الحزب الشيوعي السوري ... واستنهاض الحركة الجماهيرية

وحيد كحيل

الحوار المتمدن-العدد: 3214 - 2010 / 12 / 13 - 02:08
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

إن الموضوعات المقدمة إلى المؤتمر الحادي عشر لحزبنا الشيوعي السوري التي بحثتها اللجنة المركزية وأقرت طرحها للنقاش العام في المنظمات الحزبية بين الرفاق وكذلك أصدقاء الحزب قد حولت الهيئات الحزبية واللقاءات الجماهيرية إلى خلية نحل تعمل وتناقش بشكل منظم ودقيق وأدت إلى تفاعل مع جماهير الحزب المنتشرة على مساحة الوطن.
وقد جاء في الموضوعات الفقرة /95/ أن الحزب الشيوعي السوري هو الطليعة الواعية المنظمة للطبقة العاملة السورية. وهو أعلى شكل من أشكال تنظيمها والمدافع عن مصالحها الجذرية ومصالح حلفائها. كادحي المدينة والريف وجميع الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم.
إن تحقيق هذه المهام الكبيرة لمصلحة الجماهير الكادحة يضعنا أمام مسألة هامة جداً وهي كيف يمكن العمل على إنهاض الحركة الجماهيرية؟
تشكل مسألة العلاقة مع الجماهير، وإيجاد الأشكال الملائمة لاستنهاض وتطوير الحركة الجماهيرية مسألة أساسية في طل الظروف بالنسبة لحزبنا الشيوعي السوري كطليعة للطبقة العاملة وللجماهير الشعبية عامة كما تؤكد الموضوعات.
بل أن هذه المسألة تشكل أحد المعايير الأساسية لطليعية الحزب ودوره القيادي محكماً بجدوى وفعالية نضاله الثوري، وواحداً من مقوماته «لحزب من طراز جديد» كما أراده لينين. فما يميز هذا الحزب أنه انطلاقاً من كون الصراع الطبقي هو محرك التاريخ، يعتبر العلاقة الوثيقة بين دور الطليعة وبين دور الجماهير أساساً في تطوير العملية الثورية ومن ثم انتصارها ونعلم أن نشوء حزبنا الشيوعي السوري قد كان بالفعل تحولاً على صعيد الحركة الجماهيرية، إذ أعطاها، ليس فقط أداة تنظيمية وسياسية من نوع جديد إنما كذلك أساليب نضالية جديدة وآفاقاً جديدة إضافة إلى كونه أعطاها للمرة الأولى فرصة التحول إلى حركة مستقلة إزاء الطبقات الحاكمة والهيمنة الاستعمارية. وفي طليعة العوامل التي أتاحت مثل هذا التحول استرشاده بالنظرية العلمية، الماركسية ــ اللينينية وتحديده على هذا الأساس الأهداف النضالية الأساسية أمام الجماهير، كأهداف مترابطة في وجهيها الوطني والاجتماعي.
هذا الدور الذي كان لها من الأساس، ثم التجربة النضالية المتنوعة التي تراكمت لديها على امتداد عشرات السنين يلقي على عاتق حزبنا مسؤولية خاصة إزاء الواقع الراهن للحركة الجماهيرية وإزاء مهمة الاستنهاض الجماهيري.
وإذا كانت مسألة العلاقة مع الجماهير وإيجاد الأشكال الملائمة لاستنهاضها تشكل مسألة أساسية بالنسبة لحزبنا في كل الظروف فهي في الظرف الراهن ترتدي أهمية خاصة.
فالوضع الراهن يتميز باحتدام الصراع إلى الحد الأقصى بين الإمبريالية والصهيونية والرجعية من جهة وبين حركة التحرر الوطني العربية المقاومة للاستعمار ومشاريعه في المنطقة من مشروع الشرق الأوسط الكبير الجديد إلى التآمر على المقاومة ودورها في فلسطين ولبنان والعراق. إلى التآمر على الموقف الوطني السوري الرافض لتلك المشاريع الاستعمارية.
المعروف أن الصراع في منطقتنا هو أحد المظاهر الأساسية لاحتدام الصراع على الصعيد العالمي وخصوصاً في ظل تفاقم الأزمة الدورية الشديدة للرأسمال العالمي ودخوله مرحلة الركود الطويلة التي ستتخللها أزمات محلية شديدة.
وأن الهجوم الإمبريالي في منطقتنا هو أحد التجليات الأكثر بروزاً للإستراتيجية العدوانية التي تقودها الإمبريالية الأمريكية في ظروفنا الراهنة.
إن ظرف هذا الصراع يتطلب دوراً جماهيرياً ذا فعالية أكبر ونهوضاً جماهيرياً يتحول إلى عامل حاسم في هذا الصراع وذلك من خلال الدعم الكبير للمقاومة المتصاعدة ضد هذه العدوانية للإمبريالية. ومن هنا يظهر دور حزبنا في النضال من أجل جبهة عالمية مناهضة للإمبريالية.
في التقرير المقدم للمؤتمر الثاني لعامة روسيا عام /1919/ قال لينين للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق ما يلي: «ينبغي لنا أن ندرك كل الإدراك أنه لا يمكن للطليعة وحدها أن تحقق الانتقال إلى الشيوعية. المهمة هي أن توقظ في جماهير الكادحين النشاط الثوري الذي يحفزها إلى العمل والتنظيم بصرف النظر عن مستوى هذه الجماهير وأن تنقل إلى لغة كل شعب التعاليم الشيوعية الحقة المعدة للشيوعيين في البلدان الأرقى. وأن تحقق المهام لعملية التي تتطلب التحقيق دون إبطاء وأن تندمج في النضال العام مع بروليتاريا البلدان الأخرى».
ومن أجل تطوير الحركة الجماهيرية والقدرة على استقطابها حدد لينين أربعة قضايا أساسية هي:
1 ــ شق الطريق إلى الجماهير باللغة التي تفهمها.
2 ــ العمل لتعزيز الترابط والتفاعل بين نضالنا والنضال الثوري على الصعيد العالمي.
3 ــ إيقاظ النشاط الثوري لدى الجماهير.
4 ــ التركيز على المسألة القومية.
وهذه المسألة التي بدأت آنذاك كتيار أو حركة أطلقتها البرجوازية «ولها مبرر تاريخي» تحولت نتيجة عوامل عديدة منها تخلي القسم الأكبر من البرجوازية عنها وتشابك مهمات التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي في إطار الثورة الوطنية الديمقراطية، في عصرنا الراهن الذي سمته الأساسية الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، لتصبح المهمة التاريخية للطبقة العاملة وأحزابها.
مع ذلك فلابد من وقفة جدية أمام مستوى وعي الجماهير واستعدادها الكفاحي في ظروفنا الراهنة، وما إذا كانت تسمح بطرح مهمة النهوض العام كمهمة واقعية، وأين تكمن الحلقة المركزية في العمل على تحقيق هذه المهمة، من هنا تؤكد الفقرة /34/ من الموضوعات يرى الشيوعيون السوريون بأن المصالح الجذرية لحركة التحرر الوطني العربية تكمن في مقاومة كل مساعي الهيمنة الإمبريالية والإسرائيلية على سائر الجبهات الاقتصادية والسياسية، (بما فيها الجبهة العسكرية) والثقافية، وهذه المهمة ليست محصورة ببلد من البلدان أو بفصيل من الفصائل، بل هي مهمة كل الوطنيين من المحيط إلى الخليج وكل الفصائل الوطنية سواء كانت تمثل البرجوازية الوطنية أو البرجوازية الصغيرة أو الطبقة العاملة وحلفاءها وبقدر ما تكون هذه الجبهة أشمل جغرافياً وأوسع اجتماعياً. وبقدر ما تكون إمكاناتها بالنجاح في التصدي للمطامع الإمبريالية والصهيونية أكبر وأمتن.
ليكن أحد الشعارات الأساسية للمؤتمر العام ما قاله الرفيق خالد بكداش في المؤتمر الخامس، وأكده المؤتمر السادس والسابع «إلى الأمام، أيها الرفاق والرفيقات، نحو حزب لا يكتفي برصيده الوطني والسياسي الطويل، بل وفوق ذلك نحو حزب جماهيري واسع المواقع بين العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والنساء والشباب وسائر الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم».
لذلك ونحن على أبواب المؤتمر الحادي عشر لحزبنا فإن تكوين صلات جماهيرية واسعة حول الحزب والارتقاء بالعمل التنظيمي لمستوى العمل السياسي للحزب وتقويته في أوساط الجماهير الشعبية هو مهمة من الدرجة الأولى أمام جميع الشيوعيين.

#وحيد_كحيل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات