أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المستاري - الإعلام كمؤسسة تنشئوية مدعمة ومنافسة لدور الأسرة في التنشئة الإجتماعية - التلفاز نموذجا-















المزيد.....

الإعلام كمؤسسة تنشئوية مدعمة ومنافسة لدور الأسرة في التنشئة الإجتماعية - التلفاز نموذجا-


محمد المستاري

الحوار المتمدن-العدد: 3207 - 2010 / 12 / 6 - 08:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإعلام كمؤسسة تنشئوية مدعمة ومنافسة
لدور الأسرة في التنشئة الاجتماعية
– التلفاز نموذجا –

محمد المستاري
طالب باحث في علم الإجتماع

تعد وسائل الإعلام من بين المؤسسات الاجتماعية التي كشفت عن جدارتها في التأثير على حياة الأفراد خلال مراحل عملية التنشئة، إذ لم يعد للشك بمكان في التأثيرات العميقة التي باتت تتركها وتبصمها في حياة أفراد المجتمع، سيما على الأطفال منهم الذين يكونون محط استقبال لكل ما تقدمه هذه الوسائل الإعلامية، وخاصة عندما زادت من فعاليتها وحِدَّة أثرها بشكل كبير نتيجة للتطورات التكنولوجية الحديثة.

وتختلف وتتفاوت تأثيرات هذه الوسائل (وسائل الإعلام) على الأفراد والجماعات بحسب مقدرة أشكالها ووسائلها الكثيرة والمتنوعة، المقروءة منها والمرئية والمسموعة وغيرها..، من حيث قدرتها على نقل الخبر في حينه، وإشراك المتلقي مع المضمون الإعلامي، واستقطاب عددا كبيرا من الجماهير...

وللإعلام عموما أهمية كبيرة لا يمكننا أن ننكرها، وهي ما جعلته يصنف من بين المؤسسات الفاعلة والمدعمة لدور الأسرة في التنشئة، ويتضح ذلك من خلال الوظائف والأدوار المتعددة التي يقدمها للأفراد والجماعات، والتي نذكر من أهمها: إفهام أفراد المجتمع لمهامهم واحتياجاتهم في التربية على الإعداد النفسي للعمل والحركة، ومساهمته في تكوين الاتجاه، والترويح على النفس، وتنمية الخبرات والمعارف والمهارات، ونشر القضايا المهمة والقيم السائدة في المجتمع، والضبط الاجتماعي، وصياغة الواقع وغيرها..،

ولعل ما يشير إليه أحد أقطاب السوسيولوجيا المعاصرة أنتوني جيدنز في نفس الصدد أن "لوسائل الإعلام أهمية تعادل ما للمدارس والجامعات في إقامة مجتمع المعرفة." . يؤكد على مدى هذه الأهمية في تدعيم دور الأسرة من خلال نشر الوعي والمعرفة والتثقيف..، لكن، وفي المقابل، قد تعمل وسائل الإعلام في بعض الحالات على تعميق ميل فئات من الأطفال والشباب إلى الانحراف، وتغيير الاتجاه بفعل التأثير السلبي الذي يمكن أن تبثه في غياب مراقبة الأسرة، بمعنى أن الإعلام بقدر ماله من إيجابيات فله سلبيات، وما يوضح ذلك التلفزيون كأحد وسائله حينما نجده يتخلى عن وظائفه المتوقعة التي هي تدعيم ومساندة دور الأسرة والمدرسة في التنشئة بات يستهدف الأفراد ويثري لهم اهتمام مبالغ فيه لكرة القدم والأفلام المدبلجة التي تحمل في طياتها ثقافة وقيما هجينة وغير رصينة، وهو ما يتضح من خلال اتفاق عدد من المهتمين بقضايا التنشئة الاجتماعية من علماء السيكولوجيا وعلم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع وغيرهم في كثير من الأبحاث والدراسات والمناقشات التي تناولت بالدرس والتحليل قضايا التنشئة الاجتماعية، إلى أن لوسائل الإعلام وخاصة التلفزيون بوصفه وسيلة إعلامية واتصالية بصرية تأخذ اهتمام كل الجماهير وتستقطب القارئ وغير القارئ أثر بالغ وجلي ومنافسة قوية لدور كل من الأسرة والمدرسة. بل ربما أصبح هناك تخوف كبير من تأثير التلفزيون كوسيلة من وسائل الاتصال على الأطفال وبكثرة في مراحلهم التنشئوية الأولى، كونه أصبح مصدرا موثوقا بالنسبة إليهم بكل ما يبثه، وخاصة أنه أصبح ينقل مَشاهدا وقيما منافية ولا تستند على معايير أخلاقية واجتماعية. وذلك ما أشار إليه أحد الخبراء الإعلاميين "جامس هالوران" إلى أن إحدى الدراسات الميدانية في هذا المجال توصلت إلى نتيجة مرعبة على حد تعبيره. وتتمثل هذه النتيجة في أن 87% من الأطفال في سن الحادية عشر، الذين شملتهم الدراسة، أعلنوا أنهم يثقون بالتلفزة كمصدر إعلامي أكثر من ثقتهم بأي مصدر آخر. ويضيف: "وعندما سألنا هؤلاء الأطفال: إذا سمعتم قصة من والديكم أو من مدرسكم أو من التلفزيون، فأية رواية تصدقون، أجاب 54% من هؤلاء أنهم يصدقون التلفزيون" ، وهو ما يبين بأننا أصبحنا أمام ظاهرة تأثير وسائل الإعلام على السلوك الإنساني حينما أصبح يشكل إطارا مرجعيا يضبط سلوك الأفراد، وأن القيم التي كانت مأخوذة من الأسرة أخذت محلها قيما مأخوذة من وسائل الإعلام، إثر مجموعة من التغيرات والتحولات التي أصبحت تعرف فيها الأسرة تراجعا واضمحلالا في سلطتها إذا لم نقل أخذت تقاعدها وفقدت وظيفتها، حيث "تحولت من مؤسسة اجتماعية تربوية إلى مؤسسة للسكنى والاستهلاك فقط" والطامة الكبرى هي كون القيم التي أصبحت مأخوذة من وسائل الإعلام كما ذُكر لا تستند على معايير أخلاقية واجتماعية أو خصوصيات ثقافية وقيمية، وسبب ذلك ربما يعود لعدة عوامل كخروج المرأة للعمل وتردد الآباء في المقاهي لوقت يطول زمنه في متابعة كرة القدم وغيرها..، وهو ما يفسر الخلل الواضح والفادح الذي يتجلى في غياب المراقبة والتواصل، علما أن الأفراد في مراحلهم التنشئوية الأولى يكونون في حاجة ماسة إلى قدوة حسنة والتي من المفترض أن يمثلها الوالدين باعتبارهما الأقرب إليهم يجدون أنفسهم منصاعين بكيفية أو بأخرى أمام تقمص الشخصيات التي تقدمها وسائل الإعلام، والتي أصبحت غالبا مشحونة بأيديولوجيا وديماغوجيا لا يجد الأفراد بدا في سنهم لمقاومتها، بمعنى أننا أصبحنا أمام "مِحْنَةِ التلفزيون" كما هو العنوان الموسوم لأحد الكتب، وهنا نشير إلى أنه إذا ما احتجنا إلى تدعيم ومساندة الإعلام لدور الأسرة وجب عليها تقوية دور المراقبة المهم في حذف القنوات التي لا تُعنى إلا بنشر مسلسلات وقيم غربية تسعى إلى الغزو الثقافي وتفسد القيم المجتمعية الراسخة التي تحدد خصوصية هوية مجتمع أو قطر ما، لضمان الانضباط والتقليل من التجاوزات قدر الإمكان، مع الإشارة والتأكيد أخيرا إلى أن المجتمع ككل بجميع بنياته وأنظمته ومؤسساته مسؤول وبدون استثناء على هذه العملية المهمة (التنشئة) التي عن طريقها تنتج أفرادا سليمين مندمجين ومتكيفين سويا داخل المجتمع أو منحرفين ومعلنين عن عصيانهم وعدم رضاهم عن هذا المجتمع. وهو ما يستدعي دعم جهود الأسرة للحد من الانفلات الإعلامي الذي أصبح تأثيره قويا وخطراً داهما يهدد استقرار الأسر والمجتمع ككل حينما أصبحنا نجده يساهم في المعضلات العويصة بدرجة واضحة.

خلاصــة عامة:

وفي الأخير يمكننا القول بأن عملية التنشئة هي مسؤولية جماعية مسؤول عليها المجتمع بكليته بجميع ما فيه من أنظمة ومؤسسات وهياكل، إلا وأن الأسرة على اعتبارها المؤسسة الأكثر قربا للأفراد يجب على التقوية من مراقبتها المستمرة حتى لا يكون هناك إنفلاتا من طرف المؤسسات الأخرى، حيث ينبغي بالضرورة أن تكون هي الإطار المرجعي الذي يرشد ويوجه سلوكيات وأفعال الأفراد..


ـــــــــــــــــــــــــ
1 - أنطوني جيدنز، علم الاجتماع، ترجمة: فايز الصيّاغ، الطبعة الرابعة، المنظمة العربية للترجمة، مركز دراسات الوحدة العربية، ص: 503.
2 - د. جامس هالوران، بحث في موضوع الاتصال بالجماهير، التوجهات والمسؤوليات، مجلة البحوث، إتحاد الإذاعات العربية. 1983، ص: 167.
3 - خالد المير وإدريس قاسمي، سلسلة التكوين التربوي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، العدد 8، الطبعة 1998، ص:34.



والله الموفق..



#محمد_المستاري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤسسات المدعمة والمنافسة لدور الأسرة في التنشئة الإجتماعية
- أي سر وراء أزمة القراءة بالمغرب؟ أزمة في عدم القراءة، أم أزم ...
- التلفاز المغربي، إنتاج للعطب
- حضورية الأنترنيت في المجتمع المغربي، إيجاب أم سلب؟؟
- التراتب الإجتماعي وعلاقته بإشكالية السلطة، والتغير الإجتماعي ...
- علاقة التأثير الإجتماعي بوسائل الإتصال الجماهيري
- عرض حول: عالم الإجتماع الفرنسي ألان تورين Alain Touraine
- المغرب والتنمية، أية علاقة؟


المزيد.....




- السعودية.. فيديو ضرب ورفع سكين على رجل مُسن أمام باب مسجد يش ...
- هل دمر القصف الأمريكي منشأة فوردو بشكل كامل؟ رئيس استخبارات ...
- CIA تكشف امتلاكها أدلة وسط ضجة مدى فداحة الأضرار بمنشآت إيرا ...
- قائد الجيش الإسرائيلي يكشف عن -تحرك بري في عمق إيران-، وطهرا ...
- فوضى استخباراتية أميركية.. هل يتكرر سيناريو -العراق 2003- ؟ ...
- قبل شن ضربة قطر.. ترامب يشعل تفاعلا بكشف اتصال إيراني وما قا ...
- ترامب يشيد بالضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية ...
- ترامب ينتقد محاكمة نتانياهو ويصفها بـ-الاضطهاد- ويشيد بدوره ...
- تقرير: إسرائيل توقف إدخال المساعدات لغزة انتظارا لخطة الجيش ...
- البيت الأبيض: يورانيوم إيران المخصب -تحت الأنقاض-


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المستاري - الإعلام كمؤسسة تنشئوية مدعمة ومنافسة لدور الأسرة في التنشئة الإجتماعية - التلفاز نموذجا-