أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مرتضى عبد الرحيم الحصيني - المساواة الثقافية كإشكالية تُهدد النظرية الديموقراطية















المزيد.....

المساواة الثقافية كإشكالية تُهدد النظرية الديموقراطية


مرتضى عبد الرحيم الحصيني

الحوار المتمدن-العدد: 3202 - 2010 / 12 / 1 - 09:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يُفترض في كثير من الأحيان أن يؤدي المقال )أي مقالٍ كان( إلى نتيجة أو استنتاج .فيما لن أتمكن في هذا المقال أكثر من أن أنجز تثبيت تساؤل يبحث عن جواب أملاً في أن يتم التوصل إلى ذلك الجواب من خلال طرح السؤال نفسه على طاولة التشريح في هذا المقال فنصف الجواب يكمن في فهم السؤال ولكي نستطيع أن نصل إلى نتائج مقنعة وملئ فراغات في أي نظرية نحاول أولاً أن نجد تلك الفراغات ثم نبحث عن كيفية ملئها .
المساواة الثقافية أو المجتمع متعدد الثقافات ... مصطلح بدأ يأخذ حيزاً واسعاً في الأدبيات الغربية ونوقش على أكثر من مستوى حتى في الصحف اليومية والنشريات والمطبوعات التي عرف عنها البعد عن مواضيع كهذه تحسب كمساحة متروكة للمنظرين والمتفلسفين .وبات من المألوف رؤية مؤسسات تربوية أو سياسية في معظم المدن أوروبا الغربية والولايات المتحدة تحمل هذا الاسم مثل حزب متعدد الثقافات أو مدرسة متعددة الثقافات {multicultural} وهو اصطلاح يقع في آخر قائمة المصطلحات التي رافقت ظهور الديموقراطية الليبرالية واتضاح إنها الحضارة المسيطرة والنظرية الأكثر حظاً حتى الآن في حكم العالم الذي بدى انه في حال انقباض متسارع ليصبح قرية كونية أو عالمية كما يحلو للبعض تسميتها .
وظهر مصطلح المجتمع متعدد الثقافات بموازاة ظهور الشركات متعددة الجنسيات أو القوات متعددة الجنسيات وأخيراً المجتمع متعدد الثقافات وقام هذا المصطلح على نفس الركائز التي تم تأسيس النظرية الديموقراطية عليها وهي المساواة بين جميع الناس أولاً وبين الجنسين ثانياً.


ظهرت أهمية تحقيق نموذج عملي لهذا المصطلح بالذات كمرحلة ضمن مرحلة تكامل النظرية الديموقراطية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا والولايات المتحدة و العالم الجديد وتعاظم حركة الهجرة وبالتالي تكوين مجتمعات جديدة ذات خلفيات ثقافية متنوعة وغير متجانسة في كثير من الأحيان
بالإضافة إلى أن أهمية هذا المصطلح وأهمية نجاح الأنظمة الغربية في إيجاد تعريف منطقي وعملي له ظهرت من خلال تكريس الحقيقة القائلة بأن العالم يسير نحو الاندماج والتقارب بسبب اتساع وتسارع حركة العولمة و ظهور حاجة فعلية إلى قانون عالمي يحتكم إليه جميع شعوب العالم يتعامل مع الإنسان على أساس المساواة باعتبار انه سيشمل جميع سكان البسيطة على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم ولكن سنؤجل البحث في هذا الموضوع إلى وقت آخر ونعود إلى تسليط الضوء على ظهور الحاجة الفعلية إلى تنظير عملي وفوري للإشكالية الحقيقة المدعوة المساواة الثقافية في مجتمع متعدد الثقافات على أعتبار أن مثل هذا المجتمع لا محيص من مواجهته في معظم دول العالم الديموقراطية أن عاجلا آم آجلا
منذ أواخر القرن العشرون وحتى اليوم فأن العالم يواجه ظاهرة كاسحة وهي الهجرة ولم يبقى إلا قليلاً من بقع العالم لم تتأثر بهذه الظاهرة حتى تلك الفقيرة منها ربما لعبت التكنولوجية الحديثة وانخفاض أسعار السفر أو الهجرة على استشراء هذه الظاهرة بالإضافة إلى أسباب أخرى كثيرة منها الحرية الدينية في العالم الجديد سواء في الولايات المتحدة في السابق أو أوروبا حاليا كما لعب الفرق الاقتصادي أو الهوة الاقتصادية بين بلدان الجنوب والشمال أو الشرق والغرب دوراً رئيسياً في تشجيع هذه الحركة أي كانت الأسباب فقد أنتجت حركة الهجرة إلى تشكيل مجتمع هجين في عدة دول أهمها الدول الغربية .
ولأسباب سياسية أحياناً واقتصادية أخرى فأن تعامل الدول المستقطبة للمهاجرين كانت مختلفة فدول الخليج وعدة دول نفطية أو صناعية في أقصى شرق آسيا لم تحاول ولم تضع في خططها دمج المهاجرين في المجتمع المضيف ولم تحاول تحويلهم إلى مواطنين جدد.
بيد أن الوضع في الدول الغربية كان مختلف تماماً فقد كانت البلدان الغربية بحاجة إلى دماء جديدة وشابة في المجتمع الذي بدأ يهرم بشكل مضطرد بسبب قلة المواليد وعزوف الفرد الأوروبي عن تشكيل أسرة وأطفال بالإضافة إلى أن تلك البلدان كانت قد خرجت تواً من حرب كما كانت الحال بالنسبة لدول غرب أوروبا أو بسبب النمو الصناعي المضطرد وحاجة البلد إلى أيدٍ عاملة جديدة .
كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى استقبال أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية إلى استقبال أعداد هائلة من المهاجرين شكلوا فيما بعد فئة جديدة في المجتمع تختلف عن المجتمع الأصلي وهو ما أوقع النظام الديمقراطي من ناحية ثقافية في إشكالية قد لا لن يتمكن الخروج منها بيسر .باعتبار انه يجب على الدولة ومن يمثلها التعامل بمساواة مع جميع المواطنين وهذا يقع في صلب الديموقراطية .
يجب أن نذعن أولاً أن الديموقراطية ترتكز بشكل لا يقبل الشك أو التأويل على المساواة بين الأشخاص بغض النظر عن الجنس امرأة أو رجل أو ميزة أخرى دينية كانت أول أثنية أو على أساس لون البشرة .
تأسيساً على ذلك فأنه ليس بالإمكان تعريف المواطن الأمريكي بأنه مسيحي أبيض البشرة لأن ذلك يخرج الأمريكان غير المسيحيين والملونين من هذا التعريف

يكمن الخلل في أننا يجب أن نعامل جميع البشر على أنهم سواسية أي جميع التجمعات الاثنية والثقافية التي تكون المجتمع وبطبيعة الحال فان تلك التجمعات البشرية تملك الكثير من الاختلافات فيما بينها كما اشرنا سالفا بالإضافة إلى كم ليس بالقليل من الخلافات وطبقا للقاعدة الديموقراطية فأنه يجب معاملة الجميع بنفس الدرجة من الأهمية ولا تفضيل لأحدٍ على احد مهما كان هذا الأحد قليل فيفترض أن يمتلك المسلمون جميع الحقوق التي يمتلكها المسيحيون في أوروبا في فرنسا وهولندا كذلك في الولايات المتحدة وكذلك الهندوس والبوذيون واليهود والواقع إنهم ليسوا كذلك لا يعاملون بمساواة مع أقرانهم البيض أوالمسيحيين والدليل كم هائل من التصريحات السرية والعلانية والقوانين التي تهدف وبشكل علني صرّح عنه القادة الأوروبيون هو المحافظة على ارث أوروبا المسيحي الأمر الذي يمكن تعريفه من خلال القاموس الديموقراطي لكن على الرغم من ذلك تم حضر البرقع أو المئذنة أو إعلان الأذان وغيرها من القوانين التي لم ينكرها الأوربيون قط والهدف واحد حماية أوروبا من الأسلمة أو المحافظة على الإرث المسيحي لأوروبا أو للولايات المتحدة .

العطل أسماء الشوارع المناسبات الرسمية وكم هائل من القوانين روعي فيها الجانب الديني للشعب الأوروبي المسيحي حتى في دول كانت تمثل الأكثر علمانية وتمسكاً بالديمقراطية مثل سويسرا أو هولندا
لست هنا لأخوض في نقاش سياسي واثبت أن الأوروبيون منافقون أو ما شابه وإنما لتلمس مواقع الخلل في التفكير العلماني أو الديمقراطي الذي أوصل إلى هذه النتيجة
فالمشكلة موجودة في جميع الدول التي شهدت هجرة كبيرة أثرت على تركيبتها الديموغرافية وعلى أي حال فان المشكلة متفاقمة بشكل كبير في الدول التي تحاول منح المهاجرين الجنسية
ذلك يؤدي إلى احد حلين إما التنازل بشكل كامل عن الموروث الشعبي الذي هو مسيحي في الحالة الأوروبية أو القبول بالإرث القومي والديني للشعوب المهاجرة من بلدان أخرى فإذا سمح القانون بمنح اليهودي عطلة في السبت والمسيحي عطلة في الأحد فلابد من منح المسلم عطلة في الجمعة وللأعياد كذلك. أسماء الشوارع والمدارس والمناهج التي تدرس فيها كل يجب أن تكون متساوية ما يعقد الموضوع أكثر
حتى الطعام وإدخال بعض النصائح أو الشروط التي ترتبط بالدين أحيانا وبالثقافة أخرى هل يجب أن يخضع تصنيع الطعام إلى الأنظمة الإسلامية والشرعية البوذية أو اليهودية هل يجب أن نكتب على مغلفات الأطعمة حلال للمسلم وحرام على اليهودي وكذلك للبوذي ووو....
هناك عقد اجتماعي أوروبي أدى إلى تنحية الديانة المسيحية تحديدا , عن الحياة السياسية لبلدان هذه القارة ولم تحدث مشاكل تذكر بهذا الصدد رغم وجود أقلية مازالت متمسكة بتدينها المسيحي إلا أنهم لم يخلقوا جيوباً شاذة غير قابلة للهضم في بلدانهم ,بيد أن المشكلة تكمن في أن المواطن الأوروبي الذي شارك سابقا في إزاحة الديانة المسيحية عن طريق بناء دولته لا يستطيع اليوم أن يزيح ديانة غير مسئول عنها ولم يعتنقها يوما ألا وهي الديانات الأخرى ومثالها الأبرز الإسلام فان أي مطالبة من قبل الشعب الأوروبي مثلا من اجل منع كتابة حلال على الأطعمة وأبواب المحلات في أوروبا سيعتبر في الحال تعديا صارخا على أتباع ديانة أخرى ومواطنين لا يقلون درجة عن أقرانهم الأوروبيين وستكون هذه الدعوات مطبوعة بطابع العنصرية خذ مثلا ارتداء الحجاب في الصور للمعاملات والجوازات وغيرها لن تتمكن الدول الأوروبية من منع ذلك ما لم توافق الجالية المسلمة بذاتها على ذلك والحال أن هذا لن يحدث أبداً
قال الرئيس الألماني يوما أن المسلمين أو الإسلام جزء من أوروبا وكان في الواقع تعبير عن حقيقة معاشة ورحب المسلمون بهذا التصريح دون ان يعوا انه لايمكن تحويل ديانتهم إلى ديانة أوروبية لأنها لا تتمتع بنفس المميزات للديانة المسيحية وحدث ما يكن تخيله في حال ارتكبنا خطأ تحويل الديانة الإسلامية إلى أوروبية
فحالة الاستنكار والهياج التي تلت نشر رسوم اعتبرت مسيئة لشخص النبي محمد (ص) تمثل الحالة التي يمكن أن تؤل إليها الأوضاع في حال تم وضع الإسلام في خانة الديانات الأوروبية لان الأوروبي يتعامل مع نبيه بهذه الطريق فيما لا يمكن أن يتم التعامل مع نبي ثقافة وحضارة أخرى بنفس الطريقة .
هذه التشققات التي حدثت وتحدث وسوف تكون اشد وضوحا وقسوة في المستقبل هي خيار الديموقراطية الأول أي تقبل الديموقراطية بأن تمضي في الطريق حتى النهاية وتعامل الجميع دون أي أفضلية يؤدي هذا إلى محي ملامح الشخصية الغربية الكلاسيكية والتنكر لتاريخها لتقبل المستقبل على ما هو عليه بأن يتحول الشعب الأصلي إلى جزء من الشعب وليس الجزء الرئيسي الذي تذوب فيه بقية الشعوب المهاجرة لأنه لا مكان لهذا التحليل في الديانة الديموقراطية التي تبنتها الدول الغربية وإما أن تختار الطريق الثاني
وهو أن تفضل إحدى الثقافات لتجعلها المتفوقة والأكثر أهمية أو الرسمية ويجب على بقية الثقافات أن تأقلم نفسها مع هذه الثقافة وتبقى تعيش ثقافيا بشكل غير رسمي وسيتعارض هذا وبشدة مع أول قانون في النظام الديمقراطي وهي المساواة و الطريق الثاني وبكثير من الأسف هو الطريق الذي اختارت كثير من بلدان الاتحاد الأوروبي سلوكه في تعدي شبه واضح على الديموقراطية لأن الخطوات التي اتخذتها القيادات الأوروبية الآن ستكون غير كافية لان الخطأ سيجر إلى آخر وستتوالى الأخطاء فإذا منع البرقع لماذا لا يمنع الأذان ولماذا يمنع الحجاب وربما الذقن وتطويل الشعر بالنسبة للهندوس والسيخ مثلا ووو وستطول القائمة شيئا فشيئا حتى تتحول فئة معينة من الشعب إلى فئة مستهدفة تشعر بحيف وظلم شديدين سينعكس أن عاجلا أم آجلا على كل تركيبة المجتمع وسيشعرون بالحنق جراء الظلم والتعدي الذي لحق بهم فيما ستتعرض الديموقراطية برمتها إلى الاهتزاز.



#مرتضى_عبد_الرحيم_الحصيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مرتضى عبد الرحيم الحصيني - المساواة الثقافية كإشكالية تُهدد النظرية الديموقراطية