أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غادة م. سليم - التلويحة ----- قصة قصيرة














المزيد.....

التلويحة ----- قصة قصيرة


غادة م. سليم

الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 15:40
المحور: الادب والفن
    


كنت اعرف بطريقة او اخرى انه يسكن هذا المبنى العالي المغلق، الذي لم يخرج منه أحد أبدا. بدا لي و كأنه بيت للميدوزا او كالبيوت التي نسمع بها، وأصبح البحث اليومي عن مدخل آمن لهذا المبنى كي ألج منه شاغلي وهمي؛ إذ طالما تساءلنا هل يوجد مكان آمن عن أعين الآخرين حتى لو كان بحجم رأس الدبوس؟ هل نذهب الى المقهى ؟ لا..لا، أحس وكأن العالم كله يجالسنا ويستمع لمناجاتنا، إذن دعينا نحلق ونحلم ونطير ونضحك ونبكي.

- الا تعلم بإن جناحي قد قصا منذ زمن بعيد، ولكن يمكنني ان أنفذ الى رأسك واتلاشى بين طيات مخك.

يأخذني بين ذراعيه القويتين ويرفعني عاليا وبين تذرعاتي كي لا يوقعني ارضا وبين زهوي بجسده القوي المتين الذي يشبه ارباب الاولمب، اشعر بتلك الثمالة من غير خمرة وبتلك الغفوة بلا نوم.

- لاتخافي، لاتخافي، كم تخافين!
ويطبق شفتيه على ابتسامتي وكانه يريد ان يصنع منها قالبا بشفتيه.

كانت تلك الأشواق المحمومة المحبوسة تتدفق في دقائق، في ثوان؛ كثورة من ثورات تلك البراكين الخرافية، حتى نهدأ لدقائق و نحس بتجمع الحمم المتدفقة كالرغبة المجنونة في العناق والتقبيل. كنا مثل عطشان إندفع ملهوفا نحو الماء العذب ، ونهل منه بشغف وجنون من دون أن ينطفىء عطشه أو تخف حموته.

- دع أشواقنا تتسرب ببطئ كي نرتوي.
- هل تقدرين؟
- فلنجرب!

لكنه لم يبرح المبنى أبدا. كيف السبيل الى الدخول اليه؟
أودعت أفكاري و كل شيء عند الباب, ودخلت عارية، وأنا أعلم بأنه لا سبيل للخروج. تساءلت من اين للسكان هذه السعادة؟ فالكل مبتسم لكنها ابتسامة مرسومة. وجدت خلف نظراتهم الجامدة عيونا من زجاج، وجدتهم لونا واحدا يتحركون بلا أهداف. إقتادني أحدهم الى سيدهم الذي انفرد بحجرة عالية الجدران وراح ينظم لهم امورهم في حياة لا وجود للظلم او القسر او الألم في قاموسها.

كان كل شيء منظما الى الحد الذي سلب الصدفة دورها. نظر لي نظرة متفحص أنستني من جئت من اجله.

- ما اسمكِ؟
- كان لي أسم نسيته، إذ كان يدعوني "الحبيبة الغالية " .

إقترب مني أكثر فاكثر، وتسللت يداه كالسحالي تبحث عن جسدي فلم تجد سوى أعشابا ذابلة، أحس بجفافها، وأراد ان يرويها قسراً.

طلبت الخلاص، اندفعت صوب الباب، اريد أن أتنفس فلم أستطع، وكان الجميع في أردية بيض.

- لاتخافي! سنريحك من آلامك كلها.
- ماذا تريد مني؟
- لاشيء سنجعل من راسك الجميل هذا جهاز تلقٍ فقط، وفي ذلك راحتك وخلاصك من القلق، فهذا المبنى يصدر أوامر قاطعة، واضحة تتسم بالحب والجمال، ولامجال لرفضها. أليست الحياة جميلة هنا؟

بدأ مفعول المخدر يسري في جسدي، تلفت من حولي بحثا عن ذاك الذي جئت أنشده، فلاح لي وجهه عبر النافذة من خارج المبنى وهو يلوح لي مودعا.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...
- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...
- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غادة م. سليم - التلويحة ----- قصة قصيرة