أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالدة خليل - ليكن دين الحب : شريعة بديلة














المزيد.....

ليكن دين الحب : شريعة بديلة


خالدة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3168 - 2010 / 10 / 28 - 00:00
المحور: الادب والفن
    


قراءة في قصيدة دين الحب لبشير المزوري

لاشك في ان حروبا بشرية كثيرة اثيرت بسبب الاديان التي بات المتخلفون يتاجرون بها لتمزيق النسيج الانساني الذي اوجده الله من خيوط المحبة التي دعت لها تلك الأديان جميعا ،كون الحب جوهر في الفضيلة.
الا ان العائق يكمن في المتعصبين الذين يتوهّمون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ويستغلّون الأديان في أقدار الناس ومصائرهم . لذلك دعا الكثير من المفكرين مثل لوك وجان جاك روسو وفولتيرالى التسامح اساسا للحياة البشرية.
يخيل إليّ أن من هنا جاءت دعوة الشاعر بشير المزوري الى اتباع دين الحب بين الناس والايمان به ليسود عالم من المحبة ، فهذه الدعوة الصريحة في قصيدته تجاوزت مفهوم التسامح الذي دعا اليه المفكرون ودعت اليه الثورات مثل الثورة الامريكية والثورة الفرنسية والتي ثبتت فيما بعد قوانينها واعتمدتها الدول اساسا لتطبيق حقوق الانسان .
هذه القصيدة تستعير من دوال الارض لتفيد منها اقنعة لنفي التشويه الذي وقع على فهم الشرائع السماوية، ولان الارض محكومة بشرائع السماء وليس بمفاهيم البشر الخاطئة، فإن هدف تلك الشرائع في جوهرها هو ضبط العالم الأرضي والمحافظة على نظاميته وتوازنه، لكن المفاهيم العشوائية استأصلت من تلك الشرائع مفهوم زرع الحب الحقيقي بين الناس، وفتتت بتعصبها ما اراده الله أن يكون موحدا.
مرة أخرى من هذا الفهم ربما خلق الشاعر بشير المزوري وعبر لغة عالمه البديل ، الذي يسوده الحب و يعتبره دين الناس الحقيقي.
واذا كان الحب سيغير كيمياء الجسد فلا عجب اذن في ان يكون فاعلا في تغيير قيم الحياة وقوانينها وتقويمها.
ومع ان هذه الفكرة لم تكن حديثة لدى الشاعر اذ انها تجلت لدى ابن عربي في قصيدته التي تحمل العنوان ذاته (دين الحب) قبل قرون زمنية، فإن المزوري صاغ قصيدته وعوالمها بلغة اليوم .مضيفا اليها رموزا من الموروث الكردي الاصيل متمثلة بقصة درويش عبدي .
يقول المزوري خارج منظومة الأديان للانسان في كل مكان:
أن في دين الحب..
لا وجود لأي تعريف ولا للحدود خطوط
لا وجود لأي حجر أسود وكنيسة ولالش
في خرابات عشقه..
لا دعاءات مذنبات..
لا سنان ،لا كريف ولا درويش
إن محاولة مقتضبة لتتبع الدوال هنا وصولا إلى توافق الدلالات، المدينة الثملة، شيخوخة العدالة برودة الليل، بصر شاخ، ثوب الحزن، الابتسامة الباهتة، عين دامعة، قلب مجروح، الضلوع المكسورة لمرايا المواعيد، الزمن المنهك، افيون القدر، حياة بلا طعم، الوان غير زاهية ، كل هذه المفردات السلبية التي خلقت حالة تراجيدية في مثل مدينة كهذه ضاعت فيها كل اشارات الحياة والوجود، (يحدث كل هذا التدمير للنسق الثقافي والفكري) حين يكون من المنطق جدا أن تفقد المتممات وظائفها. وفي ظل كل هذه العبثية الكونية الانية المتمثلة بالفعل المضارع اضيع الذي يفيد الاستمرارية والتجديد المدعوم بالانتظار حتى يخلق من نفسه عاصفة عشق والنكرة التي تفيد هنا التعميم افادت في خلق جو عام للقصيدة يتداخل فيه صوت الشاعر مع صوت اخر خفي يخاطبه بين حين واخر ليكمل معادلة الوجود القائمة على طرفي الموجب والسالب، اذا مااعتبرنا ان احدهما يمثل الطرف السالب والاخر الموجب الذي تكتمل معه دورة الحياة والطرف الاخر هنا المرأة الحاضرة الغائبة بشدة في النص وفاعليتها الحقيقية في تجسيد العالم وحميميته.
ثمة دلالات متوافقة في النص منها الليلة الباردة والعاصفة الا ان المفارقة هنا تظهر في كونها عاصفة عشق، اذ تتحول العاصفة من حقيقة طبيعية الى داخلية نفسية في زمن يحدده الشاعر هو الليل الذي يتحمل مثل هذه العواصف لأنه اولا ليل العشاق الذي يشير الى مدلول السهر والتعب والتمرد والحلم . فالشاعر هنا يحلم بعالم فانتازي لايسوده الا الحب ويحدد له طقوسه كأي دين سماوي حيث يصرح:
ان في دين الحب..
الطقوس والصلوات : قُبلُ، أقوالُ،وعودُ ووفاء
لنتأمل القصيدة ماذا سيحدث اذا كان التغييرعلى يد عاشق يدعو الى تنظيف العواطف الانسانية من عوالق الشر وعينيه المسافرتين عبر شواطئ بعيدة والامنيات التي تنتشي على صدر الريح والجيوب المملوءة بالربيع .. الغناء ...كل هذا يكون معلقا بقدوم الحبيبة وانتظارها بعد ان غادرت الشاعر وهو لما يزل يحمل معنى الوفاء الذي يمثل احد طقوس الدين الذي يدعو إليه المزوري .
واذا كان الحب حالة انسانية مرتبطة باللاوعي، فان الكتابة عن الحب تخضع لمنظومة من الحروف التي تشكل الكلمات والدوال في النص وقد بدأ الشاعر من اعلى درجات الحب واكثرها سموا؛ هو العشق الذي منه يتدرج إلى نهاية القصيدة ليعلن الحب، ليفيد منه في شد انتباه القارئ وجذبه نحو مفهوم يتفق مع مفهوم العاصفة التي وردت في المقطع الاول.
ولاشك ان الشاعر يعي ما يفعله اذ ان الشعر يتطلب موهبة وثقافة في فهم الانسان والوجود ويتحقق هذا المفهوم الانساني في القصيدة مع الشرط الجمالي الذي يشكل النص بكافة مستوياته البنائية واساليبه البلاغية .
انها قصيدة تستغور البعد الأخلاقي للكون وجودا وماهية وشرائع بلغة مبتسرة، وسهلة وبصور شعرية مكثفة، تفعل أكثر مما تقول. إنها ميزة الشعر وقد نجح النص باستثمارها.



#خالدة_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة النص دلاليا
- لِنحم ثقافتنا بالمصارحة النبيلة
- نسخة اخرى من المفتاح تنقذ الحضارة
- بين عالمية ياني ودلشاد محمد سعيد


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالدة خليل - ليكن دين الحب : شريعة بديلة