يوسف العاني
الحوار المتمدن-العدد: 3183 - 2010 / 11 / 12 - 19:05
المحور:
الادب والفن
منذ تأسيس فرقتنا (المسرح الحديث) في 3 نيسان 1952 وضعنا هدفا رئيسا لها من خلال ما نقدم للجمهور ان نوفر للعاملين فيها.. ولاعضائها الاساسيين كما كنا ندعوهم الجو الرحب في الكشف عن امكاناتهم وطاقاتهم في شتى مجالات العمل المسرحي.. فضلا عن التمثيل، وان يكون (الاخراج) واحدا من تلك المجالات بعد ان يثبت العضو استعداده لهذه المسؤولية وبعد ممارسة فاعلة وجادة مع المخرجين الرئيسين الذين تولوا هذه المسؤولية عبر سنوات من مسرحيات كانت المؤثر البارز لما قدمته الفرقة واكدت من خلاله المستوى المسرحي المتقدم والمتلائم مع مسيرتها خطوة خطوة ومسرحية مسرحية والذي انجذب اليه الجمهور واكد وجوده وحضوره الواعي والاستيعاب الحميم، والممتع في آن واحد.. رغم تباين المسرحيات التي قدمتها الفرقة.. سواء في بداياتها ومرحلتها الاولى حتى عام 1957 حين نفد صبر السلطة انذاك فسحبت اجازة الفرقة في 16 تشرين الثاني 1957.. واوقفتها عن العمل حيث جاء في كتاب سحب الاجازة (ان الفرقة تعرض الروايات التي تستهدف النيل من اوضاع البلاد السياسية والاجتماعية، ولعدم مراعاتها لمقررات لجنة فحص النصوص التمثيلية ونظرا الى ان تصرفات هذه الفرقة تعتبر مضرة بالمصلحة العامة ولانها تقدم في مسرحياتها كثيرا من المشكلات وتنبه الناس عليها وكثيرا ما تضع اللوم على الحكومة لانها المتسببة في افقار الشعب وحالته السيئة التي وصل اليها!!)) وحين عادت الفرقة الى العمل من جديد بثقة وحماس اكبر بعد ان اجيزت ثانية في 15/10/1958.. أي بعد ثورة الرابع عشر من تموز.. عادت بثقلها وظلت لسنوات تضم الى (ملاكها) العناصر الفنية الجديدة بتحمل المسؤولية لتأخذ مواقعها في كل الشؤون المسرحية الفنية والتقنية.. وظل المجال رحبا كما اشرت في بداية الحديث امام شباب الفرقة الجديدين بمهمة الاخراج.. وامينا في تشخيص قدراتهم وامكاناتهم فكان من بينهم سعدي يونس وروميو يوسف وفاروق فياض.. وصلاح القصب.. وجواد الاسدي.. *وكان ان اعددت مسرحية كان قاسم محمد قد ترجمها عن كاتب بلغاري، اعجبتني فكرتها لاضعها بموضع عراقي فيه بعض الاحداث تشير الى امكانية ان تقع احداثها او بعض منها في العراق مع الحفاظ على رمزيتهاغير المثقلة بغرابتها لتكون طريفة بطابعها الكوميدي اولا وبايقاعها المحبب الى النفس.. وليظل هناك تساؤل حمل عنوانها (شلون ولويش والمن؟) قائما في سياق المسرحية دالا على الفكرة والهدف منها.. هذه المسرحية كانت محط رغبة حارة من الشاب المبدع ممثلا (روميو يوسف) والحريص على استيعاب كل ما يقترب منه من شؤون المسرح.. والاخراج الذي كان واحدا بل عنصرا رئيسا من شؤونه. روميو يوسف تولى بحماسة ومحبة اخراج هذه المسرحية.. وانا .. المعد لها وممثل دور رئيس فيها. روميو يوسف انتمى الى فرقتنا المسرح الفني الحديث..عام 1968 وهو متواصل معها قبل ذلك مشاهدا، بل متابعا.. لما تقدم قريبا من العاملين فيها.. وحينما صار عضوا.. لم يكن يقتنع بامتلاكه هذه العضوية دون عمل مباشر.. بل صار امامنا وامام نفسه مسؤولا فيها لا بد وان يكون له موقع فاعل في كل مسرحية تقدمها الفرقة فراح كما اتذكر ومنذ مسرحية النخلة والجيران.. يجلس بين الكواليس لينفذ الموسيقى التصويرية.. لكنه كان مراقبا لامور اخرى تجري امامه فلا يملك الا ان يتدخل ويبدي رأيا او يضيف فكرة بحماسة المقتنع بما يقدم.. وعمل مع مخرجي الفرقة مساعدا ومسؤولا عن الادارة المسرحية في عدد من المسرحيات. وحين انيطت به اخراج هذه المسرحية عام 1972.. كنت انا خلف تحقيق هذه الرغبة له... لا مجاملة له بل ثقة به.. واملا في ان يضيف جديدا في الرؤية التي اتفقنا معه على تنفيذها وايصالها الى الجمهور.. روميو.. كان سعيدا بعمله.. يرقص ويغني خلال (البروفة) تماما كما (قاسم محمد) ولكن بصيغة اخرى.. جادا في مواقع اخرى كما استاذه (سامي عبد الحميد) مؤدبا حد الخجل.. حين يبدي لي رايا او ملاحظة.. لكنني كنت اسعد بها وابتهج.. حتى صار العمل في المسرحية.. عملا اشبه بعقد مبرم بيننا كل واحد يحمل جزءاً من المسؤولية هي من صلب بناء العملية المسرحية لكن روميو ظل المنسق من اجل الوصول الى النتيجة التي تبلور كل ما نريد ان نقول او نجسد في المسرحية وعبر مشاهدها كلها.. من خلال ادوات المخرج الشاب روميو يوسف.. تجربة متواضعة معه لكنها كبيرة الاثر عنده.. وعندي بالذات فصار المجال مفتوحا له مخرجا قبل ان يغادرنا الى (رومانيا) لاكمال دراسته المسرحية هناك ويكون في المستوى المتقدم خلال سنوات الدراسة وبعد ان راح يعمل بجدارة ونجاح في معظم ما قدم هناك. *فاروق فياض .. الشاب الثاني الذي عملت معه ممثلا في مسرحية (القربان) التي اعدها سامي عبد الحميد وياسين النصير.. والاول كما نعلم(مخرج بارز) والثاني ناقد معروف له رؤيته ومتابعاته الطويلة للمسرح.. وكانت الرواية لكاتب كبير مرموق هو غائب طعمة فرمان.. سبق لنا وقدمنا له باكبار شديد (النخلة والجيران) كما ذكرت. هذه المادة المسرحية، سلمت لفاروق فياض الممثل الفنان الذي يمتلك من الحيوية والحماسة والثقة بقدراته ما يمنح الاخرين ثقة متبادلة جديرة بالاحترام والاعتزاز. فاروق كان احد مؤسسي فرقة المسرح الفني الحديث.. بعد ان الغيت اجازة فرقة المسرح الحديث.. عام 1964، وظل عنصرا فاعلا لا يكل ولا يمل حتى وفاته في 10/10/1976 حيث فقدت الفرقة والمسرح العراقي واحدا من انبل واكفأ المسرحيين الذين وقفوا على المسرح قامة كبيرة في العطاء والحضور المتواصل.. متفانيا من اجل ان يضيف شيئا جديدا للفرقة المسرحية التي هو منها.. وحين وقف امامنا مخرجا لمسرحية القربان عام 1975. لم تكن وقفته او مسؤوليته حدثا اعتياديا. بل كانت ذات ابعاد لا بد من حسابها ووضعها في كل تقديراته الاخراجية.. النص كما قلت لكاتب كبير قبل ان يعد.. والاعداد لاثنين كبار كل في مجاله.. وقبل هذا العمل عمل مسرحي كبير لغائب طعمة.. حقق موقعا زاهيا ومهما في مسار اعمال الفرقة لاعلى صعيد اعمالها حسب بل على صعيد ما قدمه المسرح العراقي.. واعني النخلة والجيران.. بايجاز اقول ان (فاروق فياض) كان سعيدا بثقل المسؤولية اولا.. وكان جديرا بها.. لينتقل قبل رحيله عن الدنيا الى مسرحية.. اضبطوا الساعات لمحمود ذياب.. والتي عرفها قاسم محمد لتكون اخر مسرحية يخرجها.. في مسرحنا العراقي الذي ظل يتذكره ويتذكر موقعه ومكانته حتى اليوم..!
#يوسف_العاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟