أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى موسى - اعتقال الطائى.... في ذاكرة الأشياء...














المزيد.....

اعتقال الطائى.... في ذاكرة الأشياء...


مصطفى موسى

الحوار المتمدن-العدد: 3187 - 2010 / 11 / 16 - 23:50
المحور: الادب والفن
    


اعتقال الطائى.... في ذاكرة الأشياء...

كنت ألمحها عن بُعد في مناسبات كردية، عراقية أو عربية وفرح التحدي للحزن في عيونها البابلية يذكرني بـ"غابتا نخيل... وشرفتان..."* شعرها الفحميّ المسترسل حتى خصرها، ناصباً خيمة سوداء حول قدّها الميّال كخيمة تَمرْ باشا الملّي** القائمة على ثلاثة وثلاثين عامود، أعمدة الاعتداد بالنفس، أو هكذا بدا لي، وأنا كأي طبيب مبتدئ يشعر أنه يجلس على نصف عرش الإله.
تمرُّ السنوات ويكتنف الضباب ملامحها.
قبل قرابة عشرة أعوام، وضمن مؤتمر حول الأديان والحضارات في مبنى أكاديمية العلوم المجرية التقيت بها، قدمت لها نفسي، وهي بدورها عرّفت بنفسها الدكتورة اعتقال الطائي ناقدة سينمائية وكاتبة، ولمّا علمتْ أنني كرديّ بدأت على الفور بِوابلٍ من النكت البغدادية عن الأكراد، وهكذا بدأت صداقتنا وأصبحنا أصيص زهر لبعضنا في مشاكلنا الروحية.
قبل سنوات عندما غادرنا أبي إلى الأبد، مددت حزني وألمي إلى كفّ اعتقال حاملة آلام العراق وذاكرة أشيائه من ضفاف دجلة الخير، مخبئة في حقائبها اسماً من نقرة السلمان، باقلاء الفرات، الشاي العراقي، رمان الحِلّة، تراب النجف، تنور أمها، عقال أبيها، ناظور العقائدية الهمجية الذي نظر أوباش الثقافة من خلاله إلى جميلة ايتماتوف "أجمل قصة حب"***، عبق دم ابن أخيها الذي هدر على ثرى كردستان في محرقة الطاغية صدام، حملت المضحك ـ المبكي من خزعبلات أبي العلوج، حزامها الأبيض الذي رمته عندما حطت رحالها على ضفاف الدانوب بعدما عرفت زيف الرجل -الذَكَر الشرقي الذي لم يغنّي "قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل..."، بعد أن ذاق "عرفتُ نساء أوروبا، عرفتُ عواطف الاسمنت والحجر، ولم أعثر على امرأة تمشط شعري الأشقر..."****.
احتضنها حب دانوبي أثمر هانّا الجميلة، معها اغتنت روحهما بطيبة أهل الشام، وجواز سفرهما تلوّث برواسب العقلية الشرقية الاستبدادية. لابدّ أن تتزيني بجوازٍ من عراقٍ نقيّ، شفاف يتغنى شماله بنخيل البصرة وجنوبه بلبن أربيل. مع كوب شاي على ضفاف بحيرة "بلا قاع" في بودابست، وعلى المقعد الذي أخرجت اعتقال بروحها المرحة سعد الله ونوس لساعات من كآبته التي نمت من أرض مرضه العضال في جسمه الضئيل، والعملاق في إبداعه.
استمتعت وهي تسرد شريط ذاكرة أشيائها، رافقتُها في عذاباتها وصراعها مع الخبيث عبر نفقها الطويل المضاء بفانوس سعد الله ونوس "نحن محكومون بالأمل!"، تابعتُ ذاكرة أشيائها على الانترنت ودخلتُ عالمها الشهرزادي، ثم أهدتني إياها كباقة ورد ليس من "بياع الورد!" بل ككتاب من دار شمس المصرية.
متعة قراءتها في كتاب أوقعتني في أسر أسلوبها الجميل السلس. عفويتها أعادتني إلى قريتي، إلى ظلال شجر الزيتون، إلى سجن حلب حيث كنّا نزور والدي في بداية حكم البعث.
ذاكرة أشيائك صديقتي البابلية وُلدت في خضم التحدي والصراع مع الغول... وقدرك أن تنتصري، لأنك تعلمت أن تقولي "لا"، وتلك الـ"لا" تعطيكِ الأمل، ولن تنحنين أمام أحد أو أمام أيّ شيء ولو كان مرضاً خبيثاً... ولن تستسلمين لأنك لن تجدين مكاناً مرتفعاً في –عهر دنيانا- تنصبين عليه راية استسلامك!... معذرة يا أبا شام... كاسك وأنت في خلود الشعر!*****...

*: السياب.
**: والد عدول، حبيبة درويش عفدي(دلال) الأيزيدي في الملحمة الغنائية الكردية.
***: أراغون.
****: نزار قباني.
*****: الماغوط "بتصرف".

بودابست، 14/11/2010. الدكتور مصطفى موسى (طبيب توليد وجرّاح نسائي).






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الأكراد عاملوا الأيزيديين بالتي هي أحسن...


المزيد.....




- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى موسى - اعتقال الطائى.... في ذاكرة الأشياء...