أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جنان جاسم حلاوي - -سرير الرمل- لسلام إبراهيم الحرب في تداعيات الحقيقة والوهم














المزيد.....

-سرير الرمل- لسلام إبراهيم الحرب في تداعيات الحقيقة والوهم


جنان جاسم حلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3205 - 2010 / 12 / 4 - 17:22
المحور: الادب والفن
    


الحرب في تداعيات الحقيقة والوهم


"سرير الرمل" لسلام إبراهيم



جنان جاسم حلاوي




في لغة كثيفة معّبرة يسطر القاص العراقي سلام إبراهيم قصصه محتدما بحرائق الحياة. قصص تتوزع في كيفيات نابعة من تجربة الراوي، في تفريعات سريعة غير مستقرة على زمان، بل تمتد من الحاضر إلى الماضي أو على العكس، حيث يفيد الكاتب من لغته المنهمرة للانتقال هيناً بين الأزمان والأمكنة التي يعرفها جيداً من معيوش تجمهر في الذاكرة وترّسب. وموضوعاته هي الغالبة في الشأن العراقي الأدبي الحالي. نقرأ في هذا الكتاب وجوهاً متعددة لحال العراقي المعاصر في المنفى والسجن والحرب والقتل والإعدامات والمقاومة والقسوة والخوف التشتت والتذكر، هي أوضاع تفرض نفسها في قوة على هذه النصوص التي تنتمي إلى واقع مرير أستمر وما يزال. يحضر الماضي في وضوح ملح، في ضجيج دائم. فالقاص يستقي من الطفولة حالاتها والأصدقاء الماضيين وجوههم، والحب الغابر حضوره، والحرب مأساتها وقسوتها، والمقاومة وتعقيداتها، فيجدل كل ذلك ويضفره بحب حاضر متعثر، إذ يروي الراوي دائماً في تضاعيف السرد ذاك الغياب الدائم للحب، أو ذاك الحب المنقطع، وتلك المواجع السرية التي نتجت منه.

يفيد المؤلف من التاريخ الشعبي المتمثل بمأساة الحسين، فيتشبه ويتماهى مع الحادثة التاريخية المعروفة، أو يغزل التخيل بأمكنة يعرفها، فيشطح بها في لغة صوفية ومناخات مشبعة بالوهم، ولا يتورع أيضا عن استخدام المفردات الشعبية العراقية العامية في قماشة السرد لكونها فصيحة وأصيلة، مما يذكّر ببعض أعمال القصاصين المصريين. مع ميل إلى التغريب الدائم، يعمل الكاتب أحياناً على أضعاف الحدث لحساب التمازج الزماني، واختلاط الأمكنة فيتشتت التركيز على حادثة واحدة بذاتها عائداً إلى جوهر الموضوع الأساسي، أي التداعي والتذكّر وضغط الحنين الجارف، من الأمكنة المهدمة إلى الأم الميتة، والحبيبة الغائبة، والقريب المختفي، فيجد الراوي راحته في تعبيره الدائم عن حبه للشخص الذي كانه بهيئاته المختلفة، المتلصص على نساء الجيران خفية، الهارب من بستان معتم خشية الاغتصاب، المغامرة من أجل وردة لحبيبة، أغنية صديق قتيل في الحرب، وزوجة تبتعد رغم ولهه وحبه الملتهب، هكذا نجد بطل قصة " سرير الرمل " يعاني العزلة بعدما هجرته زوجته التي يحبها ورفضت أن يقربها، والموضوع عينه يتكرر في قصتي " التآكل " و " تحجر " ونصوص الحب تتكاثر وتلح كلما انغمسنا في القراءة، حب في كل زمان ومكان، الماضي والحاضر والمنفى والوطن والطفولة والرجولة الحرب الليل النهار، حب منقطع مبعثر ينتمي إلى حالة من العذاب البشري في أصقاع ترفض الحب كشكل سوي وإنساني فتلتاث الطفولة بأسرار أكبر منها، وتتعذب في أوضاع يرفضها الكبار كما في قصة " أزقة الروح " حين يهرب الراوي الطفل من دكان خاله النجار ليجتمع بصبية تكبره، فيتصل الموضوع بقصة ثانية " جورية الجيران" وثالثة " اختطاف " والقصص الثلاث تنبع من الذاكرة، وإلى النفس الحافظة أشكال المعاني الخفية تعود، أما قصة " نخلة في غرفة " فيبلغ القاص في أسلوبه التغريبي مداه حين يلج بناءً قديماً، فيعثر على أطياف الماضي كلها، الأصدقاء، الأهل، الأثاث القديم، يجد نفسه مطارداً من السلطة، مختبئاً في مخبأ سري، يرى نفسه طفلا يتلصص على أفخاذ امرأة الجيران. يبصر حاله في الجبهة العراقية الإيرانية حيث الموت والقتلى والأرواح المذعورة. يتحسس جسده في الجبل مقاوماً ورفاقه يبصبصون على امرأته. يكون هو نفسه خائفاً مشرداً وحيداً معذبا نادماً، ومهمشا، وهشا. وتلك التغريبة العاصفة ترتبط بقصة أخرى " رؤيا الحفيد " إذ ندخل فناءات القاص الجحيمية الملأى بالرعب والموت والخوف والعنف، فيتشبه القاص بالإمام الحسين متمثلا مأساته. هنا يلجأ الكاتب إلى التقليد الديني الشيعي مستفيداً منه لإبراز صوت العذاب التي تعرض لها وأهله وأصدقاؤه وأحبته، في لغة دافقة منسفحة وبوح محتدم وتداعٍ يمزج الحقيقة بالوهم في واعز لمنح صورة صلبة لاعتلاجات الروح وفزعها في أجواء القسوة والقتل والهلع والخراب لبتي لفت العراق ولا تزال. تلك الفظاعات التي لم تقتصر على السلطة في قصتي " العصفور" و " لا أدري " وفي مجريات اغلب القصص فحسب، بل شملت المقاومين للسلطة ذاتها، حين يقومون بإعدام أحد المشتبه بهم في وحشة تفصح عنها قصة " قسوة " كأنما البلاد تمزق نفسها وتنتحر.

تمتد أزمان كتابة القصص بين 1980 و 1999 لذا نجد تفاوتاً واضحاً في الأسلوب. فثمة ضعف التجربة الكتابية في القصص القديمة تحديداً " لا أدري " و " العصفور " و " حصار يوسف " عكس تلك الجديدة مثل " سرير الرمل " و " التآكل " و " رؤيا الحفيد " والمكتوبة في التسعينات مع نضج التجربة الأدبية والحياتية، وتوافر الوعي محمولا على أهداب موهبة قصصية تميزت بين قصص عراقية كثيرة، أخيراً، وبعد تلك التغريبة الطويلة والرحلة المتعبة المضنية ينتهي الراوي في المنفى وحيداً، يكابد عزلة خارجية وهجر عاطفي غير منصف وضغط ماض عات، يقول في صفحة 75 في نهاية قصة " أخيلة العيون ":

" لا أدري، فقد بكرت في الشرب هذا اليوم، يدوي برأسي صراخ حسين عطشة القصاب الذي كان جندياً في وحدتي العسكرية زمن الحرب حينما نسأله عن سبب صمته وشروده كل غروب حين نكون بانتظار قصف الإزعاج الليلي:

ـ اليوم.. اليوم ذاكر أحباب قلبي.. ذاكر أحباب.

هل مات هو الآخر في الحرب؟ عدت إلى جلستي، إلى كأسي وأصغيت إلى هذه الألحان المنسكبة من مكان ما بخفوت وكأنها تأتي من بعيد".

ولد سلام إبراهيم في مدينة الديوانية جنوب العراق. أصيب بجروح خطيرة أثر تعرضه ورفاقه لهجوم بغاز الخردل إثر معارك استخدمت فيها السلطة الأسلحة الكيمائية ضد الثائرين عليها في كردستان العراق.. صدر له: " رؤيا اليقين " (قصص) لدى الكنوز الأدبية بيروت 1994 و " رؤيا الغائب " (رواية) لدى دار المدى، دمشق 1996.



جنوب القطب الشمالي






#جنان_جاسم_حلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جنان جاسم حلاوي - -سرير الرمل- لسلام إبراهيم الحرب في تداعيات الحقيقة والوهم