أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد دحنون - وثائق ويكيليكس كشفت الكثير وثائق ويكيليكس لم تكشف شيئاً















المزيد.....

وثائق ويكيليكس كشفت الكثير وثائق ويكيليكس لم تكشف شيئاً


محمد دحنون

الحوار المتمدن-العدد: 3211 - 2010 / 12 / 10 - 18:32
المحور: كتابات ساخرة
    


هل تستحق عملية نشر الوثائق المتعلقة بالمراسلات السرية بين وزارة الخارجية الأميركية وسفاراتها عبر العالم الوصف الذي أطلقه عليها وزير الخارجية الإيطالي (فرانكو فراتيني) باعتبارها 11 أيلول الدبلوماسية العالمية؟
يصعب على المراقب أن يتبنى الوصف السابق، اللهم إلا في بعض الجوانب المتعلقة بتداعيات ذلك على المستوى الداخلي لبعض الدول (الغير عربية) التي كشفت الوثائق السريّة عن تواطؤ نخبها الحاكمة مع الإدارات الأميركيّة المتعاقبة التي، كما هو معروف وكما عادت الوثائق لتؤكد، تسعى جاهدة إلى السيطرة على العالم، متبعة في ذلك كافة الأساليب الغير شرعية و...الغير شرعية، إذ لا يمكن لنزعة السيطرة المتمادية التي تبديها الولايات المتحدة، خصوصاً عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، أن تكون شرعية؛ بالقدر نفسه الذي لا يمكن لأية نزعة سيطرة لقوة امبريالية أن تكتسب صفة الشرعية، بشرط ألا تطرب الأذان إلى مدائح الديمقراطية والليبرالية والدفاع عن القيم الإنسانية (الأميركية؟)، التي لا يمكن للمرء أن يكون ضدها إلاّ حين تشكّل في مجموعها الغطاء الأيدلوجي لنزعة السيطرة تلك، هذا الغطاء الذي لم يبق منه ما يستر عورة النظام العالمي الجديد بعد الاهتراءات العديدة التي تعرض لها بفعل الخداع والإرهاب اللذين مورسا من قبل القوة العظمى على مساحات واسعة من العالم في محطات عديدة: لم يكن آخرها محاولة بناء الشرق الأوسط الجديد على جثث الضحايا في حرب لبنان 2006، ولم يكن أولها (الخديعة الكبرى) المتعلقة بأدلة وزير الخارجية الأميركية السابق كولن باول، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، التي شكلت الذريعة لإسقاط نظام (لا يحوز على تعاطف الكثيرين)، وتمزيق مجتمع، وتدمير بلد، وإشاعة الفوضى في منطقة ووضع المزيد من العوائق، الكثيرة أصلاً، في طريق سعيها إلى التحرر والتقدم والحداثة.
°°°°°°°°°°°°
لم يكن القسم الأخير من المقطع السابق في هذا المقال، يحتاج أو ينتظر كشف آلاف من وثائق الدبلوماسية الأميركية عبر العالم، حتى يتسم بالمصداقية، فأفعال أميركا أهم بكثير من أقوال قادتها ودبلوماسييها العلنية منها والسرية، وسيف أميركا أصدق إنباء من وثائقها. وإذ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجري تبخيس عملية نشر الوثائق، نظراً إلى جوانب إيجابية كثيرة فيها، سنتحدث عنها لاحقاً، وإذ سيكون من السذاجة أن تفسر عملية النشر بنظرية المؤامرة، إلا أنه في المقابل سيكون من السذاجة المضادة، إن صح التعبير، أن نؤخذ أو أن تسيطر علينا الدهشة والحيرة فما بالك بخيبة الأمل، على اعتبار أن ما كشفته الوثائق لم يكن في متناول الرأي العام العربي والعالمي، قبل الاطلاع على تلك الوثائق، وأن نشر الوثائق قد ساهم إلى حد كبير في كشف (الصورة الحقيقية للولايات المتحدة وحلفاءها) عبر العالم؟ إذ أننا نميل إلى الاعتقاد أن عملية الكشف التي مازالت تتابع فصولها لا تزيد عن تأكيد المؤكد، من خلال الكشف التفصيلي عن بعض آليات عمل الدبلوماسية الأميركية وعن سياساتها؛ لماذا؟
أولا لأنه لم تكن صورة أميركا وسياساتها عبر قارات العالم أجمع قبل نشر الوثائق بأفضل من الصورة التي ستبدو عليها بعد عملية نشر الوثائق، مثلا: لم يكن الملايين في العالم الذين تظاهروا ضد الحرب الأميركية على العراق، قد اطلعوا على وثائق ما تكشف الكذب والخداع وتضليل الرأي العام الأميركي والعالمي الذي مارسته إدارة المحافظين الجدد في موضوع أسلحة العراق وارتباط نظامه السابق مع تنظيم القاعدة لتبرير الغزو والاحتلال، وإن كانت صورة القوة العظمى لدى البعض سيلحقها المزيد من التشوه فإن هذا لا يمكن إرجاعه إلى عملية كشف الوثائق بقدر ما كونه عائد إلى نيات طيبة مفترضة سابقة لدى هذا البعض.
ثانيا لأن عملية كشف الوثائق لا تقدم جديداً لابن المنطقة العربية تحديداً بخصوص معرفة السياسة الأميركية حيالها، كما أنها لا تقدم أي جديد حين (تكشف) عن حجم ارتهان وخنوع معظم النخب الحاكمة للإرادة الأميركية، مثلا: هل هناك من يشك اليوم أو سابقاً في كون معظم الحكام العرب وفي مقدمتهم أمراء النفط هم دمى بيد الإدارات الأميركية المتعاقبة، بعبارة أخرى لا يحتاج المواطن العربي إلى وثائق تكشف له عن طبيعة السياسة الأميركية في منطقته طالما أن آثار تلك السياسة تنتصب أمام ناظريه بأشكال مختلفة: فهي تأكل من لحم البعض في دول، وترهب البعض في دول أخرى، وتقيد الجميع إلى حلقة مفرغة من الديكتاتورية والتسلط والتخلف كعناوين عريضة لأثر تلك السياسة في المنطقة، دون أن نغفل بالطبع أن هذا التقييد يعود أيضاً إلى حجم الاهتراء الذي تعيشه مجتمعاتنا على مستويات مختلفة ليس أقلها أهمية المستوى الثقافي بأوسع معاني الكلمة، هذا الاهتراء الذي يشكل الحليف الأفضل لأميركا، ولكل من شاء أن يحافظ على مصالحه في المنطقة بالحفاظ على أوضاعها كما هي.
أما ثالث الأسباب التي تدعونا إلى عدم الدهشة والحيرة، وبالتالي تدفعنا لنبحث عن قيمة عملية نشر الوثائق وإيجابيتها في مكان آخر، فهو أن ازدواجية الخطاب لدى النخب العربية الحاكمة ليس صفة وليدة ولم تكن كذلك يوماً، إذ أن رثاثة تلك النخب من جهة وتبعيتها التاريخية للمركز الغربي من جهة أخرى، هذا بالإضافة إلى تغولها على كل من ينتقدها عبر تقييدها لحرية الرأي والتعبير من خلال سيطرتها على وسائل الإعلام، يضاف إلى ذلك الغياب شبه المطلق لمبدأ الشفافية في أنظمة الحكم والإدارة كلها أسباب دفعت وتدفع المواطن العربي إلى نعت نظامه السياسي بالخائن أو العميل؛ في مبالغة شعبوية، لا يمتلك المواطن المحجور عليه سياسيا والمشغول بتأمين لقمة عيشه أن يلطّفها بلاغيا ولا أن يؤوّلها موضوعياً.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
إذا ما هو الكثير الذي كشفته الوثائق؟ بكلمة أخرى، أين تكمن القيمة الحقيقيّة لعملية كشف الوثائق والمراسلات السريّة؟
من وجهة نظرنا، تتحدّد أولى فضائل عميلة كشف الوثائق بكونها تكشف تفصيليا، كما سبق أن ألمحنا، إلى الإجراءات التي تتبعها الولايات المتحدة ممثلّةً بوزارة خارجيتها وسفاراتها الممتدة عبر العالم والبالغ عددها وفق موقع (ويكيبيديا) 260 سفارة وقنصلية في 188 بلداً، وبناء على ما كشفته المراسلات السرية بين تلك السفارات ووزارة الخارجية الأميركية، صار من الجائز اعتبار أن تلك السفارات لا تعدو كونها مراكز متقدّمة لوكالة المخابرات المركزية الأميركيّة سي أي إيه، إذ تتحوّل القناعة في هذا الشأن من الاعتقاد (الطبيعي) أن سفارة الولايات المتحدة في أي بلد لا بد وأن تتضمن مكتباً وعملاء للسي أي إيه إلى التيقن بأن السفارة الأميركية أنّى وجدت هي مركز متقدم للسي أي إيه يحوي على مكتب للسفير.
من ناحية أخرى، يمكن الجزم بأن موقع ويكيليكس ومؤسّسه الأسترالي جوليان أسانج قد قدّما فتحاً جديداً في الجبهة المشتعلة دوماً بين المركز الامبريالي والأطراف المتخلّفة، دون رصاصة واحدة ودون إهدار قطرة دم واحدة ودون تفجيرات إرهابية ولا عمليات انتحاريّة ودون لعلعة خطابيّة لا تقدّم ولا تؤخر، وهذا من المفترض أن يقدّم درساً بالغ الأهمية لكل من يعتقد أن الصراع مع أميركا كنظام امبريالي، أو كشيطان الأكبر، أو كقوة استكبار عالميّة، يعتمد فقط على الصراع المسلح العاري، أو على المواقف الدبلوماسيّة الممانعة. إن ثورة تكنولوجيا الاتصال التي ولدت وتطوّرت في العالم الرأسمالي ومراكزه الاحتكاريّة لا بدّ أن تتحوّل إلى سلاح حضاري في يد مختلف المنظمات والدول التي تسعى إلى تغيير حقيقي يحد من هيمنة القطب الأوحد ومن خلفه المراكز الرأسمالية المتعدّدة على مقدرات وثروات ومصائر شعوب وأفراد في مختلف أنحاء العالم.
أمّا ما يمكن أن يعتبر بحق كشفاً ضخماً في نشر وثائق ويكيليكس فهو ذلك الجانب المخفي أو المسكوت عنه، ونعني به الوضع المزري للديمقراطية في أميركا بالذات. إنّ كلاماً سابقاً ومتواتراً عن صورية كل من الديمقراطية والحرية الأميركيتين (حزبان رئيسيان يتنافسان على كل منافذ الحكم والإدارة ويدعمان من قبل شركات عملاقة تدعى "الناخبين الكبار") يمكن له اليوم أن يتعمق ويغدو أكثر موضوعية وبالتالي يحوز على جاذبية أكبر إذا أسقطنا نمط تعاطي الامبريالية الأميركية في سياستها الخارجية على وضعها الداخلي. إن دولة عظمى تهجس في الحصول على معلومات تفصيليّة عن قضايا كثيرة لا تبدأ مع شخصية مستقلة (افتراضاً) هي شخصية الأمين العام للأمم المتحدة، مروراً بالحالة النفسية لرئيسة دولة مستقلة ذات سيادة (كيرشنير الأرجنتينية) وصولا إلى المقارنة بين دافع المواطن الشيعي اللبناني للتطوع في جيش بلاده وذات الدافع لمواطن مسيحي، نقول إن دولة تعنى بهذه الأمور على المستوى الخارجي، لا بد أن تكون معنيّة بذات الأمور على المستوى الداخلي أي فيما يخص مواطنيها، فإنّ صحّ هذا التقدير، ونرجّح بأنّه صحيح، فإنّ الحديث عن ديمقراطية وحرية أميركيتين لا بد أن يأخذ منذ الآن وجهة أخرى واهتماماً مغايراً ينصب بالدرجة الأولى على التحوّلات الداخلية التي يعرضها جسم الإمبراطورية على مساحتها الخاصّة، الأمر الذي قد يفتح باباً في استقراء ملامح انهيار الإمبراطورية...المؤكّد؟



#محمد_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد دحنون - وثائق ويكيليكس كشفت الكثير وثائق ويكيليكس لم تكشف شيئاً