عباس داخل حسن
الحوار المتمدن-العدد: 3219 - 2010 / 12 / 18 - 21:21
المحور:
الادب والفن
الف ليلة وليلة بللغة الفنلندية
الف ليلة وليلة ملهمة الكتاب والفنانين في جميع انحاء المعمورة ولها مكانة مرموقة بين الشعوب ، حيث جمال الشرق الساحر المفعم بمغامرات وتعاويذ وطلاسم واساطير الشرق ، وآسرت كل من سمعها والتي فعلت فعلها ليس على (شهريار) وحده بل على كل من قرأها .وترجمت الى الكثير من اللغات وتعد بالمنزلة الثالثة بعد الكتاب المقدس ومسرحيات شكسبير.
اخيرا في خريف 2010 صدرت بلغة الفنلندية مزدانة بلوحات لاتخلو من الوان الشبق الشرقي المشبعة بحرارة الرمل وألفة حارات الشرق والمقاهي المكتظة والدروب البعيدة الملئية بقطاع الطرق .
قام بترجمة الف ليلة وليلة للغة الفنلندية البروفسور(JAAKKo HÄMEEN-ANTTILA) استاذ الدراسات الاسلامية واللغة العربية في جامعة هلسنكي ، عن الطبعة المصرية "طبعة بولاق" عام 1835 ، اعتمد المترجم على اشهر القصص الذائعة الصيت في بلاد فارس والهند والمشرق .رغم ان هناك من سبق وان ترجم الف ليلة وليلة الى اللغة الفنلندية الا انها كانت بتصرف ومن لغات غير العربية كالانكليزية والالمانية مما افقدها الكثير من روحها ، ونظراً لتمكن الاستاذ (JAAKKO ) من اللغة العربية ودرايته بالعالم الاسلامي والشرق وسبق ان ترجمة الى الفنلندية القران الكريم وملحمة جلجامش وله كتاب عن العراق وترجم الشاعر الفارسي عمر الخيام والعديد من عيون التراث .
والاستاذ (JAAKKO ) يتساءل في المقدمة ( لماذا بقيت هذه القصص لقرون تستمر رغم تغير الزمن ؟ لان مشاعر البشرية في نهاية المطاف لم تتغير ،الغضب ، الحب ، الجشع ، الحسد ، المغامرة) مشيراً الى اقدم الطبعات الهندية والفارسية وان القصص رغم خياليتها تتسمم بالمحلية التي تصف الحياة في القاهرة بالعصور الوسطى والكثير من هذه القصص تدور احداثها في بغداد ومدن اخرى
وتضمنت هذه الترجمة كثير من قصص الحيوان والنكات والجنس والمغامرات والدسائس ومصائر البشر والشجاعة والتعاطف
رغم حذف الكثير من الحكايات والاشعار لتتلائم مع القارئ الفنلندي ، بقيت الف ليلة وليلة متقدة بفضل اشهر حكواتي على وجه الخليقة (شهرزاد) من خلال مغامرات السندباد البحري وعلاء الدين والمصباح السحري وعلي بابا والاربعين حرامي ...............
استثمر المترجم كثيرا في مقدرته باللغة العربية ومعرفته بالشرق الوافية والايجابية خلاف بعض المستشرقين الغربيين واتضحت من خلال اشادة الكثير من الكتاب والقراء الفنلنديين بنقل هذا المجد السردي والحكائي الانساني بسلاسة لاتخلو من سحر الف ليلة وليلة وشعلتها الابدية.
جدل ....وحَظر
رغم مايثار حول الف ليلة وليلة من جدل عن اصولها هل هي فارسية ام هندية ام عربية لكن ذلك لايفسد هذا الاثرالانساني العظيم فالهبت الف ليلة وليلة الخيال والعقول ،وقد ترجمت الى معظم اللغات وتاثر بها عمالقة الكتاب شرقاً وغرباً ،واستثمرت في السينما والموسيقى والفنون التشكيلية.
في بعض بلداننا العربية تعالت اصوات الحظر اوالحذف لعدم ملائمتها للحياة اواثارتها للغرائز الجنسية وخدش الحياء العام وازدراء الاديان .وهذه ليست المرة الاولى التي تتعرض فيها الف ليلة وليلة الى هذا الجدل والتشويه لكن على مااعتقد ان تعرية السلطة وبعض الظلاميين وانتصار المراة في الدفاع عن نفسها والتحايل على الواقع حتى ولو بالخيال يخيفهم .
ان استمرارية هذا النص الابداعي يكمن في اكتمال الحياة العامة بكل تفاصيليها وتعريتها دون تردد في فضح البطش وحيوانية السلاطين وكشف المستور مما دفع بالبعض للتشبث بالحظر والمصادرة.هناك الكثير من كتب التراث تحتوي اكثر بكثير مما موجود بالف ليلة وليلة ونسي البعض اننا نعيش زمن عولمة اجبارية تدخل حياتنا شئنا أم أبينا وقد تكون تفوق اباحية الف ليلة وليلة اضعاف مضاعفة ولافكاك منها اطلاقاً مهما حاولنا
مع كل الابتزاز لهذا النص السردي والحكائي الخالد ومحاولة تقطيع اوصاله من قبل بعض المستشرقين تارة وبعض القمعيين واعداء التراث الابداعي تارة اخرى . ستبقى الف ليلة وليلة اثر انساني وابداعي يثير المخيلة يحمل بين طياته حكمة ومعرفة لعوالم آسرة تخلب قلوب وعقول الصغار والكبار على حدٍ سواء
عباس داخل حسن : كاتب وقاص عراقي
[email protected]
#عباس_داخل_حسن (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟