أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نور العلوي - التشريع المزاجي في القرآن - الآية 66_67 سورة النحل كمثال !















المزيد.....

التشريع المزاجي في القرآن - الآية 66_67 سورة النحل كمثال !


نور العلوي

الحوار المتمدن-العدد: 3234 - 2011 / 1 / 2 - 19:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه أختلافاً كثيراً ... كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا } [سورة النساء: 82].

كثير من المتديـنين يقرؤون القرآن بطريقة تعبدية تمنع عنهم الشكوك و تغطي عيوب بعض النصوص .
لكن , هل قراءة الكتب" المقدسة " تكون بهذه الطريقة البريئة ؟ أم تنتهج أسلوبا موضوعيا يجعل القارىء لامبالي بقدسية النص , مُحَكِّما عقله و معتبرا إياه المرجع الوحيد ؟ وإلا فكيف نستطيع تميز الغث من السمين في هذا الكم الكبير من الكتب " المقدسة " ؟ . أليس مرجعنا الوحيد هو العقل ؟

سأعرج في هذا الموضوع على آية تدلنا و بوضوح على الطابع المزاجي في التشريع القرآني , وهي تثير أسئلة لابد من طرحها .

الآية 66_67 من سورة النحل :
{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ }{ وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
يحصي " الله " في هذه الآيات جملة من النعم التي يمتن بها على عباده :
نعمة الألبان , نعمة الأنعام , نعمة السَّكر(الخمر) الذي نستخرجه من ثمرات الأعناب والنخيل , و نعمة الرزق الذي نجنيه من تلك الثمرات .
نرى الله يمتن على عباده بأن خلق لهم الأنعام والألبان والأعناب التي منها يتم انتاج الســـكر/الخمر والرزق الحسن .
بل هي آية يجب الإتعاض بها !
وهذا يتعارض مع آية تحريم ( بل اجتناب ) الخمر التي تقول :
"إنما الخمر والميسرو الأنصاب والأزلام ...... من عمل الشيطان فاجتنبوه"
- - ---------
السؤال الذي يقفز للأذهان الفطنة , كيف يمتن الله بالسكرعلى العباد ويحصيه في جملة النعم ثم ينقلب غذا فيجعله من عمل الشيطان؟
ألم يكن يعلم أنه سيجعله غدا عملا من أعمال الشيطان حتى أحصاه أمس نعمة من نعمه ؟
الله والشيطان ليسا من نفس الجنس أليس كذالك ؟
سنتعرض لبعض التفاسير :
...............تفسير أبي بكر الجزائري..............
" من ثمرات النخيل والأعناب: أي ومن بعض ثمرات النخيل والأعناب ثمر تخذون منه سكراً أي خمراً ورزقاً حسناً أي والتمر والزبيب والخل والدبس الحسن."

{ ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً } ورزقاً حسناً أي ومن بعض ثمرات النخيل والاعناب ثمر تتخذون منه سكراً اي شراباً مسكراً. وهذا كان قبل تحريم الخمر"
انتهى تفسير الجزائري
لاحظ وأضاف المفسر أن هذا كان قبل تحريم الخمر لكن يتناسى أن الله يحصيه بين جملة نعمه ويمتن به على البشر
فحتى ولو كان قبل التحريم ألم يكن الله يعلم أنه سيحرمه , فلماذا سرده وأحصاه بين نعمه من ألبان وأنعام؟ أليس هذا من التناقض الصارخ الذي يدل على أن الكاتب يكتب اليوم شيئا ولا يعلم ما الذي سيكتبه غدا؟
مَثَلُ هذا كمَثَلِ شخص يقوم بتعداد وإحصاء خصائل وإيجابيات الشيوعية مع زملائه ثم يأتيهم غدا ويقول الشيوعية من عمل الشيطان !!!!!!!!!

...............تفسير الطبري..............
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن أبـي رزين: { تَتَّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً } قال: نزل هذا وهم يشربون الـخمر، فكان هذا قبل أن ينزل تـحريـم الـخمر.
حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن مغيرة، عن إبراهيـم، فـي قوله: { تَتَّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً } قال: هي منسوخة نسخها تـحريـم الـخمر.

...............تفسير القرطبي...................
، إلا أن الجمهور على أن السكر الخمر، منهم ابن مسعود وابن عمر وأبو رزين والحسن ومجاهد وابن أبي لَيْلى والكَلْبِيّ وغيرهم ممن تقدّم ذكرهم، كلهم قالوا: السَّكر ما حرمه الله من ثمرتيهما. وكذا قال أهل اللغة: السكَر اسم للخمر وما يُسكر، وأنشدوا:
بئس الصُّحاة وبئس الشَّربُ شَربهُم إذا جرى فيهم المُزّاء والسّكَر
انتهى

وأحدثت هذه الآية بعض المشادات الفقهية , فقد أدت بالحنفيين للقول أن:
" المراد بقوله: «سَكَراً» ما لا يُسكر من الأنبذة؛ والدليل عليه أن الله سبحانه وتعالى امتن على عباده بما خلق لهم من ذلك، ولا يقع الامتنان إلا بمحلَّل لا بمحرَّم، فيكون ذلك دليلاً على جواز شرب ما دون المُسكر من النبيذ، فإذا انتهى إلى السكر لم يجز، " انتهى
فقد أدى بهم تفسير الآية إلى تحليل اخذ النبيذ مالم يسكر الإنسان فإذا سكر المرأ توقف !!!
وهذه الآية جعلت الإمام سفيان الثوري وابراهيم النخعي يتناولان الخمر أنظر من تفسير القرطبي :
"قال شريك: ورأيت الثّـــــورِيَ يشرب النبيذ في بيت حَبْر أهل زمانه مالك بن مِعول"
"فقد أحلّ شربه إبراهيم النَّخَعِيّ وأبو جعفر الطحاويّ وكان إمام أهل زمانه، وكان سفيان الثوري يشربه "
انتهى الإقتباس
فانبرى بعض أئمة المذاهب الأخرى , متصدين لهم( اي للحنفين ) مخالفين , مستنكرين , مستشهدين بآحاديث أخرى مثل "كل مسكر حرام" .

وقد ذهب البعض القليل للقول بأن كلمة " سكر" تعني طعم فاستشهدوا بقول أبو عبيدة " وقال أبو عبيدة: السكَر الطُّعم، يقال: هذا سَكَر لك أي طُعم. وأنشد:
جعلـتَ عَيْـبَ الأكْرَمِين سَكَـراً
أي جعلتَ ذمهم طُعماً" انتهى .
لكن رد "الزجاج" على هذا الرأي قائلا : "قول أبي عبيدة هذا لا يعرف، وأهل التفسير على خلافه، ولا حجة له في البيت الذي أنشده؛ لأن معناه عند غيره أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس." انتهى الإقتباس .

وقد حاول بعض القرآنين المنكرين للناسخ والمنسوخ من أمثال السيد "أحمد صبحي منصور" وغيره أن يستدلوا بهذا القول ويثبتوا أن معنى سكرا ليس خمر بل شرابا !!!! وسكريات وحلويات وشكولاطة و حليب نيسلي !!!
السؤال الذي يفرض نفسه : لماذا انعدام الموضوعية أصبح منهجا في استقراء النصوص ؟
اين النزاهة واحترام النفس والعقل ؟
ألم يلاحظ هؤلاء الذين يتبجحون بالمنهج القرآني الذي ينبذ القواميس , ويعتمد على تفسير المفردات القرآنية من القرآن نفسه , قلت , ألم يلاحظ هؤلاء الآية التي تقول :
"لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " أليست كلمة سكارى هنا تعني مخمورين ؟ أم لكل مقام مقال ؟
ألم يلاحظوا أن الآية تتكلم عن العنب والنخل ونحن نعلم أن الشراب الذي يتخذ منها هو أساسا النبيذ والخمر كما في الحديث
عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنب"
والسؤال الأخير والمهم :
ألم يكن الله بعلمه الواسع السابق المطلق وبلغته البليغة التي تحدت البلغاء واذهلت الفصحاء أن يتفادى هذه المشكلة اللغوية ؟!
الجواب نعم , فقط باستبدال كلمة سكرا بشـــــراب و قائلا :
"وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ شــــرابا طـــيبا وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ "
نعم , الآن و بهذه الصياغة , سوف لن يجد أصحاب المذهب الحنفي سبيلا لتحليل النبيذ و سوف لن يرتكب سفيان الثوري حراما بشربه الخمر ولا ابراهيم النخعي ولن يحتار أحد في معنى الكلمة , ولن يضطر البعض للعودة لأبيات غامضة الدلالة من شعر أبو عبيدة التي أنكرها الزجاج لتفسير وتبرير هذا التناقض الصارخ الذي بمقتضاه امتن الله بالخمر" النجسة" التي هي " من عمل الشيطان " على عباده !!!!!!!!!
الحل كان بسيطا , فقط استبدال كلمة بكلمة أخرى .....هل استعصى هذا على الله ؟؟ أكان عليه الأمر عسيرا ؟ أم نه لم يكن مدركا لنتائج أقواله؟
قد يقول قائل أن هذه الآية إنما " نزلت " قبل تحريم الخمر , نقول لهذا الذكي , أن ذالك لا يفسر لنا كيف أن الله أحصى الخمر و عده في جملة نعمه , فهذا خبر , ولا نسخ في خبر كما قال ابن عربي , لم يكن الله مُجبرا على مدحه وذكره للعبرة والموعضة مع أنه يعلم أنه سيحرمه غدا ! فذكر الخمر في هذه الآية أتى في معرض سرد النعم الربانية !!!
وقد يقول آخر أن صفة " الحسن" لا تعود على الخمر , نقول للذكي , ليس المهم أن تعود عليه أو لا , فحتى لو افترضنا جدلا أنها لا تعود عليه فإن هذا لا يعني تقبيحه , هذا من جهة , ومن جهة أخرى , فإن الآية أتت سردا لنعم الله , وهي للإتعاض ( آية لقوم يعقلون ! ) !!!
مَـثـَـل هذا كمثل شخص يقول لصاحبه " ألست أنا من أهداك أمس سيارة و أموال و لوازم تجارتك و منزلا جميلا , لعلك تتذكر صداقتي لك " فحقا أن كلمة
"جميلا " لا تعود على" سيارة" بل على المنزل لكن هذا لا يعني أن السيارة ليست معروفا أداه الصديق لصديقه , بل هي تـُـحسب كهدية طيبة يمتن بها الصديق على صديقه , ويذكره بها كعربون لصداقة أبدية وكنعمة أغدقها عليه بحكم المحبة التي بينهما . كذالك هو الخمر قي آيتنا هذه .
خلاصـــــة
----------
لم يكن في علم كاتب القرآن أنه سيحرم الخمر في يوم من الأيام , فعدها وأحصاها نعمة من نعم الله وامتن بها على العباد كنعمة رائعة وممتازة مثلها مثل الألبان !
ولو كان من الله لما لجأ لهذه المفردة ولما تناقض بهذا الشكل الرهيب , لكن الغريب , أننا نلاحظ بعض المتحذلقـين اليوم , يحرصون على تغير الحقائق واتباع منهج
"التدليس التقي" , ولو قصد الكاتب غير الخمرلاستعمل كلمة أكثر وضوحا , لا تُلبس على الناس ولا تُشوش المعنى مثل جملة .."شرابا طيبا .



#نور_العلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة نقدية سباعية لبعض آيات القرآن
- أسطورة خروج المني من صلب الرجل وجذورها التارخية


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نور العلوي - التشريع المزاجي في القرآن - الآية 66_67 سورة النحل كمثال !