ياسر الوقاد
الحوار المتمدن-العدد: 3225 - 2010 / 12 / 24 - 12:32
المحور:
الادب والفن
ضيِّقٌ كالمدى ،
واسعٌ مثل قضباننا
إن تبلبلَ فيها الصدى
أملُ الماء في أن يسيلَ إياباً إلى نيله
أملُ النَفسِ الكستنائي في أن يفوح حنيناً إلى نايه
أمل القبس البرتقاليِّ في أن يشع اشتياقاً إلى شمسه
أمل العشق في أن نطير إلى نبعنا قبل منبتنا
يوم كنَّا جناحينِ في لغة الياسمينِ
و أغنيتينِ محلِّقتين على ساحل السندباد
و غمَّازتينِ على ضحكة الشمسِ
شفَّتهما السبلُ اللولبيَّةُ :
إنَّا أتينا إلى عالم البينِ في رحمين قصيِّينِ ،
في ساعتيْ قلقٍ متنائيتينِ
فعشنا تأوُّهَ صبَّارتينِ تضيئان ناييهما للغمامِ
و للطير
و الحارس اللبنيِّ الذي يتهامس في ظله العاشقان
و ليس يحسُّ بذبحهما
فيمس ربابةَ قلبيهما
دونما أن يدلَّ الفتاة إلى عشِّها
و يدلَّ الفتى للنعاس الذي
عاشَ، قبلُ، مُكابدةَ الفيلسوفِ يفتِّشُ عنهُ
إلى أن رأينا ابتسامةَ ماءٍ
تسيلُ إلى نبعها
بعدما ذرفتها الغمامةُ
تلك التي شربتها من الأبيض المتوسط
ذاك الذي استافها من يد النيلِ
ذاك الذي ذاقها في حُبيبَة مانجةَ
تلك التي قذفتها إلى النيلِ عاصفة الليل
تلك التي اقتنصتها من القامة الفاكهية
تلك التي غمستها يدٌ فوق قبر وليدٍ
تشرَّب منه دمُ المانجة الماءَ
إذ قبس الولد النقطةَ العسليَّة من ثديه
ذاكَ قال : " ابتسامةُ ماءٍ أتتني "
من الشفتينِ اللتين تذوَّقتاها من الكأس
تلك التي ملأتها يدا أمِّه من فم الدلو
تلك التي انتشلتها من النبع ؛
من كان يدري بأن الوليد سيفنى
و بلَّورة الماء عائدةٌ لشفاه الدَّمقس
و لو بعد آنْ
فلابدَّ، سيدتي، أن يموتَ هنا
بشرٌ كي يعيش لنا بشرٌ طيبونَ،
و يبقى لنا في القطار مكانْ
سأراكِ غداً
إن غدوتِ مُعتّقةً
فوق سلَّمة الأربعينْ
و لها مسكنٌ آهلٌ
و مشاغل شمعيَّةٌ
و التفافُ بنينْ
سيفاجئنا قدرٌ
( لا أريد استباق الشعاع )
يؤلِّفنا بذكاء يديه
لنكملَ ثانيةً، يا مُعذِّبة َالنايِ،
إلياذةَ الياسمينْ !
#ياسر_الوقاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟