه الأوضاع جدول أعمال النشاط الحزبى فى مختلف الأقطار العربية كما حددت أولوياته، حيث تحظى الديمقراطية وحقوق الإنسان بالأولوية بصيغة عامة وضرورة توافر نظم انتخابية سليمة والغاء القوانين المقيدة للحريات بصفة خاصة.
هناك اجماع فى صفوف الأحزاب العربية على أولوية العمل من أجل استكمال التحول الديمقراطى واحترام حقوق الإنسان وضمان سلامة ونزاهة العملية الانتخابية وتوفير المناخ التشريعى والإعلامى الملائم لذلك. وسنكتفى هنا بإيراد بعض الأمثلة لهذا الاجماع من خلال اللقاءات المشتركة لممثلين لهذه الأحزاب.
جاء فى بيان الاجتماع الأول للمؤتمر القومى العربى المنعقد فى تونس سنة 1990 والذى يشارك فى عضويته قيادات فكرية وسياسية تنتمى إلى العديد من الأحزاب السياسية فى الوطن العربى قومية وإسلامية واشتراكية (أن المؤتمر يتشكل فى ظل ظروف تحول الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان إلى مطلب شعبى شامل والانتقال نحو أنظمة تعددية فى كل من الجزائر والأردن، واتفق على أن من أهدافه الأساسية أن يشكل قوة ضغط سياسية وفكرية فاعلة فى مختلف الساحات العربية). وأكد البيان الختامى للمؤتمر السابع المنعقد فى الدار البيضاء سنة 1997 أن من أهم عوائق الانتقال إلى الديمقراطية (تأسيس النخب العربية الحاكمة لشرعيتها على غير اساس من الرضا الشعبى، وتسلط السلطة المركزية على مؤسسات المجتمع المدنى، وافتقاد هذه المؤسسات ذاتها لآلية الممارسة الديمقراطية وتآكل الطبقة الوسطى بصفة عامة واستغلال الخصوصية فى تبرير انتهاك حقوق الإنسان، والتماهى بين مفاهيم الدولة والسلطة والفرد على نحو حال دون تطور الدولة الوطنية العصرية وأدى إلى إحلال البيروقراطية محل الإرادة السياسية للدولة وارهاب المثقفين واغرائهم بالعمل كأبواق للسلطة). وسجل المؤتمر فى تقريره السنوى حال الامة سنة 1999 ظاهرة غياب الديمقراطية وخضوع البلاد العربية جميعا – بدرجة أو بأخرى – لنظم حكم استبدادية. ورصدت لجنة الدولة والمجتمع فى المؤتمر القومى المنعقد سنة 2000 حالة الخلط بين الدولة والسلطة، واختزال السلطة فى شخص الحاكم (سواء كان شخصاً أو حزباً أو مجموعة)، وتغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية. وغياب مفهوم المواطنة وسيادة حكم القانون، واستمرارية العمل بقوانين الطوارىء والقوانين الاستثنائية فى عدة بلدان عربية، واعتماد قوانين ونظم انتخابية تخل بتكافؤ الفرص بين المواطنين وتؤدى إلى استبعاد واقصاء فئات اجتماعية من المشاركة وتهميش دور المرأة).
وهناك تجمع حزبى عربى آخر هو مؤتمر الأحزاب العربية الذى تأسس سنة 1996 بمشاركة أكثر من 80 حزب سياسى عربى من 12 قطر عربى يمثلون كامل الخريطة السياسية والفكرية القومية والناصرية والإسلامية والليبرالية والاشتراكية والشيوعية، والذى جاء من أهدافه التأكيد على ديمقراطية تعددية صحيحة وكاملة كما أكد من جديد فى مؤتمره الثانى المنعقد فى بيروت فى نوفمبر سنة 1999 على الديمقراطية وأن "إقامة تناقض مصطنع بين الديموقراطية والنضال من أجل التحرر الوطنى والقومى أو التنمية الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية الاجتماعية والعدل الاجتماعى، والعمل على تأجيل الديمقراطية لتحقيق هذا الهدف أو ذاك، قد اصاب الأمة العربية فى مقتل وأدى إلى تأخرنا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتحررية. وأثبتت التجربة أن تحقيق تقدم فى أى مجال لا يستند إلى أوضاع ديمقراطية صحيحة يهدد بالفشل).
وفى تقرير لجنة الديمقراطية والتعددية المنبثقة عن المؤتمر الثانى للأحزاب العربية توصيات تؤكد الالتزام بمرجعية حقوق الإنسان كما وردت فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان مثل:
-توفير الحقوق السياسية والمدنية، خاصة حق الأفراد فى المشاركة على قدم المساواة فى إدارة الشئون العامة فى دولهم بواسطة ممثلين يختارون فى حرية، وحق المواطن فى أن ينتخب وينتخب فى انتخابات حرة نزيهة مراقبة جيداً وتجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين، بما يضمن فى النهاية إمكانية تداول السلطة سلمياً، وأن يتاح لكل مواطن على قدم المساواة فرصة تقلد الوظائف العامة فى بلده.
-حماية المرأة من أى اضطهاد.
-الحق فى حرية تكوين الأحزاب والجمعيات الأهلية بلا قيود وإنشاء النقابات والانضمام اليها، بما فى ذلك الحق فى تعدد الأحزاب وديموقراطية واستقلالية النقابات والجمعيات، وإطلاق حرية إصدار الصحف وأجهزة الإعلام، وحق الحصول على المعلومات من مصادرها بدون قيود، وحق المواطنين فى التجمع والتظاهر والإضراب السلمى.
-حق كل إنسان فى حرية الفكر والاعتقاد والدين.
-حرية كل فرد فى التنقل وفى اختيار مكان إقامته ومعاملته قانونياً، ومثوله أمام قاضيه الطبيعى.
-الحق فى الحياة وضمان الأمن الشخصى للإنسان وحرمة مسكنه وحياته الخاصة .
-المساواة بين المواطنين فى كافة الحقوق دون تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو الرأى أو الوضع الاجتماعى أو الثروة أو النسب. وكفالة حق العمل والحق فى أجر منصف والضمان الاجتماعى والتأمينات الاجتماعية والحق فى نصيب عادل من الثروة القومية ومستوى معيشى كاف لكل أسرة بما يفى بجاحتها من الغذاء والتعليم والعلاج.
وهكذا يبدو أن هناك تفاهما واضحا بين أغلبية الأحزاب العربية على أولوية الديمقراطية وانطلاقها أساسا من حقوق الإنسان كما نصت عليها المواثيق الدولية، وليس من شك فى أن هذا التفاهم يلعب دوراً هاماً فى الدور الذى تقوم به الأحزاب العربية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان.

-3-
دور الأحزاب العربية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان
هناك أساليب ووسائل متعددة لنشر ثقافة حقوق الإنسان من أهمها:
1-تدريس حقوق الإنسان فى المدارس والجماعات كجزء من المناهج الدراسية، وتنظيم أنشطة عملية الطلاب المدارس والجامعات تعمق فهمهم لهذه الحقوق وتعدل سلوكياتهم بما يتمشى معها وخاصة ما يتصل منها بالتسامح والاعتراف بالآخر والمشاركة.
2-عقد دورات تثقيفية فى مواقع التجمع الجماهيرى حول حقوق الإنسان والاهتمام بصفة خاصة بأعضاء الأندية ومراكز الشباب وقصور الثقافة والجمعيات الأهلية والنقابات العمالية والمهنية والاتحادات الطلابية.
3-الاهتمام بحقوق الإنسان فى برامج التنشئة والتربية داخل هذه المؤسسات والمنظمات.
4-التعريف بحقوق الإنسان من خلال النشر فى الصحف والمجلات والكتب وفى برامج الإذاعة والتليفزيون، سواء بتناول قضايا حقوق الإنسان مباشرة أو بمناقشة مشكلات نابعة من انتهاكها أو التعريف بأهميتها للمجتمع.
5-كما يتم نشر ثقافة حقوق الإنسان أيضاً من خلال النضال العمالى ضد الانتهاكات أو مظاهر عدم احترامها، وتشهد المعارك النضالية حول حقوق الإنسان حوارات ومساجلات تطرح فيها الآراء وتعرض الحقائق وتقدم الأدلة والبراهين حول ضرورتها وحول مرجعيتها وحول أهم بنودها، ومن خلال ذلك يتفهم المواطنون هذه القضايا ويتعمق وعيهم بحقوق الإنسان ويزداد اقتناعهم بضرورتها للمجتمع ككل ولكل مواطن فيه.
وكما أوضحنا من قبل فإن اهتمام الأحزاب السياسية فى الوطن العربى بقضايا وثقافة حقوق الإنسان يأتى ضمن اهتمامها بقضية الديمقراطية وأولوية التطور الديمقراطى لمجتمعات العربية فى هذه المرحلة، وهناك بالفعل دور مباشر وغير مباشر للأحزاب العربية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان، ويتحقق هذا الدور من خلال ثلاث أساليب محددة هى المساهمة فى تأسيس منظمات ومراكز حقوق الإنسان فى الوطن العربى ومشاركة بعض القيادات الحزبية فى أنشطتها، النشر فى الصحف والدوريات عن قضايا حقوق الإنسان ومشكلاتها، النضال العملى حول قضايا مرتبطة بحقوق الإنسان وما يطرح أثناء ذلك من آراء وحجج وما يقدم من معلومات. ومن أهم المجالات التى ساهمت من خلالها الأحزاب السياسية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان من خلال السنوات العشر الأخيرة:
-التعديلات الدستورية وعلاقتها بنظم الحكم وضرورة أن توفر مقومات الحكم الديمقراطى.
-القوانين المنظمة للانتخابات العامة ومباشرة الحقوق السياسية.
-قوانين المطبوعات والصحافة والنشر.
-القوانين المنظمة لإنشاء الأحزاب السياسية وممارستها لنشاطها.
-إعلان حالة الطوارىء وما تتضمنه قوانين الطوارىء من أحكام قاسية ورفض احالة المواطنين على محاكم استثنائية او عسكرية وسوء معاملة المعتقلين وسجناء الرأى.
-اضطهاد وملاحقة نشطاء حقوق الإنسان والتضييق على منظمات حقوق الإنسان ومحاصرتها أو منعها من ممارسة النشاط.
-ما يجرى أثناء الحملات الانتخابية البرلمانية والمحلية من تدخل وتزوير وفيما يلى عرض موجز للغاية لأمثلة من نشاط الأحزاب العربية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان سواء من خلال المشاركة فى تأسيس ونشاط مراكز حقوق الإنسان، أو من خلال النشر فى الصحف والمطبوعات والدوريات أو من خلال النضال العمل حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.

أولاً: فيما يتصل بالمساهمة فى تأسيس ونشاط مراكز حقوق الإنسان:
ساهمت الأحزاب السياسية فى بعض الأقطار العربية فى تأسيس الجيل الأول من منظمات حقوق الإنسان كما حدث فى المغرب بتأسيس منظمة عصبة حقوق الإنسان 1972 التى كانت أقرب إلى حزب الاستقلال الوطنى، والجمعية المغربية 1979 أقرب إلى التنظيمات اليسارية الراديكالية وشبه المحجوبة عن الشرعية، والمنظمة المغربية 1988 التى خرجت من عباءة حزب الاتحاد الاشتراكى للقوى الشعبية وتحالفاته. ولم تكن نشأة منظمات حقوق الإنسان فى الجزائر بعيدة عن هذا الوضع حيث أسست الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان سنة 1985 نتيجة لنشاط سياسى يدافع عن حقوق البربر. وفى تونس تأسست الرابطة التونسية لحقوق الإنسان سنة 1977 وضمت فى صفوفها ممثلين لقوى سياسية عديدة مع احتفاظها باستقلالها عن أى قوة سياسية وفى اليمن أيضاً تأسست حركة حقوق الإنسان فى سياق الاستقطاب السياسى الحاد. وفى مصر ساهم حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى مع قوى سياسية أخرى فى تأسيس اللجنة المصرية للدفاع عن الحريات سنة 1977 التى أصدرت ميثاق حريات وحقوق الإنسان المصرى وكانت ارهاصاً مبكراً لحركة حقوق الإنسان التى تبلورت فيما بعد من خلال عدة منظمات لحقوق الإنسان.
وقد أثرت هذه النشأة السياسية للجيل الأول من منظمات حقوق الإنسان فى الوطن العربى بالسلب على نشاطها وكانت هناك مشاكل عديدة حالت دون ممارستها لنشاطها بالفاعلية المطلوبة ومع ذلك فإنها كانت إسهاما مباشراً من الأحزاب السياسية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان والتنبيه لها ولأهميتها. ورغم أن الجيل الثانى من منظمات حقوق الإنسان الذى تأسس فى الثمانينات استفاد من سلبيات هذه التجربة وتجنب الارتباط بالأحزاب السياسية بل وغالى بعض المؤسسين فى تجنب هذه الأحزاب تماما والتأكيد على عزل نشاط حقوق الإنسان عن أى حزب أو قوة سياسية إلا أن هذه المنظمات الحقوقية ما لبثت أن أدركت أهمية مشاركة قيادات سياسية وحزبية فى نشاطها مع احتفاظها باستقلاليتها الكاملة عن أى حزب أو قوة سياسية، كما أدركت الأحزاب السياسية خطورة اتخاذ موقف سلبى من هذه المنظمات ومن ثم فقد شاركت بعض قيادات هذه الأحزاب تدريجيا فى نشاط حقوق الإنسان وكان لهذا التطور أثره الإيجابى فى التسعينات. وبذلك يمكن القول أن الأحزاب العربية كان لها اسهامها فى نشر ثقافة حقوق الإنسان بما قامت به من دور فى تأسيس الجيل الأول من منظمات حقوق الإنسان ومشاركة بعض قياداتها واعضائها فى نشاط الجيل الثانى من هذه المنظمات.


ثانيا: فيما يتصل بالنشر فى الصحف والدوريات والمطبوعات:
فى إطار نضالها من أجل مواجهة معوقات التطور الديمقراطى فى كثير من الأقطار العربية حرصت الأحزاب السياسية على مخاطبة الرأى العام من خلال صحفها وكان من بين ما ركزت عليه هذه الصحف رصد انتهاكات حقوق الإنسان والتأكيد على الحقوق والحريات التى نصت عليها المواثيق الدولية وما يتصل منها بصفة خاصة بالحق فى المشاركة وحرية الرأى والتعبير والدين وضرورة أن تتوافر ضمانات لنزاهة الانتخابات تكفل تعبيرها عن إرادة الناخبين وغيرها من القضايا الخاصة بالحريات العامة، ولا تخلو صحيفة حزبية فى أى عدد من مثل هذه القضايا على امتداد الوطن العربى، وقد ساهم هذا النشر فى توسيع نطاق الرأى العام المتفهم لقضايا حقوق الإنسان والمهتم بها، وأن كانت محدودية توزيع الصحف الحزبية تحد من أن يصل هذا النشر إلى قطاعات واسعة فى المجتمعات العربية .

ثالثا: فيما يتصل بالنضال العملى وأثره على نشر ثقافة حقوق الإنسان:
يعتبر هذا المجال الأكثر تأثيراً فى نشر ثقافة حقوق الإنسان بواسطة الأحزاب العربية، فمن خلال المعارك المستمرة والمتلاحقة حول قضايا التطور الديمقراطى وحقوق الإنسان خلال السنوات العشرين الأخيرة من القرن العشرين طرحت العديد من الاشكاليات واحتدم الحوار حول ضرورة احترام حقوق الإنسان وما نصت عليه المواثيق الدولية فى هذا الصدد. وكان لهذا أثره فى استقطاب اهتمام المواطنين وتعرفهم بشكل أفضل على أهمية حقوق الإنسان لضمان استقرار مسيرة المجتمع نحو اوضاع أفضل اقتصادياً واجتماعياً.
فى الأردن: ساهمت الأحزاب السياسية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان من خلال نضالها العملى حول تعديلات قانون المطبوعات سنة 1997 الذى يغلظ العقوبة على الصحفيين ويجع بين الغرامة والسجن ويشترط زيادة رأسمال الصحيفة اليومية والأسبوعية بما يفوق الطاقة وإلا فإنه سيتم اغلاقها. وفى هذه المعركة دار النضال حول تأثير هذه التعديلات على الحريات العامة وليست حرية التعبير فقط وحق المواطنين فى التعرف على مختلف المواقف والآراء والحصول على المعلومات من مصادرها دون قيود.
وكانت هناك معركة أخرى حول تعديلات قانون الانتخابات سنة 1993 وتعديلات أخرى سنة 1997، وقاطعت الأحزاب بالفعل الانتخابات البرلمانية سنة 1997 احتجاجاً على هذه التعديلات وقد دارت الحوارات والصراعات فى هذه المعركة حول حق المواطنين فى المشاركة وأن تكون الحكومة تعبيراً عن إرادة الشعب من خلال انتخابات حرة. كما تضامنت الأحزاب السياسية مع الحزب الشيوعى الأردنى وحزب البعث العربى الاشتراكى ضد قرار وزير الداخلية بعدم الترخيص لهما فى ديسمبر 1992 ودارت المعركة حول الالتزام بالتعددية السياسية وحرية الرأى وفتح الأبواب أمام كل القوى السياسة للمشاركة فى بناء الوطن. وطالبت الأحزاب فى هذه المعارك بإشراف القضاء على الانتخابات وتشكيل لجنة وطنية من الأحزاب والسلطة التنفيذية للبحث فى ترتيبات الانتخابات، وتجميد العمل بقانون المطبوعات والنشر، وضمان حياد الحكومة تجاه الانتخابات، وضمان حق الأحزاب فى الاستخدام المتساوى لأجهزة الاعلام، وفتح حوار وطنى عام حول مشروع قانون عصرى ديموقراطى للانتخابات، ووقف كافة أشكال التعدى على الحريات العامة والتعامل مع الأحزاب كمؤسسات وطنية، وتمكين المواطنين من المشاركة السهلة فى الانتخابات بالتسجيل والنقل والاقتراع.
وفى اليمن: استمر الصراع حول قضايا الديموقراطية خلال الفترة من 1991 إلى 1993 حيث اعترضت الأحزاب السياسية على قانون الأحزاب الصادر سنة 1991 وكانت لها ملاحظاتها حول التعديلات الدستورية المزمع اجراؤها وتناول الحوار حول هذه التعديلات شكل الدولة وما ينبغى أن يتوفر من مقومات الديموقراطية فى الدستور. كما كانت هناك مواجهة أخرى طرحت فيها كثير من قضايا حقوق الإنسان أثناء الانتخابات البرلمانية فى ابريل 1993. وكانت هناك معركة اخرى فى مارس 1998 بعد تطبيق اللائحة المالية لقانون الصحافة والمطبوعات التى تضمنت نصوص تحول دون حرية إصدار الصحف والمطبوعات وتفرض قيوداً جديدة عليها. وقد عارضتها الأحزاب السياسية المعارضة وطرحت أثناء ذلك مسألة حرية التعبير والرأى من جديد.
وفى المغرب: ورغم، تحقق انفراح نسبى فى التعددية والتطور الديمقراطى إلا أن ذلك لم يمنع من الخلاف حول القيود التى فرضت على الأحزاب لمنع تنظيم انشطتها فى المنتديات والقاعات العامة، وكذلك الاستفتاء على تعديل الدستور فى سبتمبر 1992 وأثناء الانتخابات البلدية عام 1992 والانتخابات البرلمانية عام 1993 والتى طرحت أثناءها شروط ضمان نزاهة الانتخابات.
وشهدت الجزار وتونس وموريتانيا: معارك مماثلة حول التعديلات الدستورية وقوانين الانتخابات والمطبوعات.
أما فى مصر: فقد كانت هناك تجربة جديرة بالدراسة والاهتمام، حيث نجحت الأحزاب والقوى السياسية الشرعية والمحجوبة عن الشرعية أن تنسق فيما بينها حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وشمل هذا التنسيق الإخوان المسلمين والشيوعيين بالإضافة إلى احزاب التجمع والوفد والعمل والناصرى والأحرار وكان لهذه الأحزاب نشاطها المشترك فى مواجهة قانون الأحزاب وتعديلاته وقانون مباشرة الحقوق السياسية الذى ينظم الانتخابات العامة وإعلان حالة الطوارىء وسوء معاملة سجناء الرأى والتعذيب فى السجون واحتكار الحكومة للاذاعة والتليفزيون والصحافة القومية وشاركت هذه الأحزاب فى نشاط النقابات ومؤسسات المجتمع المدنى فى مواجهة تعديلات قوانين الصحافة والمطبوعات والجمعيات الأهلية والقوانين المقيدة للحريات مثل قانون الاشتباه وقانون المدعى الاشتراكى. وطرحت هذه الأحزاب مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية يكفل توافر ضمانات موضوعية وقانونية لنزاهة الانتخابات كما قدمت مشروعات قوانين أخرى لتعديل والغاء المواد والنصوص القانونية المتعارضة مع حقوق الإنسان.
وفى هذا السياق نجحت لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية فى مصر فى التعاون مع مراكز ومنظمات حقوق الإنسان وبعض النقابات والشخصيات العامة فى عقد مؤتمر "دفاعا عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان" يوم 8 ديسمبر 1997 طرحت فيه قضايا عديدة تتصل بالتطور الديمقراطى فى مصر وشارك فيه عشرات من السياسة والمفكرين وأساتذة الجماعات والخبراء والباحثين بمراكز ومنظمات حقوق الإنسان ومراكز البحوث من كافة الاتجاهات والتيارات الفكرية والسياسية الذى نجحوا فى صياغة برنامج للإصلاح السياسى والدستورى صدر عن المؤتمر مؤكدين التزامهم به مجتمعين، وكل على حدة، سواء كانوا فى المعارضة أو وصل بعضهم للحكم وتضمن هذا البرنامج عشر نقاط أساسية وتشمل ضمان الحريات والحقوق الأساسية للموطنين، وتوفير ضمانات التقاضى واستغلال القضاء، والغاء حالة الطوارىء القائمة، وتعديل الدستور ليصبح ديموقراطيا يجعل الأمة مصدراً حقيقيا للسلطة، وتوفير ضمانات نزاهة الانتخابات، وتحويل الأدارة المحلية إلى حكم محلى شعبى حقيقى، واطلاق حرية التنظيمات السياسية والنقابية والجمعيات الأهلية، وتحرير أجهزة الإعلام والصحافة من السيطرة الحكومية والاحتكار والمواجهة الشاملة للارهاب وحماية الوحدة الوطنية وتوفير حد أدنى من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وليس من شك فى أن هذا البرنامج والنشاط حوله من خلال جهد مشترك للأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان وسائر مؤسسات المجتمع المدنى يمكن أن يوفر الأساس الجيد لنشر ثقافة حقوق الإنسان على أوسع نطاق فى المجتمع.
وبعد، هذه نظرة سريعة وموجزة للغاية لجهود الأحزاب العربية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن المهم أن يتضح هنا أن المأخذ الحقيقى على نشاط الأحزاب بهذا الصدد هو أنها أهملت البعد الثقافى لحقوق الإنسان –وركزت على الجانب السياسى اساساً. وأنها لم تستطع أن تصل بهذه الدعوة إلى دوائر واسعة فى المجتمع، وأنها لم تبذل جهداً كافيا فى تضمين برامجها التثقيفية موضوعات خاصة بحقوق الإنسان ولا تعطى اهتماما كبيراً بثقافة حقوق الإنسان فى هذه البرامج أو فى التنشئة السياسية لأعضائها من خلال الممارسة اليومية. ومن المهم أن تطور الأحزاب العربية جهودها فى مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الجماهيرية وأجهزة الإعلام والصحافة ومراكز البحوث وأن يشمل نشاطها فى هذا المجال تخصيص قسم أكبر لحقوق الإنسان فى برامجها العامة وبرامجها الانتخابية، والاهتمام بتناول البعد الثقافى لحقوق الإنسان مع التركيز بصفة خاصة على ما ورد بشأنها فى المواثيق الدولية، وموقف التنظيم الدولى من حقوق الإنسان، وتدريس الدساتير الوطنية ونقد موقفها من حقوق الإنسان أو تعارض القوانين القائمة مع ما ورد بالدساتير من حقوق وحريات، وعرض خلفية تاريخية لنشأة حقوق الإنسان فى العالم وتطورها فى الوطن العربى، وعرض الضمانات والطرق الكفيلة بحماية حقوق الإنسان. وأن تنطلق الأحزاب فى تعاملها مع نشر ثقافة حقوق الإنسان من حقيقة هامة تتمثل فى أن معرفة الإنسان لحقوقه أصبح حقا من حقوق الإنسان ذانها بناء على حقه فى التعلم الذى أكدته كثير من المواثيق الدولية.
المراجع
1-الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية. مطبوعات المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ديسمبر 1985.
2-حقوق الإنسان فى أفريقيا والوطن العربى، عيسى شيفجى وحلمى شعراوى، مركز البحوث العربية، القاهرة، 1994.
3-تمكين المستضعف، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، علاء قاعود ومحمد سيد سعيد، القاهرة 2000.
4-الثقافة السياسية الفلسطينية "الديموقراطية وحقوق الإنسان، محمد خالد الأزعر، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 1995.
5-رواق عربى، العدد 7، 9، 18، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 1998، 2000.
6-حقوق الإنسان فى الوطن العربى، المنظمة العربية لحقوق الإنسان، تقارير أعوام 1995، 1998، 1999.
7-مقدمة لفهم منظومة حقوق الإنسان، د. محمد سيد سعيد، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة 1997.
8-برنامج الإصلاح السياسى والديمقراطية، لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية فى مصر، صادر عن مؤتمر الدفاع عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، ديسمبر 1997 .
9-مجلة اليسار، الإعداد أرقام 43، 83، 87، 112، 113، 114، حسين عبد الرازق وفريدة النقاش والدكتور على عباس عبد الله. القاهرة.



#عبد_الغفار_شكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحالف الجنوب فى مواجهة أممية رأس المال
- عروبة مصر والصراع العربى الصهيونى
- الأمن العربي والتقدم العلمي
- الطبقة الوسطى والمستقبل العربى
- تطور الفكر الاشتراكى فى مصر1970-2000 الجزء الثالث
- تطور الفكر الاشتراكى فى مصر1970-2000 الجزء الثانى
- العولمة والديمقراطية فى الوطن العربى
- تطور الفكر الاشتراكى فى مصر1970-2000 الجزء الأول


المزيد.....




- -ارتكب أفعالا تنطوي على خيانة وطنه-..داخلية السعودية تعلن إع ...
- -حماس- تبدى موقفها من التقرير الاممي حول -الأونروا-وتحذر
- تحديث بشأن التحقيق حول مشاركة موظفين بالأونروا في هجوم حماس ...
- اعتقال المتهم الـ12 بالهجوم الإرهابي على مجمّع -كروكوس- في م ...
- غزة.. فضحت -حرية التعبير- الغربية وسخّفت تهمة -معاداة السامي ...
- -حماس- تحذر من وصاية أي جسم دولي على -الأونروا- كبديل عن الأ ...
- حماس تحذر من أي بديل عن الأمم المتحدة للإشراف على الأونروا
- حملة اغتيالات واعتقالات جديدة في الضفة الغربية
- قصف واشتباك مسلح.. ارتفاع حصيلة القتلى في غزة واعتقالات بالض ...
- اعتقال 8480 فلسطينا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغفار شكر - الأحزاب العربية وثقافة حقوق الإنسان