أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سعيد حورانيه - من التراث -ذكريات عن خالد بكداش-














المزيد.....

من التراث -ذكريات عن خالد بكداش-


سعيد حورانيه

الحوار المتمدن-العدد: 3214 - 2010 / 12 / 13 - 03:26
المحور: مقابلات و حوارات
    


من التراث "ذكريات عن خالد بكداش"
ذكريات عن خالد بكداش
بقلم: سعيد حورانيه
أنا استطيع أن أفهم تلك اللهفة البادية على الوجوه من مختلف أفراد الشعب السوري وهم يتساءلون في فرح:
ــ متى سنرى خالد بكداش؟
أنا أفهم هذه اللهفة لأنني أحسها في أعماقي، ولأنني ككثيرين غيري، لم نرَهُ مطلقاً، وحتى أصدقاؤه القدماء يحدوهم ذلك الشوق الجامح لرؤية وجهه بعد هذا الاختفاء الطويل إبان مطاردة المستعمرين له سبع سنوات متعاقبة ذاق فيها صنوف العذاب والاضطهاد.
أنا افهم هذه اللهفة التي يبديها أبناء بلادنا لرؤية هذا الشخص الذي يعتبر طليعة النضال في أعماق شعبنا الطيب .. ذلك لأنهم يقدرون العبقرية الثائرة ضد الطغيان والمؤامرات لوأد حرية الإنسان واستعباده.
ومن الصعب جداً علينا نحن الشباب الذين عاصرنا فجر الاستقلال والحكومات المتعاقبة من برجوازية وديكتاتورية خاضعة لنفوذ الاستعمار .. أن نحدد بالضبط تلك الذكريات الكثيرة الغنية لنضال دام طويلاً ومدى تأثيرها في دمنا وأعصابنا وأفكارنا، فلم تكن صورة خالد بكداش، من تلك الصور التي تمر على سطح بحيرة الحياة تاركة فيها عدة دوائر لا تلبث أن تتلاشى بعد قليل، ولكنها صورة حركت حياة جيل كامل من أعماق كيانه، تاركة فيه أثراً لا يمحى كنقش خالد، لفنان أصيل قديم.
هل يكفي لتحديد هذا الأثر، أن نذكر ما استطاع خالد بكداش أن يفعله في سبيل هذا الشعب؟
هل يكفي أن نقول أن خمسة وعشرين عاماً في حياة سورية والشرق العربي لا يمكن أن تـُفهم على حقيقتها، إذا حذفنا ذلك الأثر البارز الذي لعبه خالد بكداش في مصيرها وخلق الوعي الشعبي فيها.
في اعتقادي أن شخصية غريبة على مثل هذه الكفايات والإمكانيات المعجزة، لا تستطيع تمتين عظمتها وتأصيلها إلا بشيء مهم أولي، وهذا الشيء هو امتداد هذه العظمة خلال الحيوات المتعاقبة وخلق إمكانيات للعمل يجري في كل أعمالها نسغ الجذر الشديد الإنشباك في الأرض والحياة.
في اعتقادي أن شخصية خالد بكداش من هذه الشخصيات التي تخلق وراءها الكفاءات، وتضرب الأمثلة أمام العين على التفاني والانعدام في القضية التي تسعى إليها، ولا أظن أن هناك مواطناً سورياً مهما اختلفت نزعته إلا ووضع أمامه نضال خالد بكداش منهجاً يسعى إليه، فإذا ادلهمت بنا الأحداث، وتكاثفت الظلمة، وولى الواحد منا عن النضال، وتولدت في نفسه سحب الشك والقنوط والتواكل .. برز وجه الرفيق الطيب، بكل عناده وثقته واطمئنانه، يؤكد العزيمة، ويفجر في القلب إنسانية دائبة عاملة، ويعيد التوازن والتماسك بين الأفكار والعمل ويدفع دفعاً نحو استكمال النضال في سبيل حياة أفضل.
لقد ربّى خالد بكداش جيلاً كاملاً من المناضلين، وكان أستاذاً من أساتذة هذا الشعب الطيب، الذي صمد ضد كل المعاهدات الاستعمارية والحكومات الرجعية والديكتاتورية خلال تاريخه الدامي المشّرف، فهذه الحياة المعذبة القلقة تطارده فيها قوى الظلام، وهذا العناد والتصلب اللذان يبديهما أمام كل المؤامرات التي تحاك وراء أستار واشنطن ولندن وباريس، وهذا النكران النادر للذات في خضم الأحداث المتعاقبة، قد أصلت ووكدت شخصيته في قلب الشعب السوري الذي لا ينسى أبناءه العظماء، المشتغلين من أجله.
تحضرني هنا ذكرى أليمة عن الرفيق خالد، يذكرها كل هؤلاء الآلاف الذين حضروا تلك الجنازة الكئيبة التي شيعت فيها أمه.
لقد كانت تضم الآلاف المؤلفة من جميع أنحاء سورية ولبنان، وكلهم يحدوه شيئان للخروج تحت المطر الغزير في هذه الجنازة: عرفانهم بالجميل لهذه الأم المناضلة الصابرة التي أنجبته، وأملهم في أن يروا ذلك الرجل المطارد الذي يذكرون عنه حكايات كالأساطير عن ذكائه وعناده وحبه الإنساني العميق لبلاده.
وتخيلناه. في مكان ما .. يتذكر الوجه الذي سيفارقه إلى الأبد .. هذا الوجه الذي لم يره منذ سنوات، ونتصور نفسيته القوية التي لا تزعزها الأحداث، وهو يزداد عناداً في النضال ضد هؤلاء الذين يكرهون الحب والسعادة.
نعم أنا أفهم هذه اللهفة التي يبديها الناس لرؤية هذا الوجه في البرلمان، يصل إليهم صوته مدوياً مزلزلاً مدافعاً عن حقوقهم وإنسانيتهم، ذلك لأن كلاً منهم، على نحو ما، تجري في عروقه وأعصابه صورة من صور النضال الدائب المر الذي عاشه خالد بكداش.
جريدة «الطليعة» الدمشقية ــ الاثنين 2 آب 1954



#سعيد_حورانيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سعيد حورانيه - من التراث -ذكريات عن خالد بكداش-