نحن و التكنلوجيا

احسان خ. الراوي

الحوار المتمدن-العدد: 965 - 2004 / 9 / 23 - 09:08
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    

في عصر اصبح فيه العالم عبارة عن قرية صغيرة بسبب تطور وسائل الاتصال,التي مثل الانترنيت ثورتها العظمى التي مكنت أي شخص يسكن في أقصى الأرض أن يتصل بلمحة بصر بشخص آخر يسكن في الطرف الآخر من الكرة الأرضية,و أن يتبادلا أطراف الحديث حول مختلف المواضيع التي يمكن لها أن تشكل القاسم المشترك بينهما .
في مثل هذا العصر ماذا يحتاج الإنسان ليثبت وجوده،ليثبت هويته،ليثبت انتمائه ؟,قبل الإجابة على هذه الاسئلة,لنطالع الأرقام التي في الجدول ادناه

الوطن العربي اسرائيل
عدد السكان 250000000 نسمة 6000000 نسمة
عدد مستخدمي شبكة الوب 3540000 شخص 1930000 شخص
النسبة المئوية لمستخدمي الشبكة 1.416% 32%
البيانات أعلاه تم الحصول عليها من الدار العربية للعلوم - مركز التعريب و البرمجة التي اصدرت دليل الانترنيت في العالم العربي لسنة 2002,البيانات التي في الجدول تطرح نفسها كسؤال موجه إلى كل من يقرء الدليل,ماذا تعني لك هذه الأرقام ؟،قبل الإجابة على السؤال أعلاه,سنسال,ماذا يمثل عدد المثقفين الذين يمكن ان يقع الدليل بين ايديهم إلى العدد الكلي لسكان الوطن العربي؟ .
بالرغم من عدم وجود البيانات الدقيقة التي تجيب على هذا السؤال,إلا انه من خلال معرفتنا بالواقع الثقافي و لارتفاع نسبة الأمية في دول عربية كثيرة,يتأكد لنا أن النسبة العليا بين سكان الوطن العربي هي للبسطاء منهم و بنسبة قد تصل إلى اكثر من 75 % من العدد الكلي للسكان,عندها يمكننا القول,أننا بحاجة لإجابة المواطن البسيط لانه هو المعني بالموضوع,بينما الموطن المثقف الذي تمكن من الاطلاع على الدليل يشعر بانه موجود في نسبة الـ 1.416% التي وجدت ضمن بيانات الجدول,لاننا أن توجهنا بسؤالنا "ماذا تعني لك هذه الأرقام",إلى مئة شخص يمكن أن نلاقيهم في سوق شعبي أو كراج نقل عام أو في ملعب كرة قدم,فان الغالبية العظمى من الذين سنلاقيهم سيكونون من البسطاء,الذين بالكاد يكونون قد سمعوا بشبكة الوب .
و الآن,للاجابة على السؤال،لنتعرف أولا على متطلبات استخدام شبكة الوب,والتي هي :
1. توفر حاسبة شخصية
2. توفر خط هاتفي (سلكي) للربط مع الشبكة,أو يمكن الربط عبر خط (لاسلكي),علما بان هذا الربط الأخير يكلف ثلاثة أضعاف كلفة الاستخدام السلكي للربط .
3. توفر أساسيات المعرفة باستخدام الشبكة .
4. توفر أساسيات المعرفة بالغة الإنكليزية لتسهيل استخدام الشبكة .
ومما تقدم يتضح لنا,أن كل فقرة من متطلبات الاستخدام للشبكة تمثل بحد ذاتها عقبة ليس من السهل تجاوزها,فارتفاع أسعار الحاسبات بالمقارنة مع متوسط دخل الفرد(باستثناء الدول الخليجية النفطية),وسوء شبكات الاتصال في غالبية الدول العربية,والسياسة التربوية البالية التي لا تعير اهتماما جديا لموضوع أمية الحاسب,كل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى الابتعاد عن استخدام الانترنيت و بالمستوى الذي حددته البيانات في الجدول السابق و بما يفوق أل 97% من العدد الكلي لسكان الوطن العربي .
و من خلال الربط ما بين المستوى الثقافي للفرد و مستواه المعاشي,نستنتج أن التطور الثقافي للفرد يتطلب رفع مستواه المعاشي و بالشكل الذي يمكنه من التوجه لتطوير مستواه الثقافي دون أن يكون لهذا أي تأثير سلبي على توفير بقية المتطلبات الضرورية للعيش الكريم .
هنا نضع يدنا على السبب الحقيقي لتخلف المواطن,ألا وهو تدني المستوى المعاشي للفرد,عندها سيكون مفتاح الحل هو تحسين الوضع المعاشي للمواطن,ليتسنى له الاهتمام بتطوير ثقافته و بناء شخصيته المستقلة .
و الآن لنعود إلى السؤال الرئيسي و الذي هو "ماذا تعني لك هذه الأرقام ؟",كمثقف فانها تمثل الهوة ما بين ثقافة المواطن العربي و الفرد الإسرائيلي,تعني,حجم التخلف الذي يعشه المواطن العربي,هذا أن نظرنا إلى الأرقام,كأرقام مجردة,ولكن أن أردنا تحليل أسباب وجود هذه الأرقام,فان الأسباب كثيرة و مختلفة المصادر,يساهم المواطن بجزء يسير في وجودها .
المسبب الرئيسي لهذه الأرقام,هي القيادات السياسية الرسمية التي تلعب الدور الرئيسي في خلق كل الظواهر الاجتماعية و الاقتصادية التي يعيشها المواطن العربي,فالحفاظ على كراسي الحكم,تعني لهم إبقاء هذا المواطن متخلف,خائف,لا يملك الحافز الحقيقي للتطور و السير إلى الأمام .
و السبب الآخر,سياسي أيضا,لكنه خارجي,فامتلاك المنطقة لعصب الحياة الغربية و شريان تطورها و ديمومتها الذي يمثله النفط, دفع قادة الغرب لمد يد المساعدة لكل من يؤمن لهم تدفق الدم في شرايينهم,و لا فرق لديهم أن كان هذا الحاكم دكتاتوريا أم ديموقراطيا,فالمهم لديهم ضمان استمرار تدفق النفط في شرايين الحضارة الغربية .
من هنا يتضح لنا أن تخلف المواطن,سببه مزدوج داخلي و خارجي,داخليا ممثلا بالقيادات السياسية الرسمية و خارجيا ممثلا في الدعم المقدم لهذه القيادات .
إن هذا الواقع خلق مواطنا ضعيفا لا يقوى حتى على مواجهة نفسه,و انعكس هذا الضعف على كل سلوكياته في البيت و المعمل و المدرسة و في كل مرافق الحياة الأخرى .

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل