أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جودت مناع - الدعاية فن الاستمالة















المزيد.....

الدعاية فن الاستمالة


جودت مناع

الحوار المتمدن-العدد: 3212 - 2010 / 12 / 11 - 10:25
المحور: القضية الفلسطينية
    


الدعاية فن الاستمالة
بقلم: جودت مناع
اتبع كيان الفصل العنصري منذ إنشائه استراتيجيه دعائية استمرت حتى عام 1991 واتسمت تلك الخطة بكيل الاتهامات للعرب جميعا بسعيهم لتدمير الكيان.
ومن أبرز المصطلحات التي استخدمت في استراتيجيه الدعاية والإقناع آنذاك وصف المقاومة الفلسطينية بـ"المخربين" ونعت الوطنيين الفلسطينيين بـ"عرب المناطق" دون ذكر لكلمة فلسطينيين.
وفي تلك الأثناء رددت أبواق الدعاية الصهيونية مصطلحات ثابتة تضمنت رفضا لإقامة دولة فلسطينية وزرع بذور الخوف مما أسمته "الإرهاب الفلسطيني" بما في ذلك رفض التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية.
إن هذه الإستراتيجية تغيرت تماما على مراحل منذ توقيع اتفاقية أوسلو وبدا الكيان أكثر حرصا من أي وقت مضى على قيام دولة فلسطينية باعتبارها مصلحة له وأن لا مفاوضات مع حركة حماس التي تسعى لتدمير "دولة إسرائيل" وحصر المفاوضات مع المنظمة بعد خنقها وذلك حسب ما يردده الناطقين باسم الكيان.
باختصار فإن الإجابة على أسباب التغير الاستراتيجي هذا مرجعه استيلاء الكيان على أكثر من 85% من أرض فلسطين التاريخية مما يعني أن قيام دولة بات أمرا مستحيلا مع اعتقاد البعض أن ذلك ممكناً.
لقد وظف الكيان قدرات بشرية وسخر إمكانات تقنية هائلة بتمرير مضمون إستراتيجيته الجديدة برغم صبغتها الدعائية المضللة في الوقت الذي حولت أسهم الإعلام الفلسطيني إلى الذات بعد أحداث غزة.
ففي حمى الجدل المستمر حول مسرحية المفاوضات المباشرة يتهم الكيان السلطة الفلسطينية بوضع شروط على استئناف المفاوضات بسبب طلب الأخيرة وقف الاستيطان وبالمقابل نجح في جعل استمرار الاستيطان حالة طبيعية حسب ادعاء المتحدثين باسم الكيان مع أن عدم الاستجابة لوقف الاستيطان هو الشرط وليس العكس.
إن تكرار المصطلحات خلق انطباعا لدى بعض الفلسطينيين أن مطالبة الكيان بوقف الاستيطان هو شرط مسبق مع أن رفض الكيان لوقف الاستيطان هو أصل الشرط والسبب في ذلك هو قبول وقف استيطاني محدود وزمني مما أتاح للكيان القول بأن الاستيطان كان مستمرا على مدى إجراء المفاوضات دون اعتراض.
كما وأن تمسك الكيان برفض إعلان الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 خارج إطار المفاوضات يرتكز على حجم نفوذه واستيطانه على أرض فلسطين ولم يتبقى شيئا للتفاوض عليه وفقا للوقائع المفروضة على الأرض وهو ما يدفعه للتمسك بالمفاوضات.
علينا الاعتراف بأن الجانب الفلسطيني قد أخفق حتى الآن بوضع إستراتيجية واضحة لمواجهة إستراتيجية الدعاية الصهيونية فما هي أسباب هذا الإخفاق طويل الأمد؟
تتلخص عقبات الإخفاق في عدة أمور من أهمها غياب إستراتيجية وطنية واضحة لإنهاء الاحتلال ورسوخ قناعة لدى البعض بأن لا حل بغير المفاوضات مع أن المنظمة كانت الأكثر تمسكا بالمقاومة قبل توقيع اتفاق أوسلو.
فلو تخلص البعض من عقدة الحكم المتخاذل ورواتب التقاعس لما وصل بنا الأمر لإغفال وضع إستراتيجية إعلامية تؤدي إلى صراحة الحقيقة في مواجهة التضليل الذي يمارسه الكيان وهو ما نفتقده في هذه المرحلة.
كما وان ثبات المتحدثين الرسميين وغيرهم في وظائفهم قد ترك انطباعاً سيئا لدى الجمهور فيا حبذا لو أدرك السياسيون أن بقائهم في السلطة قد يغض النظر عنه، أما إبقاء المتحدثين في مراكزهم فكرة سيئة أدت إلى عدم تصديق ما يقولونه من قبل المؤيدين للقضية الفلسطينية فما هو الحال بالنسبة لغيرهم؟
وفي هذه الحالة فإن المتحدث بات جزءا أساسا في هيكل السياسة وليس الإعلام واقترنت أقواله بالسياسيين خلافا لما هو متبع في النظم السياسية الأخرى التي تحدث تغييرا على قائمة المتحدثين باسمها لما في ذلك اختيار الأفضل وليس الأقرب لهذا السياسي أو ذاك وهو ما تتبعه السلطة في إدارتها لهذا المجال. فلا عدنا نصدق السياسيين ولا المتحدثين باسمهم.
وكما هو متعارف عليه، فلا يمكن للجمهور تقبل أي متحدث خسر حملة إعلامية استخدمت في إطار إستراتيجية إعلامية لحدث معين واستمر ذلك المتحدث في الوظيفة ذاتها.
تتضمن الحملة الإعلامية عرفا لا يمكن التساهل معه وهو أن الإخفاق في نجاح حملة إعلامية أسندت إلى صحيفة ما من شأنه أن يدفع القائمين عليها إلى الاستقالة فالإخفاق في الصحافة والإعلام لا يمكن له أن يرمم الأخطاء التي أحدثتها الحملة ومثال ذلك الإذاعي أحمد سعيد الذي عمل معلقا في راديو صوت العرب وأشاع أكاذيب تفوق الخيال إبان حرب حزيران واستمر بعد ذلك في عمله لفترة طويلة والحال يختلف مع الصحاف أبان الحرب على العراق والذي هو الآخر أخفق في أداء دوره فماذا لو عاد هؤلاء من جيد للقيام بدور مشابه.
وليس خافيا على أحد أن المصطلحات الإعلامية الدارجة في قاموس السياسة الفلسطينية تحمل مضامين خانعة لا تتناسب مع طبيعة الصراع وتبقى على حالها برغم الإرهاصات التي تتعرض لها العلاقة بين السلطة والكيان من حين لآخر، وكلنا يعرف أنه تم شطب مصطلحات كثيرة بعد احتجاج الكيان على استخدامها.
لم نعد نسمع تلك المصطلحات التي اعتدنا سماعها بالرغم من بعض الأخطاء الشائعة في استخدام بعضها وإغفال البحث عن مصطلحات مناسبة لحالة الصراع والأمثلة كثيرة على ذلك كالقول (عرب 48) بدلا من فلسطينيي 48 أو إعطاء الكيان صبغة حكومية رسمية بدلا من أن يكون العكس وهو ما دأب عليه ممثلو السلطة الفلسطينية.
كما وأن غياب عناصر دعائية أخرى وتركيز الدعاية ضمن قوالب ثابتة لا تشمل آليات إعلامية دعائية جديدة سهلة المنال بما في ذلك استخدام أقل عدد من اللغات لمخاطبة الرأي العام العالمي وغياب الفوارق بين طبيعة مضمون الخطاب في اللغات المستخدمة خلافا للكيان الذي يخاطب في وسائل الإعلام أكثر من 16 متحدثا بلغات مختلفة.
خلال الحروب التي شنها الكيان ضد الوطنيين الفلسطينيين وبلدان عربية أعد استراتيجيات خاصة مثل الحرب على قطاع غزة عام 2008 وجنوب لبنان عام 2006 شملت القيود والتدابير القمعية ضد وسائل الإعلام كحظر التغطية الصحفية أو قصف مؤسسات إعلامية وفرض الرقابة.
هذه الإجراءات كانت قابلة للتحديث إذا ما أمكن لها إلحاق ضرر في سمعة الكيان ومثال ذلك السماح لصحفيين فلسطينيين وأجانب بالمرور عبر الحاجز العسكري شمال بيت لحم بعد مؤتمر صحفي أبدو خلالها تذمرا من إجراءات الكيان ضد وسائل الإعلام فلما توجهوا لإثبات هذه الإجراءات سمح لهم الجنود بالمرور حتى دوت الاطلاع على بطاقاتهم الشخصية كما جرت العادة مما أحرج الجانب الفلسطيني.
إن الشلل الملاحظ في طبيعة الخطاب الإعلامي الفلسطيني يكمن في غياب الرغبة لدى بعض المسئولين في السلطة بإحداث معالجة صادقة لمواجهة دعاية الكيان المستشرية في الرأي العام العربي والعالمي برغم جرائم الحرب التي نفذها ضد الوطنيين الفلسطينيين والعرب.
كما وأن غياب الخطاب الإعلامي الصادق يضعف نواة الدائرة الإعلامية مثل تلك الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والعالمية دون تعليق من معظمها عندما أرسل عباس بعض رجال الإطفاء للمشاركة في إخماد حريق الكرمل.
إن ما يثير الاستغراب هو مضمون القصة الصحفية التي أعقبت هذه المشاركة كالقول صحيفة صهيونية أن معدات وجال الإطفاء الفلسطينيين تفوقت على قدرات الجانب الإسرائيلي ومن المؤسف أيضا أن يصدق بعض السفهاء على فيس بوك ذلك ونقل الخبر على مدوناتهم ويصبحوا بذلك أبواقا للدعاية الصهيونية المضللة، ذلك لم نأخذ الحسبان أن المستوطنين أحرقوا حقولا والجيش جرف بساتين وأراض ولم نجد "نخوة" الأعداء في الميدان.
ولعل تأخر صدور رد الفعل الفلسطيني لأسباب نعرفها يساهم في تفوق الإعلام المضاد وانتشاره لأن الإعلام أشبه بسباق السيارات فالفائز يتربع على عرش وسائل الإعلام في غياب المنافسين.
أسوف مثالا كررته دعاية الكيان على سبيل المثال لا الحصر عندما قتل نحو ستة جنود صهاينة بالقرب من مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الوطنيين في مدينة الخليل قبل نحو عامين ذكر الناطق باسم الكيان أن من قتل هم "مدنيين إسرائيليين" ويقصد المستوطنين وقد تناقلت الخبر وسائل الإعلام العربية والعالمية وإن اكتشفت بعد ذلك أن القتلى هو عسكريين.
لقد شكل مضمون الرسالة الإعلامية عاملا ضاغطاً على الكيان في أكثر من مرة وأذكر أن الكيان وضع لافتة عند مدخل مدينة بيت لحم الشمالي منع بموجبها الحجاج المسيحيين من دخول المدينة إذا كانوا ضمن مجموعات قبل استصدار تصاريح من سلطاته وقد صورت تلك اللافتة ونشرتها في وكالة الصحافة الفرنسية آنذاك مما أحدث رد فعل فلسطيني قابله رد فعل الكيان بتغطية اللافتة بقطعة قماش ثم إزالتها.

ثمة أسباب لعبت دورا في حالة الوهن والضعف الذي أصاب الإعلام الفلسطيني وهو غياب المتابعة لما تنشره وسائل الإعلام الأجنبية بعكس الكيان الذي يراقب كل ما ينشر حول جرائمه ويمارس ضغوطا على وسائل الإعلام كي يعيد تغطية الحقيقة العارية وهو ما لم يتوفر في دور الإعلام الفلسطيني الرسمي.
عام 1988 زار صحفي ياباني فلسطين المحتلة وكتب حقائق مذهلة عن جرائم الاحتلال وعندما كشفت سفارة الكيان حقيقة أمر الصحيفة اليابانية طلب الكيان من المراسل العودة لأخذ رأي مسئولين من الكيان فرفض الترويج لإرهاب الاحتلال باعتبار ذلك تحايل على الحقيقة حسبما ذكر لي شخصيا.
لعل هذا المثال يحاكي سياسة الـ"بي بي سي" التي تحذر مراسليها من إجراء مقابلات صحفية مع أعضاء لحزب الجمهوري الأيرلندي لأن الحكومة البريطانية تعتبر الحزب تنظيما إرهابيا وفقا لإستراتيجيتها الإعلامية وال"بي بي سي" تتلقى تمويلا حكوميا مما يتعارض وسياستها.
إن الإمساك بزمام المبادرة يتطلب إعادة النظر في السياسة الإعلامية الفلسطينية والعربية والتوقف عن الاستئثار بأقوال المتحدثين الصهاينة عبر وسائل إعلام عربية لأنهم بذلك يروجون لتسويق أقوار جماعات إرهابية جرائمها ماثلة للعيان في عموم فلسطين المحتلة.
كما أن قيام بعض وسائل الإعلام بنفض سلة المصطلحات الإعلامية من مضمونها الوطني من شأنه أن يضعف الموقف الوطني الفلسطيني لا سيما عرض خرائط تحدد الكيان بـ"إسرائيل" مثل وسائل الإعلام الغربية وتجاهل فلسطين.
وأثمن هنا دور بعض وسائل الإعلام العربية مثل تلفزيون المستقبل والمنار في لبنان وتلفزيون الكويت الرسمي والتلفزيون العربي السوري وتلفزيون إيران وغيرها التي تعرض لفلسطين المحتلة ولا تسمح يتغيير هذه الحقيقة.
فإذا كان الفلسطينيون والعرب عازمون على مراجعة الذات وتفهم الرؤية المهنية السلمية فإنهم بذلك ساهمون في أكثر من نصف الجهد الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة لأن الإعلام يمثل عنصرا يزيد عن نسبة النصف في مشروع النضال ضد الاحتلال وأي احتلال.
وبذلك يمكن تعرية الدعاية وتضليلها الإعلامي المعادي الذي يمارسه الكيان لتعطيل فنها في الاستمالة، حينئذ يصدق العرب والعالم أن استمرار الاستيطان هو شرط لإجراء المفاوضات المباشرة وليس العكس.

كاتب صحفي ومستشار إعلامي
[email protected]



#جودت_مناع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جودت مناع - الدعاية فن الاستمالة