أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نيسان أحمدو - لحد وليل وجيران















المزيد.....

لحد وليل وجيران


نيسان أحمدو

الحوار المتمدن-العدد: 3177 - 2010 / 11 / 6 - 15:44
المحور: الادب والفن
    


هذه المسرحية جزء من رواية لم أقم بنشرها بعنوان خارج الزمن خارج الحياة.


الميت1 عفيف
الميت2 شاكر
الهيكل بدون راس بسام
الراس بدون هيكل أبو جابر
الملاك اواتيل

المسرح مقسوم عرضيا الى قسمين. قسم عبارة عن فسحات مستطيلة- قبور يظهر المستلقون فيها مضاءة من الأسفل الى الأعلى، والقسم الثاني فوق الأرض. في فسحة خالية يوجد تنكة معدنية مشتعلة وضع في داخلها بعض الخشب والأوراق ويتصاعد الدخان منها. يواجه الجمهور قبران متقابلان وثالث على الطرف الأيسر من المسرح وقبور أبعد منهما. يوجد بعض الموتى مستلقين داخل القبور. في آخر منتصف المسرح ضوء عامودي مسلط على زهرة الثالوث طوال المسرحية.

عفيف: حلوة هي الليلة.
شاكر: اي حلوة كتير.
عفيف: جديد انت هون؟
شاكر: صارلي شهر.
عفيف: أوف العمى صارلي شهر نايم.. لاتواخذني ماقمنا بواجبك
شاكر: ولايهمك
عفيف: شو الاسم البركة؟
شاكر: شاكر
عفيف: محسوبك عفيف

يستويان جالسين. يبدو طرفهما السفلي في القسم الأول (فسحة القبر) وطرفهما العلوي في القسم الأعلى (فوق الأرض).

عفيف يمد يده ليسلم على شاكر. يمسك شاكر بيده ويسحب يد عفيف من مكانها دون قصد.
شاكر: ولي.. مشان الله ما تواخذني...والله مو قصدي
عفيف: بسيطة مو مشكله. اساسا صارلي فترة هون، حلّي هرهر. افتح تمك لشوف..
شاكر: عفوا!!!
عفيف: شبك انخضيت؟ مارح يصيرلك شي، انت متت وخلصت. بس بدي شوف اذا بلشوا ياكلوك
شاكر: مين هدول؟
عفيف (يفتح فمه فتتساقط بعض اليرقات): هدول
شاكر: يخرب بيتك ياقليل الأدب
عفيف: اي طول بالك شو صارلك. احمد ربك انك اندفنت بعيد عن البوابة والحيطان
شاكر: ليش؟
عفيف: في عيلة ميتين من الجوع، ك مايمرق اسبوعين ماياكلوا بيجوا وبيطالعوا واحد وبياخدوه.
شاكر: لا.. وين الناطور؟ أكيد انت عم تكذب...
عفيف: في عندن بنت صغيرة عمرها شي 13 سنه، بيمشي حالو معها وبيعطيهن شو مابدهن حتى أحيانا بيعطيهن مصاري.
شاكر (صارخا): شوووووووووووو
عفيف مستهزئا: اي يعني انت مو مارق عليك بلاوي قال يعني.. كان معك عمله
(يطرق شاكر)
عفيف: كنت مدعوم
يبقى شاكر مطرقا
عفيف: اي لكان شو قاعد عم ترغي؟ شكلك من جماعة الممغوصين أصحاب المبادئ، أساسا لو كان كنت عايش متل الملوك ماكنت متت صغير وماكانوا دفنوك بمقبرة المنسيين..بعتقد انك بالتلاتين؟
شاكر يؤمئ بالموافقة ثم يستطرد: 31
عفيف: حلو، انا متت لما كان عمري 50. تعال نقعد عند التنكة هونيك أدفأ.

الجزء العلوي من جثتهما عار والجزء السفلي مغطى بقطعة قماش بيضاء من الكتان. يتخلل جذع شاكر بعض الثقوب المدماة. يقوما من قبرهما ويمشيان حتى مكان التنكة. يوجد شاهدة قبر محطمة الى قطع. يختارا قطعتان كبيرتان للجلوس.

عفيف: انا ماحسيت بشي لما متت. آخر شي بتذكرو اني فتحت الباب ولقيت مرتي مع واحد عمرو 19 سنة بالتخت. انجلطت بوقتها. ماحسيت بشي حتى اني مافكرت اني رح موت. وانت (يضع يده على كتف شاكر) قللي كيف متت.
شاكر: اتقوصت، مو شايف الحفر الي بصدري؟
عفيف مشدوها: كيف؟
شاكر: قصتي قريبة من قصتك. بس انا كنت بالتخت.
عفيف: خرجك الله لايقيمك
شاكر: يعني وحدة بتفيق على خناق ونق وبتنام على خناق ونق. وجوزها طالع مع وحدة وفايت مع وحدة. وطارقها منيّة انو كتر خيرو اتجوزها وعم يصرف عليها. لافي هدف بحياتها وفاقدة الأمل من كل شي. مستكتر عليها تدور عالقليلة شغلة تبسطها وتحسسها انو الها قيمة. حتى لو كانت قيمة كاذبة.
عفيف: شو قصدك ولا كر؟
شاكر: خلص سكّر عالموضوع.
عفيف رافعا يده امامهما: ولك شوف شوف عم يوقعوا أصابيعي
شاكر يقهقه. يبدأ عفيف بالقهقهه
شاكر: انتم السابقون ونحن اللاحقون حبيبي. عم تسمع شي؟
(صوت زحف)
عفيف: اي صوت زحفة الأجدب بسام وراس ابو جابر
ينظر شاكر باستغراب الى عفيف
عفيف: هلق بتشوف
يظهر هيكل عظمي بلا رأس وبلا يد، واليد الأخرى تحمل جمجمة
راس ابو جابر: سلام يامهرهرين
يجيب كلاهما: وعليكم مثلما ذكرتكم
عفيف: بعرفك على الهيكل العضمي بسام، والجمجمة ابو جابر. (ينظر الى الهيكل): بعرفك على شاكر. نزيل جديد ماصارلو كم يوم.
راس ابو جابر: شرفت المقبرة والله.
عفيف: بسام وابو جابر صارلون زمان هون، يعني فيك تقول أكثر من 10 سنين وبيعرفوا كل النزلاء وأي شي بدك ياه بس قلو هو المختار هون.
شاكر: طيب انت ليش راس شكل وهيكل شكل؟
ابو جابر: الحقيقة انو نط عليي حرامي بالليل ودبحني وزت راسي بمكان بعيد. بعد مالقوا جثتي ودفنوها مالقوا الراس. ولما لقوني ماعرفوا انا مين قال كتير متغير. قاموا دفنوني هون لحالي. أما بسام المسكين فهو هون ايدي ورجلي. طلاب الطب دفعوا للناطور وأخدوا راسو وايدو.
بسام يقوم بحركات غير مفهومة بيديه.
عفيف: ترجم ابوجابر
ابو جابر: عميقول الله يصطفل فيهن هالدبب. ولك لو بيتعلموا مابيدايق الواحد بس بيتخرجوا وبيختصوا وبيضلوا بهايم.
شاكر: طيب بسام كيف اتوفى
ابو جابر: بسام كان معو المرارة. فات على مشفى حكومي ليتعالج وطلع ميت. بس بتعرف هي أكيد مؤامرة صهيونية للتقليل من الكفاءات الوطنية.

صوت رفرفة أجنحة

عفيف: ولي اجا المعلم
اواتيل: مرحبا يافطسانين..
الجميع بهلع يأفأفون: أهلا بالمعلم
بسام يرفع يده لتحية الملاك. يقع راس ابو جابر ويتدحرج الى حفرة في آخر المسرح. يركض بسام بتردد الى الحفرة ثم يستلقي على بطنه ويمد يده في محاولة لجلب الراس. يزحط بسام ويقع داخل الحفرة.
اواتيل: (الى بسام وراس أبو جابر) العين تطرقك شو اجدب. معك سيجارة ولك عفيف
عفيف: اي اتفضل معلم
يشعل الملاك اواتيل سيجارته بنار التنكة. ويتأفف. ينظر الى شاكر: شو فطست عن جديد؟
شاكر: اي ماصارلي كم يوم
اواتيل: مبين عليك.. كنت خايف قبل ماتموت؟
شاكر: كنت رح شخ على حالي. بس مشي الحال اتقوصت قبل ما اعملها. لحقت حالي.
عفيف يقهقه
اواتيل: اخرس ولا عفيف. يعدمني ياكن واحد يقول للتاني.
يطرق الملاك قليلا. لحظة سكون تلف الموت. يقطعه صوت شباب مخمورين يضحكون يمرون بجانب المقبرة.
اواتيل لشاكر: احمد ربك انك ماانقبرت جنب حيط المقبرة كنت اختنقت من ريحة الصنة. لأن المصيبة هون انك مارح تقدر تروح ولارح تقدر تحكي ولارح تقدر تموت وتخلص. يعني رح تنام كذا سنة على ريحة الصنان حتى يجي دورك.
شاكر: دور شو؟
عفيف: شبك خفت؟ مافيها شي كم سؤال وكفين وبيطالعوك عالعدم ومارح تدرك شي خلص بتصير متل الهوا والمي والشجر. خليك سُجاع.
اواتيل: اخرس ولك عفيف مو شغلك. أحسن ما اطرقك طرقة بجناحي خليك تصير شقفتين ها.
عفيف: حاضر سيدي... سيدي عندك شغل كتير هالأسبوع
اواتيل: اي والله الشغل لفوق راسي. خمس آلآف روح بدن تحصيل وكل العناصر مجندة بالسما.
شاكر: ولي ليش شوفي؟
اواتيل: الفين رايحين بتسونامي بقارة آسيا مع الف واحد بزلزال في اسيا كمان بس غير مكان. الف رح يروحو باعصار بأمريكا وألف متفرقات. بس مو هون المصيبة، المصيبة بآخر الشهر، في حرب أهلية بافريقيا رح تروح شي مليون واحد. ومعها تفجيرات بالشرق الأوسط وقتل وتقطيع، في اعصار بأمريكا الجنوبية بدو يروحولو كم واحد. رح يصير مجموعهن شي مليونين.
عفيف: ولك العمى على هالأخبار! الي بدن يموتوا على ايد البشرية أكتر بكتير من الي بدن يموتوا لأسباب طبيعية.
شاكر: شكلو الشغل لفوق راسك ياسيدي. تشرب شاي؟
اواتيل: انو شاي ياحمار، انشالله صدقت انو هالكر عفيف بيعمل شاي؟ هادا بحط تراب بالكاسه وبيسفو.
شاكر ينظر الى عفيف بغضب
يفتح الملاك جناحيه
عفيف: لوين ياسيدي؟ والله ماشبعنا منّك. (ينظر الى شاكر دون أن ينتبه الملاك، ويشير بأنه يود لو ينقلع الملاك من هنا. شاكر يعض على شفتيه مشيرا لشاكر بكفى).
اواتيل: شي حلو والله. مو ناقص غير تتأمر على ... استغفر الله العظيم.. يالله سلام.
يخرج الملاك من المسرح وهو يخفق جناحيه.
عفيف: مع الصرامي. شو رأيك نروح على قبورنا وننقبر. رح يطلع الصبح. تضرب هالليلة شو مقته.
شاكر: يالله جاية، اصلا ماكنت اتحمل ضو الشمس لما كنت عايش، هلق رح اتحملو وانا ميت؟
يمشيان الى قبريهما وينزلان فيهما. يرمي بسام راس ابو جابر على المسرح خارج الحفرة ويتدحرج. ثم يقفز بدوره خارج الحفرة. يبدأ ابو جابر بالسباب. يركض بسام الى الرأس يحمله ثم يهرول نحو قبرة يسار المسرح ويقفز فيه.

عفيف: ولك آآآخ. بتعرف عندي رفيق مدفون بمقبرة المسيحية جنبنا على طول مطقّم ودفيان بالتابوت تبعو. ولي على حظي المعتر. يالله منيح مالنا حاسين بشي.
شاكر: بس بتعرف كأنو القبر رطب شوي؟
عفيف: هادا النهر الي بيمشي جنب المقبرة
شاكر: اوف. لكان خلينا نروح نقعد عالضفة بكرا
عفيف: يقعد رزك ويخفي حسك. ولك ليكون مفكر نهر التايمز؟ هادا نهر المجاري الي فتحتهن البلدية مشان يوفروا بدون مايعملوا شبكة تصريف جديدة.
شاكر: العمى حتى لما يموت الواحد مابيخلص؟ لهون لاحقينا...
عفيف: اي انقبر رح تطلع الشمس

يبدوان في القسم الأسفل من المسرح. مستلقيان على بطنيهما ويواجهان الجمهور.
شاكر: عفيف، قلي بصراحة مابتشتاق لضو الشمس؟
عفيف: بكون كذاب اذا قلتلك لا. بس بخاف. أنا بعترف اني جبان. انا كنت عم اهرب منها لما كنت عايش وضليت اهرب بعد ما متت
شاكر: طيب اذا طلعت تحتها هلق شو رح يصير؟
عفيف: رح تحترق. بس بيقولوا انو أحسن شي تتحول لأشعة شمس بعد ماتحترق. صحيح بتوجع كتير بس مارح تندم، رح تنشر الحياة
شاكر: والله شوقتني. رح اطلع. (يرفع شاكر جذعه بيده للأعلى ثم يتوقف). عفيف...قلتلي بتوجع شي
عفيف: والله على هوى ماسمعت، يتوجع كتير
شاكر: والله خايف
عفيف: هلق خلصنا ياانضرب نام وانقبر ياأما اطلع وريحني بس لا تنق
شاكر: خلص غيرت رأيي. بكرا بطلع.
عفيف: بموتك مارح تطلع. تمسّي على خير
شاكر: وانت من أهلو

تنطفئ الأضواء في المسرح ويبقى الضوء العامودي على زهرة الثالوث.



#نيسان_أحمدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوصاف الحورالعين


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نيسان أحمدو - لحد وليل وجيران