أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد العمراوي - أمي أنا مثلي














المزيد.....

أمي أنا مثلي


وليد العمراوي

الحوار المتمدن-العدد: 3186 - 2010 / 11 / 15 - 08:32
المحور: الادب والفن
    


ازداد قلقها بالتشبع .توسعت حيرتها.تنوعت تساؤلاتها.كيف لا و فلذة كبدها الوحيدة جما ل أ صبح شارد الدهن طوال الوقت.غارق الفكر مشغول البال.اختفت الابتسامة من وجهه المستدير الغارق في سمرة فاتحة.عينان حادتان و أنف حاد أعطاه طابع تمرد طبيعي مناقض لشخصيته الهادئة و رزانته.مند أن بدأت العائلة الصغيرة معركة الاستعداد لزفافه المرتقب بابنة الجيران هدى.حل الشرود و الاستغراق محل الابتسامة في وجهه.فبدا كشجرة اقتلع الخريف أوراقها.انتقلت عدوى الشرود من جمال إلى أمه خديجة.أصبح خيالها البسيط يستفسر ما الذي يكرب بال ابنها.
قررت -بعد تفكير طويل- أن تفاتحه في الموضوع.فانتظرت الفرصة المناسبة لتكلمه. انتظرت حتى هدأت الحركة في المنزل الغارق في استعدادات الزفاف التي تجرى على قدم و ساق.لحقت به في غرفته المزينة بكل ما يتطلب استقبا ل عروسه هدى غدا.طرقت الباب و دخلت بهدوء دون استئذان.استقبلها بابتسامة حائرة...بعد هنيهات سألته كعادتها بجرأة من يريد سماع الحقيقة دون لف و دوران.
-ماذا هناك يا بني؟ما هدا الذهول و الشرود طوال الوقت؟
ابتسم ملوحا بيده في الهواء إشارة على أن الأمر لا يستحق التهويل.
-انه الارتباك فقط يا أمي .تعرفين الآن سأصبح زوجا مسئولا و هدا يقلقني بعض الشيء.
نضرت إليه نضرة من لم يقتنع بما سمع .تعرفه جيدا و تعرف عندما يكذب.فأعادت السؤال كأنها لم تسمع ما قاله.
-قلت لك ماذا هناك؟أجبني بصراحة .أريد أن أعرف الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة.
يعرف جيدا أنه عاجلا أم آجلا سيخبرها بالحقيقة.لن تستسلم حتى يعلمها بما يشغل باله.يعر ف أنه سيفشل مهما حاول اللف والدوران.فهي كمن يملك حاسة سادسة تعر ف عندما يكذب عليها و عندما يقول الحقيقة.لكن ثقل ما يشغله أربكه ...أقول ...أو لا أقو ل...مستحيل....قلبه يريد أن يقول الحقيقة...عقله يرفض...نضرات أمه المصوبتان نحوه تزيد نيران ارتباكه وقودا..أراد أن يتكلم فتلعثم.أحست بتردده فأعادت السؤال من جديد.
-جمال مادا هناك؟ما الذي تخفيه عني جعلك مشتتا هكذا؟
نطق بدون وعي.
-أمي أنا مثلي.
لم تفهم ما أراد قوله فاستدركت مستفسرة.
مادا تعني؟
-أمي أتتذكرين في صغري...؟لطا لما أحببت الدمى ...اللعب مع الفتيات...اللباس كالفتيات...الرقص أمام المرآة...
-نعم أتذكر... قالتها و نصف ابتسامة تعلو شفتيها. تشجع و واصل.
-كبرت يا أمي و كبر معي هدا...
ازداد استغرابها و تساءلت بحدة.
-قل لي مادا هناك و كفاك من المزاح.
واصل في جهد وبنبرة متقطعة
-أمي لا أحب النساء.
بدأ استغرابها يطفو بقوة على ملامحها وصوتها.
-مادا تعني ب"لا تحب ا لنساء"؟ و هل هنالك رجلا لا يحب النساء؟؟؟؟؟.
-نعم هنالك الآلاف يا أمي.من بينهم أنا...أحب الرجال ولا أحب النساء...أمي أنا...
تلقت الكلمة كمن تلقى سهما ساما في قلبه.اتسعت عيناها و امتلأت بدموع السخط و الأنكار ...أ طلقت ا لعنان لدموعها و كلماتها ا لغاضبة المنفجرة في الهواء كالألعاب النارية.
-أنت ابني...فلذة كبدي....ابني الذي ربيته...عملت ليل نهار من أجلك...علمتك و جعلت منك رجلا يضرب به المثال في الأخلاق و النجا ح....خطبت لك فتاة يتمناها جميع أ قرانك....لديك وضيفة يريدها جميع أقرانك....بعد كل هدا تجازيني الآن لتقول بكل وقاحة إنك...رباه لا أستطيع حتى نطقها...لا ....مستحيل... إنها ضربة عين ....أو إحداهن سحرتك.....بل مس من الجنون...يا ويلا ه ...مادا فعلت يا ربي...أهدا ما أستحقه منك....أهكدا تجازي أمك...لا...لست مثل أولئك الممسوخين....أولئك الشياطين.
اشتدت دموعه و غضبه فانطلق كالفر س الغاضب دون هوادة.
-ليس جنونا أمي...ليس سحرا...إنها الحقيقة...ليس ذنبي أمي ليس ذنبي...أرجوك افهميني و ارحميني.
تضاعف سخطها و غضبها كما تضاعفت دموعها متحولة إلى نواح.
- يا لمصيبتك يا خديجة...بكامل عقله يقول إنها الحقيقة....بل يتبرأ و يقول ليس ذنبه...يا ويلي...يا ويلي....ذنب من ادا؟.....أغتني يا ربي..ابني من الشياطين... ابني من الممسوخين...آكل و أشرب و أسكن معه كل هدا العمر دون درايتي... يا ربي ضاعت حياتي...ضاعت سمعتي...ضاعت تربيتي....كيف تجرأ على هدا ...قل لي؟
طفح الكيل و وصل غضبه إلى ذروته...
-أمي أنا بشر آكل و أشرب...أ بكي و أفرح...أسعد و أحزن...إن أحزنتك مرة...فأنا حزين مرتين...واحدة لي و أخرى لك....أمي هؤلاء هم أناس مثلك مثلهم... يحسون...يبكون...يفرحون.....هؤلاء هم بشر ....ليسوا شياطين ولا ممسوخين.... ها أنا ابنك البار المتخلق......فهل عصيت لك أمرا طيلة حياتي؟...أنا مثل هؤلاء مند صغري...الفر ق الوحيد أنك كنت تجهلين الأمر....و الآن تعرفين.....فهل أنا مسخ؟...هل أنا شيطان يا أمي...أجيبيني؟



#وليد_العمراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد العمراوي - أمي أنا مثلي