أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - صوت المطر-قصة قصيرة














المزيد.....

صوت المطر-قصة قصيرة


خالد غميرو

الحوار المتمدن-العدد: 3188 - 2010 / 11 / 17 - 21:48
المحور: الادب والفن
    


صوت المطر

أسدل النهار ستارته,ليأخذ الليل دوره من مسرحية اليوم,حينها يعود كل منا إلى المنزل المتواضع- إن لم نقل الصندوق المتواضع- فبعد نهار شاق ومضن, نعود لنلتف حول المائدة الصغيرة نتطلع إلى أوجه بعضنا البعض كأننا لم نلتقي مند مدة طويلة أوكأننا غرباء عن بعضنا ,ولولا هذا اللقاء كل ليلة لنسي كل واحد منا الآخر.
الأب هو آخر من يصل إلى (المنزل),وعندما يأتي يبدأ بالاطمئنان علينا واحدا بواحد خائفا من ألا يعود أحدا منا,فكلنا نعمل ونساعده على إعالة هذه الأسرة, سوى أخانا الأصغر الذي قررنا أن ندخله إلى المدرسة علنا نعوض به ما حرمنا منه نحن الستة,وأن يكون بيننا على الأقل من هو قادر على القراءة والكتابة لنستفيد منه إذا دعت الحاجة، فهو بمثابة الأمل بالنسبة لنا والذي نسعى لأن يحقق ما لم نستطع تحقيقه نحن...
بدأنا نسمع قطرات المطر ترتطم بالقصدير, وكانت تصدر صوتا أشبه بصوت قرع الطبول الإفريقية,لكنه لم يكن يريحنا,ليس بسبب الصوت بل بسبب تلك الكوارث التي تقترب منا كلما اشتد الصوت, فكثيرا ما تنتهي بنا مثل هذه الليلة تطفوا بنا الصناديق التي نسكن فيها فوق سطح الماء كقطعة خشبية. انقطعت الكهرباء فأخرج أبي شمعة كان يضعها في جيبه كأنه كان يتوقع انقطاع الكهرباء,أو ربما أنه لم يعد يعول على نور الكهرباء فحضورها كغيابها بالنسبة لنا, ثم أخرج من جيبه الآخر علبة الكبريت فأوقد الشمعة ووضعها وسط المائدة, و طلب من أمي أن تعجل بإحضار الخبز والشاي,وهما بطبيعة الحال الأكلة الوحيدة التي نعرفها, فبرغم من أننا نعمل جميعنا إلا أننا لا نستطيع توفير أكثر من شاي وخبز و نادرا ما نشتري بعض الخضار و القطنيات.
طلبت منا الأم أن نصبر قليلا حتى تفرغ من وضع بعض الأواني تحت الثقوب التي تنزل منها قطرات الماء, فأمر أبي الأخ الأصغر بلهجة صارمة أن ينهض لمساعدة أمه كي تسرع في تحضير الأكل:
- انهض وساعد أمك, فأخوتك تعبون من العمل وأنت لا تفعل شيء سوى أنك تذهب إلى المدرسة. كانت القطرات التي تهوي وسط الإناء تكسر الصمت الذي بيننا, فلا حديث يدور كل منا منطو على عالمه الخاص يغوص في أحلامه وأفكاره التي لا تنتهي, والتي تذهب به خارج هذا الصندوق,بل خارج الواقع كله, وفي الغالب تراها دائما باديتا على وجوهنا اليائسة, ولا أضنها تختلف كثيرا, فالكل يحلم بأن ينتشل من هذا الوضع البئيس إلى وضع آخر أحسن منه, ولا تهمنا الطريقة المهم هو أن نكون أفضل,آه لو كان الأمر بيدي لقدرة لنفسي أن أعيش في قصر,تبا للأقدار وتبا للناس...
لقد كنت أحسد الأطفال في مثل سني, و أنا أراهم يذهبون إلى المدرسة كل يوم عندما أكون متجها إلى الورشة التي أعمل فيها, فهم لا يفكرون في الفقر ولا في إعالة أسرهم. لكنني رغم ذلك كنت أصبر نفسي وأدعي أن المدرسة لا تجدي في وضعنا هذا, المهم هو أن نبحت عن ما نسد به رمقنا.
أفزعني صوت أبي وهو يستعجل الأم بعد أن ضاق بهذا السكوت,فأجابته الأم أنها على وشك الانتهاء, ثم نظرت إلى الإناء الذي وضعه أخي تحت القطرات التي تتسرب من السقف فوجدته على وشك الامتلاء وحولت نظري لأتفحص وجوه إخوتي, فرأيتهم لا زالوا يغو صون في أحلامهم التي تشبه الغيبوبة, ثم إلى أبي الذي بدا عليه الضجر من هذا الوضع الممل,وقبل أن أعود إلى أحلامي أنا أيضا سمعت شيء ما قد وقع على الأرض,فأصدر صوتا أخرج الكل من غيبوبته.إنها أمي...لقد تعثرت في الإناء لتسقط وبيدها الخبز وإبريق الشاي.



#خالد_غميرو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتجاج قصص قصيرة


المزيد.....




- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...
- الغاوون:قصيدة (مش ناوى ترجع مالسفر )الشاعر ايمن خميس بطيخ.مص ...
- الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة -بوليتزر-
- الثقافة العربية بالترجمات الهندية.. مكتبة كتارا تفتح جسرا جد ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية على الأفلام السينمائية المنتجة خ ...
- إسرائيل: الكنيست يناقش فرض ضريبة 80? على التبرعات الأجنبية ل ...
- أسلك شائكة .. فيلم في واسط يحكي عن بطولات المقاتلين
- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - صوت المطر-قصة قصيرة