أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - قراءة في القصة الفلسطينية المعاصرة .. نازك ضمرة أنموذجاً















المزيد.....

قراءة في القصة الفلسطينية المعاصرة .. نازك ضمرة أنموذجاً


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3165 - 2010 / 10 / 25 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


قراءة في القصة الفلسطينية المعاصرة .. نازك ضمرة أنموذجاً
يقول زكي نجيب محمود: إن الأدب مهما تكن الصورة التي جاء عليها من شعر أو قصة أو مسرحية ينبغي أن يعبر عن نفس الأديب أولاً، وينبغي أن تتكامل أجزاؤه في بناء يكون بمثابة الكائن الفرد ثانياً (فلسفة وفن: 366).
نفس الأديب أولاً، تلك هي البداية التي من خلالها نستطيع معرفة إلى أي مدى يسير أدب أمة بعينها ونحو أي هدف.
وأمامنا اليوم نموذج معاصر حي للأدب القصصي الفلسطيني للأديب والروائي نازك ضمرة، الذي أعتبره قاص وروائي فلسطيني معاصر أستطاع أن يسبح ضد التيار ويعلن من جديد - في أعماله - عن الإنسان الفلسطيني البسيط في القرية والديرة التي كدنا أن ننسى انفعالاتها وحيوتها وأصالتها وأهازيجها الشعبية من شدة ضغط المناخ الثوري والمقاوم في أرضنا المحتلة والذي اضطر فيها الأدب الفلسطيني - بغالب فنونه من شعر وقصة ومسرح ورواية – تحت ظروف هذا الاحتلال وهذه المقاومة المشروعة والواجبة والحتمية ضد المحتل أن يسحب غالب الضوء ويسلطه على أدب المقاومة فقط ، مما أثر على رؤية زوايا إنسانية كثيرة موجودة بالفعل لكن ليس لها نصيب من هذا الضوء إلا ما تبقى من هذا الأدب المقاوم والحتمي.
وهنا يظهر أدب نازك ضمرة، ليسطع داخل هذه المساحة الضيقة من الضوء ويطل بنا على الزوايا الإنسانية التي شكلت ومازالت تشكل وجدان الشعب الفلسطيني خاصة والعربي بوجه عام، ضمرة هذا الفلاح الفلسطيني الذي يذكر كل تفاصيل قريته الصغيرة في كل أعماله، تفاصيل الحيطان ورائحة العجين قبل أن تخبزه نساء البيوت، رائحة دخان العشاء وجلوس الناس للسمر بين وقتي صلاة المغرب والعشاء في الساحة القريبة من مسجد القرية المتواضع والبيارة التي تقع خارج القرية والبنات الصغيرات وجرار الماء والبراءة، إنك تلهث معه في رحاب قريته وبساطة الناس وأعرافهم وتقاليدهم لدرجة تستحيل معها الفكاك من قبضته المحكمة السحرية والتي جعلتك وأنت تقرأ أي عمل قصصي من أعماله تتحول – دون أن تدري – لواحدٍ من أبطاله وشخوصه بل وحينما تسترد وعيك لهينة من الزمن تتمنى في تلك الهينة لو كان لك ما لضمرة من خيال وواقع وناس وقرية كالتي تتجول بين شوارعها الآن في قصصه العديدة والتي يعبر فيها بأسلوب ذكي عن مناحي كثيرة من زوايا سيرته الذاتية ولكنها ذات استطاع بخبرته كأديب أن يفتتها على أبطال عدة وشخوص كثيرة فتستنشق وأنت تقرأ رائحة الوطن وكأنه نبض يحتويك فتنتقل بمشاعرك تلقائيا من العدم للوجود ولعل اقرب الأمثلة في رواية غيوم الصادرة له من دار الكرمل في الأردن هي شخصية " مرزوق" بطل الرواية الطفل الذكي الحساس الخجول الامين والذي يترك قريته الى مدينة رام الله لإكمال دراسته ، حيث تتفتح هناك أزاهير فتوته ، في تلك المدينة الحالمة ، مدينة رام الله، ومرزوق هذا هو نازك ضمرة الطفل الذكي الذي قام بإمامة الناس في قريته وهو لم يتعد الخامسة عشرة عاماً ثم رحل عنها ليستكمل دراسته في مدينة اخرى بعيدة، وهو ايضا ذلك الطفل الذي يسجل كل مايدور حوله من افعال واقوال بحس وذكاء بالغين كما في قصة ثريّا السيراوية حيث يدفعك للتأمل معه فيما يراه ويستشعره هو من حوله داخل القرية .. الانسان – الضمير، فيقول في روعة على لسان البطل: " اكل جميع اهل القرية من لحمها الا نحن!، كنا نشرب الحليب منها كل يوم! لا ادري كيف وقعت عن الصخرة العالية؟! كانت بقرتنا قوية جداً وفي مقتبل العمر!؟" .. اشرتُ لها بيدي حتى لا تكمل، احسست بالحزن الشديد يشد كل عصب في وجهي، لم اظهر لها، قلت لها: «امر الله يا ابنتي،المكتوب ما منه مهروب" ثم يفتت ذاته على لسان بطل آخر ليقول أيضاً في نفس الرواية: قال لي خالها:جلست ثريا بجانبي، تحتضن سلة فيها اقراص الزعتر والبيض البلدي والمطبق، كانت تتأمل صعود الركاب، وازدحامهم في الوقوف، بعد ان امتلأت جميع كراسي الباص، كانت ثريا تتأفف عند كل وقفة، يدخل الركاب الجدد، ويضغطون على الواقفين والجالسين لم تشتك من ذلك، كانت تريد الوصول الى شقيقها مازن بسرعة.
لا يمكن هذا الوصف الدقيق في سرد المنمنمات لكل شئ وكأنه يصر على دفعك لان تتذكر كل تفصيلة من تفاصيل القرية الفلسطينية وعاداتها وسلوكياتها فهو يضع البقرة والزعتر والبيض والركاب واالازدحام وألف مسألة ومسألة شعبية وبيئية وبغاية الدقة في ثلاث فقرات سريعة متدفقة تجعلك تلهث وراء الحدث الدرامي حتى لا يسبقك فتفقد جزءاً ولو ضئيلاً من المتعة، في كل قصصه والتي اذكر (لوحة وجدار) عن دار آرام، (شمس في المقهى) بدعم من وزارة الثقافة، وروايته الرائعة (الجـرّة) الصادرة عن دار النسر للنشر وأيضا (بعض الحب) بخلاف ثريا وغيوم وهذا بعض من أعماله التي تأخذك لعالمه ولا تتركك إلا وأنت تحمل شعورا جديدا يقطر إنسانية ودفئاً.
نازك ضمرة بلا أدنى شك مبدع ثائر وثائر قوي ينتهج ما يمكن أن نطلق عليه " الثورة الناعمة " في الكتابة التي تؤمن بأن المقاومة إن كانت لا تستغني عن حمل السلاح فهي أيضا لا يمكن لها أن تستغني عن إرثها الحضاري والشعبي، ولا يجب الخلط هنا بين منهج الثورة الناعمة في الأدب وبين "أدب المأساة" الذي قال عنه الناقد الفلسطيني يوسف اليوسف: "أدب المأساة هو أقرب أصناف الأدب إلى ماهية الكارثة ونكبة 1948التي عطبتنا في الصميم"، إذ أن أدب المأساة – وهذا رأيي الشخصي – دائما ما يكون أول ضحاياه الإرث الإنساني والشعبي للوطن المحتل، وقد اختار " ضمرة " لنفسه تحمل مسئولية إظهار هذا الإرث الإنساني والشعبي حتى لا يتعرض ذلك الإرث للنسيان، ونحن هنا لا نقارنه بآخرين حملوا على عاتقهم تلك المسئولية أيضاً من عمالقة الأدب الفلسطيني كمحمود درويش وإميل حبيبي أو شاعرنا الفلسطيني المعاصر عبد الكريم عبد الرحيم، أو المبدع والشاعر الفلسطيني المعاصر حلمي الريشة وغيرهم، لكون كل منهم له بصمته، ونازك ضمره أيضا له بصمته المختلفة عنهم ولعل ابرز ما يقع فيه الناقد أحيانا أن يقارن أديب بأديب آخر من بني جنسه ووطنه أو يقارن إبداع بإبداع وهو ما أعتبره فخاً نقديا نكافح دائما في تخطيه قدر منحة الاستطاعة ولذلك أقول أن نازك ضمرة هو أديب فلسطيني من هؤلاء الذين لهم رؤية خاصة في الاتجاه الوطني للأدب الفلسطيني المعاصر حيث يمزج بين المشاعر الإنسانية وبين مشاعر الثورة فخرجت لنا أعماله بسيناريو بديع يعبر بإخلاص وموضوعية عن فلسطين .. الإنسان – الأرض – الثورة.



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - قراءة في القصة الفلسطينية المعاصرة .. نازك ضمرة أنموذجاً