طريق اليسار
الحوار المتمدن-العدد: 3195 - 2010 / 11 / 24 - 09:37
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
افتتاحية العدد
ملاحظات مبدئية حول لقاء بيروت " اليساري العربي"
انعقد في بيروت، يومي 22- 23 تشرين أول2010، "اللقاء اليساري العربي"، بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني، من أجل بحث محاور ثلاثة: (1- الصراع العربي الصهيوني والمقاومة الوطنية للعدوان والاحتلال والسيطرة الامبريالية 2- تفعيل العمل في صفوف الطبقة العاملة والفئات الشعبية 3- النضال من أجل الديمقراطية).
إذا بدأنا من الشكل، فيمكن القول بأن لقاء بيروت لا يملك الأهلية لأن يسمى بـ (اللقاء اليساري العربي)، لأن قوى يسارية عربية كثيرة لم تشارك في هذا اللقاء، أو أنها لم تُدع إليه لاعتبارات تخص الجهة الداعية وبعض المدعوين كما حصل لمّا لم يُدع "تجمع اليسار الماركسي في سوريا/ تيم" لهذا اللقاء وهو الذي يمثل موقع اليسار الماركسي السوري المعارض من خلال ما يضم في صفوفه من أحزاب وحركات وشخصيات . وهو التجمع الذي طرح في وثيقته التأسيسية، 20 نيسان 2007 ، ترابط القضايا الثلاث: الوطني والديمقراطي والاجتماعي- الاقتصادي ، من موقع الطبقة العاملة؛ الطبقة الأكثر جذرية في المجتمع بحكم موقعها في عملية الإنتاج. أما ثانياً، فإن صفة اليسار تتطلب مواصفات لا تتوافر في بعض المشاركين بلقاء شارك في سلطة الاحتلال الأميركي لبلاده ودخل أمينه العام في "مجلس الحكم" الذي أقامه الحاكم الأميركي بول بريمر في عام 2003 وشارك عضو من مكتبه السياسي في الوزارة التي نصبَها الاحتلال ستارةً محلية لوجوده في بلاد الرافدين.
في المضمون، يتناقض لقاء بيروت ، من خلال بعض مشاركيه وهم ليسوا قلة، مع المحاور الثلاث الموضوعة له: هناك أحزاب أيدَت عملية الاحتلال لبلادها ودخلت في مؤسسات الاحتلال (الحزب الشيوعي العراقي)، فيما أحزاب أخرى هي مؤيدة لاتفاقية أوسلو وشاركت وتشارك في"السلطة الفلسطينية" التي انبثقت عن تلك الاتفاقية (حزب الشعب الفلسطيني)، وهذا ما يتناقض مع مضامين المحور الأول للقاء. على صعيد المحور الثاني ، فإن هناك أحزاباً مشاركة في اللقاء هي ذات توجه اشتراكي ديمقراطي أصبح يغلب على سياساتها الانحراف نحو التوجه الليبرالي مثل (حركة التجديد) في تونس و(حزب التقدم والاشتراكية) في المغرب الذي يقول عنه أحد الماركسيين المغاربة (عبد المؤمن الشباري مدير جريدة"النهج الديمقراطي") بأنه بلغ"مستوى الارتباط العضوي مع بنية النظام السياسي"، الذي هو في المغرب نظام استبدادي ملحق بالنظام الإمبريالي مع "واجهة ديمقراطية حزبية"، ما يوصلنا لتناقض مشاركة هذا الحزب المغربي في لقاء بيروت (وهو حزب بالمناسبة تمتلئ مواقع الإنترنت بالحديث عن فساد وزرائه المشاركين بالحكومة وارتباطهم بالقصر الملكي) مع المحور الثالث للقاء بيروت المتعلق ب"النضال من أجل الديمقراطية"، الأمر الذي ينطبق أيضاً على المشاركين السوريين، الذين هم في تحالف مع نظام غير ديمقراطي .
على الصعيد العملي، لم تكن النقاشات والحوارات التي جرت في لقاء بيروت على مستوى التحديات التي يواجهها اليسار العربي، والتي تصل عند كل أطرافه إلى مستوى المأزق الوجودي، كما أنها لم تكن ملبية للضرورات التي تفرض على أحزاب وحركات يسارية، بعد انهيارات1989-1991 ، أن يكون لقاؤها الأول بعد الانهيار السوفيتي متميزاً بنقد ذاتي مع مراجعة عميقة لدروس فشل التجربة السوفييتية ، وهو أمر مطلوب من كل الأحزاب والحركات اليسارية لمراجعة تجربتها سواء كانت قريبة من الإتحاد السوفيتي أو لم تكن، الأمر الذي لم يحصل شيء منه في لقاء بيروت.
من هنا، كان طبيعياً أن يكون البيان الختامي، والذي تأخر صدوره سبعة أيام من تاريخ انتهاء اللقاء،مليئاً بالتسويات ، الأمر الذي تعزوه نشرة"البديل"(الناطقة باسم حزب العمال الشيوعي التونسي) إلى المنحى"التوفيقي/ عند الحزب الشيوعي اللبناني/ وحرصه على إنجاح مبادرته" وهو ما تقول النشرة التونسية بأنه "لم يساهم في عملية الفرز التي يحتاجها اليسار العربي وخاصة الماركسي منه "("البديل"،2 تشرين ثاني 2010). هذه النزعة التسووية في البيان الختامي يمكن تلمسها (ربماً مراعاةً للحزب الشيوعي العراقي) في عدم ذكر المقاومة العراقية، ثم في أمر آخر أخطر متمثلاً في مطب وقع فيه البيان عبر عبارة"استكمال إخراج قوات الاحتلال الأميركي في العراق"،وكأن الانسحاب الأميركي من العراق هو عبر اتفاق مع قوى المقاومة، كما في جزائر1962، وليس عبر اتفاقية أمنية ، أجراها الاحتلال مع حكومة دمية هو أقامها وحماها ومازال يحميها، ستضمن له تلك الاتفاقية قواعد عسكرية تطوق العراق من جوانبه الجغرافية كافة ، بالترافق مع سيطرة طويلة الأمد ،عبر العقود الموقعة، على نفط العراق. من جهة أخرى، نجد ترجمة فلسطينية لهذه النزعة التسووية أو التوفيقية في البيان الختامي في عبارة"تمسك القوى اليسارية الفلسطينية برفض المفاوضات وفق الشروط الإسرائيلية- الأميركية
وبالوقف الشامل للاستيطان"، وهو ما يقوله حرفياً محمود عباس أيضاً إلا أنه لا يطبقه بل يرضخ لعكسه، فيما لا يمثل هذا نهجاً بديلاً لـ "سلطة أوسلو" عند موقعي البيان الختامي ، سواء كانوا عرباً أم فلسطينيين.
في المحصلة العامة، وإذا أخذنا طبيعة المرحلة والمهمات المطروحة أمام اليسار العربي بمختلف تلاوينه، فإنه يمكن القول بأن لقاء بيروت كان دون مستوى التحديات، ولم يحقق نجاحاً في إطلاق بداية جديدة، و لو متواضعة الخطا، لليسار العربي..
المطلوب بداية ثانية مختلفة، ومغايرة نوعياً لما جرى في بيروت،من خلال مشاركة شاملة لا تستثني أحداً، ولا يكون فيها التحضير للقاء على عجل أو مسلوقاً ، على أن توضع كل النقاط،المشتركة والتي تهم اليسار العربي،على طاولة البحث العلني الصريح.
هيئة التحرير
المشهد السياسي في
تشرين الأول /2010/
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟