أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رفيقة عثمان - قراءة في رواية الأديبة سحر خليفة: في ندوة اليوم السابع- ندوة مقدسيَّة 30.12.2010















المزيد.....


قراءة في رواية الأديبة سحر خليفة: في ندوة اليوم السابع- ندوة مقدسيَّة 30.12.2010


رفيقة عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 3232 - 2010 / 12 / 31 - 14:33
المحور: الادب والفن
    


رواية: اصل وفصل
للكاتبة: سحر خليفة، دار الآداب،2009، بيروت
تعليق: رفيقة عثمان
ندوة مقدسيَّة، اليوم السابع
2010/12/30


أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني؛ لتخزين الذاكرة الجماعيَّة، كوسيلة للصمود


تُعتبر رواية الكاتبة سحر خليفة، رواية تاريخ شفوي، ما يُسمَّى بِالإنكليزيَّة Oral History- -
تحكي هذه الرواية حكاية الشعب الفلسطيني، في حقبة زمنيَّة معيَّنة، في الفترة الانتقاليَّة ما بين حكم الانتداب الإنكليزي، واليهودي، أي ما بين سنوات العشرينات، والثلاثينات، وأوائل الأربعينات من هذا العصر.
عرضت الرواية تسلسلا لأَحداث إنسانيَّة، واجتماعيَّة، واقتصاديَّة، وسياسيَّة، من خلال التركيز على وصف لحياة عائلة فلسطينيَّة عاشت في تلك الحقبة الزمنيَّة، في فلسطين ما بين حيفا، ونابلس، والقدس.
نسجت الكاتبة شخصياتها بوصف دقيق، مع تحرُّكاتها وِفقًا للأحداث، والوقائع الدراميَّة التي حدثت بشكل صادق، وبكلِّ حذافيرها، ومن خلالها عكست حياة الشعب الفلسطيني لهذه الحقبة الزمنيَّة؛ لتكون شاهد عيان على الوقائع الحقيقيَّة الحيَّة. حبكتها كاتبتنا في سرد قصصي مُشوِّق فيه بُعد إنساني، واجتماعي يخاطب العقل والروح معًا.
أهمل المؤرخون التوثيق التاريخي، ونقل تفاصيل تلك الأحداث، وفي رصدها، ولم يُعِر لها اهتمامًا يُذكر.
إننا بحاجة ماسَّة لهذا النوع من الأدب، لأننا في سِباق مع الزمن، بسب تقدُّم السن للأجداد، لنقل تاريخنا، وتراثنا الغني من أفواههم للأبناء؛ لأنه تاريخ محفور في ذاكرة الأجداد، والجدَّات، ولم يستطع أحد تصويرها غيرهم كما هم يفعلون، فهم أفضل مصدر لتصوير المعاناة المُجسَّدة، من الآمال والآلام، من الاقتلاع والضياع، الذي مرَّ بها الشعب الفلسطيني، وردًّا على محاولات طمس الحقائق التاريخيَّة، أو تشويهها.
إن رواية الكاتبة سحر خليفة، ساهمت في تعميق الذاكرة، وحفظها، وأضافت زخمًا، وإثراءً لأرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني،
اهتمت الكاتبة في توثيق علمي دقيق لمصادر المعلومات التي استقتها منها، وأوردتها في الرواية؛ لتضيف مصداقيَّة لروايتها، سواء كانت من مصادر علميَّة، أو أدبيَّة، أو من شعر لأحد الشعراء، أو من نثر لأحد الكُتَّاب الذين كانوا من الشاهدين الأوائل على وقوع تلك الأحداث، إنَّ استخدام توثيق المصادر مُلزم به الباحثون العلميُّون، فهكذا نهجت كاتبة الرواية، نهج الباحثين، وليس نهج الأدباء.

الدور السياسي للمرأة الفلسطينيَّة ومكانتها في الرواية:
اختارت الكاتبة شخصيَّة الأم زكيَّة كشخصيَّة أساسية، ومحوريَّة في الرواية، فهي ذات شخصية قوية، كما ذكرت في الرواية، وهي "من أصل وفصل، ولا من كل الاصول. أبوها الشيخ فُلان الذي يعود بأصله إلى جذرمن النبي" صفحة 260، "بنت الأصل والفصل وخير الاصىول" صفحة 362.
إنَّ شخصيَّة الأم تُمَثِّل الوطن، التي ظلَّت قويَّة أمام الصعاب التي واجهتها طوال حياتها، وظلت صامدة في بيتها، ولم تُغادره أبدًا؛ كي تحافظ عليه من الأعداء؛ ولأنه إرث من الآباء والأجداد.
الشخصيَّة الثانية الإبنة وداد: التي كانت ضعيفة جدًّا في حضورها، وجسمها، اهتمت الكاتبة في تغيير شخصيَّتها، لإنسانة قويَّة، طموحة، وعصاميَّة، ربَّما أرادت الكاتبة أن ترى التغيير عند الفتيات الفلسطينيات، والتطلُّع نحو العلم، والمعرفة، والتحرُّر الفكري، والثورة نحو الذات، ونحو كل قيد يقف امامها، لتحقِّق طموحها وانخراطها في تكوين الهويَّة الوطنيَّة.
شخصيَّة ليزا: إنكليةيَّة الأصل، الساكنة في مدينة القدس، الفتاة المسيحيَّة الجميلة، المتعلِّمة، والمثقَّفة، تتقن التحدُّث في اللغات الأجنبيَّة، ذات الحضور البارز، والشخصيَّة القويَّة، والجريئة، لها تأثير قوي عند إبداء آرائها السياسيَّة، والمُساهمة في الدور السياسي، وإقامة الجمعيَّات النسائيَّة، للمساهمة في التغيير، والمقاومة، جنبًا إلى جنب الرجال، إنَّ إقحام هذه الشخصيَّة في الرواية، يُهمِّش دور المرأة الفلسطينيَّة، والتي هي أحق بأن تُدافع عن وطنها، التغيير لا يأتي من الخارج، والأصح يكون من الداخل.
شخصيَّة ليزا تُثير الشكوك، والقلق. لو سلَّمنا بوجودها، ربَّما ترمز ليزا إلى الشخصيَّة الواعية، والتي لها تأثير نحو تغيير المرأة، وتحريرها، لأنها تنتمي لمدينة القدس، بلد النور والعلم، بغض النظر لانتمائها الديني.
تتَّصف معظم النساء في الرواية، بضعف الشخصيَّة، فهنَّ سلبيات، وجاهلات، مقموعات، غير جميلات، كما عبَّر عنها الرجل اليهودي، صديق عائلة رشاد.
كذلك السيدة رفيعة أم أحمد، ساهمت في دورها السياسي، وقيادة النساء الفلسطينيَّات ذوات الشأن الرفيع، ودمجهن في العمل السياسي، والمشتركة الفعَّالة في المقاومة، ومطالبة الحقوق للشعب الفلسطيني، والمشاركة في المظاهرات ضد الاحتلال.
شخصيَّة عليا الجارة: الفتاة الواعية، ولها تأثير على وداد، في تحريضها نحو الاستقلاليَّة، والسعي نحو التغيير من وضعها الاجتماعي.
ساهمت النساء الفلاحات، القادمات من القرى القريبة من نابلس، في نقل السلاح للمقاتلين، وتهريبه في السلال المملوءة بالتين والعنب. بينما صوَّرت الكاتبة، النساء اليهوديَّات، بنات إسحاق شالوم بأنهن نساء متحرِّرات، منطلِقات، جميلات، ذكيَّات، ومتعلمات، ويتقنَّ السباحة وركوب الخيل، ولعب الكارتيه.

العنوان: اصل وفصل
لقد وُفِّقت الكاتبة في اختيار العنوان للرواية، بدقَّة معناه، ومغزاه، الاصل هي الأم، التي رمزت للوطن الذي هو الاصل، وله حق الوجود منذ البداية، الشعب الفلسطيني هو أصل الأمَّة، التي تنحدر إلى جذور، وأصول عرقيَّة معروفة، ومُشرِّفة، أبًّا عن جد، جذوره عميقة في هذه الأرض، وفي هذا الوطن، ليس لاجِئًا، أو مهاجِرًا. أو دخيلا، أو محتلا....
الأصل في كل شيئ: في العراقة، والتاريخ، والأماكن، والتراث، والفولكلور الشعبي، واللغة، واللهجة، والنضال، والعلم، في العطاء، والمعرفة.
أصل الرواية المحكِيَّة، من فم الراوي نفسه، في تصوير الأحداث والوقائع بصورة حقيقيَّة، من مصدرها الاساسي، وخاصَّةً فيما يتعلق بالنضال السياسي في السِلم والحرب، والمقاومة، والملاحم، والصراعات الذاتية، مع إبراز شخصيَّات الأبطال الأصليين.
اللغة:
استخدمت الكاتبة اللغة العربيَّة الفصحى، بلغة سلسة، وسهلة، وقد استعملت اللهجة العاميَّة عندما اقتضت الحاجة لذلك، عند استعمال الامثال الشعبيَّة، كما استعملت الكاتبة اللهجة المدنيَّة، واللهجة القرويَّة، واللغة العبريّة في اللهجة العربيَّة.
والأاغاني، والأهازيج، مما أضاف مصداقِيَّة للأقوال المروِيَّة.
والله المُوفِّق





رواية: اصل وفصل
للكاتبة: سحر خليفة، دار الآداب،2009، بيروت
تعليق: رفيقة عثمان
ندوة مقدسيَّة، اليوم السابع
2010/12/30


أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني؛ لتخزين الذاكرة الجماعيَّة، كوسيلة للصمود


تُعتبر رواية الكاتبة سحر خليفة، رواية تاريخ شفوي، ما يُسمَّى بِالإنكليزيَّة Oral History- -
تحكي هذه الرواية حكاية الشعب الفلسطيني، في حقبة زمنيَّة معيَّنة، في الفترة الانتقاليَّة ما بين حكم الانتداب الإنكليزي، واليهودي، أي ما بين سنوات العشرينات، والثلاثينات، وأوائل الأربعينات من هذا العصر.
عرضت الرواية تسلسلا لأَحداث إنسانيَّة، واجتماعيَّة، واقتصاديَّة، وسياسيَّة، من خلال التركيز على وصف لحياة عائلة فلسطينيَّة عاشت في تلك الحقبة الزمنيَّة، في فلسطين ما بين حيفا، ونابلس، والقدس.
نسجت الكاتبة شخصياتها بوصف دقيق، مع تحرُّكاتها وِفقًا للأحداث، والوقائع الدراميَّة التي حدثت بشكل صادق، وبكلِّ حذافيرها، ومن خلالها عكست حياة الشعب الفلسطيني لهذه الحقبة الزمنيَّة؛ لتكون شاهد عيان على الوقائع الحقيقيَّة الحيَّة. حبكتها كاتبتنا في سرد قصصي مُشوِّق فيه بُعد إنساني، واجتماعي يخاطب العقل والروح معًا.
أهمل المؤرخون التوثيق التاريخي، ونقل تفاصيل تلك الأحداث، وفي رصدها، ولم يُعِر لها اهتمامًا يُذكر.
إننا بحاجة ماسَّة لهذا النوع من الأدب، لأننا في سِباق مع الزمن، بسب تقدُّم السن للأجداد، لنقل تاريخنا، وتراثنا الغني من أفواههم للأبناء؛ لأنه تاريخ محفور في ذاكرة الأجداد، والجدَّات، ولم يستطع أحد تصويرها غيرهم كما هم يفعلون، فهم أفضل مصدر لتصوير المعاناة المُجسَّدة، من الآمال والآلام، من الاقتلاع والضياع، الذي مرَّ بها الشعب الفلسطيني، وردًّا على محاولات طمس الحقائق التاريخيَّة، أو تشويهها.
إن رواية الكاتبة سحر خليفة، ساهمت في تعميق الذاكرة، وحفظها، وأضافت زخمًا، وإثراءً لأرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني،
اهتمت الكاتبة في توثيق علمي دقيق لمصادر المعلومات التي استقتها منها، وأوردتها في الرواية؛ لتضيف مصداقيَّة لروايتها، سواء كانت من مصادر علميَّة، أو أدبيَّة، أو من شعر لأحد الشعراء، أو من نثر لأحد الكُتَّاب الذين كانوا من الشاهدين الأوائل على وقوع تلك الأحداث، إنَّ استخدام توثيق المصادر مُلزم به الباحثون العلميُّون، فهكذا نهجت كاتبة الرواية، نهج الباحثين، وليس نهج الأدباء.

الدور السياسي للمرأة الفلسطينيَّة ومكانتها في الرواية:
اختارت الكاتبة شخصيَّة الأم زكيَّة كشخصيَّة أساسية، ومحوريَّة في الرواية، فهي ذات شخصية قوية، كما ذكرت في الرواية، وهي "من أصل وفصل، ولا من كل الاصول. أبوها الشيخ فُلان الذي يعود بأصله إلى جذرمن النبي" صفحة 260، "بنت الأصل والفصل وخير الاصىول" صفحة 362.
إنَّ شخصيَّة الأم تُمَثِّل الوطن، التي ظلَّت قويَّة أمام الصعاب التي واجهتها طوال حياتها، وظلت صامدة في بيتها، ولم تُغادره أبدًا؛ كي تحافظ عليه من الأعداء؛ ولأنه إرث من الآباء والأجداد.
الشخصيَّة الثانية الإبنة وداد: التي كانت ضعيفة جدًّا في حضورها، وجسمها، اهتمت الكاتبة في تغيير شخصيَّتها، لإنسانة قويَّة، طموحة، وعصاميَّة، ربَّما أرادت الكاتبة أن ترى التغيير عند الفتيات الفلسطينيات، والتطلُّع نحو العلم، والمعرفة، والتحرُّر الفكري، والثورة نحو الذات، ونحو كل قيد يقف امامها، لتحقِّق طموحها وانخراطها في تكوين الهويَّة الوطنيَّة.
شخصيَّة ليزا: إنكليةيَّة الأصل، الساكنة في مدينة القدس، الفتاة المسيحيَّة الجميلة، المتعلِّمة، والمثقَّفة، تتقن التحدُّث في اللغات الأجنبيَّة، ذات الحضور البارز، والشخصيَّة القويَّة، والجريئة، لها تأثير قوي عند إبداء آرائها السياسيَّة، والمُساهمة في الدور السياسي، وإقامة الجمعيَّات النسائيَّة، للمساهمة في التغيير، والمقاومة، جنبًا إلى جنب الرجال، إنَّ إقحام هذه الشخصيَّة في الرواية، يُهمِّش دور المرأة الفلسطينيَّة، والتي هي أحق بأن تُدافع عن وطنها، التغيير لا يأتي من الخارج، والأصح يكون من الداخل.
شخصيَّة ليزا تُثير الشكوك، والقلق. لو سلَّمنا بوجودها، ربَّما ترمز ليزا إلى الشخصيَّة الواعية، والتي لها تأثير نحو تغيير المرأة، وتحريرها، لأنها تنتمي لمدينة القدس، بلد النور والعلم، بغض النظر لانتمائها الديني.
تتَّصف معظم النساء في الرواية، بضعف الشخصيَّة، فهنَّ سلبيات، وجاهلات، مقموعات، غير جميلات، كما عبَّر عنها الرجل اليهودي، صديق عائلة رشاد.
كذلك السيدة رفيعة أم أحمد، ساهمت في دورها السياسي، وقيادة النساء الفلسطينيَّات ذوات الشأن الرفيع، ودمجهن في العمل السياسي، والمشتركة الفعَّالة في المقاومة، ومطالبة الحقوق للشعب الفلسطيني، والمشاركة في المظاهرات ضد الاحتلال.
شخصيَّة عليا الجارة: الفتاة الواعية، ولها تأثير على وداد، في تحريضها نحو الاستقلاليَّة، والسعي نحو التغيير من وضعها الاجتماعي.
ساهمت النساء الفلاحات، القادمات من القرى القريبة من نابلس، في نقل السلاح للمقاتلين، وتهريبه في السلال المملوءة بالتين والعنب. بينما صوَّرت الكاتبة، النساء اليهوديَّات، بنات إسحاق شالوم بأنهن نساء متحرِّرات، منطلِقات، جميلات، ذكيَّات، ومتعلمات، ويتقنَّ السباحة وركوب الخيل، ولعب الكارتيه.

العنوان: اصل وفصل
لقد وُفِّقت الكاتبة في اختيار العنوان للرواية، بدقَّة معناه، ومغزاه، الاصل هي الأم، التي رمزت للوطن الذي هو الاصل، وله حق الوجود منذ البداية، الشعب الفلسطيني هو أصل الأمَّة، التي تنحدر إلى جذور، وأصول عرقيَّة معروفة، ومُشرِّفة، أبًّا عن جد، جذوره عميقة في هذه الأرض، وفي هذا الوطن، ليس لاجِئًا، أو مهاجِرًا. أو دخيلا، أو محتلا....
الأصل في كل شيئ: في العراقة، والتاريخ، والأماكن، والتراث، والفولكلور الشعبي، واللغة، واللهجة، والنضال، والعلم، في العطاء، والمعرفة.
أصل الرواية المحكِيَّة، من فم الراوي نفسه، في تصوير الأحداث والوقائع بصورة حقيقيَّة، من مصدرها الاساسي، وخاصَّةً فيما يتعلق بالنضال السياسي في السِلم والحرب، والمقاومة، والملاحم، والصراعات الذاتية، مع إبراز شخصيَّات الأبطال الأصليين.
اللغة:
استخدمت الكاتبة اللغة العربيَّة الفصحى، بلغة سلسة، وسهلة، وقد استعملت اللهجة العاميَّة عندما اقتضت الحاجة لذلك، عند استعمال الامثال الشعبيَّة، كما استعملت الكاتبة اللهجة المدنيَّة، واللهجة القرويَّة، واللغة العبريّة في اللهجة العربيَّة.
والأاغاني، والأهازيج، مما أضاف مصداقِيَّة للأقوال المروِيَّة.
والله المُوفِّق




























رواية أصل وفصل، سحر خليفة، 2009، دار الآداب، ، بيروت
تعليق: رفيقة عثمان
ندوة اليوم السابع
ندوة مقدسيَّة، 2010/12/30

أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني؛ لتخزين الذاكرة الجماعيَّة، كوسيلة للصمود
تُعتبر رواية الكاتبة سحر خليفة، رواية تاريخ شفوي، ما يُسمَّى بِالإنكليزيَّة - Oral History-
تحكي هذه الرواية حكاية الشعب الفلسطيني، في حقبة زمنيَّة معيَّنة، في الفترة الانتقاليَّة ما بين حكم الانتداب الإنكليزي، واليهودي، أي ما بين سنوات العشرينات، والثلاثينات، وأوائل الأربعينات من هذا العصر.
عرضت الرواية تسلسلا لأَحداث إنسانيَّة، واجتماعيَّة، واقتصاديَّة، وسياسيَّة، من خلال التركيز على وصف لحياة عائلة فلسطينيَّة عاشت في تلك الحقبة الزمنيَّة، في فلسطين ما بين حيفا، ونابلس، والقدس.
نسجت الكاتبة شخصياتها بوصف دقيق، مع تحرُّكاتها وِفقًا للأحداث، والوقائع الدراميَّة التي حدثت بشكل صادق، وبكلِّ حذافيرها، ومن خلالها عكست حياة الشعب الفلسطيني لهذه الحقبة الزمنيَّة؛ لتكون شاهد عيان على الوقائع الحقيقيَّة الحيَّة. حبكتها كاتبتنا في سرد قصصي مُشوِّق فيه بُعد إنساني، واجتماعي يخاطب العقل والروح معًا.
أهمل المؤرخون التوثيق التاريخي، ونقل تفاصيل تلك الأحداث، وفي رصدها، ولم يُعِر لها اهتمامًا يُذكر.
إننا بحاجة ماسَّة لهذا النوع من الأدب، لأننا في سِباق مع الزمن، بسب تقدُّم السن للأجداد، لنقل تاريخنا، وتراثنا الغني من أفواههم للأبناء؛ لأنه تاريخ محفور في ذاكرة الأجداد، والجدَّات، ولم يستطع أحد تصويرها غيرهم كما هم يفعلون، فهم أفضل مصدر لتصوير المعاناة المُجسَّدة، من الآمال والآلام، من الاقتلاع والضياع، الذي مرَّ بها الشعب الفلسطيني، وردًّا على محاولات طمس الحقائق التاريخيَّة، أو تشويهها.
إن رواية الكاتبة سحر خليفة، ساهمت في تعميق الذاكرة، وحفظها، وأضافت زخمًا، وإثراءً لأرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني،
اهتمت الكاتبة في توثيق علمي دقيق لمصادر المعلومات التي استقتها منها، وأوردتها في الرواية؛ لتضيف مصداقيَّة لروايتها، سواء كانت من مصادر علميَّة، أو أدبيَّة، أو من شعر لأحد الشعراء، أو من نثر لأحد الكُتَّاب الذين كانوا من الشاهدين الأوائل على وقوع تلك الأحداث، إنَّ استخدام توثيق المصادر مُلزم به الباحثون العلميُّون، فهكذا نهجت كاتبة الرواية، نهج الباحثين، وليس نهج الأدباء.
الدور السياسي للمرأة الفلسطينيَّة ومكانتها في الرواية:
اختارت الكاتبة شخصيَّة الأم زكيَّة كشخصيَّة أساسية، ومحوريَّة في الرواية، فهي ذات شخصية قوية، كما ذكرت في الرواية، وهي "من أصل وفصل، ولا من كل الاصول. أبوها الشيخ فُلان الذي يعود بأصله إلى جذرمن النبي" صفحة 260، "بنت الأصل والفصل وخير الاصىول" صفحة 362.
إنَّ شخصيَّة الأم تُمَثِّل الوطن، التي ظلَّت قويَّة أمام الصعاب التي واجهتها طوال حياتها، وظلت صامدة في بيتها، ولم تُغادره أبدًا؛ كي تحافظ عليه من الأعداء؛ ولأنه إرث من الآباء والأجداد.
الشخصيَّة الثانية الإبنة وداد: التي كانت ضعيفة جدًّا في حضورها، وجسمها، اهتمت الكاتبة في تغيير شخصيَّتها، لإنسانة قويَّة، طموحة، وعصاميَّة، ربَّما أرادت الكاتبة أن ترى التغيير عند الفتيات الفلسطينيات، والتطلُّع نحو العلم، والمعرفة، والتحرُّر الفكري، والثورة نحو الذات، ونحو كل قيد يقف امامها، لتحقِّق طموحها وانخراطها في تكوين الهويَّة الوطنيَّة.
شخصيَّة ليزا: إنكليةيَّة الأصل، الساكنة في مدينة القدس، الفتاة المسيحيَّة الجميلة، المتعلِّمة، والمثقَّفة، تتقن التحدُّث في اللغات الأجنبيَّة، ذات الحضور البارز، والشخصيَّة القويَّة، والجريئة، لها تأثير قوي عند إبداء آرائها السياسيَّة، والمُساهمة في الدور السياسي، وإقامة الجمعيَّات النسائيَّة، للمساهمة في التغيير، والمقاومة، جنبًا إلى جنب الرجال، إنَّ إقحام هذه الشخصيَّة في الرواية، يُهمِّش دور المرأة الفلسطينيَّة، والتي هي أحق بأن تُدافع عن وطنها، التغيير لا يأتي من الخارج، والأصح يكون من الداخل.
شخصيَّة ليزا تُثير الشكوك، والقلق. لو سلَّمنا بوجودها، ربَّما ترمز ليزا إلى الشخصيَّة الواعية، والتي لها تأثير نحو تغيير المرأة، وتحريرها، لأنها تنتمي لمدينة القدس، بلد النور والعلم، بغض النظر لانتمائها الديني.
تتَّصف معظم النساء في الرواية، بضعف الشخصيَّة، فهنَّ سلبيات، وجاهلات، مقموعات، غير جميلات، كما عبَّر عنها الرجل اليهودي، صديق عائلة رشاد.
كذلك السيدة رفيعة أم أحمد، ساهمت في دورها السياسي، وقيادة النساء الفلسطينيَّات ذوات الشأن الرفيع، ودمجهن في العمل السياسي، والمشتركة الفعَّالة في المقاومة، ومطالبة الحقوق للشعب الفلسطيني، والمشاركة في المظاهرات ضد الاحتلال.
شخصيَّة عليا الجارة: الفتاة الواعية، ولها تأثير على وداد، في تحريضها نحو الاستقلاليَّة، والسعي نحو التغيير من وضعها الاجتماعي.
ساهمت النساء الفلاحات، القادمات من القرى القريبة من نابلس، في نقل السلاح للمقاتلين، وتهريبه في السلال المملوءة بالتين والعنب. بينما صوَّرت الكاتبة، النساء اليهوديَّات، بنات إسحاق شالوم بأنهن نساء متحرِّرات، منطلِقات، جميلات، ذكيَّات، ومتعلمات، ويتقنَّ السباحة وركوب الخيل، ولعب الكارتيه.
العنوان: اصل وفصل
لقد وُفِّقت الكاتبة في اختيار العنوان للرواية، بدقَّة معناه، ومغزاه، الاصل هي الأم، التي رمزت للوطن الذي هو الاصل، وله حق الوجود منذ البداية، الشعب الفلسطيني هو أصل الأمَّة، التي تنحدر إلى جذور، وأصول عرقيَّة معروفة، ومُشرِّفة، أبًّا عن جد، جذوره عميقة في هذه الأرض، وفي هذا الوطن، ليس لاجِئًا، أو مهاجِرًا. أو دخيلا، أو محتلا....
الأصل في كل شيئ: في العراقة، والتاريخ، والأماكن، والتراث، والفولكلور الشعبي، واللغة، واللهجة، والنضال، والعلم، في العطاء، والمعرفة.
أصل الرواية المحكِيَّة، من فم الراوي نفسه، في تصوير الأحداث والوقائع بصورة حقيقيَّة، من مصدرها الاساسي، وخاصَّةً فيما يتعلق بالنضال السياسي في السِلم والحرب، والمقاومة، والملاحم، والصراعات الذاتية، مع إبراز شخصيَّات الأبطال الأصليين.
اللغة:
استخدمت الكاتبة اللغة العربيَّة الفصحى، بلغة سلسة، وسهلة، وقد استعملت اللهجة العاميَّة عندما اقتضت الحاجة لذلك، عند استعمال الامثال الشعبيَّة، كما استعملت الكاتبة اللهجة المدنيَّة، واللهجة القرويَّة، واللغة العبريّة في اللهجة العربيَّة.
والأاغاني، والأهازيج، مما أضاف مصداقِيَّة للأقوال المروِيَّة.
والله المُوفِّق



#رفيقة_عثمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرمز للمقدسات في رواية-قلادة فينوس-
- الشال الصغير الأحمر وتغييب دور الأمّ
- العنقاء أبدا سيرة ذاتية وسيرة شعب


المزيد.....




- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...
- اليوميات الروائية والإطاحة بالواقع عند عادل المعيزي
- ترامب يدعو في العشاء الملكي إلى الدفاع عن قيم -العالم الناطق ...
- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رفيقة عثمان - قراءة في رواية الأديبة سحر خليفة: في ندوة اليوم السابع- ندوة مقدسيَّة 30.12.2010