أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد الحنفي - الإعلام والتواصل الجماعيين: أي واقع وأية آفاق؟.....11















المزيد.....


الإعلام والتواصل الجماعيين: أي واقع وأية آفاق؟.....11


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 3216 - 2010 / 12 / 15 - 14:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


الإهداء:

ـ إلى كل مواطن أمسك عن ممارسة الفساد في إطار الإدارة الجماعية.

ـ إلى كل موظف جماعي امتنع عن إفساد العلاقة مع الموطن العادي في الإدارة الجماعية؟

ـ إلى كل عضو جماعي أخلص لمبادئه، ولضميره فامتنع عن أن يصير وسيلة لتكريس الفساد الإداري.

وإذا وجد هناك إعلام، وتواصل جماعيان: فما هو واقع هذا الإعلام؟ وما هو واقع هذا التواصل؟.....7

وانطلاقا من تناولنا لقيام الإعلام الجماعي، بإظهار اختلالات التدبير الجماعي، وكأنها غير قائمة في الواقع، نجد كذلك أن الإعلام الجماعي يقوم بإعداد الرأي العام الجماعي، إلى قبول الواقع الجماعي المختل، وكأنه هو الواقع الذي يجب أن يقوم.

ذلك أن الرأي العام الجماعي، تتم صياغته من قبل المجلس الجماعي، ومن قبل السلطة الوصية، حتى يصير مطابقا لما يريده المجلس الجماعي، ولما تريده السلطة الوصية، من أجل أن لا يفرز إلا الآراء التي تعيد إنتاج نفسها، وعلى جميع المستويات، حتى يتأتى للمجلس الجماعي، وللسلطة الوصية، أن يطمئنا على نفسهيما من الرأي العام الجماعي.

ومهمة الإعلام الجماعي أن يقوم بعملية توجيه الرأي العام الجماعي، انطلاقا مما يريده المجلس الجماعي، ومما تريده السلطة الوصية، ديدنه في ذلك ما يقوم به الإعلام الرسمي في صياغة الرأي العام الوطني، الذي يصير مطابقا لما تريده الطبقة الحاكمة.

وهذه المهمة، لا يمكن القيام به إلا إذا كان طاقم الإعلام الجماعي يدخل في انسجام تام مع ما يقوم به المقدمون، والشيوخ في النسيج الاجتماعي، باعتبارهم متحكمين في الشاذة، والفاذة، مما يجري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي على مستوى الجماعة، عن طريق شبكة المخبرين الذين يملأون الدروب، والأزقة، لإحصاء أنفاس الأفراد، والجماعات، وتبليغ كل جديد إلى المقدمين، والشيوخ الحضريين، والقرويين، الذين يرفعون ذلك بدورهم إلى مسؤولي السلطة الوصية.

والانسجام لا يتم بين ما يقوم به مسؤولو الإعلام الجماعي، وما يقوم به المقدمون، والشيوخ، إلا إذا كان الإعلام الجماعي يسعى إلى تحقيق نفس الأهداف الأمنية، التي يسعى إلى تحقيقها المقدمون، والشيوخ على مستوى الجماعة.

وإعداد الرأي العام الجماعي إلى قبول العمل الجماعي المختل، يعتبر مسألة أساسية بالنسبة للمسؤولين عن الإعلام الجماعي، في كل جماعة على حدة، للاعتبارات الآتية:

الاعتبار الأول: أن الإعلام الجماعي، يعتبر جزءا لا يتجزأ من العمل الجماعي للمجلس الجماعي، ومن الإدارة الجماعية، خاصة وأن المسؤولين عنه، إما أعضاء في المجلس، وإما عاملون في الإدارة الجماعية، مما يجعلهم معنيين بالدفاع عن المجلس من جهة، وعن الإدارة الجماعية من جهة أخرى.

وهذا الاعتبار، هو الذي يصير حاضرا في ممارسة المسؤولين عن الإعلام الجماعي، وفي الممارسة الإعلامية الجماعية في نفس الوقت، حتى:

1) يحافظوا على مكانتهم في صفوف الأعضاء الجماعيين، وفي صفوف العاملين في الإدارة الجماعية، ومن أجل أن يستمروا في أدائهم لصالح الأعضاء الجماعيين، ولصالح الإدارة الجماعية، ولصالح السلطة الوصية، ليضمنوا بذلك استمرارهم في احتلال نفس المكانة لدى المجلس الجماعي، ولدى الإدارة الجماعية، ولدى السلطة الوصية.

2) يلعبوا دورهم الإعلامي المنتج لنفس الممارسات الإعلامية الرسمية، التي تلعب دورا لصالحه كمكلفين بإنتاج الإعلام الجماعي، وكملتزمين بأن يصير هذا الإعلام في خدمة ذوي النفوذ الجماعي، وذوي النفوذ السلطوي، وأملا في أن يبقى الإعلام الجماعي وسيلة لترقي الإعلاميين الجماعيين كأعضاء، وكموظفين في الإدارة الجماعية، وخاصة إذا كانوا يحتلون درجة متدنية في سلم الوظيفة الجماعية، كما هو حاصل في عدة جماعات، حيث نجد العامل عضو في لجنة الإعلام الجماعي، حتى لا يشتغل في جمع الأزبال على مستوى المدينة، أو على مستوى القرية التي ينتمي إليها.

3) يعملوا على تحريف المعلومات التي تفصح عن نفسها، إذا كانت لا تخدم مصالح الأعضاء الجماعيين، أو مصالح موظفي الجماعة، أو مصالح السلطة الوصية، أو مصالح التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، سعيا إلى جعل تلك المعلومات، عن طريق التحريف، في خدمة هؤلاء جميعا.

ومعلوم ما هي المكانة التي يحتلها المحرفون لدى المسؤولين على جميع المستويات، نظرا للدور الذي يقومون به لصالح الطبقة الحاكمة، ولصالح من يخدم مصالح الطبقة الحاكمة، كالأعضاء الجماعيين، والإدارة الجماعية، والسلطة الوصية، والمسؤولين عن الإعلام الجماعي.

فالتحريف هو الوسيلة المثلى لتضليل الجماهير الشعبية الكادحة على المستوى العام، ولتضليل سكان الجماعة على المستوى الخاص، نظرا لكونه يطمس الحقائق، ويقدم عكسه لقلب الأمور أمام المتتبعين على جميع المستويات.

4) يحشروا الجماهير المضللة وراء الأعضاء الجماعيين، ووراء السلطة الوصية، ووراء الطبقة الحاكمة، من خلال حشرها وراء التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، تعبيرا عن قيام الإعلام الجماعي المحلي، بتأطير سكان الجماعة، والتحكم فيها، وتوجيهها لخدمة الجهات التي يخدمها الإعلام الجماعي، من أجل تسهيل مأمورية إخضاعها خضوعا مطلقا لصالح الأعضاء الجماعيين، ولصالح الإدارة الجماعية، ولصالح السلطة الوصية.

وحشر الجماهير المضللة، والفاقدة لكرامتها، لا يتم بفعل الإعلام الجماعي فقط، ولكنه يتم بوسائل أخرى، ك:

ا ـ التبشير بالعمل التنموي، الذي تقوم به جمعيات معينة، والتي تستغل حاجة الناس إلى إحداث تنمية على مستوى الجماعة، من أجل القيام بإعداد مشاريع معينة، تمول من جهات معينة، ليتم تمرير ذلك التمويل لصالح فلان، أو علان، من المسؤولين عن العمل التنموي، في إطار الجمعية التنموية، ليتحول مفهوم العمل التنموي، من عمل يهدف إلى إنجاز مشاريع معينة على الأرض، ليستفيد منها السكان، إلى عمل يتحايل على الأموال المرصودة، من أجل تمريرها إلى الجيوب، ولتصير أساسا لإقامة مشاريع كبرى، تشبه المشاريع التي يقيمها الأعضاء الجماعيون، بسبب نهب الموارد الجماعية.

ب ـ التلاعب في ممتلكات المؤسسات العمومية، بما فيها بعض المؤسسات التعليمية، التي يتم التلاعب فيما يرصد لها من تغذية، وتجهيزات، وفي اشتراكات التلاميذ في الجمعية الرياضية، وفيما يرصد لمدرسة النجاح، وفيما يدفعه الآباء لجمعيات الآباء والأولياء مما يحرم منه التلاميذ ويمرر إلى جيوب المسؤولين.

ج ـ التلاعب فيما يرصد للشراكة مع المؤسسات المختلفة، بما فيها مؤسسة المجلس البلدي، من أجل إنجاز مشاريع معينة، تهم سكان الجماعة، كما تهم المعنيين بالشراكة، التي لا تتجاوز الأوراق التي يتم التصديق عليها، ليتم بعد ذلك التحايل على المرصود من أموال المؤسسة التي تعقد الشراكة، لتمرير الأموال إلى الجيوب، وبطرق قانونية.

والإعلام الجماعي لا ينتبه إلى ممارسات التحايل على الموارد الجماعية، من أجل تمريرها إلى الجيوب، كما لا ينتبه إلى التلاعب فيما يرصد للجمعيات التنموية، وللمؤسسات العمومية، وما يرصد لعقود الشراكات، من أجل مراقبة عملية الصرف:

هل تم صرفها فيما رصدت له؟

أم أنه تم التحايل عليها من أجل نهبها لتصير المشاريع بذلك في ذمة التاريخ؟

الاعتبار الثاني: أن الإعلام الجماعي يسعى إلى تحقيق الأمن الجماعي. ذلك، أن الهاجس الذي يحكم الإعلام الجماعي هو:

كيف يصير وسيلة لتحقيق أمن الأعضاء الجماعيين، وأمن الإدارة الجماعية، وأمن السلطة الوصية في إطار الجماعة؟

فما هو مفهوم الأمن الجماعي في فكر، وفي ممارسة الإعلام الجماعي؟

وما هو مفهوم الأمن الجماعي في عرف، وفي ممارسة الأعضاء الجماعيين في المجلس الجماعي؟

وما هو مفهوم الأمن الجماعي في عرف، وفي ممارسة العاملين في الإدارة الجماعية؟

وما هو مفهوم الأمن الجماعي في عرف، وفي ممارسة السلطة الوصية على مستوى الجماعة؟

وما هو مفهوم الأمن الجماعي في عرف، وفي ممارسة الأحزاب السياسية على مستوى الجماعة؟

وما هو مفهوم الأمن الجماعي في عرف، وفي ممارسة سكان الجماعة؟

إننا عندما نعمل على تفكيك مفهوم الأمن الجماعي، حسب الجهات التي تسعى إلى إعطائه تفسيرا مختلفا، فلأننا نريد أن نجعل المتتبع يبلور تصورا خاصا به، يقارب المفهوم العلمي للأمن الجماعي، وانطلاقا من الواقع في تنوعه، وفي تطوره، وفي اختلافه من جماعة، إلى جماعة أخرى، ومن مرحلة إلى مرحلة أخرى.

ولذلك نجد أن هذا التنوع في التفسير، يقتضيه التنوع في المصلحة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهذا الاختلاف في المصلحة، هو الذي يقتضي:

أولا: أن يصير مفهوم الإعلام الجماعي في فكر، وفي ممارسة الإعلام الجماعي مرتبطا ب:

1) إنضاج شروط استفادة المسؤولين عن الإعلام الجماعي من الترويج الإعلامي لما يرونه يخدم مصالحهم، ومصالح الأعضاء الجماعيين، ومصالح العاملين في الإدارة الجماعية، ومصالح السلطة الوصية، حتى تتأتى لهم الاستفادة المادية، والمعنوية من وراء تحملهم مسؤولية الإعلام الجماعي.

2) ضبط عملية التحكم في صياغة الرأي العام، الذي يحكم فكر، ووجدان سكان الجماعة، حتى ينجروا وراء ما يسعى إلى تحقيقه الإعلام الجماعي، الذي يهدف إلى تعميم عملية التضبيع، التي تجعل سكان الجماعة ينساقون وراء الأعضاء الجماعيين، ودون قدرة على التفكير، حتى وإن كان الأعضاء الجماعيون لا يخدمون مصالح سكان الجماعة، لا من قريب، ولا من بعيد.

ولذلك فمفهوم الإعلام الجماعي في عرف، وفي ممارسة الإعلام الجماعي، ينصب على المنهج الذي يتبعه المسؤولون عنه، انطلاقا من التعليمات التي يتلقونها من المسؤولين الجماعيين، ومن الإدارة الجماعية، ومن السلطة الوصية، حتى يعالجوا المعلومات التي يقدمها الإعلام الجماعي، على خلاف ما هي عليه في الواقع، لتضليل المتلقي من سكان الجماعة، حتى تتم صياغة الرأي العام للجماعة بناء على ذلك التضليل، الذي يعتبر هدفا ووسيلة.

فتضليل سكان الجماعة يعتبر هدفا يقود إلى جعل سكان الجماعة غير قادرين على فهم ما يجري على مستوى جماعتهم، ومن أجل أن يصير ما يجري في خدمة مصالح التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف.

وتضليل سكان الجماعة يعتبر، كذلك، وسيلة لتغييب سكان الجماعة عن الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى لا يروا إلا الأعضاء الجماعيين، ومن أجل أن يستمروا في اعتبار الواقع المتردي للجماعة، والممارسات المشينة التي يقوم بها الأعضاء الجماعيون قدرا لا مفر منه. ومن الإيمان أن يتقبل سكان الجماعة ذلك القدر، أملا في نيل رضى الله يوم القيامة.

فالهدف والوسيلة يتحققان، معا، من خلال عملية التضليل التى تدخل في صلب الممارسة اليومية للإعلام الجماعي، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه.

وبالنسبة لمفهوم الإعلام الجماعي في عرف، وفي ممارسة الأعضاء الجماعيين، فيتجسد في:

1) تحقيق شهرتهم في صفوف السكان، بفتوحاتهم التي لا حدود لها في العلاقة مع الجماعة، وفي العلاقة مع الإدارة الجماعية، وفي العلاقة مع السلطة الوصية، وفي العلاقة مع الإعلام الجماعي، وفي العلاقة مع السكان، حتى تصير تلك الشهرة ضامنة ل:

ا ـ الاستفادة من كل تلك العلاقات لتحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تصير ملازمة لهم مدى الحياة، وتبقى تركة لأبنائهم من بعدهم.

ب ـ ضمان إمكانية العودة إلى عضوية المجلس، للاستمرار في عملية الاستفادة على حساب السكان، الذين يعانون من ضيق ذات اليد، التي يتم تهريبها إلى جيوب الأعضاء الجماعيين.

2) التمكن من الوصول إلى مراكز النفوذ، التي تسرع في الارتقاء في اتجاه التصنيف، إلى جانب التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، ومن أجل أن يصير نفوذ العضو الجماعي غير مختلف جملة وتفصيلا عن نفوذ السلطة الوصية، إن لم يصر متحكما في تلك السلطة على المستوى المحلي.

وبذلك نجد أن مفهوم الإعلام الجماعي في عرف، وفي ممارسة الأعضاء الجماعيين، هو الذي يمكن العضو الجماعي من الشهرة في صفوف سكان الجماعة، وفي صفوف الأعضاء الجماعيين، وفي العلاقة مع الإدارة الجماعية، وفي العلاقة مع السلطة الوصية، حتى يتمكن من تحقيق الأهداف التي يسعى إليها، والمتمثلة بالخصوص، في تحقيق التطلعات الطبقية، وبأقصى سرعة ممكنة.

وبالنسبة للعاملين في الإدارة الجماعية، فإن مفهوم الإعلام الجماعي، يتخذ مسارا آخر يتمثل في:

1) اعتبار سكان الجماعة مجرد وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية للعاملين في الإدارة الجماعية، وحتى تكون تلك الوسيلة ناجعة، فإن على الإعلام الجماعي أن يكرس كافة أشكال التضليل، الذي يضمن اعتبار سكان الجماعة كذلك.

2) اعتبار قرارات المجلس الجماعي وسيلة لممارسة الابتزاز على السكان، وبشكل فج، ودون اعتبار حتى لمنظور تلك القرارات للعمل الجماعي لصالح السكان؛ لأن العاملين في الجماعة، يحرصون كل الحرص على أن تكون قرارات المجلس الجماعي مصدرا لتنمية ثرواتهم، التي لا تعرف حدودا معينة في النمو المتصاعد.

3) اعتبار الأعضاء الجماعيين مجرد وسطاء بين سكان الجماعة، وبين العاملين في الإدارة الجماعية، ولا سلطة لهم، لأنهم يأخذون عمولتهم من الرشاوى التي يقدمها السكان إلى العضو الجماعي مباشرة، كوسيط، أو إلى الموظف الجماعي.

4) اعتبار سلطة الوصاية وسيلة لعرقلة تنفيذ القرارات الجماعية، التي تتخذ لصالح السكان، مادامت سلطة الوصاية تأخذ برأي الموظفين الجماعيين في قبول تلك القرارات، أو رفضها.

5) اعتبار علاقة الموظفين الجماعيين بمكتب المجلس الجماعي، هي المبتدأ، وهي الخبر، فيما يخص الترتيبات المتعلقة بالعلاقة مع السكان، ما دام أعضاء المكتب الجماعي يصيرون بمثابة الموظفين الجماعيين، لتجمعهم بذلك نفس المصالح الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل تنظيم نهب الموارد الجماعية، واستنزاف جيوب سكان الجماعة.

وبالنسبة لمفهوم الأمن الجماعي في عرف، وفي ممارسة السلطة الوصية على مستوى الجماعة، فإنه يتحدد في:

1) اعتبار العلاقة مع الإعلام الجماعي وسيلة لتكريس سيادة السلطة الوصية، باعتبارها هي كل شيء، ولا شيء غيرها يستطيع أن يفعل أي شيء في الجماعة بعيدا عن رغبتها، مما يؤهل مكونات السلطة الوصية بأن تخضع كل ما في الجماعة، ومن فيها لخدمة تحقيق تطلعاتها الطبقية.

2) اعتبار العلاقة مع المجلس الجماعي وسيلة لاتخاذ القرارات، التي تخدم مصالح تحقيق مكونات السلطة الوصية، لتطلعاتهم الطبقية، مما يجعل المجالس الجماعية، في معظم الأحيان، تستشير السلطة الوصية في جل الأعمال، قبل انعقاد المجالس الجماعية، حتى لا تضع نقطة للمناقشة، قد لا ترضى عنها السلطة الوصية، التي قد ترى أن هذه النقطة، أو تلك، قد لا تساعد على الاستمرار في تحقيق تطلعاتها الطبقية.

3) اعتبار العلاقة مع الأعضاء الجماعيين وسيلة لفرض قرارات السلطة الوصية على المجلس الجماعي، إن كان مكتب هذا المجلس، أو ذاك، لا يسير في نفس المسار الذي تحدده السلطة الوصية. وهو ما يرفع عملة الأعضاء الجماعيين، الذين يسبحون في فلك السلطة الوصية، ويترددون على مكاتبها صباح مساء.

4) اعتبار العلاقة مع الموظفين الجماعيين وسيلة لعرقلة المشاريع الجماعية، التي لا ترضى السلطة الوصية على تنفيذها، مما يجعل هؤلاء الموظفين يمتلكون نفوذا على أعضاء المجلس الجماعي، وعلى المجلس الجماعي، وعلى المكتب الجماعي، وهذا النفوذ يستمد قوته من العلاقة مع السلطة الوصية.

وبالنسبة لمفهوم الإعلام الجماعي في عرف، وفي ممارسة الأحزاب السياسية على مستوى الجماعة، فإن هذه الأحزاب يمكن تصنيفها إلى:

أولا: أحزاب يتواجد ممثلوها في المجلس الجماعي التي تنقسم بدورها إلى:

1) أحزاب يتواجد ممثلوها في مكتب المجلس الجماعي. وهي أحزاب تعتبر نفسها صاحبة الحل، والعقد، وتسعى إلى توظيف كل إمكانياتها، وعلى جميع المستويات، من أجل أن يصير التواجد في مكتب المجلس الجماعي في خدمة الأعضاء الحزبيين، وعائلاتهم، دافعة في اتجاه توظيف الإعلام الجماعي لصالح الأعضاء الجماعيين في مكتب المجلس الجماعي، ومن خلالهم في صالح المنتمين إلى أحزابهم.

2) أحزاب ليست ممثلة في مكتب المجلس الجماعي، وهذه الأحزاب تسعى باستمرار إلى ممارسة الابتزاز على المكتب الجماعي، من أجل أن تتم الاستفادة من التواجد في المجلس الجماعي بوسيلة، أو بأخرى، كما تؤكد ذلك كل الأحداث التي تقع هنا، أو هناك، في هذه الجماعة، أو تلك.

وهذه الفئة من الأحزاب لا تجد لها مجالا في الإعلام الجماعي؛ لأنه لا يمكن أن يسمح لممارستها بالظهور في صفوف سكان الجماعة، مما يجعلها تلجأ إلى وسائل الإعلام الممارسة للارتزاق، حتى تتمكن من الوصول إلى الرأي العام، الذي يعرف عنها كثيرا، وخاصة إذا كانت من الأحزاب التي سبق لها، وأن خاضت تجارب جماعية، تضرر منها العمل الجماعي كثيرا.

ثانيا: أحزاب لا يتواجد ممثلوها في المجلس الجماعي، والتي يمكن تصنيفها إلى:

1) أحزاب مشاركة في الانتخابات، ولكن السلطة الوصية زورت نتائج الانتخابات بوسيلة، أو بأخرى لصالح الأحزاب التي ترضى عنها، مما جعلها خارج المجالس الجماعية، إما جزئيا، أو كليا، كما تدل على ذلك كل الوقائع التي تجري في الساحة.

وهذه الأحزاب تنخرط في ممارسة النضال من أجل الديمقراطية، إما بمفرد كل حزب منها، أو في إطار التحالفات التي تعقد مع أحزاب أخرى، تجمعها نفس الممارسة التي تسعى إلى تحقيق نفس الأهداف.

2) أحزاب مقاطعة للانتخابات جملة، وتفصيلا، والتي لا تميز بين الأحزاب التي تزور الانتخابات لصالحها، والأحزاب التي تزور الانتخابات ضدها، مما يجعلها لا تراهن إلا على الجماهير في عملية التغيير، ولا شيء غير الجماهير، وبذلك الشكل الفضفاض، ودون تأطير من تلك الأحزاب المقاطعة للانتخابات، إلا عن طريق الشعارات الفضفاضة، التي سرعان ما تنقلب على تلك الأحزاب، مما يجعلها منعزلة في بروجها العاجية، التي لا تسمن، ولا تغني من جوع كما يقولون، في الوقت الذي يتحول فيه الواقع إلى شيء آخر، يقتضي التخلي عن المزايدات التي لا تضر إلا الأحزاب المقاطعة.

وهذه الأحزاب التي لا تتواجد في المجالس الجماعية، سواء كانت مشاركة، أو مقاطعة، لا وجود لها في الإعلام الجماعي، ولا يمكن أن تتواجد في الإعلام الجماعي، حتى لا تعرف بين سكان الجماعة. ولذلك، فهي تلجأ إلى الإعلام غير الجماعي، حتى توصل صوتها إلى الجماهير الشعبية بصفة عامة، وإلى سكان الجماعة بصفة خاصة، بعيدا عن الابتزاز، والارتزاق في نفس الوقت.

أما مفهوم الأمن الجماعي قي عرف، وفي ممارسة سكان الجماعة، المستهدفين بتضليل الإعلام الجماعي، فإنه يختلف من طبقة اجتماعية، إلى طبقة اجتماعية أخرى:

1) فالطبقات التي تتكتل في إطار التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، ترى الأمن الجماعي يكمن في وجود من يخدم مصالحها الطبقية، سواء تعلق الأمر بالتواجد في المجلس الجماعي، أو في المكتب الجماعي، أو بالعاملين في الإدارة الجماعية، أو بالمتحملين لمسؤولية السلطة الوصية؛ لأن هؤلاء جميعا يكمل بعضهم البعض، في خدمة مصالح هذه الطبقات التي يقوم وجودها على أساس الفساد الإداري، والسياسي.

2) الطبقات المتوسطة، التي تتأرجح بين الاندحار إلى صفوف الكادحين، وبين التسلق الطبقي، وصولا إلى الاصطفاف إلى جانب التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف. وهذه الطبقات المتوسطة، تركب جميع المراكب التي تجعلها توظف الكادحين من جهة، وتتسلق السلم الطبقي من جهة أخرى. ولذلك فهي لا ترى مانعا من اعتبار المجلس الجماعي، والإدارة الجماعية، والسلطة الوصية، مخاطبين رئيسيين، في أفق فسح المجال أمام المنتمين إلى هذه الطبقات، لتحقيق تطلعاتهم الطبقية. ولا داعي لديها لمحاربة أشكال الفساد الإداري، والسياسي، مادامت مستعدة لدفع الرشاوى، والعمولات التي تمكنها من تحقيق تطلعاتها الطبقية.

3) الطبقات الكادحة، التي لا تملك إلا، ولا ذمة، كما يقولون، والتي لا تعتبر إلا مجرد احتياطي انتخابي بالنسبة إلى الأعضاء الجماعيين، وإلى الأحزاب السياسية، التي ينتمون إليها. فهذه الطبقات الكادحة لا تطمع أبدا في الاستفادة من المجلس الجماعي إلا إذا دفعتها الضرورة القصوى لذلك، للحصول على الخدمات الجزئية، التي تستدعيها ضرورة الحياة. ولذلك، فهي لا تهتم لا بالأعضاء الجماعيين، ولا بالإدارة الجماعية، ولا بالسلطة الوصية، وتدخل في عملية انتظار قدوم الانتخابات التي تمكنها من ممارسة الابتزاز على المرشحين، ومن أجل أن يشتغل أبناؤها مع هذا الحزب، أو ذاك، في الحملات الانتخابية، من أجل توفير بعض المصاريف الآنية.

والطبقات الكادحة لا تهتم بالإعلام الجماعي، ولا تعرف بوجوده، ولا تسعى إلى استغلاله لاعتبارت معروفة، نذكر منها:

ا ـ أن هذه الطبقات تعاني في معظمها من الأمية.

ب ـ تعاني جميعها من الفقر المدقع.

ج ـ تقضي سحابة يومها في العمل من أجل الحصول على قوت يومها.

د ـ قابلة لأن يمارس عليها التضليل، حتى تستغرق في الأحلام التي لا تستفيق منها.

ه ـ منساقة وراء إملاءات الشيوخ، والمقدمين، على مدار السنة.

و ـ تعاني من الإرهاب الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي تمارسه الطبقات التي تستغله، والطبقات المستفيدة من ذلك الاستغلال.

ز ـ تعتبر السلطة الوصية هي كل شيء، وفي جميع المحطات الانتخابية.

وهكذا يتبين أن مفهوم الأمن الجماعي، يختلف من الإعلام الجماعي، إلى الأعضاء الجماعيين، إلى الإدارة الجماعية، إلى السلطة الوصية، إلى الأحزاب السياسية، إلى سكان الجماعة.

وفي معظم الحالات التي رأيناها، لا نجد من يهتم بالأمن الجماعي كوسيلة للقضاء على الفساد الإداري، والسياسي، واحترام كرامة سكان الجماعة على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى لهم الشعور بالانتماء إلى هذا الوطن.



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- الحوار المتمدن أو المنارة الفريدة التي تستحق أكثر من جائزة.
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- المعيقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في ...
- نقطة نظام: هل يناضل النقابيون من أجل تنمية مصالحهم، والحصول ...
- نقطة نظام: هل يناضل النقابيون من أجل تنمية مصالحهم، والحصول ...
- نقطة نظام: هل يناضل النقابيون من أجل تنمية مصالحهم، والحصول ...
- نقطة نظام: هل يناضل النقابيون من أجل تنمية مصالحهم، والحصول ...
- الإعلام والتواصل الجماعيين: أي واقع وأية آفاق؟.....10
- نقطة نظام: هل يناضل النقابيون من أجل تنمية مصالحهم، والحصول ...
- الإعلام والتواصل الجماعيين: أي واقع وأية آفاق؟.....9


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد الحنفي - الإعلام والتواصل الجماعيين: أي واقع وأية آفاق؟.....11