|
ألحقيقة .. ليست ملكا لأحد .
سهيل حيدر
الحوار المتمدن-العدد: 3161 - 2010 / 10 / 21 - 17:49
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
في خضم التنافس على بسط الحقيقة المعول عليها ، بأن تكون بمثابة الحل لما نحن فيه من مأزق ، كأمة وكأفراد .. يحدث وفي كثير من الاحيان ، انزلاق حاد في مسلك بعض العلمانيين وهم يجادلون بالكلمة ، اولئك المحسوبين على التيارات الدينية المحافظه .. بحيث تولد من خلال ذلك ، حساسية تبدو في بعض حالاتها مفرطة الى الحد الذي يجعل البعض من حملة النهج العلماني ، يبدون وكأنهم بالضد من أي حوار يبدر من مماثليهم في القناعة ، حال احساسهم بأنه يختلف عنهم في الاسلوب . وانطلاقا من ذلك ، فقد بدأت تظهر وبشكل واضح ومؤسف في آن ، أساليب في الحوار ضمن جبهة نشر الفكر العلماني ، تنحى باتجاه اكراه اي طرف من اطراف هذه الجبهه ، على التقولب في ذات الحيز والاتجاه ، والا فان نصيب من يرى اسلوبا آخر وقناعة اخرى في الحوار ، ان تنطلق عليه شرارات غير رحيمه ، تنسف تاريخه بل وحتى شخصيته ، وكأن قامات مثل نوال السعداوي او سيد القمني مثلا ، سيكون من اليسر الغاء اسمائهم من سجل لا زال يحفل بالنضال المؤطر بكل مخاطر المواجهة المباشرة مع عدو لاحقهم بالنار ولم يزل ، وكانوا صامدين مجاهدين بوجه همجيته وتطاوله ، وساهموا في نشر الوعي التقدمي طيلة تاريخ ليس بالقصير . سيد القمني رجل يصر على البقاء على ارض وطنه متحملا وزر ما يحصل له ، واضحا في انه لا يريد ان يرحل عن خطوط المواجهة القريبة من خصومه ، ونوال السعداوي هاجرت بعد ان تهددها الخطر لتكمل مشوارها من خارج حدود بلدها ، وكجزء من حياديتها في طرح افكارها ، وعدم منافقتها حتى للدولة التي تستضيفها باعتبارها دولة متمدنه ، تتقبل طرح الافكار الحره ، فانها تقوم بالكتابة ضمن ذات القناعات التي كانت تتبناها منذ البدايه ، ولم تتحول عن مقارعة السلفية والتخلف ، ولم تحد عن مناصرتها لحقوق الانسان عموما والمرأة على وجه الخصوص .. فلماذا ياترى ، نوجه معاولنا وبشكل استفزازي لا مبرر له ، للاطاحة بصروح بناها القمني والسعداوي ، لا لشيء الا لانهما يتحدثان بلغتهما الخاصه ، ولم يتحولا عن النهج العلماني العام ، وينطلقان من حيز خاص هما اقدر على تقييمه والتحرك بموجب مقتضياته ؟ .. والغريب ، هو ان جل من لا ترضيهم جدلية الطروح الفكرية التي تقول بها الدكتوره نوال السعداوي ( سماها البعض من المتنورين بالعجوز الشمطاء .. والمرأة الخرفانه !! ) .. هم من المحسوبين على جبهة العلمانية في بلادنا ، والحجة دائما ، هو اما الانتصار الى الغرب بكل حسناته وسيئاته ، او الاصرار على فكرة بعينها ، واسلوب بعينه ، من سبل الكفاح ضد التخلف والرجعيه ، غير آبهين بحقيقة انهم بذلك سينزلقون دون ان يعلموا الى صفوف المتطرفين أيا كانت صفتهم وانتماءاتهم الفكريه . لا ضير في ان تتعدد الرؤى ضمن الجبهة الفكرية الواحده ، وهذا ما موجود حتى في صفوف الاسلاميين ، ولا ضير في ان نعترف ، بأن البعض منهم يبدون اكثر انصافا في معالجة الخلاف الحاصل بينهم وبين غير المقتنعين بالفكر الديني كاسلوب لبناء مفاصل الحياة بشكل عام ، لا بل سنحت لي الفرصة ، في قراءة مقالات تطرح افكارا قريبة من الرؤى العلمانية في موضوع عزل الدين عن الدوله ، كان قد سطرها كتاب يؤمنون بالدين وبدء الخليقة بآدم .. وقد لا أكون مغاليا ومستفزا لمشاعر البعض من ضعيفي الحجه ، لو قلت بان تلك المقالات ، كانت اكثر قبولا وامضى تأثيرا باتجاه تقويم الوعي العام ، من خربشات استفزازية كانت تظهر هنا وهناك ، تقتصر على الشتم وتقريع المناضلين من كبار الكتاب ، لكونهم يعلمون وبالضبط ، من اين يكون الامساك الصحيح بنواصي الفكرة المؤثره ، أو هكذا على الأقل هي وجهات نظرهم الخاصه ، ونحن جميعا ، كما ندعي ، نؤمن بحرية اتباع الاسلوب الخاص بكل مفكر، ضمن الانتماء التقدمي ، ما دام يؤمن بالانفتاح والحداثة كأسلوبين يتطلبهما السير بمجتمعاتنا صوب الحياة الكريمه . فلمصلحة من ، هذا التقوقع في واد واحد ، لا تتفرع عنه شعاب اخرى ، قد تكون اكثر فائدة لبلوغ الهدف الاكثر سموا ، وهم تخليص شعوبنا من براثن التخلف الديني والاقتصادي والمعرفي وعلى كل المستويات ؟ لمصلحة من ، وبأي اتجاه تسير ، تلك الجهود المكثفة ، والتي يقوم بها بعض المقارعين لجبهة الاسلام السياسي ، حينما يقومون بالتعرض ، ومن مواقع ادنى من حيث الامكانيات الثقافية على الدوام ، لشخصيات ثقافية علمانية عامه ، بقصد نسف تلك الشخصيات ، واطلاق شتى الصفات الشائنه بحقهم ، بدل اتخاذ اسلوب الحوار الهاديء والرفيع المستوى لمحاورة افكارهم المطروحه ؟ . من المؤكد بان ذلك سيفرح الجانب الآخر .. والاكثر تأكيدا هو ان الخسارة ستشمل صرح جبهة النهج العلماني في النهاية .. ومن الجيد جدا ، هو أن من تعرضوا للشتيمة واطلاق الصفات المراهقة عليهم ، لا يردون ، ويترفعون عن الرد ، وهذا خير ما يفعلون . ستبقى دعوتي مخلصة هنا ، للجميع ، ممن بدأت تضيق بهم لغة الحوار المتزن ، ان يلتفتوا الى خطر الانحراف صوب التطرف الضار .. وان ينتفعوا من افكار يطرحها اولئك المتميزون من كتابنا المعروفين بكونهم في مقدمة الركب ، ويتقبلوا تعدد السبل لبلوغ النهاية المرجوه .. ولتبقى الحقيقة ضمن حدودها التي تقول ، بانها ليست ملكا لأحد ..
#سهيل_حيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألحقيقه .. ليست ملكا لحد .
المزيد.....
-
التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة
...
-
غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
-
الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار
...
-
يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024
...
-
مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب
...
-
فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم
...
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
-
الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
-
الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
المزيد.....
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال
...
/ سعيد العليمى
-
نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|