أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف عبد الكريم عبد المنعم - الجزامة














المزيد.....

الجزامة


أشرف عبد الكريم عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 3170 - 2010 / 10 / 30 - 03:37
المحور: الادب والفن
    


الجزامة

لم ينفض عن قدميه تراب سكته كعادته كل يوم قبل أن يدخل إلى بيته الذي ابتناه وسط بيوت الفلاحين وجعله مغايراً لها ، وكنت أنا واحدة من خطوات سارها ليصل إلى هدفه ،حينما اشتراني من سوق المركز ظنني بعض أهله فاترينة وذهب آخرون إلى أنني دولاب ملابس، ولما أخبرهم حقيقتي تبادلوا نكاتهم عني ، حتى لقب بعضهم بيت صاحبي بــ ( البيت أبو جزامة ).
سككهم كلها تراب ، كان مما يزعج زوجته وهي على قيد الحياة كثيراً هذا التراب، والآن يريد مخالفتها ، ولكنه يحافظ على آرائها التي كان يدعي كراهيتها.

في ركن إلى جوار الباب وضعني متحملا سخافات الفلاحين وبرودة تعليقاتهم ، كنت سعيدة به وبحرصه على تلميع جوانبي كل حين وكنت محبة لمقاس قدمه الصغير الذي لم يختلف كثيراً عن مقاس قدم زوجته الراحلة، والتي كان ينفض من على نعليه تراب المقابروكنت أشم رائحته العتيقة وكأنها جلباب فلاح نائم منذ أمد بعيد لم تلمس المياه جسده ولا عظامه القوية ولا لحمه القليل ، وكان يضع هذه النعال في واحد من أدراجي صامتاً ، عادة تلك لم يغيرهاً إلا عندما يعود من مشوار واحد كان يستغفر كثيراً وفي هذه الحالة تكون نعاله قليلة التراب وكأن شخصاً هناك يمسحها له ، اكتشفت فيما بعد أنه كان يخفيها عندما يدخل إلى بيتها ، بقية أدراجي ممتلئة بمقاسات أصغر أحسب أنه يحتفظ بها كذكريات من بناتها اللاتي تزوجن ولولده الذي سافر ليعمل بالمحاماة.

خيار الإقامة في القرية يبدو له في أحيان كثيرة خياراً متسرعاً لكنه كان مصراً على الدوام على صحته.

في هذا اليوم لم ينفض عن نعليه تراب سكته واستغفر لما اقترب مني ثم سكت ثم استغفر ثم سكت وفتح باب بيته وأمسك نعليه لم يتركهما عندي بل دخل بهما.
مضت دقائق وأنا ساهمة أفكر في حاله وأفقت على حذاء نسوي آخر تحاول صاحبته أن تحشره داخلي في غرور وغباء ، فمقاس رجلها كان كبيراً وكعب حذائها عال وأنا الدقيقة المرتبة لا أتسع لهذه المقاسات ، ضقت بصاحبي وودت لو أسمعته لومي وتأنيبي ، فصاحبة المقاس الكبير لا تستبدل بالراحلة منمقة القديمن ( عَمى رِجلين أم عَمى رَجل؟)

الريح كانت معي أخذتني إليه دفعت بابه وفتحته وأخذتني إلى غرفة نومه وأرتني إياها ، نعم كنت أجزاءّ ، وطارت أوراق الصحف المصفرة من على أرفف أدراجي ولكن ظهري كان حاملاً كل أحذية السنين الفائتة حتى رأيتها مستلقية مذعورة على سرير راحلتي وفخذاها الأبيضان تكسوهما نقاط سوداء

... الآن تذكرت إنهما يشبهان صفحات تلك الصحف التي كان يضعها على أرفف أدراجي ، لو كان لي يدان لخنقتها بعد أن خرج صاحبي يحكم غلق الأبواب خشية الفضيحة وتركها منفردة ، فلم أجد إلا كل ما علي من أحذية لطمتها بها وكدت أخفيها ، لكنها الغبية أصرت عليه أن يحرق ما تبقى مني تدفئة لها من ذعرها والبرد.
الخميس 2-9-2010



#أشرف_عبد_الكريم_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف عبد الكريم عبد المنعم - الجزامة